آليات وقواعد نقل المصطلح اللساني

طالب باحث بسلك الدكتوراه
مختبر التراث الثقافي والتنمية
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة
المغرب

أستاذة التعليم العالي
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة
المغرب

ملخص

تعتبر مشكلة نقل المصطلح العلمي وخاصة اللساني مشكلة عويصة، لابد من أن تتضافر كل الجهود للتغلب عليها؛ لأن تثبيت المصطلح اللساني وضبط مفهومه والتدقيق في معاينته لحاجة ملحة حتى يكون مصطلحا لسانيا موحدا يقوم بوظيفته ودوره على أكمل وجه، وذلك مما يحقق التواصل بين أهل هذا العلم ودفع عجلة البحث اللساني العربي من أجل اللحاق بركب المنجزات اللسانية الحديثة. وقد جاء هذا المقال ليكشف اللثام عن مثل هذه الإشكالات ويبين حقيقة نقل المصطلحات اللسانية، محاولا الإجابة عن الإشكاليات التالية: ما واقع نقل المصطلح اللساني؟ وما المشاكل التي يعاني منها المصطلح العلمي العربي وخاصة اللساني؟ وللإجابة عن هذه الإشكاليات ارتأينا إلى تقسيم هذا المقال إلى ثلاثة محاور، المحور الأول خصصناه للحديث عن آليات وضع المصطلح اللساني، والمحور الثاني تطرقنا فيه إلى آليات نقل المصطلح اللساني، وخصصنا المحور الثالث لدراسة بعض المصطلحات اللسانية.

Abstract

The problem of transferring scientific terminology, especially linguistic terminology, is considered a difficult problem, and all efforts must be combined to overcome it. Because fixing the linguistic term, controlling its concept, and carefully examining it is an urgent need so that it becomes a unified linguistic term that performs its function and role to the fullest extent, and that is what achieves communication between the people of this science and pushes the wheel of Arabic linguistic research in order to catch up with modern linguistic achievements. This article came to uncover such problems and show the reality of the transfer of linguistic terms, trying to answer the following problems: What is the reality of the transfer of linguistic terms? What problems does Arabic scientific terminology, especially linguistic terminology, suffer from? In order to answer these problems, we decided to divide this article into three axes. The first axis we devoted to talking about the mechanisms of establishing the linguistic term, the second axis in which we touched on the mechanisms of transferring the linguistic term, and we devoted the third axis to studying some linguistic terms.

مقدمة

لقد استطاعت اللسانيات أن تُحدث تغييرات جذرية وجوهرية على التاريخ اللغوي القديم، بعدما أخرجته من مجاله الضيق إلى مجال أوسع، ويعود الفضل في ذلك إلى جهود نخبة من الدارسين، يأتي في مقدمتهم “دو سوسير” صاحب كتاب “محاضرات في اللسانيات العامة”، والذي ترجم عدة ترجمات إلى اللغة العربية، وقد أدرك اللسانيون العرب المحدثون الأهمية البالغة التي يكتسيها هذا العلم، وضرورة الإلمام بأسبابه إلماما واسعا، ومعرفة نتائجه معرفة شاملة، ولهذا لم يتوانوا في نقله والتعريف به، مما ولد انفجارا آخر في المصطلح اللساني الذي استطاع أن يقلب موازين العديد من المفاهيم والأفكار السائدة والمنتشرة؛ فنتج عن ذلك فوضى وتباين مصطلحي، أمام ذلك الكم الهائل من المصطلحات الوافدة إلينا عن طريق عملية النقل التي مورست من طرف الأفراد والمؤسسات والهيئات من دون إتباع منهجية موحدة ومحددة، تلك الفوضى جعلت المصطلح اللساني يتعدد من بلد إلى آخر، ومن باحث لآخر؛ مما جعل الفائدة العلمية المرجوة منه غائبة، وهذا ما أوقع الباحث والقارئ على حد سواء في حيرة من أمره أيَّ المصطلحات يتبع ويستعمل.

تعتبر مشكلة نقل المصطلح العلمي وخاصة اللساني مشكلة عويصة، لابد من أن تتضافر كل الجهود للتغلب عليها؛ لأن تثبيت المصطلح اللساني وضبط مفهومه والتدقيق في معاينته لحاجة ملحة حتى يكون مصطلحا لسانيا موحدا يقوم بوظيفته ودوره على أكمل وجه، وذلك مما يحقق التواصل بين أهل هذا العلم ودفع عجلة البحث اللساني العربي من أجل اللحاق بركب المنجزات اللسانية الحديثة. وقد جاء هذا المقال ليكشف اللثام عن مثل هذه الإشكالات ويبين حقيقة نقل المصطلحات اللسانية، محاولا الإجابة عن الإشكاليات التالية: ما واقع نقل المصطلح اللساني؟ وما المشاكل التي يعاني منها المصطلح العلمي العربي وخاصة اللساني؟ وللإجابة عن هذه الإشكاليات ارتأينا إلى تقسيم هذا المقال إلى ثلاثة محاور، المحور الأول خصصناه للحديث عن آليات وضع المصطلح اللساني، والمحور الثاني تطرقنا فيه إلى آليات نقل المصطلح اللساني، وخصصنا المحور الثالث لدراسة بعض المصطلحات اللسانية.

  1. آليات وضع المصطلح اللساني:

إن اللغة العربية لغة معمرة جذورها موغلة في التاريخ، وهذا راجع إلى الاعتناء بها باعتبارها لغة القرآن الكريم وذلك طيلة القرون الماضية، هذا الاعتناء زاد في الآونة الأخيرة خاصة والعالم يشهد تطورا تكنولوجيا وتقدما علميا، ولابد من أن يواكب العرب هذا التقدم وذلك لن يتم إلا بجعل اللغة العربية تنمو وتتقدم من خلال إيجاد مصطلح عربي فعال وموحد، مقابل المصطلح الأجنبي الوافد إليها. ومن أجل ذلك لجأوا المتخصصين إلى وسائل وآليات لوضع المصطلحات تمثلت في الاشتقاق والنحت، والمجاز والتركيب، وأخرى لنقلها تمثلت في الترجمة والاقتراض والتعريب.

1.1. الاشتقاق

يعرف الاشتقاق لغة بأنه “الأخذ بالكلام، وفي الخصومة يمينا وشمالا، مع ترك القصد واشتقاق الحرف من الحرف أخذه منه”[1]. وفي الاصطلاح يعرف بأنه “أخذ كلمة من كلمة فأكثر مع تناسب بينهما في اللفظ والمعنى، وهذا المفهوم يعني وجود أصل يشتق منه وفرع مشتق، وقد حصر الصرفيون المشتقات في سبعة أنواع وهي: اسم الفاعل، اسم المفعول، الصفة المشبهة، اسم التفضيل، اسم الزمان، اسم المكان، اسم الآلة”[2].

انطلاقا مما سبق؛ يمكن القول إن الاشتقاق هو القيام بصياغة الكلمة الجديدة من كلمة كانت موجودة من قبل، وذلك وفق منهجية محددة.

1.1.1. شروط الاشتقاق وأهميته

للاشتقاق شروط لا يقوم إلا بها؛ نذكر منها:

  • أن يكون بين الكلمة والكلمة المشتقة منها اشتراك في عدد من الحروف؛
  • أن تكون هذه الحروف مرتبة ترتيبا واحدا في بنية الكلمات المشتقة؛
  • أن يكون بين هذه الكلمات قدر مشترك بين الدلالة.

إن الاشتقاق من أهم آليات وضع المصطلح، وهو موجود في اللغة العربية بكثير، لذا يقال عنها أنها لغة اشتقاقية، فهو يساهم في نمو اللغة العربية وإثرائها بمفردات جديدة؛ وهذا ما يجعلها متميزة بالمرونة والحيوية والجدة.

2.1.1. أنواع الاشتقاق

يأتي الاشتقاق على ثلاثة أنواع وهي:

الاشتقاق الصغير: “وهو أن تنتزع كلمة من كلمة أخرى بتغير في الصيغة مع تشابه بينهما في المعنى واتفاق في الأحرف الأصلية وترتيبها”[3]. كما في المثال (1):

الاشتقاق الأكبر: “هو أن يأخذ أصل من الأصول الثلاثية فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحدا تجمع التراكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه”[4]. وقد أعطى ابن جني أمثلة عنه منها “كلم” وتتمثل تقاليبه الستة في (ك.ل.م- ك.م.ل- م.ك.ل- م.ل.ك- ل.ك.م- ل.م.ك). وأشار إلى أن جميع هذه التقاليب المذكورة تعود إلى معنى القوة والشدة.

الاشتقاق الكبير: ونعني به “انتزاع كلمة من كلمة أخرى بتغيير في بعض أحرفها مع تشابه بينهما في المعنى واتفاق في الأحرف الثابتة وفي مخارج الأحرف الصغيرة أو في صفاتها أو فيها معا”[5].

2.1. النحت

يعرف “مصطفى الشهابي” النحت لغة بقوله بأنه “هو النشر والبري، يقال نحت الخشب والحجارة إذا براها”[6]. واصطلاحا يعني “انتزاع كلمة أو كلمتين أو أكثر على أن يكون تناسب في اللفظ والمعنى بين المنحوت والمنحوت منه”[7].

1.2.1. أنواع النحت

النحت الفعلي: “وفيه ينحت من الجملة فعلا يدل على النطق بها أو على حدوث مضمونها”[8]، كما في المثال (2) و(3):

النحت الوصفي: “وهو أن يلجأ الواضع إلى نحت كلمة واحدة من كلمتين تدل على صفة بمعناها أو أشد منها”[9]. كما في المثال (4):

النحت النسبي: وفيه يقوم الواضع بنحت كلمة واحدة من كلمتين للدلالة على نسبه.

2. آليات نقل المصطلح اللساني

1.2. الترجمة Traduction

بزغت عند الغرب كباقي الشعوب نتيجة للأنشطة الإنسانية التي تتضمن أنشطة دينية وعسكرية واقتصادية، فاستطاعوا بذلك الخروج من حدودهم الجغرافية للتفاعل مع جيرانهم، فكانت أول صور الترجمة عندهم هي الترجمة الشفوية، نظرا لغياب الكتابة، فعمل بالترجمة في المعاهدات والاتفاقيات في وقت الحرب، كما استعملت في نشر التعاليم الدينية، والنتاج الفني والأدبي، وأكبر حركة للترجمة كانت في عصر “الإسكندر الأكبر” التي عملت على نقل الحضارة اليونانية والخروج بها خارج الحدود ليتم حينها النقل من اللغة اليونانية إلى اللغة السريانية واللاتينية ولغات أخرى. “ومن أبرز المترجمين الغربيين في العصور القديمة والحديثة الخطيب الروماني “شيشرون” والذي تنتسب إليه أقدم مدرسة من مدارس الترجمة التي تقوم على حرية النقل مع التمسك بالقيم البلاغية والجمالية في التعبير، وكذلك الراهب “جيروم” الذي ترجم الإنجيل من الإغريقية إلى اللاتينية، بالإضافة إلى الإيطالي “ليوناردو أرتينو” الذي ركز على ضرورة نقل خصائص النص الأصلي نقلا تاما والتلازم بين اللفظ والمضمون، وبعدها جاء “إيتين دوليير” بمنهجه الذي عرف بالمنهج التصحيحي في الترجمة، مناديا بضرورة أن يفهم المترجم محتوى النص الأصلي وأن يدرك قصد وهدف المؤلف من النص”[10].

أما عند العرب فأقدم النماذج الترجمة أتت من الشرق القديم والتي تركها السومريون “في الألف الرابعة قبل الميلاد وهي تشبه المعاجم عبارة عن كلمات كتبت باللغة الأكادية، وفي بلاد أشور تتمثل فيما نشره “سرجيون الأكادي” حوالي الألف الثالث قبل الميلاد، من نقوش مزخرفة بلغات عديدة وفي بابل وبالضبط في عهد “حمورابي”، فقد كان أهلها يتكلمون لغات عدة، ومن مصر الفرعونية نجد بعض النماذج الخاصة بالمعاهدات بين المصريين والحبشيين المدونة بلغتين وترجع إلى ثلاثة آلاف عام، أما في منطقة فارس فنجد نقش “بهسون” والمُدوَّن بثلاث لغات هي الفارسية والأشورية والبابلية، وفي القرون الوسطى كان مركز الترجمة في بغداد حيث تم نقل الروائع الإغريقية إلى اللغة العربية على يد التراجمة السريان”[11]. بالتزامن مع الدولة العباسية آنذاك حيث كان العرب في أوج ازدهارهم وتطورهم، وذلك بإرسال بعثات علمية إلى القسطنطينية وغيرها من بلاد الروم لتعلم اليونانية، ونقل ما ألف بها من كتب هامة فكان لهم دور فعال في نشاط الحركة الفكرية، حيث نقلت بفضلهم علوم وآداب ومعارف وحضارات مختلفة يونانية وهندية وفارسية، وقد كان “أبو جعفر المنصور” أول خليفة اعتنى بهذا الشأن ثم بعده “هارون الرشيد” ثم ابنه “المأمون”، ثم انتقل هذا المركز إلى طُلَيْطِلَة الأندلسية وفيها ترجم اللاتنيون عن الإغريق، أما خلال القرنين السابع والثامن عشر فقد عرفا بعصر الخيانة الكبرى للترجمة بسبب أن مترجمي هذا العصر لم يهتموا بالمعنى الدقيق للنص الأصلي.أما في القرن التاسع عشر فقد تم وضع الأحكام والقواعد التي يسير وفقها المترجم، وفي القرن العشرين شهدت الترجمة ازدهارا لم تشهده من قبل نظرا للتطور الحاصل في شتى العلوم وتوسع العلاقات الرسمية والتجارية والثقافية بين الشعوب.

1.1.2. تعريف الترجمة

جاء في المعجم الوسيط: “ترجم الكلام، بينه ووضحه، وترجم كلام غيره، وعنه نقله من لغة إلى أخرى، الترجمة: ترجمة فلان، سيرته وحياته”[12]. يفهم من هذا التعريف ثلاثة معان: المعنى الأول: الإيضاح والتفسير، المعنى الثاني: النقل من لسان إلى آخر، المعنى الثالث: ذكر سيرة شخص ما، نسبه وأخلاقه. وفي تعريف آخر، “تفيد الترجمة معنى التفسير وإن كانت في الأصل تحيل إلى معنى الرمي بالحجارة والمسابة والمقادفة، والتَّرجمان والتُّرجمان المفسر وقد ترجمه عنه ويقال قد ترجم كلامه إذا فسره بلسان آخر”[13].

“ويعنى بها كذلك نقل معاني الكلمات أو العبارات، والنصوص الأجنبية والتعبير عنها بكلمات وعبارات مقابلة لها في اللغة العربية، وقد استخدم مصطلح التعريب للدلالة على ترجمة عند بعض الباحثين، وكثيرا ما تكون ترجمة لمعاني الألفاظ والمصطلحات الأجنبية وقد تكون للنصوص والتعبيرات أيضا، وهذا ما عُرِف بالترجمة الثقافية، حيث ترمي إلى نقل المعارف والآداب والعلوم المختلفة من اللغات الأجنبية إلى العربية، وذلك عندما تكون جماعة بحاجتها إلى اقتباس المعارف والعلوم من جماعة أخرى”[14].

إذن فالترجمة لها علاقة وطيدة بثقافة المجتمع، فهي الوسيلة الأنجع لفك رموز النص في اللغة الأصل وتوضيحها في اللغة الهدف. والمتمعن جيدا في الترجمة يلاحظ أنها ليست فنا أو عملية نقل من لغة إلى أخرى، إنما هي ممارسة لغوية تتخللها مجموعة من العقبات، فتكون في منتهى الصعوبة كما لها تقنيات خاصة بها من شأنها أن تنقل معنى النص بقدر كبير من الصدق والأمانة، لهذا فإن المترجم يحمل على عاتقه حملا ثقيلا فينبغي عليه أن يكون بيانه في نفس الترجمة وفي وزن عمله في نفس المعرفة، وينبغي عليه أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة إليها حتى تكون فيه الغاية من الترجمة، وما يتوجب على المترجم إلا أن يكون موسوعيا وعلى دراية واسعة بقواعد اللغة وخاصة خلفياتها الثقافية، فالترجمة علم قائم بحد ذاته.

2.1.2. أساليب وتقنيات الترجمة

قامت الدراسات النظرية المعاصرة بتقسيم أساليب الترجمة إلى قسمين: أساليب تدخل ضمن الترجمة المباشرة أو الحرفية، وأخرى تندرج ضمن الترجمة غير المباشرة أو الحرة.

1.2.1.2. الأساليب المباشرة

الاقتراض l’emprunt: يعتبر من أبسط أساليب الترجمة، وهو النقل الحرفي للكلمة من لغة المصدر إلى لغة الهدف، فهو يعكس نوعا من الافتقار في اللغة المستهدفة ويلجأ إليه المترجم في غياب أو تعذر وجود مقابل أو بديل في اللغة المترجم إليها. وقد علق “يوسف وغليسي” في هذا الشأن بقوله: “حيث تتبادل اللغات الأخذ العطاء ويستعير بعضها من بعض كلمات جاهزة تؤدي مفهوما معينا في لغاتها الأصلية، يصعب أداؤه بغير أصوات تلك الكلمات، وإذا حاولت لغة ما أن تنقل ذلك المفهوم الوافد بمعجمها المحلي، ربما أضاعت جانبا معتبرا من المعنى، وكان لزاما عليها أن تحافظ على المعني باقتراض الحروف الأجنبية المعبر عن ذلك المفهوم مع شيء من التحوير الصوتي الذي تقتضيه اللغة المنقول إليها”[15]. ويكون الاقتراض إما معجميا أو نحويا أو دلاليا.

الاقتراض المعجمي L’emprunt lexical: ويعني استخدام المفردة الأجنبية كما في النص المترجم كما في: تكنولوجيا= Technologie.

الاقتراض التركيبي L’emprunt syntaxique: هو اقتراض صيغة نحوية من لغة أجنبية ومثال من الإنجليزية إلى الفرنسية:

To be on the plane= étre sur l’avion.

الاقتراض المعنوي L’emprunt sémantique: هو إعطاء معنى جديد لكلمة موجودة من قبل في إحدى اللغات كما في:

خزانة = Armoire

دولاب الكهرباء = Armoire électrique.

لقد أصبح أسلوب الاقتراض في اللغة العربية أمرا لا مفر منه، حيث باتت التطورات التي تعرفها كل المجالات المعرفية تفرضه على المترجمين، والمعروف أن اللغة العربية عرفت ظاهرة الاقتراض منذ القدم “وقد انشغل بها فقهاء العربية القدامى وأفاضوا في بحثها تحت عنوان (المعرب والدخيل)”[16].

النسخ Calque: هو نقل تركيب العبارة في اللغة الأصلية وترجمة مفرداتها ترجمة حرفية، يعتبر بأنه نوع من الاستعارة الخاصة ذلك بأن نأخذ العبارة من اللغة المترجم عنها تترجم وترجمة مباشرة تستوجب إدخال استعمال جديد. كما في المثال: نهاية الأسبوع= wek end.

الترجمة الحرفية: هي نقل كل مفردة مقابلة لها مباشرة دون أي تغيير في التركيب أو في طريقة التعبير عن المعنى كأن نقول: أكلت تفاحة= eat an apple.

في حالة تعذر استعمال تقنيات الترجمة المباشرة وذلك لأن الناتج إما أن يعطي معنى أخر أو ليس له معنى وذات أساليب ركيكة أو تتنافى مع الأجواء اللسانية للغة المستهدفة، في هذه الحالة نلجأ إلى طرق أخرى تدرج تحت ما يسمى بالترجمة غير المباشرة.

2.2.1.2. الأساليب غير المباشرة

الإبدال La Transposition: يعرفه “جون بول فيناي” و”جون دار بلنيه”: “يتم استبدال جزء من الكلام بآخر دون تغيير المعنى”[17]، وما يقصد بهذا التعريف هو أن يتم تغيير في أحد أجزاء الخطاب “الكلام” بجزء آخر دون أن يغير ذلك من معنى الرسالة، وهذا التغيير يكون بإبدال الصورة الصرفية للكلمة كترجمة الفعل بالاسم أو الاسم بالحامل ومثال ذلك: فور استيقاظها = as son as shegot up، والملاحظ هنا هو التحول الذي طرأ على الفعل “got up” حيث تحول إلى حال في اللغة العربية.

التعديل Modulation: هو تغيير في شكل المراسلة من خلال تغيير وجهة النظر أو التركيبة المستخدمة في النص الأصلي والهدف من ذلك هو توضيح الفكرة. ويعرفه “فيناي ودار بلنيه” بقولهما: “التعديل: يؤدي إلى التباين في الرسالة التي تم الحصول عليها إلى تغيير وجهة نظر الإضاءة”[18]، يفهم من هذا التعريف التحول الذي يطرأ على الدلالة أو على وجهة النظر القائمة في النص الأصلي وذلك بقصد إيضاحها، والمثال التالي يوضح ذلك: “في الوقت الذي/ The time when”.

الملاحظ في هذا المثال تحول الظرف when في اللغة العربية إلى اسم موصول “الذي” لأنه لا يمكن القول “في الوقت عندما”. ويلجأ المترجم إلى هاته الوسيلة لأن في استطاعتها أن تعطي نصا سليما من حيث قواعد اللغة المترجم إليها.

التكافؤ Equivalence: هو أن يتفق تصان في تصوير وضعية تعبر عن واقع واحد، وذلك باستعمال وسائل أسلوبية وتراكبية مختلفة تمام الاختلاف، ويعرفه “فيناي ودار بلنيه ” بأنه: الوسائل الأسلوبية والهيكلية المختلفة”[19]، والمقصود بذلك أن هذا المصطلح يطلق على الحالات التي تصف فيها اللغات المختلفة حالة معينة وبوسائل أسلوبية أو بنائية مختلفة. وغالبا ما تستعمل هذه التقنية في ترجمة التعابير الاصطلاحية والأمثال، وحيث يكون الموقف نفسه تواجهه اللغتان ولكن باستخدام أساليب مختلفة. كقولنا:

وافق شن طبقة/ Birds of feather Block to gether.

التكييف والأقلمة Adaptation: ويعنيان التصرف في الترجمة واستبدال الواقع الاجتماعي في النص الأصلي بما يقابله في ثقافة اللغة المترجم إليها أي أن الوضعية المشار إليها في الرسالة غير موجودة في اللغة المستهدفة، وينبغي إحداثها انطلاقا من وضعية أخرى تعتبر مكافئة لها، ومثال ذلك “Sa compassion mé réchauffe le cœur”. إذا ترجمت هذه العبارة ترجمة حرفية إلى اللغة العربية، يتم المحافظة على تركيبها ومفهومها الأصلي فإنها تعني “تعاطفه يدفئ قلبي”، ولكن إذا تم تكييف هذه الترجمة والثقافة العربية فيمكن القول “يثلج القلب أو الصدر.

من خلال هذه التقنيات يمكن أن نستنتج أن عملية الترجمة تُخْضِع النص لتحولات وتغيرات وذلك بهدف إيصال المعنى الأصلي مع مراعاة لمقتضيات اللغة المنقول إليها وثقافتها.

3.2.1.2. عدة المترجم

إن علم الترجمة يتخلله نظام دقيق يحتاج ممن يخوض فيه أن يتسلح بما يلي:

  • أن يُعِدَّ إعدادا فنيا يناسب المادة التي تولى ترجمتها ولا يكفي للمترجم الذي يمارسها أن يكون ملما جيدا باللغة المنقول عنها والمنقول إليها؛
  • على المترجم أن يكون له الصلاحية التامة من الناحية اللغوية والفنية، ولكل فن نظام خاص في الترجمة؛
  • على المترجم أن تكون ثقافته واسعة في اللغتين المنقول منها والمنقول إليها؛
  • أن يفرق بين الدلالات الموجودة في القاموس والدلالات الشائعة في المجتمع؛
  • لكل علم جهازه الخاص به من حيث الأسلوب والمصطلحات وطريقة الأداء، وهذه الأشياء لا بد للمترجم أن يكون ملما بها ومتمرسا عليها قبل أن يعالج ترجمة أي أثر من الآثار؛
  • دراية المترجم بموضوع الترجمة ومعرفة بالعالم واستخدامه للمنطق السليم وقدرته على الفهم.

كثيرا ما تعمل الترجمة على ثراء اللغة المنقول إليها، وهذا ما يلاحظ حين يتم نقل ثقافة وحضارة الأمم المتحضرة إلى لغة ما، فينتج ما يعرف بالمثاقفة وتبادل الثقافات والمعرفة، ويتم التقريب بين هذه اللغات والرقع الجغرافية، والدليل على ذلك ما فعله اليونانيون حيث أرسلوا الطلاب والدارسين إلى مصر القديمة للتعلم ونقل معرفة الحساب والفلك والزراعة إلى اللغة الإغريقية، في حين يأتي الرومان وينقلون اللغة وآدابها وفلسفتها ليعاود العرب النقل عن اليونانيين واللاتينيين والغرض من الترجمة هو إعادة الإنتاج الفكري في لغة جديدة، كما تسعى الترجمة إلى “توفير معجمات حديثة تجمع الألفاظ الحضارية الفصحى المقابلة للألفاظ الأعجمية مثل معجم ألفاظ الحضارية”[20].

أما أهميتها البالغة والملحة فتكمن في التعامل مع المصطلح بوصفه المرآة التي تعكس فهم المصطلح في لغته الأم ثم تنقله إلى المتلقي في اللغة الهدف، ليظل هذا المصطلح مدخرا بمجموعة من المفاهيم والمضامين التي وضع في أصله من أجلها، كما أنها من أهم الطرق في نمو اللغة العربية وثرائها لأنها على كشف غوامض المصطلحات وذلك بإيجاد ألفاظ من جذور عربية تعبر عما يستحدث من أفكار ومخترعات وألفاظ. وفي غالب الأحيان يلجأ المترجم أو المصطلحي إلى ما يعرف بالاقتراض إذا عجز عن العثور في المعاجم وأمهات الكتب على كلمة مقابلة للمصطلح الأجنبي.

4.2.1.2. الاقتراض

جاء في معجم الوسيط: “اقترض من فلان، أخذ منه القرض، واقترض عرضه اغتابه”[21]، فهو ظاهرة من الظواهر اللغوية تنتج عن تلاقي وتلاقح الثقافات واحتكاك الحضارات، هذه الظاهرة تفرض بين الشعوب المختلفة ألسنتهم في عملية التوصل واللغة العربية من اللغات التي احتضنت هاته الظاهرة والقرآن الكريم خير دليل على ذلك. وأصبح الاقتراض يستخدم بشكل مفرط في الآونة الأخيرة، وهذا الأخير أصبح يمثل خطرا على الذخيرة اللغوية العربية بعد تهاطل المفردات الدخيلة على اللغة العربية، ويقصد بالاقتراض الاستعارة المستديمة، بحيث تدخل هذه المفردة النظام اللغوي، وتمثل مكانة معينة وتستخدم بشكل عادي ومنتظم للتعبير عن معنى معين، وأحيانا يستخدم الاقتراض لمرة واحدة بشكل عفوي ثم يرجع إلى استخدام الكلمة العربية، هذا النوع لا يستعمل كثيرا ولا يشكل أي خطر على الذخيرة اللغوية العربية، وفي بعض الأحيان تمر المفردة المقترضة ببعض التعديلات الصوتية والصرفية، حتى تتناسب والنظام الصوتي أو الصرفي للغة التي اقترضتها، وهذا ما يلاحظ في جميع اللغات كثيرا ما يكون التعديل في بعض الأصوات التي لا يوجد لما مقابل في اللغة المقترضة، ومثال على ذلك حرف “v” والذي يستخدم حرف “ف” في العربية للتعبير عنه كما في كلمة “Vidéo” وهنا نصطدم بمشكلتين واحدة صوتية وأخرى صرفية.

المشكلة الصوتية: وهي التعبير عن صوتين مختلفين بصوت واحد في اللغة المقترضة وهذا يعطي لبسا في المعنى كما في اقتراض كلمة “fan” و “van” إلى العربية، فإنه يعبر عنها بكلمة واحدة وهي “فان” فالإضافة إلى الأصوات الأخرى يصعب إيجاد الصوت المقابل لها في العربية مثل “P”، إلا أن هناك كلمات لا يحدث فيها أي تغير، وذلك لتماثل أصواتها مع العربية مثل كلمة: فاكس/ fax .

المشكلة الصرفية: تكمن في عدم الخضوع بعض الكلمات المقترضة لعوامل الصرف والاشتقاق في اللغة العربية فتبقى على حالها صيغا جامدة، غير خاضعة للإعراب وغير منتجة للصيغ الأخرى أي لا يمكن أن تشتق منها كلمات أخرى مثل كلمة “ميكرو سكوب”، حيث يجد فيها الباحث والمتحدث العربية صعوبة في اشتقاق صيغ التثنية والجمع والتذكير والتأنيث منها، بينما لا يجد الصعوبة نفسها في المقابل العربي مثل كلمة “مجهر”.

إن ما يمكن قوله عن الاقتراض أنه اعتمد منذ القديم، وهو أن يأخذ المصطلح كما هو في اللغة الأصلية وهذه الطريقة هي الطريقة المعروفة والمستخدمة في اللغة منذ القديم، إلا أن التغيير الذي حدث هو الاعتماد على الاقتراض المباشر في العقود الأخيرة أكثر من أي وقت مضى في تاريخ العربية.

5.2.1.2. التعريب

يعتبر التعريب ظاهرة لغوية ظهرت منذ القديم وقد جاءت كنتيجة للتبادل الثقافي واللغوي الحاصل بين الشعوب، وقبل التحدث عن هذه الظاهرة لا بد من تعريف هذه الظاهرة.

يعرف التعريب بأنه “مصدر الفعل عرب، وعرب منطقه خلصه من اللحن، عرب عن صاحبه تكلم عنه. واحتج له، وأعرب الأعجمي وتعرب إذا فهم كلامه بالعربية والإعراب هو البيان والإفصاح”[22]. والتعريب عند أهل العربية “لفظ وضعه غير العرب بمعنى استعمله العرب بناء على ذلك الوضع”[23]، فهو إذا صبغ الكلمة بصبغة عربية عند نقلها بلفظها الأجنبي إلى اللغة العربية، ويعني أيضا “صوغ الكلمة الأجنبية بصبغة عربية عند نقلها إلى اللغة العربية”[24].

مهما تعددت تعريفات التعريب إلا أنها تتفق في المعنى من حيث أنه صوغ اللفظ الأجنبي إلى اللغة وذلك بإخضاعه إلى قواعدها مع خلائه من الحروف التي لا وجود لها في اللغة العربية الأصلية، إي إبدال تلك الحروف بحروف عربية، وجعل وزنه من أوزانها، “لكن عند تتبع جهود الأفراد والمجامع في عملية التعريب يلحظ عدم العمل بهذين الشرطين معا وخاصة شرط الإنزال على أوزان كلام العرب، وأول من قال بجواز التعريب على غير أوزان العرب هو إمام النحاة سيبويه”[25]. والتعريب ظاهرة لغوية قديمة عرفها القدامى واستعملوا منها ألفاظ كثيرة في مؤلفاتهم وكتبهم وأقوالهم، والمعروف عن اللغة العربية أنها لغة العرب ولغة القرآن، فهي بذلك خالية من أي شوائب وعيوب، وهي لغة باقية صامدة في وجه محاولات طمس هويتها من طرف الاستعمار، الذي ساهم في دخول الألفاظ الأجنبية والأعجمية إلى اللغة العربية.

في العصر الحديث أثار التعريب ضجة واسعة بين اللغويين الذين اختلفوا حول أهميته في وضع المصطلحات ونقلها، فهناك من يرفضه، حيث “نبه بعضهم إلى مخاطر التعريب ودعوا إلى الاشتقاق والتوسع في المجاز، رغم أنه لم ينكروا وقوع التعريب في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، إلا أنهم أنكروا حق المولدين والمحدثين في التعريب لأنهم يرون أن الذين لهم الحق في التعريب هم أصحاب عصر الاحتجاج”[26]، كما أن أصحاب هذا الرأي يرون أن استعمال التعريب بكثرة يفقد اللغة العربية كل مميزاتها مما يحد من نموها، فالتعريب يجعلها تتطور بالتحول إلى لغة أخرى، فالدخيل ظاهرة طبيعية لكن التوليد بوسائل الاشتقاق هو أيضا ظاهرة طبيعية فلا ينبغي أن يطغى الأول على الثاني وإلا تحولت اللغة إلى لغة أخرى، هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك من دعا إلى العمل بالتعريب ومن بينهم “الشهابي” حين قال: “لا ضير في التعريب كلما مست الحاجة إليه أو تعذر إيجاد كلمة عربية تفيد معناها بوسائل الاشتقاق المعروفة وجميع اللغات تقتبس من بعضها البعض”[27].

بقي الأمر على حاله إلى أن فصل مجمع القاهرة في هذه الظاهرة اللغوية (أي التعريب)، وحكم عليها بالجواز حين أصدر قرارا “يجيز فيه أن يستعمل بعض الألفاظ الأعجمية عند الضرورة على طريقة العرب في تعريبهم”[28]، وصحيح أن مجمع القاهرة أجاز التعريب ولكن هذا لا يغني التمادي في استعماله فلابد من منهجية تتبع عند العمل به “لأن المنهجية لا تكون من فراغ، فالمنهجية تفترض أولا وقبل كل شيء المعرفة، معرفة اللغة التي ينقل إليها”[29]. إذا لابد على اللغوي أن يكون متقنا للغة العربية وعلى اطلاع واسع ومعرفة كبيرة باللغات الأجنبية، حتى لا يكون هناك نوع من الفوضى في عملية التعريب، الذي قد يطرأ عنه مشاكل عويصة تضر اللغة العربية، ومن بين الأمور التي يجب أن يراعا لها في عملية التعريب، نجد:

  • “المصطلح الواحد للمفهوم الواحد والمفهوم الواحد بمصطلح واحد.
  • ملاحظة الصلة بين المعنى الأصلي وما يراد الاصطلاح عليه”[30].
  • “في وضع المصطلح لابد من التمييز بين التعريب والترجمة.
  • علاقة علم المصطلح أساسا هي مع التعريب وليس الترجمة.
  • التعريب يخص المفردة والترجمة تخص التركيب.
  • التعريب خاص بلغة واحدة، والترجمة محور عام في كل اللغات”[31].

إن التعريب ظاهرة ضرورية لملاحقة الركب الحضاري ولسد الفراغ الموجود بيننا وبين الآخرين “ومن المفيد أن نجعل منه وسيلة موقوتة لاستقبال المصطلحات العلمية الوافدة من الخارج لكن من الخطأ أن يجري مع مرور الزمن ترسيم هذه الوسيلة الموقوتة مقابلا للمفهوم المعرفي المراد احتضانه”[32].

إن ترجمة المصطلحات العلمية والتقنية تخضع لمجموعة من الشروط، وإدراكها هو الطريق المؤدي للترجمة الصحيحة، ويبقى المصطلحي مخيرا بين آليات النقل والوضع الخاص بالمصطلح، ورغم هذه الحرية لابد من المصطلحي أن يجد منهجية مضبوطة تحدد كيفية ترجمة المصطلحات الأجنبية بصورة دقيقة مراعيا جميع الجوانب الأساسية للمصطلح ومن بين هذه الجوانب نجد مايلي:

  • صياغة مصطلحات عربية وفق قواعد هذه اللغة وخصائصها الصرفية في بناء الكلمة.
  • الكفاءة اللغوية والعلمية والخبرة المصطلحية.

ومن جهة أخرى تظل اللغة العربية، اللغة الأثرى بالوسائل التي تلبي حاجات المتكلمين ومستجدات العصور، وهذه الوسائل هي: الاشتقاق والمجاز والنحت، وهي الآليات الأفضل لصياغة التسميات المناسبة للمفاهيم العلمية الجديدة والتي من خلالها يمكن تخطي مجموعة من المشاكل التي تحيط بالعمل المصطلحي، وأما التعدي إلى استعمال آليات أخرى فلا يكون إلا للضرورة.

3. دراسة لبعض المصطلحات اللسانية

إن المصطلح اللساني عانى من تباين وتعدد أثناء نقله، والسبب في ذلك اختلاف المنهجية التي اعتمد عليها الناقلون والمترجمون أثناء عملية النقل، فهناك من فضل ترجمة المصطلح، وهناك من فضل تعريبه، وهناك من اعتمد على الترجمة والتعريب معا، أي أنه وضع للمصطلح الأجنبي مقابلين كما سيأتي معنا في الجدول اللاحق، حيث تم أخذ عينة من المصطلحات اللسانية باللغتين الإنجليزية والفرنسية، ورصد مقابلاتها باللغة العربية، وذلك من خلال بعض المعاجم نذكر منها: “معجم المصطلحات اللسانية” و “معجم مصطلحات علم اللغة الحديث”، بالإضافة إلى مشروع المصطلحات الخاصة بالمنظمة العربية للترجمة، والذي هو عبارة عن مجموعة من المعاجم للمصطلحات التي ترجمتها المنظمة في ميادين مختلفة. وقد تم تبيان التضارب الاصطلاحي العربي الذي وقعت فيه مجموعة من المصطلحات الواردة، حيث تبين أن للمفهوم الواحد عدة تسميات.

المصطلح اللساني الأجنبي

المقابل العربي

المصطلح الفرنسي

المصطلح الإنجليزي

Allophone

Allophone

ألوفون، متحول صوتي، صوتم، بديل صوتي، اللوين الصوتي، المتغير الصوتي، بديل صوتي، بدصوتي، متغير لفظي.

Arbitraire

Arbitrary

اعتباطية، اعتباطي، تحكمي، اعتباطي كيفي، بناء مرتجل، عشوائية.

Code

Code

النظام الرمزي، سنن، شفرة، شيفرة، قانون، مواضعة، نظام ترميزي، راموز، نظام.

Compétence

Competence

كفاية، قدرة، كفاءة، ملكة، مقدرة لغوية، الكفاءة اللغوية، القدرة والتمكن اللغوي، القدرة اللغوية، الكفاية اللغوية.

Diachronique

Diachronic

تعاقب، تعاقبية، تزمني، دياكروني، تطوري، زماني، تعاقبي، حركي، متحرك، التطورية، الزمانية، التاريخية، التاريخي.

Langue

Langue

لسان، لغة، النظام اللغوي، اللسان.

Langage

Language

اللغة، كلام، خطاب، لسان، ملكة لسانية، ملكة اللغة.

Linguistique

Linguistics

علم اللغة، ألسنية، علم اللسانيات، علوم اللسان، علوم الألسن، لساني، لغوي، لسانيات،

Lexème

Lexeme

لكسيم، مفردة، معجمية، عجمم، لفظة، وحدة معجمية، وحدة معجمية صغرى، مفردة مجردة، الوحدة المعجمية.

Morphème

Morpheme

الوحدة الصرفية، المورفيم[33]، صرفة، صيغم، وحدة صرفية مجردة، صرفية.

Phonème

Phoneme

فونيم[34]، وحدة صوتية، صوتيم، صوتية، صوتم، صويت، حرف، صوتية فونيم.

Parole

Parole

كلام، حديث.

Paradigmatique

Paradigmatic

استبدالي، أمثولي، تعاقبي، جدولي، جريدي، أنموذجي، أمثولي،التصريفية، الاستبدالية، المحور الاستبدالي.

Performance

Performance

الأداء، إنجاز، إيقاع، إنجاز لغوي، الأداء اللغوي، الأداء الكلامي،

Signe

Sign

الرمز اللغوي، رمز، علامة، سمة، دليل، إشارة لغوية، إشارة.

Synchronique

Syncronic

تزامن، تزامنية، سنكروني، آني، تزامني، تعاصري، التزامنية، الوصفية، التوافقية، التعاصرية، الآنية، الوصفي.

Syntagmatique

Syntagmatic

النظمي، مركبية، مركبي، تركيبي، تتابعي، تراكبي، المحور التركيبي، النظمية.

ألوفون Allophone : “هو المتحولات الصوتية والمتغيرات التي تحدث لفونيم معين وتنتج عن ارتباط الفونيم بسياقه الخاص”[35]. ومن خلال الجدول نجد أن مصطلح Allophone قد تمت ترجمته ونحته وتعريبه، فكانت المصطلحات المنقولة هي: (ألوفون، متحول صوتي، صوتم، بديل صوتي، اللوين الصوتي، المتغير الصوتي، متغير لفظي، بديل صوتي، بدصوتي، متغير لفظي). والملاحظ أنه تم الخلط بين ترجمة الألوفون مع ترجمة فونيم حيث تمت ترجمتهما بنفس المصطلح “صوتم” في حين كان مصطلح “متحول صوتي” يعد ترجمة تفسيرية لمصطلح “ألوفون” كذلك يوجد تقارب في المعنى بين “متحول صوتي، وبديل صوتي، ومتغير صوتي”.

Arbitraire: كان ميلاد هذا المصطلح في اللغة الفرنسية سنة 1937، مشتق من Arbitrarius التي استعملت للدلالة على كل ما هو مرتبط بقرار القاضي، مصطلح Arbitraire يدل على أن الرابط الذي يجمع بين الدال والمدلول اعتباطي. والملاحظ من خلال الجدول أن مصطلح Arbitraire قد تمت ترجمته بـ (اعتباطية، اعتباطي، تحكمي، كيفي، بناء مرتجل، عشوائية)، ويمكن القول إنه يوجد إجماع على ترجمته، رغم وجود بعض الاختلاف في المصطلحات الواردة، وقد استعملت تقنية المجاز في وضع هذا المصطلح، لأن العلاقة بين الدال والمدلول غير معللة والمقابل الأنسب له في الدراسات اللغوية هو “الاعتباطية” وهو مصطلح نحوي استعمل فيما كان لغير علة.

الشفرة/ Code: وهو الشفرة أو السنن كما عرف في مختلف المعاجم، ومن خلال الجدول السالف الذكر، يلاحظ اختلاف في ترجمة هذا المصطلح من مؤلف إلى آخر وهي (النظام الرمزي، سنن، شفرة، شيفرة، مواضعة، نظام ترميزي، قانون، نظام، راموز).

الكفاءة/ Compétence: يعتبر “تشومسكي” أول من وضع هذا المصطلح في اللسانيات التوليدية التحويلية ظهر سنة 1468 مشتق من اللفظة اللاتينية Cometentia بمعنى “النسبة” والمفهوم الأساسي لهذا المصطلح هو المعرفة الضمنية التي يكونها الفاعل المتكلم عن لغته. ويسمي “تشومسكي” القدرة على إنتاج الجمل وتفهمها في عملية تكلم اللغة بـ “الكفاية اللغوية”، و”يشير مصطلح الكفاية اللغوية إلى قدرة المتكلم- المستمع المثالي على أن يجمع بين الأصوات اللغوية وبين المعاني في تناسق وثيق مع قواعد لغتنا”[36].

من خلال الجدول نجد عدة ترجمات لهذا المصطلح (قدرة، كفاءة، ملكة، مقدرة لغوية، الكفاءة اللغوية، التمكن اللغوي، القدرة اللغوية)، فالملاحظ أنه عموما تم إجماع على ترجمة مصطلح Compétenc بمصطلح القدرة، وتكرر مصطلح القدرة والكفاية والكفاءة أكثر من المصطلحات الأخرى، تمت ترجمة المصطلح ولم يعرب، ووضع مصطلح الكفاءة والكفاية بمعنى واحد رغم أن الكفاية مشتقة “من كفي تعني: إذا قام بالأمر، أما الكفاءة مشتقة من كفأ وتعني: التماثل والتشابة”[37].

Diachronique/ Synchronique: جاء مصطلح Diachronique في القرن العشرين ويدل على تتبع وقائع اللغة في تعاقبها وتغيرها من مرحلة إلى أخرى ضمن مسارها التاريخي الممتد، ويتكون هذا المصطلح من Dia الدالة على ما يمكن أن يعني التقسيم، والمرور عبر… و Chronie المشتقة من اللفظة اللاتينية khronos وتعني الزمن. أما مصطلح Synchronique فقد ظهر في اللغة الفرنسية سنة 1752 ويعني “مواجهة دراسية للغة معينة في زمن معين بوصفها نظاما ساكنا، ويتكون من Sun بمعنى مع أو الدالة على المعية متبوعة باللاحقة Chrono، الدالة على الزمن”[38]. والملاحظ في الجدول أن المصطلح Diachronique قد تعددت مقابلاته هي “تعاقب، تعاقبية، تزمني، دياكروني، تطوري، تعاقبي، زماني، حركي، متحرك، التعاقبي، التطورية، الزمانية، التاريخية، التاريخي”. في حين أن مصطلح Synchronique قد نقل بمصطلحات مختلفة وهي “تزامن، تزامنية، سنكروني، آني، تعاصري، الوصفية، التوافقية، التعاصرية، الآنية، التزامني، الوصفي، تزامني”.

إن هذين المصطلحين يمكن جمعهما على شكل ثنائيات يمكن أن تكون (آنية/ زمانية)، (الوصفية/ التطورية)، فأهميتها الاصطلاحية تكون أقل أهمية من الثنائية الأولى لأنها ليست ترجمة لمصطلحي “Synchronique/ Diachronique” على التوالي وإنما صدى لما وصف به “دو سو سير” اللسانيات السنكرونية بأنها سكونية وصفية، وأن الدياكرونية تطورية، واللافت للانتباه في الجدول اللجوء إلى التعريب حيث عرب مصطلح Diachronique بـدياكروني، وSynchronique بـسانكروني.

اللسان/ Langue: ظهر هذا المصطلح في اللغة الفرنسية في القرن 16 وهو مشتق من اللفظة اللاتينية Linga بمعنى اللسان، ويعرفه محمد أحمد قدور “بأنه جزء معين متحقق من اللغة بمعناها الإنساني الواسع وهو اجتماعي وعرفي ومكتسب، ويشكل نظاما متعارفا عليه داخل جماعة إنسانية محددة”[39]. ومن خلال الجدول نجد أن المصطلح Langue تم نقله بهذه المقابلات (لسان، لسان لغة، لغة لسان، اللغة، اللسان)، تعددت هذه المقابلات بتعدد واضعها واتفق هذا المصطلح مع مصطلح “Langage” بترجمته بـ “لغة ولسان”، تم نقله بآلية الترجمة ولم يخضع للآليات الأخرى. ويفضل استعمال مصطلح “لسان” لأن كلمة “لغة” لم تكن تستخدم في الاستعمال القديم بمعناها المعروف الآن إنما تستخدم بمعنى “اللهجة” ولم ترد كلمة “لغة” في القرآن الكريم وإنما وردت كلمة “لسان” جمعنا ألسنة للدلالة على معان منها[40]:

  • آلة الكلام: (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين)[41].
  • اللغة رصد الكلمات والقواعد التي تتكلمها الجماعات اللغوية، قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه)[42].
  • الاستعمال الفردي للغة، قال تعالى: (لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم)[43].
  • كلمة لسان تعد أكثر شمولية واستيعابا من كلمة لغة.
  • كلمة لسان تعد من المعجم الأساسي المشترك في اللغات السامية وفد ترددت في فهرست “ابن النديم” بمعنى لغة في قوله اللسان العربي، اللسان السرياني.

اللغة/ Langage: ظهر هذا المصطلح في اللغة الفرنسية في القرن العاشر، وهو مشتق من كلمة Langue التي تحيل على اللسان، ويعرفها أحمد محمد قدور “بأنها ظاهرة إنسانية لها أشكال كثيرة تنتج عن الملكة اللغوية”[44]. لم تستقر ترجمة هذا المصطلح في اللغة العربية على مصطلح واحد وإنما تعددت مقابلاتها “اللغة، لغة، كلام، خطاب، لسان، ملكة لسانية، ملكة اللغة”. يوجد اختلاف في ترجمة هذا المصطلح[45] من شخص إلى آخر. أما الآلية المستخدمة في النقل فهي الترجمة، والمصطلحات المترجمة أكثر استعمالا هي اللغة واللسان وهي نفسها المصطلحات المقابلة لمصطلح Langue.

اللسانيات/ Linguistique: يعود تاريخ ظهور هذا المصطلح إلى سنة 1826، واستعمل في الدراسات اللسانية، اشتق من كلمة Langue بمعنى اللسان، ثم أضيفت إليها لاحقة Ique الدالة على العلم أساسا وعلى الصفة أحيانا. وتعرف “بأنها العلم الذي يدرس اللغة الإنسانية دراسة علمية تقوم على الوصف ومعاينة الوقائع بعيدا عن النزعة التعليمية والأحكام المعيارية”[46]. ومن خلال الجدول يلاحظ تعدد في المقابلات العربية لهذا المصطلح وهي “علم اللغة، ألسنية، علم اللسانيات، علوم اللسان، علوم الألسن، علم اللغة العام”، قوبل مصطلح Linguistique بمصطلحين في اللغة العربية “علم اللغة، علم اللسانيات”، ورغم عدم ظهور هذا المصطلح “علم اللغة العام” في الجدول إلا هناك من قابله بمصطلحات السالفة الذكر. لقد شاع مصطلح “علم اللغة” أكثر من مصطلح “الألسنية” وذلك من خلال مايلي[47]:

  • أن مصطلح علم اللغة قد مر بمراحل كثيرة، وتقلبت عليه مناهج متعددة وقديمة وحديثة، فصار بحاجة إلى وصف توضيحي لتحديد مجاله أو منهجه كأن يقال علم اللغة الحديث، علم اللغة العام، واختلاطه بشكل كبير في المجال الاصطلاحي بمصطلح آخر هو فقه اللغة مع الفارق الموجود بينهما.
  • إذا كان مصطلح علم اللغة منتشرا في معظم بلدان المشرق العربي، فإن مصطلح “الألسنية” قد شاع في لبنان بالذات، ومصطلح “اللسانيات” هو الشائع الآن في بلدان المغرب العربي، وهذا حين اتخذت ندوة “اللسانيات واللغة العربية” الملتقى الثالث للسانيات تونس 1978 توصية باستخدام مصطلح “اللسانيات” والتزام به اللغويون التونسيون والمغاربة والجزائريون. في حين هناك من يفضل استخدام مصطلح “ألسنية” وحجتهم أن علم اللغة الحديث لا يختص بلغة معينة إنما يدرس أي لغة ويحلل أي مستوى داخل اللغة الواحدة، فمعنى الجمعية ملحوظ في وظيفة هذا العلم ولهذا يناسبه لفظ الجمع “ألسن” لا المفرد “لسان”، إن التصرف في لفظ ألسنية أسهل من التصرف في لفظ لسانيات فتقول دراسات ألسنية وألسني، أما مصطلح اللسانيات لا يمكن القول دراسات لسانياتية ولا لسانياتي.

وحدة معجمية /Lexéme: هو عبارة عن مفردة معجمية أو وحدة معجمية، كما وردت في مختلف المعاجم واختلفت ترجماته من معجم إلى آخر ومن كتاب إلى آخر فكانت مقابلاته هي “مفردة معجمية، عجمم، لفظة مفردة، وحدة معجمية، وحدة معجمية صغرى، مفردة مجردة، المفردة”، وهنا استعملت آلية الترجمة والتعريب في مصطلح “لكسيم”.

مورفيم/ Morphème: استعمل هذا المصطلح في اللغة الفرنسية سنة 1923، “جاء هذا المصطلح معرفا ضمن إطار النظريات البنيوية إذ يشير إلى تلك الوحدات الدنيا في اللسان”[48]، تم نقل هذا المصطلح إلى عدة مقابلات عربية وهي “الوحدة الصرفية، المورفيم، صرفة، مورفيم، صيغم، وحدة صرفية مجردة، صرفية”. تراوحت هذه المصطلحات بين المترجم والمعرب والمنحوت، ترجمته تعددت واختلفت من باحث إلى آخر فترجم تارة بـ “الوحدة الصرفية” وتارة أخرى بـ “الوحدة الصرفية المجرد”، في حين قام بتعريبه البعض إما مباشرة بنفس الصيغة الأجنبية وهي مورفيم أو بإضافة “أل” التعريف العربية محاولا استعماله كمصطلح عربي يخضع لقواعد اللغة العربية من تعريف وتذكير “المورفيم” أو جمع “مورفيمات”، وهناك من قام بالنحت فحصل على مصطلح “صيغم”.

الفونيم/ Phonéme: وضع هذا المصطلح في اللغة الفرنسية سنة 1876 وهو مشتق من اللفظة اللاتينية Phonema التي تحيل على نغمة الصوت، وهو أدنى عنصر غير قابل للتقطيع، وكذلك يمثل الفونيم “ذلك الصوت الذي يؤدى داخل اللسان، دوره تميز وحدتين مفردتين بمعنيين مختلفين فهو معروف إذا بوظيفة التميزية”[49]. ومن خلال الجدول نلاحظ تعدد في المصطلحات المنقولة إلى اللغة العربية وهي “فونيم، وحدة صوتية، صوتيم، صونية، صوتم، صويت، حرف الفونيم”، والمتمعن في هذه المصطلحات يلاحظ أن هناك من وضع مصطلحا مترجما، وكذلك من استعمل الترجمة التفسيرية في الوحدة الصوتية، وهناك من قام بالتعريب “فونيم”، وهناك من استعمل مصطلح “صوتم” ويعد الأفضل لأنه غير مركب ويساعد على الاشتقاق والنسبة والإضافة ولتثنية والجمع.

الكلام/ Parole: “ظهر هذا المصطلح في اللغة الفرنسية سنة 1080، وهو مشتق من اللفظة اللاتينية “Parobola” بمعنى المقارنة، وهو مقابل للمصطلح اللغة Langue في ثنائية “دو سو سير”[50]، والكلام هو “الدال على الأفعال التي تسمح للأفراد في خضمها باستعمال اللسان لقول شيء معين”[51]. وفي الدراسات اللسانية يعتبر الفعل الملموس والشخصي لاستعمال النظامين اللغوي والصوتي في حالات معينة. والملاحظ من الجدول أنه يوجد إجماع على ترجمة مصطلح “Parole” بـ “كلام”، وقد وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى: “وكلّم الله موسى تَكليما”[52].

التعاقبية/Paradigmatique: استعمل هذا المصطلح في اللغة الفرنسية في مجال اللسانيات في القرن العشرين ومشتق من Paradigme بمعنى أظهر وهو يحيل على أحد نوعي العلاقات التي تقيمها الوحدات اللسانية فيما بينها. والظاهر من خلال الجدول أن هذا المصطلح ترجم إلى مقابلات متعددة بالعربية وهي “استبدالي، أمثولي، تعاقبي، جدولي، جريدي، التصريفية، الاستبدالية، المحور الاستبدالي”، وكما هو ظاهر لا يظهر إجماع على ترجمة المصطلح، فهي تختلف من معجم إلى آخر من المؤلف المغربي إلى المشرقي، فـ “عبد القادر الفاسي الفهري” يترجمها بـ “أمثولي، أنموذجي”، أما “إبراهيم خليل” فيترجمها “استبدالي، التصرفية” على التوالي.

الكفاءة/Performance: ظهر هذا المصطلح في اللغة العربية سنة 1839، وهو مستوحى من المفردة الفرنسية القديمة Performance بمعنى أنجز. ويعرفه ميشال زكريا بـــ “الاستعمال الآني للغة ضمن سياق معين وفيه يعود متكلم اللغة بصورة طبيعية إلى القواعد الكاملة ضمن كفايته اللغوية كلما استعمل اللغة في مختلف ظروف التكلم وبالتالي هي التي تقود عملية الأداء الكلامي”[53]. وقوبلت في اللغة العربية بالمقابلات التالية: “كفاية، قدرة، كفاءة، ملكة، الكفاءة، الكفاية، الكفاءة اللغوية، القدرة، التمكن اللغوي، الملكة، القدرة اللغوية، الكفاية اللغوية”، ومصطلحا Performance/Compétence، مستوحيان من ثنائية “دو سو سير” المتمثلة في “اللغة والكلام”، حيث شكلتا ثنائية أساسية عند “تشومسكي”.

من خلال الجدول نجد أن المصطلح تم نقله إلى العربية بـ: “أداء، إنجاز، إيقاع، إنجاز لغوي، أداء لغوي، أداء كلامي”. ونجد أن غالبية اللغويين يستعملون مصطلح الأداء في حين نجد مقابلا آخر منافسا لهذا المصطلح والذي ساهم في إثراء اللغة العربية، والأداء هو المرحلة الأساسية لإنجاز مشروع معين وهي عبارة عن نشاط إنساني، في حين أن “تشومسكي” تعامل مع الأداء والإنجاز أنهما نشاط إنساني.

دليل/ Signe: هذا المصطلح ظهر في اللغة العربية في القرن العاشر “وهو مشتق من اللفظة اللاتينية Signun، ويعرف بأنه في المعنى العام، موضوعا كان أو شكلا أو ظاهرة يمثل شيئا آخر غير نفسه”[54]. وجاء في معجم “ماري نوال غاري بريور” تعد العلامة عنصرا من عناصر نسق اللسان وهي تأتي معرفة عبر علاقتها بعلامات أخرى”[55]. ومن خلال قراءة الجدول السابق نجد ترجمات مختلفة لمصطلح Signe وهي “الرمز اللغوي، رمز، علامة، سمة، دليل، إشارة لغوية”.وترجمته لم تستقر على مقابل عربي واحد، والأفضل استعمال مصطلح دليل كمقابل لمصطلح Signe في الدراسات اللسانية، وذلك لاستعمال المادة المعجمية نفسها التي اشتق منها الدال Signifiant والمدلول Signifie.

Syntagmatique: هذا المصطلح تم استعماله في اللغة الفرنسية في مجال اللسانيات في القرن العشرين وهو مشتق من اللفظة Syntagma بمعنى التنظيم والترتيب. ويطلق مصطلح Syntagme ضمن مجال التركيبات على مجموع الوحدات المعرفة ببنيتها الداخلية وعلاقاتها بالمجموعات التي ترتبط معها داخل الجملة. ومن خلال الجدول تتعدد الترجمات واختلافها من مرجع إلى آخر وهي “النظمي، مركبية، مركبي، تركيبي، تتابعي، تراكبي، المحور التركيبي، النظمية”.

هذه الكثرة والتعدد والاختلاف في الترجمات يشكل اضطرابا حقيقيا في المقابلات العربية؛ لهذا فالمصطلحات الواردة في الجدول ما هي إلا عينة صغيرة من المصطلحات اللسانية التي تعاني الفوضى والاضطراب، وهذا الأخير غزا الدرس اللساني الحديث خصوصا المصطلحات على اختلافها في شتى المجالات عموما. كما أن الاضطراب الذي مازال مستمرا على الرغم من الجهود المبذولة للحد منه، مما زاد من تعصب بعض الأفراد في وضعهم ونقلهم للمصطلح، وعدم اتباع آلية موحدة في ذلك فالمصطلح الواحد قد يتم وضعه إما عن طريق آليات الوضع أو عن طريق آليات النقل.

خلاصة

إن موضوع المصطلحات العلمية عامة واللسانية خاصة، يكتسي أهمية بالغة؛ نظرا لكون المصطلحات مفاتيح العلوم، والطريق المؤدي إلى فهم وإدراك وتحكم جيد في كل العلوم، وبين أهل اللغات خاصة التي تسعى إلى وجود وإثبات قيام علم من العلوم، وحصاد البحث والتجريب.ومن بين النتائج التي تم التوصل إليها ما يلي:

  • المصطلح لفظ أو عبارة أو رمز متفق عليه بين أهل العلم، وذلك للدلالة على مفهوم معين مجرد أو محسوس داخل مجال من مجالات المعرفة المختلفة، شريطة أن تكون هناك مناسبة مشتركة بين دلالته الاصطلاحية واللغوية.
  • تبنت المؤسسات والهيئات العربية والغربية العمل المصطلحي، وذلك من أجل النهوض بهذا العلم والقضاء على الفوضى والاضطراب الذي يعيشه.
  • إن المصطلح العلمي العربي، وخاصة اللساني يعاني من عدة مشاكل جعلت وضعه متأزما منها: التعدد في المفردات وواضعي المصطلح، الازدواجية اللغوية التي عانت منها اللغة العربية “اللغة الهدف” واللغة الأجنبية “اللغة المصدر”، وإغفال المصطلحات التراثية.
  • عدم اعتماد منهجية موحدة في وضع ونقل المصطلحات، يتبعها هذه الأخيرة في جميع البلدان العربية.
  • تعدد المصطلحات اللسانية المنقولة في أغلب الأحيان بتعدد المعاجم والمؤلفات التي يعنى أصحابها بدراسة اللسانيات بسبب ذاتية بعض الناقلين، واختلاف المجال العلمي الذي ينتمون إليه.

إن البحث في المصطلح اللساني مجاله واسع يتطلب وقتا طويلا وجهدا كبير، ومهما بدل اللغويون العرب من جهود حثيثة للحد من الفوضى التي يعاني منها المصطلح اللساني، والمشكلة التي تبقى قائمة هي التبعية التي يعاني بها العرب.

تحميل المقال في نسخته الكاملة

الإحالات:

  1. الجوهري، معجم الصحاح، ص1504. ↑
  2. فوزي عيسى ورانيا فوزي عيسى، علم الدلالة النظرية والتطبيق، ص36. ↑
  3. نادية رمضان النجار، طرق توليد الثروة اللفظية، ص37. ↑
  4. ابن جني، الخصائص، ص37. ↑
  5. فوزي عيسى ورانيا عيسى، علم الدلالة النظرية والتطبيق، ص39. ↑
  6. الأمير مصطفى الشهابي، المصطلحات العلمية في اللغة العربية، ص17. ↑
  7. المرجع نفسه، ص17. ↑
  8. نادية رمضان النجار، طرق توليد الثروة اللفظية، ص55. ↑
  9. المرجع نفسه، ص56. ↑
  10. حسام الدين مصطفى، تاريخ الترجمة العربية، الموقع الالكتروني: www.hosameldin.org. ↑
  11. عامر الزناتي الجابري، مقدمة في علم الترجمة، الموقع الإلكتروني:
  12. http //faculty.ksu.edu.sa./amer alzanaty ↑
  13. المعجم الوسيط، ص83. ↑
  14. محمد أمهاوش، قضايا المصطلح في النقد الإسلامي الحديث، ص188.
  15. الترجمة هي نقل النص من لغة إلى أخرى، نقل أقوال شخص لأخر، لا يعرف لغة القائل وذلك باللغة التي يعرفها، وهي بيان لغة بلغة أخرى. (ينظر قضايا المصطلح في النقد الإسلامي الحديث، ص188). ↑
  16. نادية رمضان النجار، طرق توليد الثروة اللفظية، ص111. ↑
  17. يوسف وغليسي، إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي، ص87. ↑
  18. يوسف وغليسي، مرجع سابق، ص87. ↑
  19. venay jean- paoul jean darbelnet , stylistique comparée de l’anglais et du françai,p46-55  ↑
  20. المرجع نفسه، ص40. ↑
  21. -venay jean- paoul jean darbelnet , stylistique comparée de l’anglais et du françai , p40. ↑
  22. نادية رمضان النجار، طريق توليد الثروة اللفظية، ص122. ↑
  23. المعجم الوسيط، ص727.
  24. الاقتراض هو أخذ الكلمة كما هي في اللغة الأصلية مع بعض التعديل في الأصوات. ↑
  25. محي الدين صابر، التعريب والمصطلح، مجلة اللسان العربي، العدد 28، ص9-10.
  26. التعريب أن تعرب الدابة فتكوى على أشاعراها في مواضع ثم يبزغ بمبزغ ليشتد أشعره، والعرابة والتعريب والإعراب من قولك أعربي وما قبح من الكلام، وكره الإعراب للمحرم، وعربت عن فلان أي تكلمت عنه بحجة. (ينظر معجم العين ص124). ↑
  27. التهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، ص 152. ↑
  28. أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، مادة (ع ر ب)، ص1476. ↑
  29. حامد صادق قنيبي، مباحث في علم الدلالة والمصطلح، ص297. ↑
  30. المرجع السابق، ص296. ↑
  31. الأمير مصطفى الشهابي، المصطلحات العلمية في اللغة العربية، ص20.
  32. يرى الشهابي أن التعريب طريقة من طرق اغناء اللغة العربية وأن ذلك لا يمثل بحال من الأحوال خطرا بالنسبة إلى نقاوة اللغة العربية (ينظر مصطفى طاهر الحيادرة، من قضايا المصطلح اللغوي العربي ص108). ↑
  33. الأمير مصطفى الشهابي، المصطلحات العلمية في اللغة العربية، ص20. ↑
  34. إدريس بن الحسن العلمي، في التعريب، ص41.
  35. إن التعريب يقتضي المعرفة العلمية وإتقان العربية ثم التعمق في اللغة الأجنبية. ↑
  36. مهدي صالح الشمري، في المصطلح ولغة العلوم، ص136-137. ↑
  37. عمر ساسي، المصطلح في اللسان العربي من آليات الفهم إلى أداة الصناعة، ص97. ↑
  38. يوسف وغليسي، إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي، مرجع سابق، ص90. ↑
  39. المورفيم أصغر جزء من الكلمة له معني. ↑
  40. الفونيم هو الوحدة الصوتية الصغرى المميزة. ↑
  41. ماري نوال غاري بريور، المصطلحات المفاتيح في اللسانيات، ص22. ↑
  42. ميشال زكريا، الألسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية، ص32. ↑
  43. نفسه، ص123-124. ↑
  44. يوسف وغليسي، إشكالية ترجمة المصطلح في الخطاب النقدي، ص139. ↑
  45. أحمد محمد قدور، مبادئ اللسانيات، ص23. ↑
  46. أحمد مختار عمر، المصطلح الألسني العربي وضبط المنهجية، ص9. ↑
  47. سورة البلد، الآية 9. ↑
  48. سورة إبراهيم، الآية 4. ↑
  49. سورة المائدة، الآية 78. ↑
  50. أحمد محمد قدور، مبادئ اللسانيات، ص23. ↑
  51. Langage عبارة عن مصطلح بسيط قوبل في اللغة العربية بمصطلح مركب “ملكة لسانية” و”ملكة اللغة”. ↑
  52. أحمد محمد قدور، مبادئ اللسانيات، ص23. ↑
  53. أحمد مختار عمر، المصطلح الألسني العربي وضبط المنهجية، ص8-9. ↑
  54. ماري نوال غاري بريور، معجم المصطلحات المفاتيح في اللسانيات، ص72. ↑
  55. المرجع السابق، ص77. ↑
  56. نفسه، ص137. ↑
  57. المرجع السابق، ص65. ↑
  58. سورة النساء، الآية 164. ↑
  59. ميشال زكريا، الألسنية التوليدية التحويلية وقواعد اللغة العربية، ص39. ↑
  60. المرجع نفسه، ص143. ↑
  61. ماري نوال غاري بريور، معجم المصطلحات المفاتيح في اللسانيات، ص96. ↑
Scroll to Top