صورة المرأة في التاريخ السياسي الإسلامي: (سلطانات منسيات) لفاطمة المرنيسي أنموذجا
دكتوراه في الآداب
الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشرق
الناظور، المغرب
ملخص
عندما نتحدث عن الفكر النسائي وقضايا المرأة، نستحضر الباحثة وعالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي (1940- 2015) التي سخرت أبحاثها الاجتماعية والفكرية لخدمة تحرير المرأة والمطالبة بحقوقها ومساواتها مع الرجل. فلقد خصصت كتاباتها النسوية للدفاع عن المرأة المغربية بصفة خاصة، والمرأة العربية المسلمة بصفة عامة وفق مقاربة جندرية تبتغي تحقيق المساواة النوعية، والسعي الجاد من أجل خلق نوع من التكامل والتطابق والتعايش بين الذكورة والأنوثة. وقد أثارت كتاباتها وتصوراتها الفكرية نقاشا حادا في الأوساط العلمية والفكرية المحافظة. وإن كان الموت قد خطف الكاتبة فاطمة المرنيسي، فإن رصيدها العلمي والفكري والاجتماعي والسياسي لازال حاضرا يؤثث المشهد الثقافي المغربي والعربي.
When it comes to feminist thought and women's issues, the name of Moroccan sociologist and researcher Fatima Mernissi (1940-2015) immediately comes to mind. She dedicated her social and intellectual research to the cause of women's liberation, demanding their rights and equality with men. Her feminist writings were devoted to the defense of Moroccan women in particular, and Arab Muslim women in general, following a gender approach that aims to achieve gender equality and strive for a kind of integration, compatibility, and coexistence between masculinity and femininity. Her writings and intellectual concepts sparked heated debate in conservative academic and intellectual circles.
كلمات مفتاحية: فاطمة المرنيسي - سلطانات منسيات - الفكر النسائي – المرأة – المساواة.
Keywords : atima Mernissi – Forgotten Queens - Feminist Thought - Women – Equality.
عندما نتحدث عن الفكر النسائي وقضايا المرأة، نستحضر الباحثة وعالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي (1940- 2015) التي سخرت أبحاثها الاجتماعية والفكرية لخدمة تحرير المرأة والمطالبة بحقوقها ومساواتها مع الرجل. فلقد خصصت كتاباتها النسوية جلها للدفاع عن المرأة المغربية بصفة خاصة، والمرأة العربية المسلمة بصفة عامة وفق مقاربة جندرية تبتغي تحقيق المساواة النوعية، والسعي الجاد من أجل خلق نوع من التكامل والتطابق والتعايش بين الذكورة والأنوثة، ولاسيما في المجتمعات العربية المسلمة التي تخضع للهيمنة الرجولية من جهة، وتستسلم للعادات والأعراف والتقاليد من جهة أخرى. وقد أثارت كتاباتها وتصوراتها الفكرية نقاشا حادا في الأوساط العلمية والفكرية المحافظة، باعتبارها تصورات تستند لأفكار علمانية تنويرية غربية منفصلة عن الخطاب الديني والقيم الأساسية للمجتمع العربي الإسلامي من جهة، ومن جهة ثانية لاختراقها جانبا مسكوتا عنه من الطابوهات الاجتماعية، والدينية التي اعتبرتها عائقا أمام تطور وضعية المرأة وتحررها وظهورها. كما ساهمت أبحاثها في تعرية واقع المجتمعات العربية التي تسيطر على المرأة وتختزل وجودها في مجموعة من الأدوار النمطية.
وإن كان الموت قد خطف الكاتبة فاطمة المرنيسي، فإن رصيدها العلمي والفكري والاجتماعي والسياسي لازال حاضرا يؤثث المشهد الثقافي المغربي والعربي، إذ تعد أبحاثها ومقالاتها مرجعا أساسيا للباحثين في قضايا المرأة وحركتها التحررية داخل المغرب وخارجه، ونبراسا مضيئا لحقوق المرأة وحريتها. وقد خلفت مجموعة من الإصدارات ترجمت أغلبها إلى العديد من اللغات العالمية ما ساهم في انتشارها عربيا ودوليا[1]، لاسيما مؤلفها الصادر عام 2001 بعنوان: (سلطانات منسيات: النساء رئيسات الدول في الإسلام). وهو منجز سوسيولوجي يسلط الضوء على قدرة المرأة على الحكم، وتسيير الشأن السياسي والاجتماعي، وأن صناعة القرار ليس حكرا على الرجل كما ادعى الفقهاء ورواة السير. فقـد أظهرت فاطمة المرنيسي فعلا عن وجـود نساء وصلن السلطة السياسية، وتقلدن منصب رئيس دولة. صكت باسمهن النقود، وألقيت الخطب في المساجد باسمهن كمعيار أساس لتقلد المنصب. ولكن التاريخ غيبهن، وهناك جهات عملت على إخفاء وطمس معالم حضور المرأة في الحياة السياسية منذ فجر التاريخ الإسلامي، وقد أسقطن من الذاكرة عمدا. فمن هؤلاء النساء اللائي ناولن شرف التاريخ، وبالتالي الحق في أن تلقى الخطب وتصك النقود باسمهن؟ وفي أي ظروف وصلن أعلى مراتب السلطة؟ وما أهم القضايا الفكرية والمفاهيم الجندرية المطروحة في (سلطانات منسيات)؟ وما تجليات المنهج المعتمد في صياغة وبلورة التصورات الفكرية والنقدية لدى فاطمة المرنيسي؟ وإلى أي حد أسهمت الباحثة بمشروعها العلمي الاجتماعي في تأسيس تصور نقدي نسائي عربي عمل على خلخلة الرؤى والأحكام الموروثة، وتصدى للجمود الثقافي الذي وقف عائقا إزاء التحرر والحرية؟
تحدد فاطمة المرنيسي هدفها من تأليف كتابها (سلطانات منسيات) قائلة: “إن الهدف من هذه الرحلة في الماضي، بحثا عن السلطانات وألقابهن، هو القيام بخطوة صغيرة في هذا الاتجاه. يبرز لنا هذا الانغمار في الماضي حقيقة ثابتة : إن العودة إليه مستحيلة، ذلك أن ما تغير في العالم وضمنه المجتمعات الإسلامية، ليس مطالب النساء أو الرجال تجاه الحكام فحسب، ولكن المحيط الذي يعيشون فيه هو الآخر قد تغير…بيد أن النضال من أجل الديمقراطية، بمعنى المساواة، لم يبدأ مع استيراد وثيقة حقوق الإنسان الغربية كما يعرف الجميع، لقد بدأ هذا النضال مع قرون الإسلام الأولى لدى طائفة الخوارج…التي احتجت ضد التطبيق السياسي للإسلام، برفضها لـشرط انـتماء الخليفـة إلى قـريش، زاعمة بأن الخلافـة من حق كل مسلـم قـادر عليها “[2].
وتستدرك المرنيسي استثناء بشأن الملكات المسلمات قائلة: “ليس الهدف من هذا الكتاب، بشأن الملكات المسلمات، وصف نساء رائعات من تاريخنا، نساء بدون نقائص، يتحلين بكل الصفات، ولا ينهزمن البتة في لعبة السلطة سواء تعلق الأمر بالسياسة أو الحب…وأيا كان وضعنا الراهن، فإن المرأة حسب اعتقادي ليست في حاجة، الأمس أو اليوم، لتكون كاملة، ورائعة وعجيبة، حتى تتمتع بكل حقوقها، وهذه هي الفكرة التي جعلت النساء يعتقدن بأن عليهن أن يكن استثنائيات، حتى يصبحن متساويات مع الرجل، ويغدو لهن الحق في امتيازاته… أن تكون النساء اللائي سندرسهن ذوات شخصيات عادية طموحة أو متقنة لفن المراوغة، وأن يكن قد ارتكبن أخطاء، أو فشلن أغلب الأحيان فشلا ذريعا، كل ذلك لا يجب أن يزعجنا”[3].
أولا: صورة المرأة في التاريخ السياسي الإسلامي
لن نخرج من هذا المبحث إلى التعريف بمفهوم الصورة لشساعة مفهومها، واتساع مجالاتها؛ بل سنكتفي بمحاولة رصد صورة المرأة في التاريخ الإسلامي من خلال كتاب “السلطانات المنسيات” للكاتبة فاطمة المرنيسي، وسنوضح بعض الصور التي قدمتها عن المرأة في مختلف العصور والبلدان التي ذكرتها.
فالمرأة تعرضت منذ قرون للإقصاء والتهميش والاحتقار في مختلف المجالات، بدعوى أن المرأة مكانها المنزل، ولا حق لها في الاعتراض أو حتى محاولة الرفض.
وفي هذا الباب سنعرج لذكر صورة المرأة السياسية، إذن كيف ستقنع الآخر بولوجها لهذا الميدان؟ وبأي السبل واجهت لتكون امرأة سياسية بامتياز؟
إن أول امرأة سياسية ذكرتها الكاتبة هي “بينازير بوتو”؛ التي تولت رئاسة الوزراء في “باكستان”، وهي امرأة تعرضت للاحتقار والرفض من طرف كبار الدولة من منظور إسلامي. فقد قال عنها نواز شريف رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الإسلامي: “يا للفظاعة لم يسبق مطلقا في دولة مسلمة أن تولت امرأة قيادتها”.[4]
وعلى الرغم من خيالها الواسع فهي لم تحظ باهتمام السلطة، فلم يكن الاحتقار والتهميش من منظور إسلامي فقط، بل حتى اللغة كانت متحيزة للذكور دون الإناث. فالتعارض الشديد مع خلافة المرأة، كان لغويا أيضا، إذ إن مصطلح الخلافة مذكر ولا يتعلق إلا بالرجال.
ودائما ما نسمع عن رجل السلطة أنه سلطان “ومع ذلك فإن الملكات العربيات نادرا ما حملن لقب سلطانة، وغالبا يعطيهن المؤرخون لقب ملكة”.[5]
وأمام الظلم الشديد الذي تعرضت له كل من بينازير بوتو وراضية وشجرة الدر وأسماء أروى إلا أن “زينب النفزاوية” تعتبر استثناء لأنها تصرفت في سلطة زوجها.
وقد برزت “عائشة الحرة” في الساحة الأدبية، امرأة غيورة سخرت السياسة وتجرأت عليها للثأر من زوجها فسلمت السلطة لابنها بدله[6]، كما كانت السياسة هوايتها، وفرضت وجودها انطلاقا من خبرتها في العلوم الدينية، فأصبحت رئيسة مميزة إذ اتخذت قرارات بطولية في تلك الفترة المأساوية، رغم كل هذا فقد بقيت مهملة والتاريخ العربي لم ينصفها.
نجد أن الصورة التي بلغتها عن بنت عمر ابن أسعد هي صورة المرأة الفقيهة المحدثة[7]. ويمكننا القول أن النساء في تلك الفترة التجأن للدين وتعلمنه ليدخلن غمار السياسة حسب الكاتبة لم تكن النظرة الدونية للمرأة مرتبطة بعامة الناس بل حتى بالمثقفين منهن؛ يتجلى ذلك في نظرة الخليفة لها الذي يعتبرها غير جديرة بأن تمارس حتى السلطة الدنيوية…)[8]، وقد أدى رفض الرجال للنساء في أن يكن سياسيات إلى قتلهن.[9]
إن وقوع بعض الخلفاء في حب الجواري، أدى بهم إلى القتل لأنهم يعتبرون أن السياسة والحب لا يجتمعان حيث قال عضد الدولة للجلاد شوكر: “إن من ينقاد للشهوات يصبح سياسيا سيئا وسوف يفقد بالضرورة سلطته الأرضية”.[10]
وقـد اعتبروا وصول الجارية إلى الحكـم يأتي عن طريـق اختيالها على الخليـفة وإغرائه للوقوع في حبها. وهذا أمر لا يعقل فمثلما تحب المرأة يحب الرجل وهذا أمر لا خلاف فيه.
نستنتج من خلال هذا، أن الخلفاء أعطوا صورة سيئة عن الجواري اللواتي يصلن إلى السلطة؛ إذ حين وصولهن لها يقتلن أزواجهن ومن بين هؤلاء النساء: أم المقتدر.
ونجد خلافا لهذا، صورة المرأة الأجنبية الجميلة الطموحة، وهي الصورة التي تمثلها “صبح” أو “صبيحة” مليكة قرطبة التي فتن بجمالها الخليفة الحكم وسماها صبحا كونها كانت ذات جمال مدهش.
وهناك أيضا صورة المرأة الذكية واللجوء إليها في الحكم والخلافة: فكل الجواري اللواتي نجحن في التأثير على سيدهن إلى حد جعله يشركهن في السلطة بدون استثناء كن نساء موهوبات بذلك الذكاء التحليلي الذي ضمن النجاح الدائم لمن يحوزه حتى يومنا هذا…[11].
وهو السبب الرئيس في جعل الحكم يهمل إدارة السياسة ويترك ذلك لزوجته. غير أن المحدثين اعتبروها مستهلكة للرجال والسلطة.
كما نلاحظ صورة المرأة الحرة الغيورة من الجارية إذ كان سبب هذه الغيرة هو الخوف من أن تنزع منها زوجها وكان هذا شأن “خيزران” إذ تقول: ” لم أخف مطلقا من امرأة كما خفت من هذه”.[12]
وقد حاولت العديد من النساء الإلمام بكل الأمور العامة من شعر وثقافة وفقه وتاريخ لسلب اهتمام الرجل أو كما هو الشأن مع خيزران “ولكي تحافظ خيزران على محاباة المهدي لها وحظوتها لديه، كانت تتابع دروسا في الفقه على يد أحد القضاة الأكثر شهـرة في زمنها وكانت الفنون الجنسية واللباقة في الشبقية مـيدانا آخر حاولت الجواري تطويره…”.[13]
ونحن نغوص في صفحات الكتاب، تتجلى لنا صورة المرأة المستغلة؛ إذ نجد من النساء من تتزوج أكثر من رجل للولوج إلى السياسة، وذلك ما لاحظناه عند الملكة المنغولية “ساطي بك” التي كانت شهيتها للسلطة عالية لدرجة أنها استغلت ثلاثة رجال متعاقبين لتحتفظ بالسلطة وتستمر.[14]
أما صورة المرأة في جزر المالديف، فهي صورة المرأة العارية التي تخرج للتنزه نصف عارية ولا تغطي رأسها، تقول الكاتبة: وفي هذا الصدد قول ابن بطوطة معظمهن لا يلبس إلا تنورة (وزرة) تغطيهن من السرة إلى الأرض وباقي الجسم يظل مكشوفا وبهذا الزي يتنزهن في الأسواق وفي غيرها.[15]
كما يصف المرأة عندهم بالمتعة فيقول: ” لم أجد في عالم النساء علاقة أكثر متعة منهن والزوجة عند سكان الجزر، لا تعهد إلى أي كان بالعناية بخدمة زوجها، فهي التي تحضر له الطعام وتقدم له الحلوى بعد الطعام وتغسل له يديه وتقدم له الماء من أجل الوضوء وتغطي له قدميه إذا أراد النوم”.[16]
وعليه، فالعرب يقدمون بوضوح سلوكا مبغضا للمرأة بينما الأتراك والمنغول والأندلسيون والآسيويون، يملكون مظهرا ذا نزعة شبه نسوية بصورة عامة… وواقعة أن كل النساء اللواتي نجحن في الجلوس على عروش، كن باستثناء جزر الهند، تركيات أو منغوليات، هي برهان واضح على الأهمية التي كانت هذه الثقافة تمنحها للمرأة في القضايا العامة.[17]
وكان من نصيب الملكة “أسما” والملكة “أروى“، أن يلقين الخطب في المساجد، وهـي صورة حسنة للمرأة، حيث لم تحصل أي امرأة عـربية على هذا الشرف في أي بلد عربي بعد ظهور الإسلام.[18]
ثم إن الرجل العربي في العصور المتأخرة لم يعد ينزعج من ذكاء المرأة؛ فالمرأة الذكية هي شيء مثير للإعجاب دائما ومستحسن، والتسرب الكثير للنساء في الدوائر الجامعية في العالم العربي، وأقل من ثلاثين سنة من التعليم يؤكد هذه الفكرة؛ فدخول المرأة إلى المعرفة وإلى الجامعة ومعاهد العلم لا يزعج إلا قليلا، شريطة ألا تؤثر هذه الظاهرة على السياسة ولا تتجاوزها. ما يزعج هو قرار المرأة أن تكون ذات إرادة مستقلة. هناك اختلاف كبير بين الذكاء والإرادة.[19]
ثانيا: قراءة في المفاهيم الجندرية
تعد فاطمة المرنيسي من أهم المناضلات في الحقل النسوي المغربي، إذ خصصت كتاباتها النسوية جلها للدفاع عن المرأة المغربية بصفة خاصة، والمرأة العربية المسلمة بصفة عامة وفق مقاربة جندرية تبتغي تحقيق المساواة النوعية، والسعي الجاد من أجل خلق نوع من التكامل، والتطابق، والتعايش بين الذكورة والأنوثة، ولاسيما في المجتمعات العربية المسلمة التي تخضع للهيمنة الرجولية من جهة، وتستسلم للعادات والأعراف والتقاليد من جهة أخرى. ومن هنا تحضر المقاربة السوسيولوجية ذات البعد الجندري في كتاباتها النسوية المختلفة.
ويتضمن هذا الكتاب مجموعة من المفاهيم الجندرية يمكن حصرها فيما يلي:
1- مفهوم الحريم:
تعد إشكالية الحريم التي تجرأت المرنيسي على معالجتها معالجة اجتماعية معرفية دينية من الإشكاليات التي استطاعت توضيح الغامض فيها وتصحيح التأويل الخاطئ المهيمن عليها وتحرير الفكر المسجون فيها. وقد ناقشت المرنيسي مفهوم الحريم بنوعيه الحريم المنزلي والحريم السلطاني. فالأول يعني أن يعيش الزوج مع مجموعة من الزوجات في منزل واحد ضمن ما يسمى بالأسرة الممتدة الشاملة. حيث تهيمن الذكورة على الأنوثة داخل دار كبيرة واسعة، حيث توضع النساء جميعهن بين جدران وأسوار مغلقة لا يمكن تخطي حدودها من أجل الانفتاح على الخارج. وقد حظي مفهوم الحريم المنزلي بمناقشة متستفيضة من قبل المرنيسي في جل كتاباتها لاسيما مؤلفها الذائع الصيت (نساء على أجنحة الحلم). أما النوع الثاني، فيقترن بالسلطانات، والحرات، والملكات، والأميرات اللائي مارسن السلطة السياسية حيث “كانت الحرة في الحريم تعني الزوجة الشرعية التي تنحدر غالبا من أصل أرستقراطي، وذلـك عكس الجارية التي كانت تشترى من طرف السيد في أسواق النخاسة”.[20]
فسواء أكانت الواحدة منهن ملكة أم سلطانة أم خاتونا أم جارية، فهذا لا يعني بأنها حملت لقب خليفة، بل كانت تمارس السلطة في الظل انطلاقا من الحريم،[21] أو بمعية زوجها أو ابنها. كما حدث للجارية الخيزران التي حملت زوجها المهدي الخليفة العباسي الثالث وابنها هارون الرشيد فيما بعد أن يقتسما معها الحكم.[22]
وقد يترادف الحريم مع العبودية، والاستغلال، والظلم المجتمعي، ما جعل المرأة عادية كانت أو سلطانة ترفض العبودية النسوية، ولأن “الخيزران كانت تحب السلطة وتتألم لعودتها إلى الحريم فقد قررت أن تلجأ إلى السلاح الوحيد الذي يشكل جوهر السياسة أي القتل، ومن ثم خططت لجريمتها من الحريم رغم كونه مجالا للسلم”.[23]
ومن هنا، يحيل الحريم المنزلي أو السلطاني على الشقاء، والحصار، والحرمان والعبودية، والاستغلال، والانغلاق، وهيمنة الذكورة على الأنوثة ” إن الحريم يعني المكان والنساء اللائي يعشن فيه في نفس الوقت، وهذا الخلط بين الأشخاص والمكان أساسي قطعا في الهندسة المعمارية الإسلامية بأكملها. الحريم أيضا هو المجال المحمي الذي يمكن للرجل أن يقتل للدفاع عنه، والجريمة تكون خارج الحريم وليست داخله، ومهمة العلماء تكمن في الحرص على الحدود”.[24]
ومن جهة أخرى يختلف الحريم في الزمان والمكان، وتتغير ملامحه الحضارية والثقافية والمجتمعية من بلد إلى آخر، فحريم الخليفة العباسي هارون الرشيد لا يشبه حريمنا الآن الذي يعج بنساء أميات، فقد كانت الجواري وقتذاك “تحملن إلى الخليفة كسبايا إثر الفتوحات، أو يهدين إليه من طرف ولاته، أو كن يقتنين في حالة توفرهن على مواهب استثنائية بطبيعة الحال لقد كانت دراسة الفقه، والشعر، وتطوير المواهب الموسيقية والغناء، الطريق الوحيد المفتوحة أمام هؤلاء النساء”.[25]
2- مفهوم الداخل/المجال:
يعد الداخل مفهوما جندريا لارتباطه الشديد بالمجال، والحدود، والحواجز، والفواصل. ومن ثم لا تستطيع الـمرأة أن تتخطى حواجز الداخل من أجل الانفتاح على الخـارج.
ويعني الحريم كذلك أن تبقى الأنثى في الداخل بين الأسوار، والأعمدة المحصنة محافظة على التقاليد، والعادات، والأعراف. ويعني الخروج التمرد على التقاليد وانتهاك قوانين الحرمة، والإساءة إلى الشرف العائلي.[26]
فقد غدا الداخل أكبر حاجز نفسي يهدد المرأة في أي مكان وزمان، وأيا كانت زوجة، أو أختا، أو سلطانة، أو أميرة. إذ كان أكبر ما ” يتهدد الحياة السياسية لسلطانة كالخيزران…لا يتمثل في المستوى البيولوجي (أن تكون امرأة)، أو في المستوى القانوني (أن تكون جارية)، ولكنه حاجز يرتبط بالمجال، أي أن تكون المرأة منتمية إلى الحريم، فضاء الداخل ومجال السلام إذا قورن بالمجال العام، أي مكان الحرب”.[27]
وقد كان حلم السلطانات المنسيات في الوصول إلى مراكز صناعة القرار نابع من رغبتهن في اختراق المجال الداخلي أي الحريم، ومشاركة الرجل في اقتسام السلطة، وتسلم زمام الحكم. وفي هذا تقول المرنيسي “تنتمي المرأة إلى المجال الداخلي أي الحريم، المكان الممنوع، أما رئيس الدولة فينتمي إلى المجال الخارجي أي العام. ومن هنا ضرورة اكتشاف العادات التي تترسخ بالضرورة في المجال، والتي ستعتمدها النساء عندما يتسلمن زمام الحكم للمطالبة بحقهن في الوجود في مجال الرجال.”[28]
فعلى الرغم مما كانت تتمتع به الخيزران من كفاءة، وذكاء، وتفوق سياسي، فقد أشهر ابنها الهادي ضدها سلاحا آخر:” واجبها في أن تعود إلى مجالها أي الحريم”.
ويشكل الإسلام – حسب المرنيسي- إحدى الديانات النادرة التي جعلت من الاختلاف بين الجنسين هندسة اجتماعية. وقبل الخيزران، كانت عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أول امرأة مسلمة طالبت بحقها في العمل السياسي وممارسته بمنطق المجالية نفسه.[29]
ومن هنا، ترفض الباحثة مبدأ “لكل مجاله” الذي ترتكز عليه الهندسة المعمارية التقليدية، وتؤكد أن لكل الأفراد الحق في كل المجالات، تلك هي رسالة الديمقراطية الحديثة. إنه خلاف كوني في طبيعته ودرجته.[30]
3- مفهوم الحدود:
تقترن فكرة الحدود بمفاهيم جندرية سوسيولوجية أخرى من قبيل المجال، والحريم، والداخل، والحاجز. يضعها الرجال للتحكم في النساء قصد درء الفتنة والابتعاد عن الشبهات الناتجة عن الاختلاط بين الجنسين، ومن ثم، تترسخ هذه الفكرة الظالمة في أذهان البشر لتتحول إلى صور نمطية ثقافية تحاكم فيها المرأة وفق مجموعة من الحدود الفاصلة المصطنعة. وتستحضر الباحثة مفهوم الحدود الذي يتحول إلى متاريس وقيود ونوع من الفوبيا التي تترسب في اللاشعور الأنثوي، على أساس أن التربية الإسلامية مبنية على المجال والحدود ومهمة “العلماء تكمن في الحرص على الحدود، وتذكيرنا بأن الإسلام هو احترام الحدود، ولبعض العلماء الحق في التأكيد على أن القضاء على التمييز الجنسي وخروج النساء من البيت لتحمل المسؤوليات التي يتحملها الرجال من علامات القيامة”.[31]
فعلى الرغم مما كانت تتوفر عليه السلطانات، والملكات، والجواري من قوة وقدرة في تسيير شؤون الحياة السياسية بدايات فجر التاريخ الإسلامي، فإنها لم تكن تمارس سلطتها إلا في الظل انطلاقا من الحريم، أو بأمر من زوجها الحاكم، أومن وراء حجاب. فهـذه الخيزران كان لها الفضل في دعـم ابنها الخليفة هـارون الرشيـد لتقلد منصب الخلافة رغم ذلك لم يجد هارون الرشيد حرجا من يثبت أن “الحدود التي تقيد امرأة الحريم سواء كانت جارية أو حاكمة: إنها لا تمتلك سلطة إلا من خلال رجل وبموافقته، ولا يمكن لها أن تظهر كامرأة سياسة في المجال العام إلا إذا كانت مختفية وراء حضور رجل”.[32] لذا “ظلت حياة الخيزران السياسية موسومة حتى النهاية بالمصير القدري لحياة الحريم، حيث ستبقى قوتها في الخفاء مشكلة إشعاعا لسلطة الآخرين.”[33]
يتضح من خلال معاينة الكاتبة لمساهمة المرأة في القرار السياسي عبر التاريخ العربي الإسلامي الذي عرف خلال مساره تجليات عدة لمظاهر السلطة النسائية في سائر المجالات. أن التراث الذكوري طمس مظاهر هذه السلطة على مستوى الفعل والفكر معا. ولذلك تعمقت الهوة بين المرأة والسياسة حتى العصر الحديث. لذا تطالب المرنيسي في خاتمة الفصل الرابع أن ” تكون المرأة التي تأخذ بزمام الحكم هي التي تطالب بحقها في الوجود خارج حدود منزلها، والتي تبحث عن السبل التي تجعلها مرئية في أكثر المجالات عمومية أي المنبر، حيث تتواصل السلطتان الأرضية والإلهية بشكل حميمي، وتتمظهر كل منهما بالأخرى ومن خلالها”.
وتستمد المرنيسي شرعية التحرر من سطوة الحدود والحريم من حادثة واقعة الجمل التي شاركت عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ضد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بوصفها ” أول امرأة تخترق الحدود بين مكاني النساء والرجال، كما كانت أول من حفزت على القتل، في حين أن فعل الحرب كان امتيازا للرجال، يرتبط بالمجال الخارجي عن الحريم. ليس من حق المرأة القتل، واتخاذ قرار الحرب هو مهمة الرجال وسبب كينونتهم”.[34]
4- مفهوم المساواة
يعد مفهوم المساواة من أهم المفاهيم الجندرية التي دافعت عنها الكتابات النسائـية بصفة عامة، وكتابات فاطمة المرنيسي بصفة خاصة. لذلك اقترنت المساواة بالحق والعدالة، والمساواة بين الذكورة والأنوثة في الحقوق والواجبات. ولا يقتصر مفهوم المساواة على مجال حقوقي معين، بل يغدو عند المرنيسي مفهوما كونيا شاملا يمس كافة الحقوق الاجتماعية، والثقافية والسياسية، والإنسانية التي ينبغي أن يتقاسمها الرجل والمرأة بغض النظر عن الاختلاف الجنسي والعرقي بينهما. ولاسيما حق الإمارة والخلافة الذي أصبح حكرا على الرجال دون النساء، أو على العرب دون الأعاجم إذ “تشكل الذكورة والأصل العربي مقياسين من المقاييس المعتمدة في اختيار الخليفة، وفي حين استثار هذا المقياس الثاني احتجاجا اكتسى صبغة العمق، حيث استشهد آلاف المسلمين من أجل الدفاع عن الفكرة القائلة بأن الخلافة من حق مسلم سواء كان عربيا أو أعجميا، لا نجد أحدا احتج ضد مقياس الذكورة، وعلى كل حال فلا أحد جازف بحياته ليثبت بأن مقياس الذكورة المفروض لتحمل مسؤولية الخلافة يمس بمبدأ المساواة التي تشكل أساس الإسلام.”[35]. تستنكر المرنيسي بقوة الموقف الازدواجي الذي تعامل به المرأة حين تمنح حقوقا وتحرم حقوقا أخرى، تقول: “كيف أمكن الجمع بين هذين الأمرين: مبدأ المساواة بين الجميع من جهة والقيود التي تضعها مقاييس اختيار الخليفة من جهة أخرى، إننا هنا أمام أحد أسرار التاريخ السياسي، وعلى المحدثين إضاءته”.[36]
وتعزى هذه التراتبية في تقلد منصب الخلافة ،والإمارة، والسلطة السياسية عامة إلى التأويل الخاطئ والفهم السيء لنصوص القرآن، والسنة، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم التي طالما أصرت على فكرة المساواة بين الذكور والإناث، وبين الأسياد والعبيد. تقول المرنيسي في هذا الخصوص: “ورغم موقف الرسول صلى الله عليه وسلم، المناهض للتراتبية، والداعي إلى المساواة بين الأسياد والعبيد، ظل أهل المدينة يكرهون الإماء حسب ما أورده ابن عبد ربه… مر زمن ليس باليسير قبل أن يتقبل العرب فكرة المساواة التي أصر عليها الرسول والقرآن. يحذو حذو موقف الرسول الإيجابي جدا تجاه النساء عامة وزوجاته على الأخص، حيث إنه سمح لهن بالتفتح. وينطبق نفس الأمر على موقفه التحرري تجاه العبيد، وإذ مر زمن طويل قبل أن تخترق فكرة المساواة بين العبيد والأسياد العقليات، وخاصة من النخبة التي كانت تهدد مصالحها الطبقية”.[37]
5- مفهوم القيادة:
لقد توقفت فاطمة المرنيسي عند القيادة الجندرية التي هيمنت عليها الذكورة لأمد طويل منذ فجر التاريخ الإسلامي، على أساس أن القيادة مرتبطة بالقوة والفطنة والذكاء من جهة، وبالقسوة، والشدة، والصرامة في الحكم والسيادة من جهة أخرى. لذا يتضح من خلال محاولة المرنيسي نفض الغبار عن أهم المحطات في تاريخنا الإسلامي (الأموي، والعباسي، والفاطمي …)؛ أن الرجل، الخليفة، السلطان لم يعترف بأحقية المرأة، السلطانة، الأميرة، الجارية، الست في القيادة، وتدبير شؤون الدولة وتسيير أمورها الإدارية والسياسية. ويرجع هذا إلى أسباب دينية وبيولوجية وتاريخية وثقافية مختلفة ومصطنعة، تمنع المرأة من حقها الشرعي في قيادة الدولة والاهتمام بأمور الشعب. فجعلت الحكم، أو السلطة من نصيب الذكورة التي هيمنت على المجتمعات الإنسانية أمدا طويلا إلى يومنا هذا. وإن تبوأت السلطانات المنسيات بعض مراكز القرار السياسي في الدولة الإسلامية أمثال شجرة الدر، والسلطانة راضية، وعائشة الحرة، وخيزران، وحبابة، إلا أن هذه حظوة القيادة عندهن كانت تمارس من وراء حجاب أو تحت ضغط أوامر أزواجهن الخلفاء والسلاطين. كما حدث للسلطانة الخيزران في عهد ابنها الخليفة هارون الرشيد الذي وضع حدودا ومتاريس ” تقيد امرأة الحريم سواء كانت جارية أو حاكمة: إنها لا تمتلك سلطة إلا من خلال رجل وبموافقته. ولا يكن لها أن تظهر كامرأة سياسة في المجال العام إلا إذا كانت مختفية وراء حضور رجل”.[38]
وفي هذا الإطار “تشكل التجربة الباكستانية بامرأة تسلمت قيادة الدولة عن طريق انتخاب العامة، حظا فريدا من نوعه، من شأنه أن يلقننا طريقة التحرك في قرن مليء بالتحديات، قرن حيث لم يغد مبعدو الأمس ومن ضمنهم النساء، في حاجة إلى التحجب للحكم كما هو الشأن بالنسبة للجواري سابقا”.[39]
6- مفهوم الحرية:
تتوق فاطمة المرنيسي تحرير الذات بأبعادها الوجودية، والانعتاق من نظام أبوي ذكوري متعسف يحرم الأنثى من التحرك في المجال العام، لا حيث يتحرك الرجل، ويكبت حريتها في التعبير عن ذاتها. ولا ترتبط الحرية بالحريم كما يبدو من اللقب الذي أطلق على النساء اللائي مارسن السلطة السياسية وهو الحرة. تعني لفظة “الحرة” -حسب تعبير المرنيسي- ” المرأة التي تتوفر على حريتها مقابل الأمة، وكانت الحرة في الحريم تعني الوزجة الشرعية التي تنحدر غالبا من أصل أرستقراطي، وذلك على عكس الجارية التي كانت تشترى من قبل السيد في أسواق النخاسة”.[40]
وتستدرك المرنيسي أمر الفصل بين لفظة “حر” المتجذرة في الذاكرة العربية التقليدية، ولفظة “حر” و”حرية” الموسومة بالدلالة الحديثة التي ترتبط بحقوق الإنسان. تقول الكاتبة في الصدد: “إن مفهوم -حر- يبعث على تذكر الزواج الأرستقراطي العبودي…لفظة حر أصل كلمة حرية ولكنها حرية بمعنى السيادة الأرستقراطية وليس بمعنى النضال ضد الاستبداد، كما هو الشأن بالنسبة للفظة حرية في الشعار الفرنسي الشهير: “حرية- مساواة- أخوة”…إذا كانت لفظة حرية في اللغة الفرنسية الحديثة ترتبط في الذاكرة بنضالات الشعب من أجل حقوقه ضد نظام استبدادي، فإن حدودها في اللغة العربية تغور في تصور مناقض يرتبط بالسيادة الأرستقراطية… والشرف والنخبة والفئة العليا”.[41]
ومن هنا، ترفض المرنيسي مفهوم الحرية كما هو متداول في المشهد الخليفي التقليدي العربي الإسلامي، حيث يوسم الشعب عامة، والنساء خاصة بالاستغلال والعبودية في ظل حكم استبدادي. وتتبنى مبادئ المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان التي وافقت عليها أغلب الدول الإسلامية بعد الحرب الكونية الثانية، حيث ” يشكل الفصل الأول من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، خرقا تاما للحجاب ومنطقه “كل الأشخاص يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم يتوفرون على العقل والوعي” و”لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، ويترتب عن ذلك الحق في عدم التحرج من الآراء، ومن البحث عن المعلومات والأفكار، بواسطة أية وسيلة للتعبير، وتلقيها ونشرها دون اعتبار للحدود”.[42]
ثالثا: تجليات المنهج المعتمد في الكتاب
اعتمدت فاطمة المرنيسي منهجا تاريخيا تحليليا نقديا لم تتوان فيه من وضع التاريخ الإسلامي على المشرحة السوسيولوجية عبر السفر بالقارئ إلى أزمنة وأمكنة متباعدة (العصر الأموي، العصر العباسي، العصر الفاطمي…) لتحاول نفض الغبار عن أهم المحطات في تاريخنا الإسلامي التي ينبغي دراستها والاهتمام بها عوضا عن تجاهلها، فمن خلال المراجع التاريخية المعتمدة من قبل الباحثة من قبيل أعمال مشاهير المؤرخين أمثال ابن بطوطة، والطبري، والمسعودي، أظهرت فعلا عن وجود نساء وصلن السلطة السياسية وتقلدن منصب رئيسة دولة، صكت باسمهن النقود، وألقيت الخطب في المساجد باسمهن كمعيار أساس لتقلد المنصب، ولكن التاريخ غيبهن. وقد رصدت الباحثة مختلف الأطوار التاريخية التي خلدت فيها السلطانات المنسيات أروع صور من التألق السياسي، والقيادة الحكيمة، والجرأة في صنع القرار السياسي. قدمت المرنيسي هؤلاء النسوة حسب عرقهن، والمكان الذي حكمن فيهن، فكانت هناك نساء من تركيا، وبلاد فارس، والجزر، وبلاد البربر والأندلس.
ولم تكتف الكاتبة باعتماد، ونسخ النقول التاريخية نسخا مباشرا، بل اعترتها بمناقشتها، وبقراءتها التشريحية النقدية الفاحصة توخيا للحياد والموضوعية العلمية. تنتقد المؤلفة المؤرخ ابن بطوطة الذي تقلد منصب قاض، لم يصمد طويلا أمام إغراء نساء جزر المالديف “وبمكر الطنجي يلاحظ ابن بطوطة بأن نساء المالديف، يبدين أجمل وهن نصف عاريات… ومن هنا كان القاضي مستعدا لتنازلات عن الشريعة فيما يخص الحجاب، إذا كان هذا الأخير يناقض أشياء جدية كالجمالية، وخاصة في محيط الجزر الشهواني، ولكن الجزر لا تتشابه وكذلك النساء، وخلال مقامه في أندونيسيا، لم تلهم النساء ابن بطوطة إلى هذا الحد رغم أن هناك ملكات تعاقبن على الحكم”.[43]
كما علقت على تأويـل كـل مـن المؤرخين الطبري والمسعودي بخصوص اتهامهـما للجارية حبابة التي وصلت السلطة في عهد الخليفة يزيد الثاني، بأنها منحرفة وعدوة الله. حيث “تحامل كل المؤرخين على يزيد، بحيث إنه لن يستعيد مكانته واحترامه إلا على يد أبي الفرج الأصبهاني في كتابه “الأغاني” الذي ذكر حبابة ضمن الفنانين الذين ساهموا في ازدها الشعر والغناء، حيث اعتبرها شاعرة وعازفة موهوبة، واعتبر يزيدا رجلا يتوفر على ذوق فني متقدم، أهله لكي يقدرها، وذلك على عكس تأويل المسعودي والطبري اللذين تبنيا وجهة نظر السلطة، ووصفا حبابة كمنحرفة وعوة لله ودينه…ورغم كونهما مؤمنين صادقين، لم ير كل من المسعودي والطبري في حبابة أكثر من مجرد جارية تبعد الخليفة عن مهمته. ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن المؤرخين يحتقرون يزيدا لأنه أعلن حبه لجارية، إلى حد أنهم تجاهلوا البتة مقاربته التي تتسم بالتجديد على مستوى الممارسة السياسية”.[44]
ومن المؤرخين المحدثين الذين تصدت لهم المرنيسي بالتصحيح والنقد نجد علي إبراهيم حسن في كتابه (نساء لهن في التاريخ الإسلامي نصيب) الذي وصف جارية ظهرت في الساحة السياسية خلال العصر العباسي تدعى شغف أم المقتدر بأنها نموذج يجسد الانهيار الذي يتهدد الدول حين تدع النساء يتدخلن في شؤونها. وتعقب عليه المرنيسي بالرد: “إن طريقة هذا المؤرخ في تقديم الثلاث وثلاثين ترجمة لنساء اعتبرهن مثاليات، لا تزرع فينا الرغبة لممارسة السياسة، فالنساء الممتازات في رأيه هن الصحابيات اللائي نلن شرفا يستحيل الحكم به اليوم، ونساء مثقفات توجهن لدراسة العلوم، الشيء الذي لا يضمن البتة الوصول إلى الحكم”.[45]
يندرج هذا الإسهام الفكري والنقدي الموسوم (سلطانات منسيات) ضمن سياق النقد النسائي الذي ظهر بوصفه خطابا منظما في سنوات الستين، واعتمد على حركات تحرير المرأة التي طالبت بحقوق المرأة المشروع في العالم العربي، ولازال النقد النسائي على صلة وثيقة بحركات النساء المطالبة بالمساواة، والحرية الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية، والسياسية. فهي تشبه في أطروحتها الاجتماعية، والفكرية والفلسفية على المستوى الغربي فرجينيا وولف التي اتهمت العالم الغربي بأنه مجـتمع “أبوي” منع المرأة من تحقيق طموحاتها الفنية والأدبية، إضافة إلى حرمانها اقتصاديا وثقافيا. والفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار التي تزعمت الحركة النسائية حينما أقرت على أن تعريف المرأة وهويتها ينبع دائما من ارتباط المرأة بالرجل فتصبح المرأة موضوعا ومادة يتسم بالسلبية، بينما يكون الرجل ذاتا سمتها الهيمنة والرفعة والأهمية. وتشبه جوليا كرستيفا التي تبنت النظرية التفكيكية في تحطيم الحواجز المفتعلة بين الرجل والمرأة، وتدعو للتسلح بالنظرية التفكيكية حتى لا تتحجر أو تتجمد في قوالب جامدة تتعالق مع الرجل.[46]
وعلى المستوى العربي، يعد إسهام المرنيسي النقدي والفكري امتدادا للحركة النسوية العربية التي ظهرت منذ العقود الأولى من القرن العشرين مع حركة الإصلاح الاجتماعي التي قادها قاسم أمين في كتابيه (تحرير المرأة) و(المرأة الجديدة). ومع ظهور كتابات نسوية ثورية تتبنى مشروعا إصلاحيا مناهضا لاستبداد الرجل وهيمنة الذكورة على دواليب المجتمع، والسياسة، والاقتصاد، والثقافة. كما عند وردة اليازجي، وملك حنفي، وهدى الشعراوي وسهير القلماوي، وعائشة التيمورية، ومي زيادة، ومليكة الفاسي، وأمينة اللوه.
يقوم المنهج النقدي في هذا المنجز السوسيولوجي على استقراء نماذج من نساء سلطانات الإسلام منسيات حكمن في التاريخ الإسلامي، ألقيت الخطب بأسمائهن في المساجد. في دلهي وصنعاء وغرناطة، وقد أسقطن من الذاكرة الجمعية. وأعطت المرنيسي مثلا باستقراء تاريخ الملكتين أسماء وأروى، وأبرزت أن الإيديولوجيا التي حرمت المرأة، ماهي إلا رد فعل إزاء الخوف المستقبلي من الحداثة. كما توسلت الباحثة بعدة آليات منهجية تفسيرية من قبيل السرد التاريخي، والتعريف ببعض المفاهيم (الحرة، الحرية، الخليفة، الحريم، الحجاب..) والمقارنة بينها في القاموسين الفرنسي والعربي. ولعل هذا التنوع الأسلوبي المنهجي يفصح عن رغبة المؤلفة في تكسير رتابة السرد التاريخي وتنويع الخطاب لاستمالة القارئ وإقناعه بمدى نجاعة تصورها النقدي النسائي. وما يلفت النظر في أسلوب وطريقة معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية المرتبطة بتقلد السلطانات منصب رئيس الدولة، هو كثرة الحواشي والاستطرادات والإطناب والإسهاب في الشرح والتفسير، ما جعلها أحيانا كثيرة تخرج عن وحدة الموضوع، وتنجر وراء الجدل، والخوض في تعريف بعض المفاهيم.[47] وتضمين فصول بقضايا ومسائل دينية لا تمت بصلة كبيرة إلى الموضوع من قبيل تعديد الزوجات، ومشروعية صلاة النساء بالمساجد. إضافة إلى تكرار ذكر سلطانات المماليك نفسها اللائي وصلن إلى السلطة أمثال شجرة الدر، وراضية وغيرهما في القسمين الأول والثاني.
ويلاحظ من خلال طريقة مناقشة الباحثة لقضية الرغبة في ممارسة السياسة عند النساء السلطانات نوع من التحامل، والتهكم، والسخرية بصحابيات الرسول صلى الله عليه وسلم. تقول في معرض تعقيبها على علي إبراهيم حسن ” إن طريقة هذا المؤرخ في تقديم الثلاث وثلاثين ترجمة لنساء اعتبرهن مثاليات، لا تزرع فينا الرغبة لممارسة السياسة، فالنساء الممتازات في رأيه هن الصحابيات اللائي نلن شرفا يستحيل الحكم به اليوم”.[48]
كما اعتبرت عائشة “أول امرأة تخترق الحدود بين مكاني النساء والرجال، كما كانت أول من حفزت على القتل”.[49] تقصد قتال علي بن أبي طالب في معركة الجمل.” فطلحة والزبير وعائشة ومن كان معهم لم يحدث قط أنهم أبطلوا خلافة علي، ولا طعنوا عليه، ولا ذكروا فيه جرحا، ولا بايعوا غيره، ولا خرجوا لقتاله إلى البصرة، فإنه لم يكن بالبصرة يومئذ”.[50]
فقد هاجم مجموعة من السبئيين جيش طلحة والزبير وقتلوا بعض أفراد الجيش وفروا، فظن جيش طلحة أن جيش علي غدر بهم، فناوشوا جيش علي أن جيش طلحة والزبير قد غدر، فاستمرت المناوشات بين الفريقين حتى كانت الظهيرة، فاشتعلت المعركة.[51]
وبالتالي، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير معصومين، ونعتقد العصمة في إجماعهم، لأن النبي أخبرنا أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، فهم معصومون من أن يجتمعوا على ضلالة، ولكنهم كأفراد غير معصومين، فالعصمة لأنبياء الله وملائكته، أما غير الأنبياء فلا نعتقد عصمة أحد.[52]
ومن هنا، نسائل الباحثة لم رجحت الاستدلال بكتاب (الأغاني) لأبي فرج الأصبهاني، و(العقد الفريد) لابن عبد ربه، ورفضت تأويلات المؤرخين المسعودي والطبري؟[53] خصوصا وأن كتاب “الأغاني” هو كتاب سمر وشعر وطرب، وشابه بكثير من الأخبار الباطلة، والعقد الفريد هو أيضا كتاب أدب لم يخل من طعن. ومن أراد تاريخا صحيحا فليرجع إلى كتاب (تاريخ الأمم والملوك) المشهور “بتاريخ الطبري” الذي يعتبر أهم كتاب في التاريخ الإسلامي، وكثيرا ما ينقل الناس عنه، لأمور كثيرة منها: قرب الإمام من تلك الحوادث، كونه يروي الأسانيد، جلالة الإمام ومنزلته العلمية.[54]
وبعد هذا الجرد المفصل لأهم المفاهيم والقضايا الجندرية، والاجتماعية، والفكرية المطروحة في النص جاز لنا أن نتساءل عن الإسهام الفكري، والنقدي للباحثة في تأسيس تصور نقدي نسائي عربي عمل على خلخلة الرؤى والأحكام الموروثة، وتصدت للجمود الثقافي الذي يقف عائقا إزاء التحرر والحرية.
فمن خلال قراءتنا للمشروع السوسيو ثقافي التي اشتغلت عليه فاطمة المرنيسي، ذات التوجه التنويري العقلاني، يؤكد الباحث يحيى عمارة صعوبة إيجاد أي بنية معرفية مناسبة لهذا المشروع الاجتماعي الفكري سوى بنية الاشتغال على ما هو ثابت ليس من أجل ترسيخه كما كان سائدا في الذهنية التقليدية المغربية السابقة والعربية الإسلامية بصفة عامة، بل لغرض تحويله وتغييره وتطويره بحس نقدي حداثي يستشرف الواقع المغربي، والعربي والإسلامي معا استشرافا ديمقراطيا ينبني على زعزعة الثوابت في الذهنية المتسلطة فكريا وإيديولوجيا، واجتماعيا. فحسب فكر المرنيسي من ناصر السلطة التقليدية على مستوى التفكير والاحتذاء واتباع ما قاله السابقون دون اجتهاد فيه، فهو مثقف تقليدي يِؤمن بالتشابه في الفكر والوجود، ومن ثم فهو منتصر للقيم البائدة التي لا تريد التخلي عن تسلط الوصايا والأعراف والتقاليد المتسلطة، بينما يبقى المؤيد للخطاب التجديدي المؤسس على التفكير المغاير هو البديل الحقيقي للمشروع الحداثي الديمقراطي في تصورها.[55] فما قامت به المؤلفة في كتابها (سلطانات منسيات) هو اقتحام حقل معرفة الماضي وتشريح صفحات التاريخ الإسلامي عبر محطاته النسائية المنسية ،من أجل إضاءة أبعاد إنسانية شملت النساء اللائي مارسن السلط وساهمن في صنع القرارات السياسية في استقلالية تامة أحيانا، كما حدث للرئيسة الباكستانية “بنازير بوتو”، أو ممارسة السياسة من وراء حجاب ،أو انطلاقا من الحريم أحيانا أخرى. فتنوير الماضي الإسلامي يكمن في طرح الأسئلة والنظرات الجديدة التي تستطيع تبيان المحتكر فيه. الذي هو منتوج فئة ذكورية متسلطة تقدم صورة لماضي لا أثر فيها للمرأة.
وتعد إشكالية الحريم التي تجرأت المرنيسي على معالجتها في كثير من صفحات مؤلفها ولاسيما في الفصل الموسوم “الجواري أو ثورة الحريم” معالجة اجتماعية فكرية دينية على المستوى العربي والمغربي معا، من الإشكاليات التي استطاعت توضيح الغامض فيها وتصحيح التأويل الخاطئ المهيمن عليها وتحرير الفكر المسجون فيها. بضرورة نقل ممارسة الحياة السياسية من الظل أو مجال الحريم والعبودية، والاستغلال إلى المجال العام المتحرر المتحرك المتحول. مطلقة في ذلك من كل عناصر البحث الاجتماعي، والتاريخي العلمي القائم على دراسة ونقـد التراث التاريخي الإسلامي من أجل إعادة بناء علاقات جديدة معه بصورة حداثية. فالنتيجة التي توصلت إليها الباحثة عن مفهوم الحريم في علاقته بالواقع والمجتمع والتفكير تكمن في حلمها في البحث عن الحرية والنزوع إلى كسر قيود التسلط بكل أشكاله. ولعل هذا ما جسدته ثورة الجواري في الفصل الموسوم (الجواري أو ثورة الحريم) والتي كانت ثورة أعمق وأكثر استمرارا من ثورة الزنوج العبيد ضد أسيادهم خلال العصر العباسي، حيث تمت ثورة الجواري على مستوى العاطفي أي “على عكس الزنوج الذين حاولوا الاستيلاء على الحكم من الخارج، فإن الجواري كن يقدن عملياتهن في قصر الخلافة ذاته، على فراش وفي قلب ذلك الذي يجعل منه القانون سيدا مطلقا على الأرواح والأموال”.[56]
إذا، لقد ظهرت كتابتها “سلطانات منسيات” بصفة خاصة، وكتاباتها الفكرية النقدية النسائية الأخرى لتدمير الثابت أو تهميشه في الثقافة الذكورية عن المرأة مثل المرأة الشيء والمرأة الدونية لصالح بناء نموذج المرأة الإنسان. فالكتابة الفكرية النقدية عندها تمرد على التفكير البائد والمتحجر الذي ظل أمدا طويلا يقيد إنسانيتها المسلوبة.
خاتمة
وخلاصة لما سبق يمكن استنتاج ما يلي:
– استجوبت الباحثة التاريخ الإسلامي وصفحاته التي تتحدث عن سلطانات منسيات لم يكن لهن حق امتلاك لقب الخليفة، على الرغم من حصولهن على لقب السلطانة أو الحرة، أو الست، أو خاتون، أو رئيسة دولة. فجاءت فاطمة المرنيسي لتكشف القناع عن هذا الجزء المنسي من التاريخ الإسلامي من خلال تلمسها لنساء كان لهن دورهن في الحياة السياسية الإسلامية من تركيا وبلاد فارس، والبربر، والأندلس، واليمن، كانت تصك النقود، وتلقى الخطب بالمساجد باسمهن. مما يدل على تقلدهن مناصب القرار السياسي.
– ينطوي المنجز الفكري النقدي السوسيولوجي الموسوم (سلطانات منسيات) على مجموعة من القضايا والمفاهيم الجندرية المرتبطة بالمشروع النقدي النسائي عند فاطمة المرنيسي، من قبيل مفهوم الحريم، ومفهوم الداخل، ومفهوم المساواة، ومفهوم القيادة، ومفهوم الحدود، ومفهوم الحرية.
– اعتمدت الباحثة في صياغة أفكارها النقدية، ومفاهيمها الجندرية وفق منهج علمي تاريخي تحليلي نقدي توسلت فيه بآليات تفسيرية عدة من قبيل التعريف، والسرد التاريخي، والمقارنة، والاستقراء لإقناع القارئ بوجهة نظرها النقدية إزاء دعوتها إلى إلغاء الحدود، والحواجز الحريمية والثورة على الأعراف، والتقاليد البالية والخروج إلى المجال العام، حيث يوجد الرجل من أجل إثبات الذات بأبعادها الوجودية وممارسة حقها في صنع القرارات في شتى مناحي الحياة الإنسانية. وفق رؤية ديمقراطية تقدمية حداثية. لكن هذا المنهج لا يخلو من بعض الملاحظات النقدية على مستوى النقول التاريخية المعتمدة، أو على مستوى تناول سيرة الصحابيات في الإسلام.
– ساهمت الباحثة من خلال منجزها النقدي السوسيولوجي في تأسيس تصور نقدي نسائي عربي عمل على خلخلة الرؤى والأحكام الموروثة، وتصدى للجمود الثقافي الذي يقف عائقا إزاء التحرر والحرية.
الإحالات:
- الباحثة المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي، مجلة الصقلية، منشورات الراصد الوطني للنشر والقراءة طنجة، عدد 9،2018، ص113،114. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، مطبعة الخليج العربي، البيضاء، المغرب، ط،2، 2006، ص،32. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص131. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص7. ↑
- نفسه، ص25. ↑
- نفسه، ص31. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 36. ↑
- نفسه، ص 45. ↑
- نفسه، ص 52. ↑
- نفسه، ص 52. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 77. ↑
- نفسه، ص 90. ↑
- نفسه، ص 97. ↑
- نفسه، ص 168. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 174. ↑
- نفسه. ↑
- نفسه، ص 177. ↑
- نفسه، ص، 179. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص، 28. ↑
- فاطمة المرنسي، سلطانات منسيات، ص 17. ↑
- نفسه، ص 30. ↑
- نفسه، ص 77. ↑
- نفسه، ص، 98. ↑
- نفسه، ص، 98،99. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص، 82 ↑
- جميل حمداوي، سوسيولوجيا الجندر عند فاطمة المرنيسي، ط1، 2019، ص 30. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 77. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 100. ↑
- نفسه، ص 101. ↑
- نفسه، ص 99. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص، 99. ↑
- نفسه، ص 78. ↑
- نفسه، ص 78. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 102. ↑
- نفسه، ص 32. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 32. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 85. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص، 78. ↑
- نفسه، ص 53. ↑
- نفسه، ص 16،17. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 17،18. ↑
- نفسه، ص 281. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 166، 167 ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 59، 60. ↑
- نفسه، ص 65. ↑
- يحيى عمارة، فاطمة المرنيسي بين الثابت والمتحول، موقع يحيى عمارة الأدبي، 2016. ↑
- في معرض الحديث عن إعادة الهادي أمه خيزران إلى الحريم، توقفت الباحثة عن السرد التاريخي لتسهب في تعريف لفظة الحريم، ثم عادت ثانيا إلى الموضوع (نفسه، ص 101). – في معرض الحديث عن زوجات المهدي أقحمت الباحثة موضوع التعديد ومشروعيته في الشريعة الإسلامية (ص81) – في معرض الحديث عن خطبة الجمعة كمقياس من مقاييس الحكم في الإسلام، أوردت الباحثة صفحات كثيرة عن مشروعية صلاة النساء في المساجد (ص 113، 126) ↑
- يحيى عمارة، فاطمة المرنيسي بين الثابت والمتحول، ص 65. ↑
- نفسه، ص 102. ↑
- عثمان بن محمد الخميس، حقبة من التاريخ، دار الجوزي، مصر، ط، 2007، ص 108. ↑
- نفسه، ص، 109. ↑
- نفسه، ص19. ↑
- فاطمة المرنيسي لمرنيسي، سلطانات منسيات، ص 59 ” تحامل كل المؤرخين على يزيد، بحيث لن يستعيد مكانته واحترامه إلا على يد أبي الفرج الأصبهاني في كتابه الأغاني…وذلك على عكس تأويل المسعودي والطبري”. ↑
- عثمان بن محمد الخميس، حقبة من التاريخ، ص 20،21. ↑
- يحيى عمارة، فاطمة المرنيسي بين الثابت والمتحول، 2016. ↑
- فاطمة المرنيسي، سلطانات منسيات، ص 56. ↑