تغير السياسة الاقتصادية
الخارجية المغربية ومنطق اشتغالها
طالب باحث في القانون العام والعلوم السياسية
الكلية متعددة التخصصات بالناظور
المغرب
ملخص
حقق المغرب نجاحات دبلوماسية كبيرة خلال السنوات الأخيرة بفعل موقعه الجغرافي الاستراتيجي المتميز وسياسته الخارجية المتعددة الأبعاد وكذا امكانياته في التنمية الاقتصادية. لقد طور المغرب نشاطا سياسيا واقتصاديا مكثفا، خاصة في إفريقيا، ليحصد نجاحات وفوائد كبيرة من بينها الاعتراف بالسيادة المغربية على صحراءه وكذا جلب حقيبة استثمارات ضخمة. تعتبر هذه النتائج ثمرة لاستراتيجية مغربية أصيلة قوامها عقيدة اقتصادية صلبة مبنية على الثبات والاستمرارية والمصداقية وتشتغل وفق منطق تدبيري محكم.
كلمات مفتاحية: المصطلح اللساني؛ آليات؛ النقل؛ الاشتقاق؛ النحت؛ الترجمة.
Morocco has achieved great diplomatic successes in recent years due to its distinguished strategic geographical location, its multidimensional foreign policy and its potential for economic development. Morocco has developed intensive political and economic activity, especially in Africa, to reap great successes and benefits, including the recognition of Moroccan sovereignty over its Sahara as well as the acquisition of a huge portfolio of investments. These results are the fruit of an authentic Moroccan strategy based on a solid economic doctrine based on stability, continuity and credibility and operating according to tight management logic.
Keywords: Economic Policy – Moroccan Foreign Policy – Sahara – Moroccan Sovereignty – National Economy.
ساهمت السياسة الاقتصادية الخارجية للمغرب في تعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع قاعدته من خلال تطوير قطاعات متعددة تهدف تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية والاجتماعية وهو ما عزز متانة اقتصاده وقلل من تبعيته، كما ساهم أيضا في تحسين التعاون الدولي والإقليمي بانضمامه إلى عدة تحالفات اقتصادية ومالية وهو ما فتح آفاقا جديدة للتجارة البينية وللاستثمار. وبفضل هذه السياسة وما واكبها من عمليات لتحسين البيئة الاستثمارية وتبسيط المساطر والإجراءات استطاع المغرب أن يجذب استثمارا أجنبيا مهما، كما أضحى المغرب مستثمرا قويا ومنافسا في عدة مجالات بعدة مناطق خاصة الإفريقية. وهكذا عزز المغرب مكانته كلاعب إقليمي مهم وكفاعل في المبادرات الدولية للتنمية والتجارة.
تكمن أهمية الدراسة في نقطتين محوريتين ترتبط النقطة الأولى باستيعاب المغرب لمكانة الاقتصاد في سياسته الخارجية كمتغير مهم في عالم يسوده الصراع أكثر مما يسوده التعاون وهو ما يفرض على المغرب أن يؤسس لسياسة خارجية يكون الاقتصاد فيها أولى أولوياتها، والنقطة الثانية هي قدرة المغرب على حسن تدبير استراتيجيته الاقتصادية لخدمه المصالح الوطنية.
وتأسيسا على كل ما سبق وبخصوص النقطة الثانية التي تتمحور حولها أهمية الموضوع يتمحور الإشكال البحثي حول المتغيرات المتحكمة في نجاح السياسة الاقتصادية الخارجية المغربية في تحقيق نتائج على المستوى الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي؟
تحاول هذه الورقة الإجابة على هذا السؤال من خلال مدخلين: المدخل الأول هو مدخل توجيهي يستعرض جانب من “البوصلة” الفكرية والفلسفية المؤطرة للسياسة الاقتصادية الخارجية المغربية، والمدخل الثاني هو مدخل تنفيذي يتطرق إلى المنطق الناظم لاشتغال الآليات العمومية للسياسة الاقتصادية الخارجية، وذلك من خلال مناقشة مطلبين:
المطلب الأول: تغير السياسة الاقتصادية الخارجية المغربية في عهد الملك محمد السادس؛
المطلب الثاني: منطق الاشتغال.
المطلب الاول: تغير السياسة الاقتصادية المغربية في عهد الملك محمد السادس
لا تنقطع صفة الديناميكية المستمرة عن السياسة الاقتصادية، كعملية، ويصبح التحول صفة ملازمة لهذه السياسة. وبتوظيف مفهومي التغيير والاستمرار، يمكن الجزم أن السياسة الاقتصادية المغربية تعرف استمرارية استراتيجية نتيجة التزامها بثوابتها وعلى رأسها الثابت المتمثل في استقرار واستمرار صانع القرار السياسي الاقتصادي، مع تسجيل تغير في طرف المعادلة الآخر والمتمثل في إعادة توجيه هذه السياسة بما يخدم نوايا وأهداف صانع القرار لإعادة هيكلة علاقات المغرب مع الكيانات الخارجية.
أولا: الثبات الاستراتيجي الاقتصادي
عرف المغرب استمرارية على مستوى الخيارات الاقتصادية الأساسية. وقد اعتبرها المغرب ثوابت استراتيجية في سياسته الاقتصادية والتي برزت بوضوح في أول خطاب للعرش[1] حيث أعلن الملك محمد السادس قائلا:”.. فنحن متشبثون أعظم ما يكون التشبث بنظام الملكية الدستورية، والتعددية الحزبية، والليبرالية الاقتصادية”. وطالب الملك أشهر بعد هذا الخطاب وزيره الأول آنذاك، في رسالة تحدد توجهات مخطط التنمية الذي كان قيد الإعداد، بــــ”تفادي أي منحى يتنافى وقواعد الحرية سواء تعلق الأمر بالمجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي..”[2].
تمثل هذا الثبات في مواصلة العمل وفق المنهج الاستراتيجي الذي حدده الملك الراحل الحسن الثاني كدعامات لسياسته الاقتصادية. ويمكن تحديد ثالوث هذا المنظور في: اقتصاد السوق، والقطاع الخاص والشراكة مع القطاع العام، والنهوض بالصادرات والمبادلات الخارجية[3].
لم يحدث الملك محمد السادس قطيعة في مجرى التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المغربي، وإنما أدخل عليها انعطافا، محافظا على الخيارات الأساسية مع اتخاذه مبادرات جديدة من أجل التسريع بالدينامية الجارية وتعميقها. استثمر المغرب في عهد الملك محمد السادس في البنيات التحتية الأساسية وتحرير المبادلات، وقام بتفكيك الإطار الاستراتيجي القائم إلى مخططات قطاعية محل مخطط وطني.
لقد فتح المغرب الورش الاقتصادي إلى جانب أوراش أخرى حقوقية واجتماعية وسياسية بعد وصول الملك محمد السادس إلى سدة الحكم، وقد برزت معالم هذا الورش خصوصا في:
– المهن العالمية الجديدة: حددها الميثاق الوطني للإقلاع الاقتصادي[4] في ست مهن عالمية جديدة وهي: السيارات، صناعة الطائرات، ترحيل الخدمات، الصناعة الإلكترونية، النسيج والجلد، والصناعة الغذائية. ويهدف هذا المخطط الذي يغطي الفترة من 2009 وحتى 2015، إلى النهوض بالقطاع الصناعي عبر توجيه الاستثمارات نحو الفروع التي يتوفر فيها المغرب على ميزات تنافسية واضحة وقابلة للاستغلال، وعلى رأسها ترحيل الخدمات (الأوفشورينج)، وقطاع السيارات، وقطاع الطيران، والإلكترونيك. كما تضمن المخطط مجموعة من التدابير والإجراءات التي تهدف إلى تقوية تنافسية الصناعات الصغرى والمتوسطة، وتحسين مناخ الأعمال، وتكوين الكفاءات، وتطوير مناطق صناعية من الجيل الجديد، وتقديم الدعم للاستثمارات الصناعية، سواء المحلية أو الأجنبية، بالإضافة إلى إحداث هيئة مؤسساتية لمواكبة تنفيذ مخطط الإقلاع الصناعي. ويتوخى المخطط خلق 220 ألف وظيفة في أفق 2015، وزيادة الإنتاج الداخلي الإجمالي خلال الفترة نفسها بقيمة 50 مليار درهم، وتحقيق زيادة بنسبة 1.6 نقطة مئوية سنويا من الناتج المحلي الإجمالي، وتخفيض العجز في الميزان التجاري، وكذا الرفع من قيمة الصادرات بنحو 95 مليار درهم[5]. كما يسعى المغرب من خلال هذه المهن إلى التحول إلى منصة إقليمية ودولية ذات جودة في هذه القطاعات.
– قطاعات الحضوة: هي تلك القطاعات التي يحظى فيها المغرب ومنذ عقود بمجموعة من ميزات المقارنة وخاصة الفلاحة والصيد البحري والسياحة والصناعة التقليدية. واعتمد المغرب صيغة المخططات القطاعية لتطويرها، تسندها استراتيجيات تحدد وسائل العمل وآجال التنفيذ المدققة والأهداف المدعمة بالأرقام والإحصائيات وتواريخ الإنجاز وطرق تمويلها، ويتعلق الأمر أساسا بمخطط المغرب الأخضر في القطاع الفلاحي أو مخطط ماكينزي، والمخطط الأزرق أو مخطط هاليوتيس للصيد البحري، ورؤية 2020 للسياحة، ومخطط الصناعة التقليدية، بالإضافة إلى السياسة الجديدة لتثمين الفوسفاط[6].
– قطاعات الجيل الثالث: وهي تعني القطاعات الاستراتيجية ذات الصلة بالتحديات التي يتعين على المغرب أن يواجهها في المستقبل. نذكر منها ثلاث مخططات وازنة ويتعلق الأمر بمخطط الطاقة الشمسية وميثاق البيئة والتنمية المستدامة والاستراتيجية الوطنية لمجتمع الإعلام والاقتصاد الرقمي. تتعلق هذه القطاعات بالماء والطاقة والمحافظة على الثروات الحيوانية والنباتية والبيئة بكل مكوناتها بالإضافة إلى قطاع الإعلام والاتصال الجديد.
– القطاع البنكي والمالي: تشهد قطاعات البنك والمالية والبورصة ديناميكية كبيرة بفعل اجتماع ثلاث ظواهر متظافرة وهي: التحديث المستدام والتركيز والتمركز الضروريان بالإضافة إلى التدويل الحتمي[7].
– البنيات التحتية: حيث بدأ المغرب يسابق الزمن لاستكمال بنيته التحتية والمنشآت الاقتصادية التي كان أطلقها قبل عشرين عاما، ويرغب في إنجازها لتعويض فرص النمو المهدورة، والإعداد لمرحلة التنافس ضمن الاقتصاديات الثلاثين الأولى في العالم. وقدرت قيمة المشاريع التي أطلقها المغرب في هذا الإطار أزيد من 300 بليون دولار وهي نتاج شراكات بين القطاعين العام والخاص والاستثمارات المغربية والأجنبية والعربية والتمويلات الدولية والمساهمات الخارجية[8]. وقد أشار تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي في زيوريخ إلى أن “البنية التحتية في المغرب باتت عصرية وبمعايير دولية جعلته يحتل المرتبة الأولى في القارة الإفريقية وينافس أغلى الدول” وأكدت من جانبها مؤسسة “ديلويت أند توتش توهمتسو ليمتد” أن المغرب ينجز البنية التحتية الأغلى في إفريقيا مقارنة بدول عربية وأمريكية لاتينية كالبرازيل ومتفوق على هذه الدول في هذا المجال[9].
– القطاعات المرتبطة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني: لتشكل بديلا لحل مشاكل القطاع غير المهيكل والمساعدة على تنمية مقاولات ذات بعد اجتماعي وتضامني المرتبطة أساسا بحل إشكالية البطالة والتفاوتات الاجتماعية. ونذكر منها على الخصوص استراتيجية النهوض بالأنشطة المدرة للدخل في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية[10] وأنشطة جمعيات ومؤسسات القروض الصغرى وأنشطة التعاضديات والتعاونيات وجمعيات المجتمع المدني.
ثانيا: الشراكة الاستراتيجية بين القطاع العام والقطاع الخاص
أخذت الشراكة بين القطاعين العام والخاص تنمو بشكل ملحوظ خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين تحت تأثير المؤسسات المالية الدولية والدول المانحة. وقد لعبت الشراكة المالية الدولية التابعة للبنك الدولي والوحدة التقنية التابعة لوزارة المالية بالمملكة المتحدة دورا رئيسيا في الترويج للشكل الجديد الذي ينبغي أن تتخذه الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لدى المسؤولين، كما دعمت هذا التوجه الحكومة الألمانية والبنك الأوربي للاستثمار على الخصوص[11]. وقد عرف المشرع المغربي هذا النوع من الشراكة بكونه عقد محدد المدة يعهد بموجبه شخص عام إلى شخص خاص مسؤولية القيام بمهمة شاملة أو تقديم خدمات ضرورية لتوفير مرفق عمومي[12]. والمدة قد تمتد ما بين خمس سنوات وثلاثين سنة ويمكن تمديدها بصفة استثنائية إلى خمسين سنة وذلك حسب الطبيعة المعقدة للمشروع وخصوصياته التقنية والاقتصادية[13]. إنها علاقة مشاركة بالمخاطرة بين القطاعين العام والخاص بناء على طموح مشترك من أجل تحقيق هدف مأمول للسياسة العامة للبلاد[14]، ولقد طبقت الشراكة في البداية بشكل أساسي في مجالات البنيات الأساسية الاقتصادية التحتية (الاتصالات، الطاقة، الطرق…) وانتقلت إلى الاهتمام بالبنية الأساسية الفوقية الاجتماعية والثقافية كالتعليم والصحة والخدمات الأخرى لأن هذه البنية تتطلب ضخ استثمارات كبيرة وكفاءة أكبر وانتشار أوسع.
لقد حظي موضوع الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص (PPP) باهتمام كبير من قبل المغرب بعد أن اتضح أن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية تتطلب توظيف طاقات وخبرات وموارد كل من القطاعين العام والخاص لتتشارك في تنظيم مؤسساتي وقانوني تشاركي يتولى إنشاء مشاريع مختلفة وتشغيلها، بعد أن سجلت التنظيمات المؤسساتية المستقلة قطاعيا تحديات وصعوبات داخلية وخارجية في تحقيق الأهداف التنموية. أصبحت المملكة المغربية تعي عدم كفاية الاستثمارات العامة نتيجة الضغوطات الكبيرة على الميزانية العامة للدولة، بالإضافة إلى القلق المسجل تجاه عدم كفاية الخدمات المقدمة من طرف المؤسسات العمومية والوكالات التنفيذية وفشل القطاع العام لوحده في قيادة قاطرة النمو الاقتصادي وفشل البرامج التنموية المختلفة، بالإضافة كذلك إلى تجاوز الاختلالات الاستراتيجية الناجمة عن سياسة الخوصصة التي نهجها المغرب سابقا. فعوض أن تقوم الدولة المغربية ببيع أصولها أو جزء منها أو نقل الخدمة العامة إلى القطاع الخاص في إطار سياسة الخوصصة، فإنها تبقى مسؤولة أساسيا عن سياستها العمومية بإشراك القطاع الخاص وفق قواعد تنظيمية وإجراءات خاضعة لشروط التعاقد.
أخذ مجال الاقتصاد اهتماما واسعا في سياسة الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص حيث أصبحت المشاريع الاقتصادية داخليا وخارجيا تدار على أساس اقتصادي، بمعنى تحقيق العوائد والمكاسب الربحية وتحقيق الأثر الاجتماعي. وعلى هذا الأساس اعتبر المغرب المقاولات العمومية وشبه العمومية أدوات أساسية من الأدوات الاقتصادية للسياسة الخارجية المغربية ورافعة لإنجاح مشاريع متعلقة بالتنمية، إذ لعبت أدوارا هامة في تحفيز الاستثمار المغربي وذلك من خلال المساهمة في جلب استثمارات وطنية وأجنبية في سياق عالمي مطبوع بالمنافسة الشديدة. وفي نفس الاتجاه عبر القطاع الخاص عن انخراطه في تنفيذ هذه الرؤية، وكإطار مؤسساتي يمثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب القطاع الخاص المغربي ومقاولاته والتي استفادت من عديد الاتفاقيات الخاصة بإنعاش وحماية الاستثمار مع العديد من الدول[15]. والملاحظ في هذا السياق، هو استحواذ الشركات الكبيرة المغربية على صفقات الشراكة الخارجية بين القطاع العام والقطاع الخاص وهو ما يثير ملاحظتين: من جهة يسلط الضوء على استراتيجية المغرب النامي والمتقدم ذي الخلفية الاقتصادية الرأسمالية والمؤسسات المالية الداعمة للاستراتيجية والتي تهدف إلى إيجاد منافذ وأسواق جديدة. والملاحظة الثانية هي إذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن للدولة (القطاع العام) أن تلائم منطق الربح والتراكم الرأسمالي الذي يهدفه القطاع الخاص مع متطلبات التنمية المستدامة والشاملة.
نهج المغرب منذ الاستقلال دبلوماسية اقتصادية ارتبطت بتحقيق التنمية الاقتصادية وخصوصا في مجال تنشيط الاقتصاد الوطني والترويج للمنتجات الوطنية بالنسبة لأهم استراتيجيتين يأخذ بهما المغرب في هذا الشأن وهما: استراتيجية صناعة التصدير[16] وتوفير التكنولوجيا المطلوبة، واستراتيجية إحلال الواردات[17] التي تدفع الشركات الأجنبية إلى الاستثمار بالمغرب بدلا من التجارة، وهو ما يفترض جلب الاستثمار الأجنبي والتكنولوجيا والمعرفة الإدارية والتقنية. وفي هذا الإطار أعد المغرب “الميثاق الوطني للإقلاع الاقتصادي” وهو بمثابة مخطط استراتيجي من شأنه تطوير جاذبية المغرب للاستثمار وتحسين القدرات التنافسية للنسيج الاقتصادي في إطار تعاقدي بين القطاعين العام والخاص. ومن أجل رفع التحديات التي تواجه الصناعة المغربية أدخل المغرب “مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014_2020” ليجعل من الصناعة رافعة تنموية أساسية.
ثالثا: المصداقية الاستراتيجية: التوازن بين الاستمرارية والتغير
تعتبر المصداقية متغيرا أساسيا في بناء العلاقات وضمان استمراريتها. فمن أجل أن تحظى الدولة بقدر من الاعتراف العالمي يجب أن تتمتع بمصداقية في تطبيق استراتيجياتها.
يقوم نجاح الدبلوماسية المغربية على نجاح الزوج “استمرارية_ تغير”. تعني الاستمرارية قدرة الدولة على الحفاظ على سلوكها الدبلوماسي رغم التغير في الحكومات وأن يستمر النظام في تفاعلاته مع البيئة المحيطة بفعالية[18]. أما التغير فيراد به التدرج في نمط التوجه والسلوك الخارجي للفاعل دون إحداث تغيرات جذرية مع إقرار الأبعاد الرئيسية للسياسة الخارجية وقيمها وقبول التغير المحدود في الأبعاد الهامشية لتلك السياسة[19].
أعاد المغرب هيكلة السياسة الاقتصادية الخارجية بتضمينها تعديلات لم تشكل انقطاعا في التوجه الرئيسي للدولة، وشملت هذه التعديلات إقامة مجموعة جديدة من الالتزامات والتحالفات بالإضافة إلى تغيير في أساليب وأدوات تنفيذ السياسات الاقتصادية المغربية. كما تضمنت هذه التعديلات كذلك إعادة النظر بشكل أساسي في تصورات الدولة كفاعل إقليمي ودولي ودورها داخل إطار الاقتصاد العالمي الجديد. إنها سياسة في جوهرها تنحاز إلى “المحافظة” لأن المغرب يفضل التغير في ظل الاستمرارية والاستقرار، ففكرة التغيرات الجذرية تهدد القيم والمصالح وتفتقد إلى الجاذبية السياسية وهو ما قد يفقد المغرب مصداقيته. وفي هذا السياق، يقول الملك محمد السادس:” إن هذه الرؤية التضامنية المتكاملة التي تحكم علاقات المغرب (…) تتطلب من جميع الفاعلين الذين فتحنا أمامهم المجال للانخراط في هذا التوجه تحمل مسؤولياتهم والوفاء بالتزاماتهم حفاظا على مصداقية المغرب”[20].
ومن جانبه، صرح السيد سعيد العمراني، الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون السابق، بأن السياسة الخارجية المغربية تقوم على قواعد ثابتة تمنحها الاستدامة والاستقرار والمصداقية، وأن العمل الخارجي هو المجال الذي يكرس بامتياز استمرارية الدولة وأنه من غير المجدي الحديث عن القطيعة التي قد يبحث عنها البعض من خلال تأثير التناوب السياسي[21]. وهذه الاستمرارية مرتبطة بالرؤية الواضحة والتصور العملي للملك محمد السادس دون إغفال القيم والمبادئ والالتزامات الدولية التي تميز المغرب في علاقاته الدولية، وقد اعتبر نةفس المسؤول أن “رئاسة المغرب لمجلس الأمن حدث تاريخي واعتراف بالمصداقية الدولية للمغرب”[22].
يعتبر المغرب أن المركز الاقتصادي الذي يحتله كأول مستثمر في غرب ووسط إفريقيا هو نتيجة رصيد من المصداقية التي تميز الدبلوماسية المغربية[23] وهذه المصداقية هي الضامنة لثبات العلاقات مع الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بغض النظر عن طبيعة الإدارات والأحزاب الحاكمة[24]، وأن حتى “الأزمات” التي تعرفها بعض علاقاته الخارجية هي اختبار لمصداقية المغرب ومصداقية شراكاته[25].
المحور الثاني: منطق اشتغال السياسة الاقتصادية الخارجية المغربية
أعاد المغرب، بعد حكم الملك محمد السادس وخاصة بعد دستور2011، صياغة سياساته العمومية وعلى وجه الخصوص سياسته الاقتصادية الخارجية. فقام بالعمل على تحسين حكامتها نحو مزيد من التماسك والفعالية والتأثير الاستباقي، ورفع تحدي التنافسية ومضاعفة اليقظة الاقتصادية بشأن الحفاظ على بعض التوازنات بنهجه مقاربات جديدة ومنطق اشتغال متجدد ومبتكر. وأصبحت بذلك السياسة الاقتصادية المغربية الخارجية تشتغل وفق آليات ذات منطق معين.
تحتل المؤسسة الملكية دورا مركزيا في وضع وتنفيذ تصورات الدولة فهي التي تتولى مهمة قيادة التوجهات الاقتصادية وهذا ما تكشفه تطورات السياسة الاقتصادية المغربية[26]. لقد حثت تصورات المؤسسة الملكية على ضرورة إصلاح القطاع العمومي ليكون في مستوى تأهيل الاقتصاد الوطني عبر إدماج القطاع الخاص في تدبير الأنشطة الاقتصادية، وعملت على تدبير مسلسل الانفتاح الاقتصادي بتحديد أهداف السياسة الاقتصادية ووسائل تنفيذها كي لا تحيد عن الأهداف المرسومة لها. والقصد من تمكين القطاع الخاص من الاضطلاع بجزء هام من الأنشطة الصناعية والتجارية التي تقوم بها الدولة، هو جعل القطاع الخاص محركا لتجديد الاقتصاد المغربي وتمكين المغرب من المساهمة في المبادلات الدولية مساهمة أوسع. ففي ظل سياسة الانفتاح كتوزيع للسلطة الاقتصادية بين الدولة والقطاع الخاص من جهة وبين الدولة والجماعات الترابية من جهة أخرى، وهي سياسة للملكية الاقتصادية وتعبيرا سياسيا عن مشروع اجتماعي جديد، عمل المغرب على تغيير أطروحته في الملكية للاقتصاد من خلال السعي لتجاوز السياسات الاقتصادية السابقة المرتكزة على هيمنة الدولة على الاقتصاد كمدخل للتحكم في المجال السياسي[27]. وهو ما أكد عليه الملك محمد السادس في السنوات الأولى لتقلده الحكم بأنه لا مكان لتنمية اجتماعية بدون تنمية اقتصادية مما يستوجب بناء اقتصاد جديد قادر على مواكبة العولمة ورفع تحدياتها[28].
لقد ظل هاجس تيسير سبل الاستثمار ضمن أولويات المؤسسة الملكية، وفي هذا الإطار شكلت الرسالة الملكية بشأن التدبير اللامتمركز للاستثمار[29] امتدادا للخطاب الملكي حول المفهوم الجديد للسلطة لسنة 1999 ورسالة واضحة لكل الفاعلين السياسيين والإداريين بضرورة القطيعة مع كل الممارسات البيروقراطية المثبطة لروح المبادرة ووضع حد لعراقيل الاستثمار في جوانبها القانونية والإدارية الممارساتية وذلك عبر الدعوة إلى خلق شباك وحيد مهمته تسهيل مأمورية المستثمر في ما يرتبط بعمليات الاستثمار، وخلق مناخ عام مشجع للاستثمار. فالفلسفة التي ارتكز عليها المفهوم الجديد للسلطة تحيل إلى دور الدولة في تشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإلى التمفصل بين مختلف وحدات الدولة وباقي شركائها بهدف جذب الاستثمار وتشجيعه.
في هذا السياق، تشكل المراكز الجهوية للاستثمار مقاربة جديدة تعتمد سياسة دعم القرب واعتماد البعد الجهوي والمحلي لبلورة سياسة التدبير اللامتمركز للاستثمار الوطني والخارجي في سياق دولي سمته الأساس عولمة الاقتصاد واتساع رقعة التحرير الاقتصادي والتحولات التي طالت الدور الاقتصادي للدولة التي تمخضت عن تحولات على مستوى آليات الفعل العمومي في المجال الاقتصادي المساهم في تحرير الاقتصاد وانتقال العديد من القطاعات المحتكرة من قبل الدولة إلى الوحدات الترابية.
لقد شهد العقدين الأخيرين من القرن العشرين مشاركة متزايدة للحكومات الإقليمية في المجال الدولي، نتيجة للتغيرات الحاصلة على مستوى النظام الدولي والدولة نفسها، والتطورات السياسية والاقتصادية ضمن الأقاليم نفسها. لقد قوضت العولمة من قدرة الدولة على إدارة إقليمها، الأمر الذي أعطى للأقاليم دوافعا اقتصادية وسياسية وثقافية للتوجه نحو الخارج. ظهرت وتعاظمت الدبلوماسية الرديفة[30]la Paradiplomacie والتي تعني مشاركة الحكومات غير المركزية في العلاقات الدولية من خلال إقامة اتصالات دائمة أو مؤقتة مع شعب أجنبي أو كيانات خاصة بهدف تعزيز القضايا السوسيواقتصادية والثقافية أو أي بعد خارجي آخر[31]. ويشير هذا المصطلح إلى قدرة الوحدات اللاممركزة والترابية أو الكيانات الفرعية على ممارسة السياسة الخارجية ودخولها في العلاقات العالمية لمتابعة مصالحها الدولية الخاصة.
من أهم ميزات الدبلوماسية الاقتصادية أن الحكومات اللامركزية تؤثر بفعالية في عملية اتخاذ القرارات، فالدبلوماسية الاقتصادية تتضمن الآن قضايا كثيرة كالاستثمار والتأمين والخدمات المالية ومعايير السلامة وغيرها من الأمور التي يقع تحت سلطة الحكومات اللامركزية. وفي هذا السياق بدأت الدولة المغربية بالانتباه إلى أهمية الهيئات السياسية والإدارية الجهوية (في حكم حكومة لامركزية) أو حكومة الحكم الذاتي في إطار المقترح المغربي بصيغة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية عند القيام بأي “استفتاء” بشأن معاهدة دولية أو جذب استثمار وعقد اتفاقيات[32]، واتبع المغرب هذا النهج نتيجة تحرره الاقتصادي وسياسة إشراك الكيانات الجهوية والإقليمية (مجالس، غرف مهنية، مؤسسات…) في المسائل التقليدية التي كانت محتكرة من قبل الدولة المركزية. لقد أصبح دور الدولة المغربية في الاقتصاد العالمي هو التنافس لجلب الاستثمارات والنشاطات الاقتصادية بالإضافة إلى التنافس للحصول على حصص أكبر في الأسواق الخارجية. وهنا يأتي دور الجهوية في التنافس لجلب الاستثمار الأجنبي المباشر[33] الذي يتأثر بتطور العوامل الاقتصادية من توفير بنية تحتية مناسبة وتوفر المواد الأولية والموارد البشرية وغيرها. وعليه، توجه المغرب لتأسيس أقطاب اقتصادية على مستوى جهاته، في حدود جغرافية جهوية، مالية وتجارية وفلاحية وصناعية وخدماتية كالسياحة.
بدأت الهيئات التنظيمية المستقلة وشبه المستقلة تلعب أدوارا أكثر أهمية ضمن الاقتصاديات الحديثة. وتتضمن هذه الهيئات البنوك المركزية وهيئات الأسواق المالية وهيئات المنافسة والشفافية وتمتد إلى هيئات الاتصالات وهيئات التجارة ومؤسسات الضمان الاجتماعي. يمتد تأثير جميع هذه الهيئات إلى داخل الأسواق الوطنية وكلها تعمل وتشارك في المفاوضات الدولية. لقد بدأت فلسفة تحرير الاقتصاد تؤثر في الفكر الاقتصادي والسياسي المغربي، ونتيجة ممارسة ليست بالطويلة قامت بها المملكة المغربية بالإضافة إلى أخطاء نظام السوق وبعض إخفاقاته، يلجأ المغرب إلى مثل هذه المؤسسات كبنك المغرب والقطب المالي للدار البيضاء والمجالس الوطنية للمنافسة ومجلس التصدير والاستثمار وغيرها لتقوم بعملية تصحيح ومعالجة حالات الفشل في تنظيم السوق. وهذا طبعا لا يعفي الدولة من مسؤوليتها المباشرة في تنظيم قطاعات الأسواق. وإذا كنا نقول أن مثل هذه المؤسسات تعتبر كممثل للحكومة في الدبلوماسية الاقتصادية وذلك بشأن العديد من المجالات، فإننا بالمقابل نجد توجها لدى بعض الحكومات في تفويض القضايا التي تتضمن تقنيات تفصيلية إلى الهيئات المختصة، فهناك بعض الحالات في المفاوضات المتعلقة بالأنظمة والقواعد لا تتم من قبل الهيئات العامة وإنما تترك بشكل كامل إلى القطاعات الخاصة[34].
يقوم “النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة”[35]. وإذا كانت الحكامة الجيدة في معناها العام هي اتخاذ القرار بشكل جماعي، بغية الوصول إلى قرارات مقبولة من لدن الأغلبية، من خلال الإدارة المثلى للبنيات والهياكل والموارد، وإذا كانت هي التعبير الحقيقي عن أفضل ما يمكن القيام به وأحسن ما يمكن بلوغه في مجال التدبير، على أساس “(…) معايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية (…)”[36] وذلك بغية مأسسة الفعل والقرار الإداريين، فإن الزاوية الدقيقة التي نريد الحديث عنها والتطرق إليها مرتبطة بتدبير Gestion حقيقي للسياسة الاقتصادية بكل مكوناتها سواء تعلق الأمر بمسألة وضع الاستراتيجية المرتبطة بهذا المجال أو بتحديد الآليات للتنفيذ. يمتد البعد التدبيري في السياسة الاقتصادية المغربية إلى الاستراتيجية المغربية الآنية والمستقبلية وإلى ضوابطها، ومدى إمكانية المغرب واستعداده لمواجهة الإكراهات التي سيحدثها دخوله في مسارات متنوعة تتطلب تدبيرا عقلانيا لهذه السياسة وتتبعا يوميا للمتغيرات لتفادي سلبيات الانغماس التام في موجة التبعية[37].
يرتبط المغرب في سياسته الاقتصادية الخارجية مع مجموعتين من الدول، ومع كل مجموعة يعتمد المغرب شكلا تدبيريا مختلفا لعلاقاته الاقتصادية خاصة التجارية. فداخل الإطار الأول الذي يضم مجموعة الدول العظمى والاقتصاديات الضخمة، يعد المغرب آلية في الاستراتيجية الاقتصادية لهذه الدول وسياسته الاقتصادية الخارجية قد تبدو أنها عبارة عن ردود أفعال. لكن الإصلاحات الجديدة والرؤية المغربية الجديدة جعلت المغرب يصنع له هامشا للتحرك على الرغم من كونه ضيقا. فمع الاتحاد الأوربي ضغط المغرب اقتصاديا وأمنيا وسياسيا من أجل الانتقال من وضعية شريك إلى وضع متقدم هو ما بين الشريك والعضو، ومع الولايات المتحدة الأمريكية انتقل من وضعية “دولة” مستهدفة ضمن الاستراتيجية الاقتصادية الأمريكية الموجهة لدول شمال إفريقيا خاصة المغاربية، إلى شريك أساسي في إطار التبادل الحر بين الدولتين. وقد ركز المغرب في جانب المناورة هاته أو الجانب المبادراتي على “مكانته الخاصة” المرتبطة أساسا بتاريخه السياسي والاقتصادي الذي يشهد على دفاعه عن مبادئ الليبرالية والرأسمالية وأنه بلد للتعايش الديني وبلد الاستقرار السياسي. لقد كانت بداية العلاقة الأمريكية المغربية مندرجة ضمن المشروع الأمريكي الكبير للشراكة مع الدول المغاربية الثلاثة (المغرب، تونس والجزائر) ثم تحولت نظرا لتدخل متغيرات استراتيجية عالمية وإقليمية إلى علاقة اقتصادية وسياسية ثنائية على أساس التبادل الحر بينهما. لقد مالت السياسة الاقتصادية المغربية حيث اتجهت الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة أو في العالم، فتم ضم المغرب إلى قائمة الدول المتمتعة بالنظام التفضيلي للإعفاء من الضرائب الجمركية والإعانة على التنمية[38].
لكن، علاقة المغرب مع الاتحاد الأوربي ضمن السياسة الأورو-متوسطية الجديدة القائمة على سياسة الجوار أو أوربا وجيرانها، نسجت سياسة مغربية تابعة بحيث لم يعد ممكنا بالنسبة للمغرب أن يعول على “رفاهية” مسلسل برشلونة[39]. بالإضافة إلى ذلك، ما يزال المغرب لم يحل بعد معادلة غير عادلة وغير واضحة المعالم وهي ضمان علاقاته التجارية والمالية والتنموية مع شريكه التقليدي المتمثل في الاتحاد الأوربي، أو الانخراط في شراكات جديدة مع قوى كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين؟.
نسج المغرب علاقات اقتصادية تجارية ومالية مع الدول المكونة لإطار التحرك الثاني ضمن السياسة الاقتصادية المغربية، وهو مجال يمنح للمغرب إمكانيات كبيرة للتحرك وفرصة لتصحيح مسار سياساته الاقتصادية الخارجية وفق ما يراه مناسبا لمصالحه. ونتيجة تعثر مشروع بناء الاتحاد المغاربي، بحث المغرب عن فضاءات بديلة، فسارع إلى خلق محيط عربي وإسلامي ضيق ينحصر في الدول العربية المرتبطة باتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوربي فيما عرف بإعلان أكادير[40]، فوقع اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف خاصة في إطار التبادل الحر مع تونس والأردن وتركيا. ووضع المغرب سياسات يمكن أن تساير هذه التشعبات في المسارات الدولية لعلاقاته الاقتصادية. ومن بين هذه السياسات سياسة الاندماج في المجموعات الاقتصادية والمالية الإقليمية وخاصة الإفريقية أي المشاركة في بناء فضاءات اقتصادية تتجاوز الحدود والفضاءات الجغرافية، لأن بهذا الاندماج يدرك المغرب أنه سيحصل على مزايا كثيرة. لكن هذا التدبير مازال يطرح سؤالا حول “ذاتية” الرؤية المغربية في تدبير سياساته الاقتصادي الخارجية و”موضوعية” الاستراتيجيات الاقتصادية التي رسمتها الدول العظمى؟
ثالثا: منطقا النجاعة الاقتصادية والبراغماتية
النجاعة هي طريقة من التحقق تضمن القدرة على إنجاز نوع خاص من الأداء يقع التخطيط لتحصيله بشكل مسبق، وبعبارة أخرى إن النجاعة هي أسلوب في العمل يتضمن قصدية منظمة تمكن من تحقيق هدف نفعي وتتحدد كاستراتيجية تنظم طريقة العمل ليضمن لنفسه ما أراد من منفعة بالتعويل على مبدأ الأداء[41]، وبالتالي النجاعة هي إقامة العلاقة ما بين النتائج المنتظرة وتلك المحققة، وهذه العملية تتطلب دراسة دقيقة وتحليل معطيات عديدة لتحديد المثبطات والمحفزات التي أدت إلى هذه النتائج أو تلك. وهاته وسيلة أساسية لإنجاح تقييم واضح ومرقم لحصيلة مشروع معين[42]. فعندما تعهدت الدولة المغربية بتحقيق تنمية اقتصادية وما يعني ذلك ويستتبعه لزوما بلوغ آثارها للفرد والمجتمع المغربي، كانت تعي جيدا الإمكانيات المتوفرة وحدود سياساتها الاقتصادية الخارجية لذلك فمن المنطقي والعقلاني ألا تلتزم بما لا تستطيع لأن ذلك قد يفقد المشاريع التنموية الفعالية والنجاعة.
ولج المغرب الاقتصاد العالمي بقيامه بتحرير التجارة واعتماد التجارة الحرة على أساس تبادل حر مع بعض الدول، وكذلك بجذب الاستثمارات الأجنبية[43] واستثمر في بلدان أجنبية خاصة الإفريقية، وتشبث طيلة ذلك بالليبرالية كفلسفة لنظامه الاقتصادي. إن الفرد والمجتمع كطرف في معادلة الاقتصاد السياسي المغربي يتساءل حول نجاعة هذه السياسات أي بعبارة أخرى ما هو تأثيرها على التنمية الداخلية؟ وما هي مكاسب الفرد في ذلك؟
لا يجادل الفكر الليبرالي المغربي في أن كل فرد سيكسب بالضرورة من سياسة المغرب الاقتصادية، على الأقل ليس على المدى القصير وليس بدون تهيئة سياسات داخلية ملائمة، بل يتم التأكيد أن ثمة مكاسب محتملة إذ ستتم زيادة الرفاه الوطني وسيكسب الجميع على المدى الطويل. ويعبر الليبراليون في هذا السياق، أن التجارة الحرة هي أفضل سياسة[44] لأن التخصص والتقسيم الدولي للعمل يزيدان إنتاجية الفرد وبالتالي تراكم الثروة الوطنية والعالمية على السواء. صحيح أنه على مستوى التجارة الخارجية فإن هدف الصادرات الوحيد هو دفع قيمة الواردات للحفاظ على الميزان التجاري إيجابيا، لكن هذه القاعدة لا تحترم على مستوى التبادلات التجارية المغربية على العموم. يدرك الفكر الليبرالي المغربي الإشكالية التي تطرحها هذه القاعدة على مستوى صادرات وواردات المغرب ويعتبرها “تشوها اقتصاديا” وليس لزوما أن يلحق ضررا بالمجتمع، والحل بالنسبة إليه هو إزالة هذه التشوهات الاقتصادية عبر الاستخدام التصحيحي للإعانات والضرائب والتعريفات الجمركية[45]، بدل اللجوء إلى فرض قيود على التجارة، على الأقل لحماية آلية الأسعار والقدرة الشرائية للمواطن.
ينتقد جانب آخر من الفكر الاقتصادي المغربي هذه الرؤية ويحبذ الحمائية وخاصة بمفهومها الجديد المتمثل في التصنيع[46]. على اعتبار أن هذه الوضعية لها آثار على استقلال القرار الوطني في شقه السياسي والاقتصادي وليس له آثارا على الرفاه المحلي وعلى التنمية الاقتصادية الوطنية على المدى القصير والمتوسط وعلى الناتج الإجمالي مادامت المكاسب نسبية وليست مطلقة. فلتطوير النجاعة الاقتصادية المغربية وجب التوجه نحو تشجيع الصناعة وهو ما يسمى اليوم باستراتيجية التنمية الاقتصادية القائمة على “إحلال الواردات”، فأمن الدولة وليس ثروتها فقط مرتبطان ماديا بازدهار الصناعة[47]. يتعين على المغرب إذن أن يحاول أن يتملك لنفسه جميع العناصر الأساسية للعرض الوطني، وقد بدأ فعلا في تبني هذا الاختيار بإقدامه على خلق مشاريع صناعية كبيرة في مناطق مختلفة من ربوعه. من أجل النجاح في مسار الارتقاء الاقتصادي، انخرط المغرب في مسلسل يروم التصنيع ويهدف تسريع التحول الهيكلي لنموذج تخصصه الاقتصادي، وإلى تقوية اندماجه في سلاسل القيمة العالمية، نتيجة تحسن ترتيبه في مجال مناخ الأعمال والاختيارات الصناعية التي قام بها المغرب.
تركز البراغماتية[48] بوصفها مدرسة سياسية شأنها شأن باقي المدارس السياسية الموجودة في حقل العلوم السياسية على مسألة المنفعة بشكل إيجابي على السلوك الإنساني بصفة عامة، وفي كل المجالات سواء المادية أو الفكرية أو القيمية.
ترتكز السياسة الاقتصادية الخارجية المغربية على مبادئ المذهب البراغماتي والمرتبط ارتباطا وثيقا بالفلسفة المادية النفعية القائمة على تعظيم المصالح والمكاسب، على الرغم من الجدلية القائمة بين موقع كل من القيم والمصالح في السياسة الخارجية المغربية. يركز الخطاب المغربي على الهوية كأساس للمغرب. وفي ظل تعدد “الهويات” التي نتجت عنها تعدد الرؤى وفي بعض الأحيان تنافسية للعالم، يركز المغرب على الهوية المغربية[49] التي تستند إلى الموروث الحضاري. كما يركز على العامل الاقتصادي كمحدد أساسي في العلاقات الدولية لدرجة أن التصور الوحدوي الملكي يلتقي إلى حد كبير مع طرح المدرسة الكلاسيكية الجديدة التي تصدت بالتنظير والتحليل لإشكالية الاندماج الاقتصادي، فكان توظيف مصطلحات جديدة من قبيل “التحديث” و”دولة الحق والقانون” والعولمة الاقتصادية والشراكة وغيرها طبعا دون إغفال الأولويات المغربية وثوابته في السياسة الخارجية. حافظ المغرب، بالتالي، على توازنات براغماتية بنسجه لعلاقات اقتصادية مع أطراف متعددة. في ظل هذه المعطيات تحددت طبيعة السياسة الاقتصادية المغربية في بعدها البراغماتي حتى ولو لم يتبن الخطاب الرسمي صراحة هذا الأمر، إلا أن حقيقة الممارسة والتطبيق الواقع لهذه السياسة تدل بما لا يدع للشك إيمانها بالبراغماتية منذ الاستقلال، وهذا ما فرض على الخطاب الرسمي التفريق في أبعاد قراراته بين ما هو داخلي وما بين ما هو خارجي، ففي علاقاته بالخارج غالبا ما كان المغرب يقدم نفسه كأكثر الدول اعتدالا وميلا للتحالف مع الغرب وباقي دول العالم، وفي نفس الوقت يقوم بمبادرات يبحث من خلالها خارج حدوده عن الحصول على الدعم المالي لتمويل مشاريعه السياسية والأمنية والاقتصادية التنموية.
خاتمـــــة
شمل التغيير في السياسة الاقتصادية المغربية الموجهة نحو الخارج الاستراتيجيات والاهداف والأدوات وهو ما يعني إعادة هيكلة هذه السياسة وكذا السياسات الأخرى التي تتكامل معها. لا نقصد هنا إحداث تغير عميق في طبيعة السياسة الاقتصادية الخارجية، بل هو تكيف مع المستجدات التي تحدث بشكل دائم ومستمر على المستوى الوطني والإقليمي والدولي وليس مقاومة لها.
التغير هنا ليس تغيرا جذريا أو راديكاليا، بل هو تغير في ظل الاستمرارية والمحافظة، فقد حافظ المغرب على المنهج الاستراتيجي لاقتصاده والذي حدده منذ الاستقلال مع فتح اوراش اقتصادية واتخاذه لمبادرات جديدة من اجل التسريع بدينامية المغرب في علاقاته الإقليمية والدولية خدمة لأجندته السياسية والاقتصادية.
تشتغل الآلية الاقتصادية الخارجية المغربية وفق منطق ثلاثي الأبعاد: الانفتاح الموضوعي والمجالي، والحكامة التدبيرية والبراغماتية، وهي قواعد عامة حددها الفكر الاستراتيجي السياسي والاقتصادي المغربي وتم التنصيص على بعضها في دستور 2011 لتصبح مقومات وأسس دستورية. ولقد نجح المغرب إلى حد ما في تحقيق أهدافه الاقتصادية والسياسية وعلى رأسها نيل الاعتراف بالصحراء المغربية من مجموعة من الوحدات الدولية وكذا تحقيق أهداف استراتيجية جعلت من المغرب فاعلا إقليميا ودوليا وعليه أعاد المغرب تموقعه داخل المنتظمين السياسي والاقتصادي الدوليين.
الإحالات:
[1]– خطاب العرش 30 يوليوز 1999، على الموقع: www. Justice.gov. ma /lg-1/actualités/dossier-2.aspx
[2]– الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى الوزير الأول حول المخطط الخماسي، على الموقع: //www.maroc.ma/ar
[3]– نجيب أقصبي، الاقتصاد السياسي والسياسات الاقتصادية في المغرب، مركز محمد آيت إيدر للأبحاث والدراسات، ترجمة نور الدين مسعودي، الطبعة الأولى، شتنبر 2017، ص. ص. 17_23.
[4]– حظي مجال التصنيع ببلادنا باهتمام كبير خلال السنوات الأخيرة، حيث تم إطلاق برنامج إقلاع سنة 2005، والميثاق الوطني للإقلاع الصناعي سنة 2009، ثم إطلاق مخطط التسريع الصناعي 2014ــ 2020، بغية وضع آليات كفيلة بالنهوض بالصناعة الوطنية لتمكينها من المساهمة الفعالة في الناتج الداخلي الخام، وفي تحسين جاذبية المغرب في مجال الاستثمار. https://www.pjd.ma/126471-66201.html
[5]– ياسر المختوم، المهن العالمية للمغرب رافعة أساسية لتقليص العجز التجاري، جريدة التجديد، بتاريخ 01_03_2013.
[6]– رضوان زهرو، نموذجنا التنموي، منشورات مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2019، ص.ص.99_107.
[7]– إدريس الكراري، التنمية نهاية نموذج؟، المركز الثقافي للكتاب والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الدار البيضاء، السنة 2018، ص. 33.
[8]– جريدة الوطن، 25 يوليوز 2019، العدد 807، ص. 32.
[9]– نفسه.
[10]– رضوان زهرو، مرجع سابق، ص. 97.
[11]– محمد سعيد السعدي، “الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بالمغرب”، شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، www. Annd.org.
[12]– الظهير الشريف 1.14.192 صادر في فاتح ربيع الأول 1436 (24 ديسمبر 2014) بتنفيذ القانون رقم 86.12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
[13]– نفسه.
[14]– تعريف اللجنة البريطانية للشراكة بين القطاعين، ورد في: عادل محمود الرشيد، إدارة الشراكة بين القطاعين العام والخاص المفاهيم_المناهج_ التطبيقات، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، الطبعة الثانية 2007، ص.3، معجم مريام ويبستر، متوفر على:http//: www.merriam-webster.com/ dictionary/ partnership.
[15]– رضوان الوهابي، مرجع سابق، ص. 350.
[16]– تاريخيا معظم الدول النامية بدأت باتباع استراتيجية التصنيع من أجل الذات وإشباع الحاجات الأساسية أو الاعتماد على الذات، ثم انتقلت بعض الدول إلى الأخذ باستراتيجية التصنيع ذات التوجه الخارجي وما يعرف بسياسة تنمية الصادرات.
[17]– وتعني هذه الاستراتيجية أن تنتج دولة ما محليا ما كانت تستورده من قبل، ويتم ذلك من خلال خلق السوق المحلي للصناعة التي تحل محل الواردات.
[18]– صليحة كبابي، دبلوماسية الصين الاقتصادية وإعادة توزيع أوراق القوة في دول المغرب الكبير، ضمن: الدبلوماسية الاقتصادية ومناخ الاستثمار، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى 2019، ص. 150.
[19]– نفسه.
[20]– خطاب ملكي بمناسبة تخليد الذكرى 63 لثورة الملك والشعب، على الموقع: www. hcp. Ma/attachement
[21] www. Hespress. Com/112163.
[22]– idem.
[23]– يحي بولحية، “محددات السياسة الخارجية المغربية تجاه دول غرب إفريقيا وجنوب الصحراء”، مجلة سياسات عربية، العدد 10، شتنبر 2014، ص. 75.
[24]– في تصريح للسيد لوليشكي السفير المغربي السابق لدى الأمم المتحدة على الموقع: www. Mapnews.ma/ ar/ actualities. بتاريخ 1 ديسمبر 2020.
[25]– أشارت الخارجية المغربية في بيان أصدرته عشية تقديم “غالي ” للمحاكمة أمام القضاء الاسباني إلى أن المشكل بين المغرب ودولة أوربية كإسبانيا هو اختبار لمصداقية الشراكة التي تحرص عليها المملكة المغربية.www. hespress. Com/ 830775.
[26]– جواد النوحي، الاستثمارات الأجنبية بالمغرب 1960_2006، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، جامعة محمد الخامس، الرباط، 2006_2007، ص. 324.
[27] – المرجع نفسه، ص. 325.
[28] – خطاب ملكي بمناسبة عيد العرش 30 يوليوز 2000، على: https://www.maroc.ma/ar
[29] – الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول بشأن التدبير اللامتمركز للاستثمار، الجريدة الرسمية عدد 4970، بتاريخ 17 يناير 2002.
[30]– خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي، بلورت دراسات أكاديمية لكل من “بانايوتيس سولتادوس” Panayotis Soltados و”أيفو دوشاسيك” Ivo Duchacek و”نوي كوناغو” Noé Cornago وغيرهم، هذا المفهوم النظري الجديد في المجال الدبلوماسي يؤطر السلوك الخارجي للوحدات الترابية. يعرف “سولتادوس” الدبلوماسية الرديفة بكونها المساهمة المباشرة والمستقلة وبدرجات مختلفة في الأنشطة الخارجية من طرف الوحدات تحت دولتية. وهي تعني عند “دوشاسيك” ولوج الوحدات غير المركزية بشكل مباشر وغير مباشر إلى مجال العلاقات الدولية.
[31]– إيناس عبد السادة علي وعلي حسين حميد،” البارادبلوماسي: دور الوحدات دون الدولة في السياسة الخارجية”، مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، العدد 21، ص. 55.
[32]– تعرف الأنظمة الاتحادية والفيدرالية هذا النهج في التدبير كألمانيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن وحدات الحكم الذاتي آو الولايات تتطلع لمتابعة الدبلوماسية الاقتصادية حتى في مستواها الإقليمي. انظر: ريمون عقل، الدبلوماسية الاقتصادية ما بعد الحداثة، على الموقع www. Clingendael/ pudl/ diplomaty/ pdf.
[33]– ضمن التجربة المغربية هناك عدة نماذج: جهة طنجة وجلب الاستثمار الصيني، جهة واد الذهب التي عرفت مشاريع ضخمة بالداخلة.
[34] _ ريمون عقل، مرجع سابق.
[35] _ الفصل الأول من دستور 2011.
[36] _ الفصل 154 من دستور 2011.
[37] خالد شيات، المغرب وتحرير التجارة خيارات الشراكة بين البعد الاستراتيجي وهاجس التنمية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الاول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2003-2004، ص. 30.
[38] _ خالد شيات، مرجع سابق، ص.247.
[39] _ المرجع نفسه، ص. 246.
[40] _”إعلان أكادير” الموقع بين حكومة المملكة المغربية وحكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحكومة الجمهورية التونسية وحكومة جمهورية مصر العربية في مدينة أكادير المغربية في 8 مايو 2001، بشأن إقامة منطقة للتبادل الحر تضم الدول العربية المتوسطية.
[41]– زهير الخويلدي، “العمل بين مطلب النجاعة ومبدأ العدالة”، الحوار المتمدن، العدد 2618، السنة 2009، على الرابط: https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=168974، تاريخ الاطلاع 27أبريل2024
[42] – نفسه.
[43] _ على الرغم من تراجع الاستثمار على المستوى العالمي خلال السنوات الأخيرة، تمكن المغرب من جذب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 2,7 مليار دولار سنة 2017 بنسبة ارتفاع 23% مقارنة بالسنة التي قبلها. وصنف المغرب سنة 2017 كخامس دولة إفريقية من حيث استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
[44] _ روبرت جيبلين، الاقتصاد السياسي للعلاقات الدولية، ترجمة ونشر مركز الخليج للأبحاث، ابو ظبي، السنة 2013، ص. 225.
[45] _ تمت مراجعة اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا بعد الخسائر الكبيرة التي تعرض لها المغرب نتيجة غزو السلع التركية وعدم قدرة المغرب على مواجهتها بصادراته، وكان من بين الحلول المقترحة الرفع من قيمة الضرائب والرسوم الجمركية على السلع التركية.
[46] _ انخفض عجز الميزان التجاري المغربي بنسبة 22,2% ليناهز 120,4 مليار درهم شهر شتنبر 2020، وعرفت الواردات المغربية تراجعا بنسبة 116,2% (307,5 مليار درهم) وبلغ معدل تغطية الصادرات للواردات 60,8% وذلك نتيجة سياسة إحلال الواردات بتصنيع مواد ومنتجات كان المغرب يستوردها. لتفاصيل أكثر انظر تقرير على الموقع: https://www.aljazeera.net/ebusiness/2020/11/16، تاريخ الزيارة 22 أبريل 2021.
[47] _ روبرت جيبلين، مرجع سابق، ص. 226.
[48]– البراغماتية هي مدرسة فلسفية نشأت أواخر سنة 1800 بالولايات المتحدة الأمريكية، تتميز بالإصرار على النتائج والمنفعة والعملية (من عملي) كمكونات أساسية للحقيقة وتعارض البراغماتية الرأي القائل بان المبادئ الإنسانية والفكر وخدهما يمثلان الحقيقة بدقة، معارضة مدرستي الشكلية والعقلانية من مدارس الفلسفة، ووفقا للبراغماتية فإن النظريات والمعلومات لا يصبح لها أهمية إلا من خلال الصراع ما بين الكائنات الذكية مع البيئة المحيطة بها.
[49]– مصطفى رفاش، السياسة الخارجية للمغرب من خلال الخطب والندوات الملكية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2006-2007، ص. 139.