الشمال الشرقي للمغرب بين الحضور المخزني والقيادات القبلية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر

أستاذ بالمديرية الإقليمية لتاوريرت

الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشرق

المغرب

ملخص

نسعى من خلال هذه الدراسة إلى إبراز وضعية الشمال الشرقي للمغرب أو ما يسمى في الوثائق المخزنية باسم عمالة وجدة، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والذي كان محط صراع بين ممثلي السلطة المخزنية " العمال" الذين كان يعينهم السلطان، من أجل استتباب الأمن، لكون أن المنطقة موضوع الدراسة، عرفت صراعات قبلية طاحنة بين القبائل وهو ما عرف في المصادر بحرب اللفوف، وهو أن تتحزّب وتتحالف القبائل من أجل تكوين كتلة قوية أثناء الحرب، وبين الزعامات القبلية التي لم تكن تعترف بسلطة هؤلاء العمال، نظرا لقوتهم العسكرية التي كانت تفوق ممثلي السلطة المخزنية، وأمام هذه الأوضاع عرف الشمال الشرقي للمغرب فوضى دائمة، أسالت الكثير من الدماء وحصدت العديد من الأرواح، وعطّلت المسار التنموي للجهة الشرقية.

Abstract

This study aims to shed light on the situation of northeastern Morocco، or what was known in the Makhzen documents as the Oujda province، during the second half of the 19th century. The region was a scene of conflict between representatives of the Makhzen authority، the "umala" appointed by the Sultan to maintain security، and tribal leaders who did not recognize the authority of these umala due to their superior military strength. This situation led to a state of permanent chaos in northeastern Morocco، which resulted in bloodshed، loss of life، and the disruption of development in the eastern region.

مقدمة

قلما اهتمت المصادر التاريخية التقليدية بقضايا تاريخ الشمال الشرقي للمغرب عموما، وعمالة وجدة على وجه الخصوص، في الوقت الذي انصبّ اهتمامها على تاريخ الجهات الأخرى، فيكفي أن يتصفح القارئ كتب التاريخ التقليدية، حتى ينبهر بحجم الكتابات عن فاس ومراكش وغيرها من المدن الأخرى، وأمام هذا التيه والتكتم، يتساءل الباحث عن سبب عدم حضور المنطقة في الكتابات، خاصة وأن المنطقة تتميز بخصائص متعددة، باعتبارها منطقة حدودية، يتعين الاهتمام بها كثيرا من لدن السلطة المركزية، خاصة في ظل الأخطار الاستعمارية الداهمة التي كانت تتربص بالبلاد.

لا شك أن البحث في تاريخ الشمال الشرقي للمغرب، خلال القرن التاسع عشر يعتريه كثير من الغموض، حيث أنه لازال موضوع تكهنات وأحكام مسبقة ونظريات متسرعة، كثيرا ما اعتمد فيها على ملاحظات المسافرين والمراقبين الأجانب، في إطار الدراسات الأنثروبولوجية التي كانت لها أهداف استعمارية، حيث حاولت دراسة المجتمع المغربي بغية تمهيد استعماره.

عاش الشمال الشرقي للمغرب، اضطرابات تزعمتها القبائل المكونة للمنطقة، وتأثرت المنطقة بشكل كبير جراء الاحتلال الفرنسي للغرب للجزائر، حيث زادت حدة التوترات والصراعات في المنطقة المتاخمة للحدود الجزائرية، فتسبب هذا الاحتلال، في استنزاف الموارد والثروات الطبيعية للمنطقة، والتشويش على استقرار السكان المحليين، الذين اضطروا لمواجهة آثار الاستعمار بجميع أوجهها، وهو ما جعل السلطان تعيين عمال للحد من فوضى القبائل وتحصيل الجبايات من جهة وحماية المنطقة من المستعمر من جهة أخرى، فنروم من خلال هذه الدراسة الإجابة عن إشكالية رئيسية تتمثل في: هل كان للمخزن سلطة فعلية على الشمال الشرقي للمغرب أم أن المنطقة كانت خاضعة لسلطة الزعامات القبلية؟

المحور الأول: الإطار الجيو-تاريخي

يُحد المغرب الشرقي من الجهة الغربية بالريف الشرقي، والأطلس المتوسط الملتوي، والأطلس الكبير، أما من الناحية الشرقية، تحده الحدود المغربية الجزائرية، ومن الشمال فيحده البحر الأبيض المتوسط ومن جهة الجنوب فيحد بمرتفعات تالسينت، أما شمال المغرب الشرقي الذي هو موضوع الدراسة، فيحد من الغرب بحد طبيعي هو واد ملوية الذي ساهم بشكل كبير في الحد من العلاقات بين ضفتي الوادي، ومن الجنوب فيحد بالهضاب العليا الشمالية، ومن الشمال فيحده البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق فتحده الحدود المغربية الجزائرية[1].

تجدر الإشارة إلى أن الحدود الجغرافية للشمال الشرقي للمغرب أو ما يسمى بعمالة وجدة، ظلت مدة طويلة غير واضحة وثابتة من الشرق مع الحدود المغربية الجزائرية، فكان القرن السابع عشر أول محاولة لتثبيت الحدود بين الأتراك والعلويين، غير أن انهزام المغرب في معركة إيسلي سنة 1844م أمام فرنسا، اتخذت مسألة الحدود بعدا خطيرا وزادت اتفاقية الحدود الموقعة سنة 1845م الأمر تعقيدا، حيث فرضت على المغرب احترام الجوار، وفقد من خلالها المغرب أجزاء شاسعة من ترابه.

تعرضت المنطقة موضوع الدراسة عبر التاريخ لعديد النكبات، إلى أن وصل الأمر في بعض الأحيان إلى حد التخريب، “حينما كانت تتكون مملكة أو إمارة بمدينة تلمسان، كانت تنعكس على مدينة وجدة بكيفية أو بأخرى، انطلاقا من موقعها ومن المقومات الشخصية والعصبية التي كانت تعمرها أو تضغن بضواحيها، ولقد ظهرت تلك المعطيات بشكل واضح حينما بدأ نجم الدولة الموحدية يميل إلى الأفول والاضمحلال، في عهد السلطان أبو محمد الرشيد الذي واجه الصعاب أمام المرينيين المتطلعين إلى الحكم فاضطر إلى التماس مساعدة الأمير يغمراسن بن زيان مؤسس دولة بني عبد الواد بتلمسان”[2]، أثر الصراع الحاد بين المجموعتين الزناتيتين: بنو عبدالواد بتلمسان، وبنومرين بالمغرب الأقصى، على مدينة وجدة وأحوازها بشكل كبير.

انتهى عهد بني عبد الواد مع احتلال تلمسان من طرف الأتراك، فظهرت قوتان جديدتان تتمثل في الأتراك والسعديين، وبحكم موقع شمال المغرب الشرقي فكان يتأثر بهذه الصراعات،” منذ سنة 1064/1653م، أي من أيام مولاي محمد بن الشريف وقع الاتفاق مع الأتراك على إقرار الحدود المغربية الجزائرية باعتبار واد تافنا كحد فاصل[3].

مثلت سنة 1830 حدثا بارزا تمثل في احتلال الجزائر من طرف فرنسا، فهذا الأمر انعكس بشكل سلبي على منطقة شمال المغرب الشرقي، فبعد احتلال الجزائر، كشفت فرنسا عن نيتها في فرض سلطتها على مدينة وجدة وأحوازها، فقد عانت مدينة وجدة من موقعها على الحدود أثناء مطالبة المغرب بأن يكون وادي تافنا هو الحد بين الجزائر والمغرب، فاقتحم الجيش الفرنسي مدينة وجدة لأول مرة في 19 يونيو 1844م.[4]

لم تسلم منطقة شمال المغرب الشرقي من اعتداءات المستعمر الفرنسي على القبائل الواقعة على الحدود، حيث كثيرا ما كانت تهاجمهم داخل التراب المغربي، وحرمتهم من مناطق واسعة من المراعي، فظلت المناوشات بين القبائل الواقعة على الحدود والمستعمر قائمة، في ظل النوايا التوسعية للمستعمر الفرنسي.

المحور الثاني: مفاهيم الدراسة

أ- القبيلة

ارتبط مفهوم القبيلة المغربية بشكل كبير بالدراسات السوسويولوجية الاستعمارية، التي عملت على دراسة القبائل المغربية بغية التعرف على ثقافتها وقوتها العسكرية ونسبة تعلم ساكنتها من أجل التحكم فيها وإخضاعها للسلطة الاستعمارية، ولعل أهم الدراسات التي اهتمت بدراسة القبائل المغربية، نجد الدراسة التي قام بها كل من روبير مونطانيي، جاك بيرك، إدمونت دوتي، موليراس، فوانو…

يعد مفهوم القبيلة من المفاهيم الصعبة التحديد لارتباطه بعدة علوم، فيشير ابن منظور في كتابه لسان العرب إلى أن القبيلة من الناس بنو أب واحد، والشعب أكبر من القبيلة ثم القبيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ[5].

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (يا أَيُّها النَّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِّنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَليمٌ خَبيرٌ).[6]

القبيلة في البلاد المغربية ظلت عبر التاريخ، بمثابة إطار ترابي وسياسي لحياة اجتماعية، ومن ثم فهي الإطار الذي يتحدد فيه النظام القانوني والاجتماعي، وكذا مختلف العلاقات بين الناس[7].

أدى اختلاف سياقات التناول لدى الدارسين في العلوم الإنسانية والاجتماعية، إلى الاختلاف في تحديد مفهوم القبيلة، هذا المفهوم على الرغم من اتساع استخدامه، فإنه لا يحظى بالاتفاق على الدلالة والمعنى نفسيهما، فكثيرا ما يحدث الخلط بين القبيلة” TRIBU” والإثنية” ETHNIE”، كما يحصل الخلط أحيانا بين الوحدات الاجتماعية المدروسة بما يساوي بينها، على الرغم من اختلاف حجمها وأسس بنائها ووظائفها[8].

يرى بيرك في جوابه عن مدلول القبيلة بشمال إفريقيا، سواء سميت قبيلة أم عرشا أم تاقبيلت، هي حصيلة مؤقتة لتطور تتم فيه عمليات تبدل وتحول، وباستمرار لعناصرها وفي مظاهر ذات طابع شكلي أو ملموس، كما أن هذه العناصر تستمد مرجعية أصلها مرة على المزروع، وأخرى بالاعتماد على مساحة أكثر اتساعا[9].

بصفة عامة هناك صعوبة معترف بها لتحديد مفهوم القبيلة، رغم تعدد الدراسات عنها، أما النظرية السائدة عن القبيلة، فإنها تفسر تطور هذه الأخيرة باندماج عناصر من آفاق مختلفة بالعناصر الأصلية التي تنتسب إلى جد واحد، وهذه الظاهرة المعقدة لوحظت في قبائل شمال المغرب الشرقي، حيث توجد عناصر دخيلة على بني يزناسن أو غيرها من قبائل المنطقة[10].

انطلاقا من التعريفات السابقة، يمكن أن نستنتج أن تحديد مفهوم القبيلة بدقة يبقى صعبا، نظرا لتتعدد وجهات النظر واختلاف الرؤى والعلوم المعالجة لها، فيمكن تحديد مفهوم القبيلة إما بالانتساب إلى جد واحد، أو الارتباط بخصائص مشتركة دينية، وثقافية، داخل رقعة جغرافية محددة، أو انطلاقا من عقد تحالفات لمواجهة الأخطار الخارجية في إطار فترة زمنية مؤقتة.

ب- المخزن

اشتق لفظ مخزن من خزن أي حافظ واكتنز واذخر وقد استعمل أول مرة في بعده الرسمي بشمال افريقيا خلال القرن الثاني الهجري الثامن ميلادي، فاللفظ اتصل بتنظيم مالي )…..(وقد اتخذ مع الدولتين الشريفتين السعدية والعلوية، دلالة إدارية تشمل كل الجهاز الإداري، الذي يعيش من أموال هذه الخزينة أي مجموع الحكومة المغربية[11]، مما لا شك فيه أن الأجهزة المخزنية المركزية معروفة نسبيا منذ منتصف القرن التاسع عشر، سواء من خلال الوثائق الوطنية أو الأجنبية، بينما لا نعرف عن العمال والقواد في الإيالات المختلفة إلا القليل، علما أن هؤلاء هم الممارسون المباشرون للسلطة المخزنية الرعايا المكيفون للأوامر السلطانية[12].

تكونت الحكومة المركزية للمخزن من الوزير الأعظم الذي كان هو المعين الأول للسلطان، ووزير المالية أو أمين الأمناء أو ما يسمى بمول الشكارة، الذي تمثلت مهامه في الإشراف على المداخيل المالية للمخزن وعلى مصاريفه، ووزير البحر الذي كان بمثابة وزير الخارجية والذي كان يسمى أيضا بوزير الشؤون البرانية، بالإضافة إلى وزير الحرب ووزير الشكايات، فكانت مهمة الأول العمل على استتباب الأمن والقضاء على التمردات، أما الثاني فكان يشغل مهمة تلقي جميع أنواع الشكايات ويتولى تسجيل الظهائر المتعلقة بالمسائل الجبائية[13].

كان المخزن المغربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، له سلطة على أغلب مناطق المغرب، غير أنه في كثير من الأحيان كانت تقع تمردات القبائل في بعض الجهات، وامتناعها عن أداء الضرائب أو ظهور ثائر يدّعي لنفسه الحكم، كما هو الحال في المنطقة موضوع الدراسة، مع الروكي بوحمارة الذي زعزع أركان العرش العلوي لما أحدثه من قلائل للمخزن، وهو ما يجعل من السلاطين القيام بِحرْكات على القبائل من أجل استتباب الأمن.

بخصوص شمال المغرب الشرقي موضوع الدراسة، تكونت السلطة المخزنية فيه من العُمّال الذين كانوا يعتبرون الممثلين الفعليين للسلطان في الأقاليم، ” يقوم بمهامه تحت إشراف الخليفة، الذي يبدو أنه كان يرفع تقريراته عنه للسلطان كلما دعت الضرورة لذلك”[14].

يتحدث عبد الرحمان بن زيدان عن طريقة تولية العمال، في المناطق البعيدة عن مركز السلطة بقوله: “فالعمال ورؤوس القبائل وقواد المناطق كان يتم توليتهم بعد استشارة الأعيان وأفراد القبيلة، ووجهاء عيون عقلاء الرعية المحنكين )…( فكانت الظهائر السلطانية تأخذ رأي القبيلة والفرقة فيمن يُولّى عليهم، فمنهم من تختاره القبيلة لتدبير أمرهم، ومنهم من يوكل إليهم اختيار من يرضونه، ومنهم من يرشحه السلطان”[15]، لم يقتصر دور العمال على أسوار مدينة وجدة فقط، وإنما تعدى الأمر إلى أبعد من ذلك، عبر القيام بحركات على القبائل من أجل استتباب الأمن، يتحدث فوانو عن اختصاصات العامل بقوله:” لقد كان العامل قيما حقيقيا على المدينة، إذ تدخل ضمن اختصاصاته الدعاوى والشرطة وإلى حد ما القضاء، فهو الذي يعين خليفته ويختار مخزنا مخلصا له، وتمتد سلطته أيضا على القبائل المحيطة، والتي اعتبر زعماؤها مبدئيا شيوخا له عاديين تحت إمرته، لكنه كان لا يمارس هذه السلطة إلا في حدود الإمكان”[16] .

لا يمكن الجزم بصحة ما أورده فوانو حول أن زعماء القبائل كانوا تحت إمرته، حيث أن الأحداث التي عرفها الشمال الشرقي للمغرب، تبين أن زعماء القبائل في بعض الحالات كانوا يفوقون العمال سلطة، بحيث أنهم كانوا يدينون بالولاء للسلطان، وفي مقابل ذلك لا يعترفون بسلطة العامل والدليل على ذلك امتناعهم عن أداء الضرائب، وعدم الامتثال لأوامره.

بالإضافة إلى العامل فإن مكونات الجهاز المخزني بوجدة تكون من القضاة والأمناء، فإذا كان هذا هو حال حاضرة وجدة، فإن البوادي كان يدير أمرها قُوّاد القبائل أو ما يسمى بالزعامات القبلية، التي كانت في تنافس مع العمال الممثلين للسلطان الذين حذا بهم الأمر إلى المواجهة العسكرية.

المحور الثالث: ممثلي المخزن بشمال المغرب الشرقي والزعمات القبلية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

أسماء العمال

مدة الولاية

عبد السلام بن أحمد الداودي

شتنبر1859_ فبراير 1868

عبد السلام بن الحاج العربي

أبريل 1868_ نونبر 1869

بوشتى بن البغدادي

نونبر 1869 _ أكتوبر 1871

الجيلالي بن القطبي

دجنبر 1871 _ يونيو 1874

عبد القادر بن الحسين الجامعي

يونيو 1874 _ نونبر 1874

محمد بن البشير بن مسعود اليزناسني

نونبر 1874 _ غشت 1876

بوشتى بن البغدادي

شتنبر 1876 _ أكتوبر 1878

البشير بن عمرو الدليمي

مارس 1879 _ أكتوبر 1879

علي بن محمد كيدر

يناير 1880 _ يوليوز 1881

عبد الملك بن علي السعيدي

يوليوز 1881 _ يوليوز 1889

عبد الرحمان بن عبد الصادق

دجنبر 1889 _ فبراير 1892

عبد السلام بن بوشتى الشرقي

ماي 1892 _ يناير 1895

ادريس بن محمد بن يعيش

يناير 1895 _ نونبر 1897

بوبكر بن محمد الحباسي

نونبر 1897 _ ماي 1900

لائحة باسم العمال الذين تَوَلّو على عمالة وجدة ما بين سنوات 1900_1859[17]

يتضح أن العمال كانوا يتغيرون باستمرار، وهذا الأمر يرجع إلى عدم قدرتهم على حفظ الأمن والحد من الخصومات التي كان تفتعلها القبائل، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إعفاء الولاة وتبديلهم بآخرين، وهذا الأمر يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية في عدم الاستقرار.

يستفاد من هذه اللائحة أن جل العمال كان غريبا عن المدينة، باستثناء ميمون بن البشير بن مسعود اليزناسني، زعيم قبيلة بني وريمش.

يتم اختيار عمال شمال المغرب الشرقي بعناية من طرف السلطان، وهم عمال يوثق بولائهم وإخلاصهم، وجلهم غرباء عن المنطقة، مما سهل مهمة التحكيم بين القبائل، لكونهم لا يتوفرون على عصبية قبلية محلية، ويمكن إعفاؤهم من مهامهم، كلما اقتضت المصلحة ذلك، فيعودون إلى مواطنهم الأصلية، أو إلى مهامهم السابقة، وهذا ما جعلهم منقادين للأوامر المخزنية. [18]

إن ولاية محمد بن البشير بن مسعود اليزناسني، عرفت نوعا من الانحياز لقبيلته، وهو الأمر الذي تذمر منه أعداؤه خاصة لف أهل أنكاد، الذين راسلوا السلطان ونبهوا من سياسته الجائرة، انتهى به الأمر أسيرا من طرف السلطان، إثر الحملة التي قام بها السلطان على الجهة الشرقية، تجدر الإشارة إلى أن القوة العسكرية الضعيفة التي كان يتوفر عليها العامل، لم تسمح له ببسط سلطته على القبائل التي كانت تفوقه أحيانا قوة وعددا، الأمر الذي أدى بالعمال استغلال الصراعات بين القبائل، واللعب على موازين القوى عن طريق الانتظام في لف سواء مع أهل أنكاد أو بني يزناسن، بغية تأديب القبائل الممتنعة عن تأدية الضرائب.

لا يمكن أن نورد جميع الزعامات القبلية التي كان يعرفها الشمال الشرقي للمغرب، نظرا لكثرة القبائل، بل سنقتصر على زعامتين مهمتين كان لهما تأثير كبير على المنطقة، ووجد العُمّال معهما صعوبة كبيرة في إخضاعهما للمخزن وتحصيل الضرائب منهما، تمثلت الزعامة الأولى في الحاج محمد ولد البشير[19]* زعيم قبيلة بني وريمش اليزناسنية [تعد قبيلة بني يزناسن من أكبر القبائل المتواجدة في الشمال الشرقي للمغرب، وقد لعبت دورا مهما في تاريخ المنطقة الشرقية، خاصة في مقاومة المستعمر والدفاع عن وحدة الوطن، وينقسم بني يزناسن إلى أربعة أقسام” بني خالد، بني عتيق، بني منكوش، بني وريمش”][20]، أما الزعامة الثانية تمثلت فيالحاج السهلي ولد بوبكر[21]** زعيم قبيلة المهايا [المهايا أحد بطون عياض من عرب الأثبج الهلالية ، وهم قبيلة تعتمد نمط الترحال في حياتها، وتمتد مضارب خيامهم من النعيمة بسهل أنكاد وسيدي موسى على وادي إسلي إلى برڭنت][22].

المحور الرابع: الصراع بين ممثلي المخزن والزعامات القبلية حول زعامة الشمال الشرقي للمغرب

عرف المغرب خلال القرن التاسع عشر تحولات كبيرة على كافة المستويات، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية. لعل أهم هذه التحولات تلك ارتبطت بسياسة الحكم والتنازع حول العرش، وما خلفه هذا الأمر من استياء لدى الأوساط الشعبية، كما أدّى الاحتلال الفرنسي للغرب الجزائري إلى زيادة الضغوط على الشمال الشرقي للمغرب، مما أثّر بشكل مباشر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للسكان المحليين، فسياسيا كان المغرب يتخبط في ثورات داخلية متتالية في كل أنحاء البلاد، الأمر الذي جعل السلاطين يجابهونها من أجل استتباب الأمن، أما عسكريا مُنيَ المغرب بهزيمتين قاسيتين كشفتا عن ضعف المغرب عسكريا، تمثلتا في معركة إسلي واحتلال تطوان، فكنتا إيذانا بالتدخل الأوروبي في شؤون المغرب فمن الناحية الاقتصادية فكان المغرب يعرف نظاما اقتصادي يقوم على الفلاحة المعاشية، والتي لا تسد حاجات المغاربة، خاصة في سنوات الجفاف مع اعتماد وسائل تقليدية، أما على المستوى التجاري، عقد المغرب اتفاقيات مع الدول الأوروبية، التي كانت غير متكافئة استفادت الدول الأوروبية من خلالها من خيرات البلاد، أما اجتماعيا، عانى المغرب من توالي الكوارث الطبيعية التي تمثلت في الجفاف والطواعين والأوبئة، خلفت خسائر جسيمة.

انعكست وضعية المغرب الضعيفة، على شمال المغرب الشرقي بشكل سلبي، حيث وجدت الأطماع الاستعمارية الفرصة مواتية لتمهيد احتلال المغرب، وزاد الأمر تعقيدا الصراعات القبلية التي كانت تعصف بالمنطقة، فتفطّن السلاطين لأهمية الشمال الشرقي للمغرب، فبادروا بتعيين عمّال ينوبون عن السلطان، في حماية المنطقة من تمردات القبائل والعدو الخارجي، وذلك بتعزيز مدينة وجدة بحاميات عسكرية.

استمرت الاضطرابات في الشمال الشرقي للمغرب، بسبب الصراعات بين القبائل، وفي ظل عجز المخزن في الحد من الصراعات التي كانت تنخر جسم القبائل، ووقوفه غالب الوقت وقوف المتفرج، وعدم تدخله إلا في ظروف خوفه على مصالحه، أو استنجاد القبائل بالسلطان جراء جور أحد العُمّال أو تمرد أحد القبائل عن أداء الضرائب.

لم يكن الحاج ميمون ولد البشير زعيم قبيلة بني يزناسن، بالقائد الذي يجنح للسلم، إذ كثيرا ما كان يشن غارات على السهل، ففي الثامن من أكتوبر 1854م، اكتسح مدينة وجدة وبقي بها يومين، ففرض على أهلها ذعيرة من 20.000 فرنك، وفي شهر أكتوبر، استقر بوجدة عامل جديد يدعى قدور بن الكاضي، الذي عمل على الحد من الخلافات، بين بني يزناسن ولمهايا، وفي السادس من نونبر بعث بنو يزناسن بفرس من الصافيات[23]**، إلى القائد الجديد، وجاء الحاج ميمون إلى المدينة في ثلاثمائة من أهله، فكان أكثر أُبَّهة حتى من ذلك القائد الذي جاء لتحيَّته، فأذعن بني يزناسن للقائد الجديد بدفع الضرائب[24].

لا شك أن شخصية الحاج ميمون ولد البشير، لم تكن بالسهلة الانصياع للقائد وقبوله بأداء الضرائب، لولا علمه المسبق بعزم السلطان القيام برحلة نحو الجهة الشرقية، كما أن سلطة الحاج ميمون كانت تفوق العامل، وهو ما يوحي بانصياع القائد للحاج ميمون وليس العكس.

نزولا عند رغبة الحاج ميمون ولد البشير، قرر عامل وجدة اعتقال بعض من كبراء أهل أنݣاد، وذلك رغبة من بني يزناسن، للانتقام للحاج محمد الزعيمي[25]*، وقد نصب عامل وجدة مكيدة لأهل أنݣاد، حيث أقام على شرفهم مأدبة في 16 يناير 1856، وبعد المأدبة عاتبهم بشدة على علاقتهم بالنصارى، حيث أنهم كانوا قد قاموا بضيافة قبطان فرنسي يدعى دوانو، كما اتخذ عدم دفعهم للضرائب ذريعة لسجنهم، فما إن فشي الخبر حتى حاصر أهل أنݣاد وجدة، لمنع نقل السجناء إلى فاس، وأمام الورطة التي وقع فيها عامل وجدة نتيجة محاصرته، استغاث بكبير بني يزناسن الحاج ميمون لفك الحصار عليه، فجاء بجمع غفير لنجدته[26].

الواقع أن شخصية عامل وجدة كانت ضعيفة، كما أن سلطته كانت صورية، وهو الأمر الذي جعله ينفذ ما يملى عليه، من طرف الحاج ميمون ولد البشر، وهذا الأمر لم يزد الأمر إلا سوءا واحتقانا بين بني يزناسن وأهل أنݣاد الذين رأو في العامل أنه ينحاز لبني يزناسن وهو الأمر الذي زاد من حقدهم له، فجعل المنطقة تغرق في حالة من الفوضى كانت عواقبها وخيمة، لم تكن للعامل القوة اللازمة لردع القبائل المتمردة، وهو أمر فرضته وضعية المغرب العسكرية الضعيفة، كما أسلفنا الذكر، والتي لا تسمح بتعزيز الحاميات العسكرية بكثير من الجنود،

ففي سنة 1875م حضر إلى وجدة عبد الرحمان بن الشليح ومولاي علي أحد إخوان السلطان، من أجل استخلاص الضرائب ووضع حد للفوضى التي كان يحدثها الحاج محمد ولد البشير، وفي طريق عودة هذين المبعوثين إلى فاس، باغثهم الحاج محمد ولد البشير عند واد زا فدارت المعركة، وتخلى معسكر بن الشليح عن مدافعه ومتاعه، فسقط منها سبعون قتيلا ووقع في الأسر منها أربعمائة، كما تكبد بنو يزناسن خسائر كبيرة، فطاردوا فلول السلطان حتى واد زا[27].

كانت هذه الواقعة إيذانا بنهاية الحاج محمد ولد البشير، حيث انتهت به الأمور أسيرا بين يد السلطان المولى الحسن، نظرا للفوضى التي أحدثها في المنطقة وعدم اعترافه بسلطة السلطان، حيث حذا به الأمر إلى المواجهة المباشرة.

تسلم الحاج السهلي ولد بوبكر قيادة قبيلة لمهايا خلافة لوالده، فبدأ في البحث عن تحالفات جديدة، تمكنه من الانتقام لوالده من عامل وجدة الذي كان سببا في نكبته، فجمع الحاج السهلي حلفا يتكون من أكثر من ألف فارس وحوالي سبعة آلاف راجل، من قبائل السجع وهوارة وبني يزناسن، بينما لم يكن في صف العامل إلا حوالي خمسمائة فارس وستة آلاف راجل، من قبائل عرب تريفة وقسم من بني يزناسن، ففي 27 مارس 1886م اندلعت معركة قوية يسار واد الناشف، دامت ساعتان انهزم فيها حلف العامل ففقدوا فيها مائة وستون رجلا، بينما لم يفقد المهايا إلا ستة عشر رجلا، فكان نصرهم حاسما[28].

عزز هذا الانتصار مكانة الحاج السهلي بين القبائل، وواصل تمرداته على سلطة العامل، الذي لم يجد طريقة أخرى لقمعه فكان لا بد من استمالته، وجعله بصفه فعينه قائدا على المهايا سنة 1887م.

خاتمة

خلصت في ختام هذه الدراسة إلى مجموعة من النقاط الأساسية:

  • عاش المغرب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أوضاعا اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة، تمثلت في الهزائم المتتالية من طرف القوى الاستعمارية خاصة فرنسا وإسبانيا، جعلت المغرب يفقد مكانته وهبته أمام الدول، بالإضافة إلى خسارته أجزاء مهمة من ترابه، لا شك أن لهذه الهزائم وقع سلبي على المغرب بشكل عام والشمال الشرقي للمغرب بشكل خاص، هذا بالإضافة إلى توالي سنوات الجفاف والأوبئة، التي زادت من الأوضاع صعوبة.
  • شهد الشمال الشرقي للمغرب، ضعفا للسلطة المخزنية المتمثلة في العمال، الذين كانت قوتهم ضعيفة مقارنة بالزعامات المحلية، وبالتالي فدورهم في استتباب الأمن كان ضعيفا إن لم نقل منعدما، فكانت سلطتهم رمزية وهذا الأمر له ما يبرره ففرض الأمن في المنطقة كان يقتضي التوفر على قوة عسكرية كبيرة، وهذا ما كان يفتقده عمال وجدة، وأمام هذا الأمر جعل العمال إما يخضعون لقرارات الزعامات القبلية، أو الانتظام في لفوف من أجل تأديب القبائل المتمردة وغالبا ما كانوا يخسرون في المعارك.
  • التغير المستمر في العمّال، دليل على ضعفهم أو تحيزهم لقبيلة على حساب أخرى، أو وعدم قدرتهم على الحد من الصراعات التي كانت تعصف بالمنطقة، وبالتالي فالعمال كانوا سببا من أسباب استمرار الفوضى بين الزعامات القبلية.
  • لم يولي سلاطين المغرب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أهمية كبرى، وهو الأمر الذي جعل القبائل لا تعترف بسلطة الحاكم، حيث أن السلاطين كانوا يهتمون فقط بتحصيل الضرائب والحفاظ على مصالح المخزن بالمنطقة وعدم القيام بالواجب المتمثل في الحفاظ على مصالح وأمن القبائل.

لائحة المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم، سورة الحجرات، الجزء السادس والعشرون، رواية ورش.

المصادر

  • عبد الرحمان بن زيدان، العز والصولة في معالم نظم الدولة، د.ط، المطبعة الملكية، الرباط،1962، ج2.
  • محمد بن محمد بن مصطفى المشرفي، الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية وعد بعض مفاخرها غير المتناهية، جزآن، ت، إدريس بوهليلة، ط1، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، 2005، ج1.

المراجع

  • إبراهيم حركات، المغرب عبر التاريخ، ثلاثة أجزاء، ط2، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 1994، ج3.
  • ابن منظور، لسان العرب، ت، مجموعة أساتذة، مادة” قبل”، دار المعارف القاهرة، الجزء 46.
  • أحمد توفيق، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، إينولتان 1850_1912، ط3، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2011.
  • الطيب بياض، المخزن والضريبة والاستعمار ضريبة الترتيب 1880_1915، د. ط، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2011.
  • عكاشة برحاب، شمال المغرب الشرقي قبل الاحتلال الفرنسي 1873-1907، ط1، منشورات جامعة الحسن الثاني كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية، 1410ه/1989م، مطبعة النجاح الدار البيضاء.
  • لوي فوانو، وجدة والعمالة مونوغرافية وجدة وقبائل شرق المغرب، ثلاثة أجزاء، ترجمة محمد الغرايب، مطابع الرباط نيت، 2014، ج1.
  • محمد نجيب بوطالب، سوسيولوجيا القبيلة في المغرب العربي، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، 2002.
  • المختار الأكحل، مادة “القبيلة” ضمن، معلمة المغرب، مطابع سلا، طبعة 1410ه/1989م، ج19.
  • مصطفى الشابي، النخبة المخزنية في مغرب القرن 19، ط1، مطبعة فضالة، المحمدية، 1995.
  • مولاي عبد الحميد العلوي اسماعيلي، تاريخ وجدة وأنكاد في دوحة الأمجاد، ط1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1985، ج1.
  • نورالدين الموادن، التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للشمال الشرقي للمغرب خلال القرن التاسع عشر، ط 1، مطبعة حراء وجدة، ،2018،

المجلات

  • عكاشة برحاب، “وجدة مركز السلطة المخزنية بشمال المغرب الشرقي خلال القرن التاسع عشر”، ضمن مجلة كلية الآداب وجدة، جامعة محمد الأول، ع 3، 1992.
  1. نورالدين الموادن، التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للشمال الشرقي للمغرب خلال القرن التاسع عشر، ط 1، مطبعة حراء وجدة، ،2018، ص16.

  2. مولاي عبد الحميد العلوي اسماعيلي، تاريخ وجدة وأنكاد في دوحة الأمجاد، ط1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1985، ج1، ص 99.

  3. إبراهيم حركات، المغرب عبر التاريخ، ثلاثة أجزاء، ط2، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 1994، ج3، ص52.

  4. عكاشة برحاب، “وجدة مركز السلطة المخزنية بشمال المغرب الشرقي خلال القرن التاسع عشر”، ضمن مجلة كلية الآداب وجدة، جامعة محمد الأول، ع 3، 1992، ص131.

  5. ابن منظور، لسان العرب، ت، مجموعة أساتذة، مادة” قبل”، دار المعارف القاهرة، الجزء 46، ص 3545.

  6. القرآن الكريم، سورة الحجرات، الجزء السادس والعشرون، رواية ورش.

  7. المختار الأكحل، مادة ” القبيلة” ضمن، معلمة المغرب، مطابع سلا، طبعة 1410ه/1989م، ج19، ص 6605.

  8. محمد نجيب بوطالب، سوسيولوجيا القبيلة في المغرب العربي، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، 2002، ص 51.

  9. الموادان نورالدين، م.س، ص25.

  10. عكاشة برحاب، شمال المغرب الشرقي قبل الاحتلال الفرنسي 1873_1907، ط1، منشورات جامعة الحسن الثاني كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية، 1410ه/1989م، مطبعة النجاح الدار البيضاء، ص53.

  11. الطيب بياض، المخزن والضريبة والاستعمار ضريبة الترتيب 1880_1915، د.ط، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2011، ص68.

  12. أحمد توفيق، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، إينولتان 1850_1912، ط3، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2011، ص 470.

  13. مصطفى الشابي، النخبة المخزنية في مغرب القرن 19، ط1، مطبعة فضالة، المحمدية، 1995، صص29_38.

  14. محمد بن محمد بن مصطفى المشرفي، الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية وعد بعض مفاخرها غير المتناهية، جزآن، ت، إدريس بوهليلة، ط1، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، 2005، ج1، ص 39.

  15. عبد الرحمان بن زيدان، العز والصولة في معالم نظم الدولة، د.ط، المطبعة الملكية، الرباط،1962، ج2، ص3.

  16. لوي فوانو، وجدة والعمالة مونوغرافية وجدة وقبائل شرق المغرب، ثلاثة أجزاء، ترجمة محمد الغرايب، مطابع الرباط نيت،2014، ج1، ص 129.

  17. عكاشة برحاب، شمال المغرب الشرقي، م. س، ص 209. للتوسع في الموضوع، أكثر ينظر وجدة والعمالة، ج3.

  18. عكاشة برحاب، م.ن، ص 210.

  19. * الحاج محمد بن البشير بن مسعود: هو أحد أولاد البشير أو مسعود من بني وريمش، وأشهر زعماء قبائل بني يزناسن، المستقرة ببرديل وقال فوانو عن أولاد البشير: وكانوا لمدة طويلة سادة الجبل دون منازع، ويمتد عملهم فيما وراء ذلك، وغالبا ما كانوا في الواقع هم الممسكين الحقيقيين بالسلطة في منطقة وجدة، ومن الشخصيات الأكثر شهرة في أولاد البشير نذكر، البشير أو مسعود وأبناءه الحاج ميمون والحاج محمد، وأخيرا الحاج محمد الصغير بن الحاج محمد ولد البشير، لقد كان الثلاثة الأوائل منهم أكثر سلطوية، يتميزون بطموح لا حدود له، وكانوا يثيرون أحقادا فضيعة، إلا حد أن الحفاظ على سيادتهم لا يتم دون صراعات تدمي باستمرار جبل بني يزناسن وأنكاد، وفي مثل هذه الظروف يكون دور القائد خطيرا.

    نجح الحاج محمد ولد البشير، أن يجعل من نفسه عاملا من قبل السلطان مولاي الحسن الذي كان يراهن على مقدرته في إمكانية استتباب النظام بالمنطقة، لكن فوزه كان عنيفا وأدّى تنصيبه إلى معارضة هائلة حتى أن السلطان اضطر سنة 1875م، إلى إرسال جيش لإعادة كل المتحاربين إلى رشدهم، فتجرأ الحاج ميمون ولد البشير مزهوا بقوته إلى مهاجمة المحلة السعيدة فهزمها، لكن السلطان المولى الحسن قبض عليه سنة 1876م، وانتقم منه وأودعه السجن بفاس.

  20. للتوسع في هذه القبيلة ينظر قدور الورطاسي، بنو يزناسن عبر الكفاح الوطني.

  21. ** الحاج السهلي بن بوبكر المهياوي : قائد قبيلة المهايا بعد مصرع أبيه في مارس 1886، استطاع بقوة شكيمته وفطنته أن يحافظ على زعامة القبيلة واستمرار القيادة في أسرة أولاد بوبكر، أما على صعيد عمالة وجدة فقد عزّز الحاج السهلي مكانته داخل النسيج القيادي السائد، خصوصا بعد تراجع نفوذ الحاج محمد الصغير زعيم بني يزناسن، كما واجه بطموحاته سلطة العمال المعاصرين له، وظل حضور هذا القائد الحربي متميزا لأكثر من عقد من الزمن، في معظم الأحداث والتحالفات والمواجهات التي همت المنطقة، عند نهاية القرن التاسع عشر، وأغرقها في حالة من الفوضى والاضطراب، وبسبب مزاجه المتقلب وكثرة صراعاته، لا غرابة أن يكون الحاج السهلي قام بتحالفات مريبة، وأحد العوامل الرئيسية المتسببة في الوضعية المتردية التي كان يعيشها الشمال الشرقي للمغرب.

  22. للتوسع في هذه القبيلة ينظر عبد الوهاب بن منصور، قبائل المغرب، ج1.

  23. ** وهي من الخيول الأصيلة والتي كانت خاصة بالسلطان، والخيول أنواع منها الخيول الملوكية ” الصافيات” وخيول خاصة بالسلطان وأقاربه والشخصيات، ونوع خاص بعموم الأشراف والقواد والأعيان من الجند، وتستعمل في السفر ونوع أخير وهو صنف الرنانة، ويستعمل هذا النوع من لدن كل الجيش وهو مختص من السفر وحمل الأثقال.

  24. لوي فوانو، وجدة والعمالة، 3 أجزاء، د.ط، ترمحمد الغرايب، مطبعة نيت، الرباط، 2009، ج3، صص 57-58.

  25. * الحاج محمد الزعيمي، أحد كبار قسم بني خالد من قبيلة بني يزناسن، وكان قد اعتقل من طرف القائد علي بن الطيب الكناوي، بتحريض من قبيلة المهايا، ونقل بعد ذلك إلى مدينة فاس، وذلك سنة 1848.

  26. فوانو، م.س، ص59.

  27. فوانو، م.ن، ص 149.

  28. فوانو، م.ن، ج3، صص 191_ 193.

تحميل المقال في نسخته الكاملة

الإحالات:

  1. نورالدين الموادن، التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للشمال الشرقي للمغرب خلال القرن التاسع عشر، ط 1، مطبعة حراء وجدة، ،2018، ص16.

  2. مولاي عبد الحميد العلوي اسماعيلي، تاريخ وجدة وأنكاد في دوحة الأمجاد، ط1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1985، ج1، ص 99.

  3. إبراهيم حركات، المغرب عبر التاريخ، ثلاثة أجزاء، ط2، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 1994، ج3، ص52.

  4. عكاشة برحاب، “وجدة مركز السلطة المخزنية بشمال المغرب الشرقي خلال القرن التاسع عشر”، ضمن مجلة كلية الآداب وجدة، جامعة محمد الأول، ع 3، 1992، ص131.

  5. ابن منظور، لسان العرب، ت، مجموعة أساتذة، مادة” قبل”، دار المعارف القاهرة، الجزء 46، ص 3545.

  6. القرآن الكريم، سورة الحجرات، الجزء السادس والعشرون، رواية ورش.

  7. المختار الأكحل، مادة ” القبيلة” ضمن، معلمة المغرب، مطابع سلا، طبعة 1410ه/1989م، ج19، ص 6605.

  8. محمد نجيب بوطالب، سوسيولوجيا القبيلة في المغرب العربي، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، 2002، ص 51.

  9. الموادان نورالدين، م.س، ص25.

  10. عكاشة برحاب، شمال المغرب الشرقي قبل الاحتلال الفرنسي 1873_1907، ط1، منشورات جامعة الحسن الثاني كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية، 1410ه/1989م، مطبعة النجاح الدار البيضاء، ص53.

  11. الطيب بياض، المخزن والضريبة والاستعمار ضريبة الترتيب 1880_1915، د.ط، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2011، ص68.

  12. أحمد توفيق، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، إينولتان 1850_1912، ط3، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2011، ص 470.

  13. مصطفى الشابي، النخبة المخزنية في مغرب القرن 19، ط1، مطبعة فضالة، المحمدية، 1995، صص29_38.

  14. محمد بن محمد بن مصطفى المشرفي، الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية وعد بعض مفاخرها غير المتناهية، جزآن، ت، إدريس بوهليلة، ط1، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، 2005، ج1، ص 39.

  15. عبد الرحمان بن زيدان، العز والصولة في معالم نظم الدولة، د.ط، المطبعة الملكية، الرباط،1962، ج2، ص3.

  16. لوي فوانو، وجدة والعمالة مونوغرافية وجدة وقبائل شرق المغرب، ثلاثة أجزاء، ترجمة محمد الغرايب، مطابع الرباط نيت،2014، ج1، ص 129.

  17. عكاشة برحاب، شمال المغرب الشرقي، م. س، ص 209. للتوسع في الموضوع، أكثر ينظر وجدة والعمالة، ج3.

  18. عكاشة برحاب، م.ن، ص 210.

  19. * الحاج محمد بن البشير بن مسعود: هو أحد أولاد البشير أو مسعود من بني وريمش، وأشهر زعماء قبائل بني يزناسن، المستقرة ببرديل وقال فوانو عن أولاد البشير: وكانوا لمدة طويلة سادة الجبل دون منازع، ويمتد عملهم فيما وراء ذلك، وغالبا ما كانوا في الواقع هم الممسكين الحقيقيين بالسلطة في منطقة وجدة، ومن الشخصيات الأكثر شهرة في أولاد البشير نذكر، البشير أو مسعود وأبناءه الحاج ميمون والحاج محمد، وأخيرا الحاج محمد الصغير بن الحاج محمد ولد البشير، لقد كان الثلاثة الأوائل منهم أكثر سلطوية، يتميزون بطموح لا حدود له، وكانوا يثيرون أحقادا فضيعة، إلا حد أن الحفاظ على سيادتهم لا يتم دون صراعات تدمي باستمرار جبل بني يزناسن وأنكاد، وفي مثل هذه الظروف يكون دور القائد خطيرا.

    نجح الحاج محمد ولد البشير، أن يجعل من نفسه عاملا من قبل السلطان مولاي الحسن الذي كان يراهن على مقدرته في إمكانية استتباب النظام بالمنطقة، لكن فوزه كان عنيفا وأدّى تنصيبه إلى معارضة هائلة حتى أن السلطان اضطر سنة 1875م، إلى إرسال جيش لإعادة كل المتحاربين إلى رشدهم، فتجرأ الحاج ميمون ولد البشير مزهوا بقوته إلى مهاجمة المحلة السعيدة فهزمها، لكن السلطان المولى الحسن قبض عليه سنة 1876م، وانتقم منه وأودعه السجن بفاس.

  20. للتوسع في هذه القبيلة ينظر قدور الورطاسي، بنو يزناسن عبر الكفاح الوطني.

  21. ** الحاج السهلي بن بوبكر المهياوي : قائد قبيلة المهايا بعد مصرع أبيه في مارس 1886، استطاع بقوة شكيمته وفطنته أن يحافظ على زعامة القبيلة واستمرار القيادة في أسرة أولاد بوبكر، أما على صعيد عمالة وجدة فقد عزّز الحاج السهلي مكانته داخل النسيج القيادي السائد، خصوصا بعد تراجع نفوذ الحاج محمد الصغير زعيم بني يزناسن، كما واجه بطموحاته سلطة العمال المعاصرين له، وظل حضور هذا القائد الحربي متميزا لأكثر من عقد من الزمن، في معظم الأحداث والتحالفات والمواجهات التي همت المنطقة، عند نهاية القرن التاسع عشر، وأغرقها في حالة من الفوضى والاضطراب، وبسبب مزاجه المتقلب وكثرة صراعاته، لا غرابة أن يكون الحاج السهلي قام بتحالفات مريبة، وأحد العوامل الرئيسية المتسببة في الوضعية المتردية التي كان يعيشها الشمال الشرقي للمغرب.

  22. للتوسع في هذه القبيلة ينظر عبد الوهاب بن منصور، قبائل المغرب، ج1.

  23. ** وهي من الخيول الأصيلة والتي كانت خاصة بالسلطان، والخيول أنواع منها الخيول الملوكية ” الصافيات” وخيول خاصة بالسلطان وأقاربه والشخصيات، ونوع خاص بعموم الأشراف والقواد والأعيان من الجند، وتستعمل في السفر ونوع أخير وهو صنف الرنانة، ويستعمل هذا النوع من لدن كل الجيش وهو مختص من السفر وحمل الأثقال.

  24. لوي فوانو، وجدة والعمالة، 3 أجزاء، د.ط، ترمحمد الغرايب، مطبعة نيت، الرباط، 2009، ج3، صص 57-58.

  25. * الحاج محمد الزعيمي، أحد كبار قسم بني خالد من قبيلة بني يزناسن، وكان قد اعتقل من طرف القائد علي بن الطيب الكناوي، بتحريض من قبيلة المهايا، ونقل بعد ذلك إلى مدينة فاس، وذلك سنة 1848.

  26. فوانو، م.س، ص59.

  27. فوانو، م.ن، ص 149.

  28. فوانو، م.ن، ج3، صص 191_ 193.

Scroll to Top