الحركة الاحتجاجية بالمغرب بين واقع التجربة الميدانية والعالم الافتراضي (دراسة حالة المحتجين لحدث 20فبراير 2022 حول ارتفاع أسعار المنتوجات الغذائية)

باحث في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا
كلية الآداب والعلوم الإنسانية، تطوان - مرتيل
المغرب

ملخص

تتميز الحركة الاحتجاجية بالمدينة باعتبارها عالما واقعيا وتجربة ميدانية تختلف عن باقي وسائل الاحتجاج الأخرى المتجسدة في فضاء التواصل الاجتماعي، والحركة الاحتجاجية بما هي ظاهرة اجتماعية تسعى إلى المطالبة بالتغيير الاجتماعي والتعبير عن الآراء بحرية داخل الفضاء العام والخاص، كالمطالبة بخفض أثمنة الأسعار التي عرفت ارتفاعا مهولا في جميع المنتوجات الغذائية وغيرها من الأشياء الأخرى التي أثرت بشكل كبير على المجتمع. ومن هنا، فالاحتجاج داخل فضاء المدينة لم يعد كما كان له حضورا قويا كما كان بالأمس، ولعل هذا يرجع إلى خلق آلية أخرى للتعبير والاحتجاج ألا وهي فضاء التواصل الاجتماعي بجميع أصنافه ومن بينه (العالم الافتراضي) الذي يعد فضاء خاصا وملكا للإنسان يحتج فيه كما يشاء، كل هذا بفضل العولمة التي أفرزت لنا مجموعة من الآليات التواصلية سواء الرقمية وغيرها، ما يجعل منا ملامسة الأهداف التي كانت وراء هذه الحركة الاحتجاجية وكيف انتقلت من الفضاء العام إلى الفضاء الخاص فضاء التواصل الاجتماعي، ثم معرفة مطالب المحتجين ولماذا خرجوا للشارع. كلمات مفتاحية: الحركة الاحتجاجية، المجال، المدينة، التغير الاجتماعي، التواصل الاجتماعي، المجال العام، المجال الخاص.

Abstract

The protest movement in the city is characterized as a realistic world and a field experience that differs from other means of protest manifested in social media spaces. As a social phenomenon, the protest movement seeks to demand social change and express opinions freely within public and private spaces, such as demanding the lowering of prices, which have seen a significant increase in all food products and other items that have greatly impacted society. Therefore, protests within the city space are no longer as strongly present as they were in the past. This may be due to the creation of another mechanism for expression and protest, namely social media in all its forms, including the "virtual world," which is a private space owned by individuals where they can protest as they wish. This is all thanks to globalization, which has provided us with a range of communicative tools, both digital and otherwise, allowing us to touch upon the objectives behind this protest movement and understand how it transitioned from the public space to the private space of social media, as well as to know the demands of the protesters and why they took to the streets.

تقـــديــــــــــم

تتسم “الحركة الاحتجاجية بالمغرب بطابع الاختلاف عن الحركات الاحتجاجية الأخرى في دوال العالم”[1] حيث كانت انطلاقة جل الاحتجاجات من أجل المطالبة بالعدالة الاجتماعية والمجالية وتحقيق العيش الكريم للأسر، وهذه الاحتجاجات هي وليدة الصدفة ولم تأت فجأة وإنما أتت لمجموعة من التغيرات التي تطرأ اليوم على المجتمع وتكون عاكسة له من طرف الدولة أو المؤسسات الحكومية، هذا ما يجعل من الحركة الاحتجاجية بالأمس تختلف كل الاختلاف عن اليوم (العصر المعاصر)، كان قبل التعبير عن الرأي العام في الشارع أي في المدينة لكن مع ظهور العولمة بجميع وسائلها آنداك انتقل الاحتجاج من الجانب الميداني الذي يتجسد في مجال المدينة وشوارعها إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي سهلت طريقة الاحتجاج بطرق سلمية وعقلانية. ومن هنا أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في تنافس مع تجسيد الاحتجاج في المدينة، هذا العالم الافتراضي أو موقع التواصل الاجتماعي أنتج لنا مجموعة من الأشخاص يعبرون عن آرائهم في فضائهم الخاص وهذا الفضاء فيه كل الخصوصيات، لأن البعض غير قادر للخروج للشارع العام مخافة من مجموعة من الأشياء يفضلون الفضاء الافتراضي.

وتجدر الإشارة بأن الهدف الرئيس من هذه الحركات الاحتجاجية هو المطالبة بالتغير الاجتماعي أي المطالبة بأشياء بسيطة، (كالحق في العيش الكريم، تحسين الوضع الاجتماعي، الصحة والتعليم، المطالبة بتخفيض أسعار المواد الغذائية…) كل هذه المطالب تبقى مشروطة باللحظة الراهنة، وهذه الدراسة هدفها هو التعرف على أثر هذه الحركة الاحتجاجية، ومدى نجاحها، ثم التعرف على أهم المطالب التي تريدها هذه الحركة، بالإضافة إلى معرفة هل هدف هذه الاحتجاجات هو التغير الاجتماعي، أم هناك شيء آخر والهدف الأساس من ذلك التعرف على كيفية انتقال هذه الحركة الاحتجاجية من الميدان (أرض الواقع) إلى العالم الافتراضي وغيره.

لقد تم الاعتماد على المنهج الوصفي في مقالي هذا لوصف الحركة الاحتجاجية بالمغرب من خلال نموذج حدث يوم 20فبراير 2022، الذي جسد فيه جل المجتمع المغربي احتجاجهم المشروع، وهذا بطبيعة الحال يعتمد على تقنية كيفية؛ تقنية المقابلة لمجموعة من المحتجين الذين شاركوا في هذ اليوم من الاحتجاج بالمغرب والذين اعتبروا هذا اليوم بالنسبة لهم إحياء لحركة 20فبراير.

وفي هذا الإطار ننطلق من ثلاث افتراضات أساسية كالآتي:

الفرضية الأولى: يمكن اعتبار فضاء المدينة هو فضاء للحركة الاحتجاجية للتعبير عن الرأي العام والمطالبة بخفض أسعار المنتوجات الغدائية التي عرفت صعودا مهولا ثم الاحتجاج ضد القرارات التي لا تخدم الصالح العام.

الفرضية الثانية: نفترض أن الحركة الاحتجاجية هدفها الأول هو المطالبة بالتغير الاجتماعي، وتحسين الوضع المعيشي التي آلت إليه الظروف في يومنا هذا.

الفرضية الثالتة: ساهم فضاء التواصل الاجتماعي بشكل كبير في انتقال الحركات الاحتجاجية من فضاء المدينة إلى الفضاء الافتراضي الذي سهل مأمورية الاحتجاج والتعبير عن الآراء بكل حرية.

وبناء على ذلك نتساءل: ما المدينة؟ وما الحركة الاحتجاجية؟ وماعلاقتهما بالتواصل الاجتماعي؟ وهل فضاء المدينة هو الفضاء الأنسب للحركات الاحتجاجية؟ وما المطالب التي تطالب بها هذه الحركة الاحتجاجية؟ وكيف انتقلت الحركة الاحتجاجية من الاحتجاج في فضاء المدينة الى فضاء وسائل التواصل الاجتماعي؟

أولا: المدينة كمفهوم وكفضاء للحركة الاحتجاجية

1- المجال والمدينة

يتميز مجال المدينة بكونه المجال المفتوح العام الذي يختلف عن المجال القروي مجال القرية (المغلق)، ولهذا ارتأينا أن نطل الضوء على فضاء المدينة باعتباره (فضاء اجتماعي، إداري، سياسي وقانوني_حقوقي، واقتصادي) فالمدينة لها خصائص ومميزات تتميز بها من حيث التحضر والبنيات التحتية وشوارعها التي تعتبر مجالا مفتوحا للحركة الاحتجاجية. “والمجال بصفة عامة يحيل على أنه (جزء) من عالم الخطاب الذي تنطبق عليه فكرة، علاقة، وظيفة، ملكة، وفي علم النفس يسمى (مجال الإرادة)، مجمل الأفعال والأعمال المتوقفة على هذه الإرادة، وأن المجال ليس شيئا، وليس إحساسا، ولكنه نتاج ذهني.”[2] والمجال يختلف من مكان لآخر حيث نظرة السوسوسيولوجي لفضاء المدينة تختلف عن الجغرافي وعن التاريخي وعن الأديب، فمجال المدينة يستحضر كتصور ذهني، أي استحضار ماذا يقع في المدينة من احتجاجات وغيرها، هل بالفعل هذه المدينة هي فضاء مفتوح أم مغلق؟ بالفعل فضاء المدينة فضاء عام لكل الناس، وأن فضاء المدينة قبل أن يكون مجال للسكن، فهو مجال معاش، تحدث فيه مجموعة من الصراعات، إنه مجال للتفاوض، ومجال أيضا للتسوية.

ولهذا سوف نتطرق إلى بعض النظريات التي حاولت أن تدرس المدينة بواقعها الاجتماعي.

  • نظرية ماكس فيبر ودراسته النموذج المثالي للمدينة

إن هاته الدراسة لماكس فيبر (M. WEBER) (1920-1864) ستدخل علاقة السوسيولوجيا بالمدينة طورا آخر، إذ ستتحول من موضوع عرضي في سياق دعم تحليل معين عن تطور المجتمع، إلى موضوع يحظى بمؤلف كامل ومستقل أسماه “المدينة”[3]، ورغم كون هذا الكتاب يؤرخ لبداية الاهتمام السوسيولوجي الفعلي بالمدينة، فإن مساهمته النوعية هذه تندرج في إطار السوسيولوجيا التاريخية، وربما لم تمهل الظروف أو (الموت) هذا العالم ليترك لنا مؤلفا سوسيولوجيا متكاملا عن المدينة الحديثة.

وضع فيبر في هذا الصدد عدة تصنيفات للمدن وبالخصوص المدن الحديثة. “كأرنهم (Arnhem) مدينة “الملاكين”، أو ويسبادن (Wiesbaden)مدينة المتقاعدين، أو دوسلدورف (Dusseldorf) مدينة البنكيين، أو مدن الإنتاج الصناعي ك: إيسن (Essen) وبوخوم (Bochoum)، أو أخيرا مدنا حديثة تماما، وهي التي يسميها “المدن الحواضر”، حيث إن تحليل ماكس فيبر في هذا النص يقف عمليا عند نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر”[4]، وفي هذه الدراسة ركز ماكس فيبر على مرتكزين أساسيين هما “العقلنة والشرعنة”[5]، والعقلنة كما يفهما “هي نتيجة من نتائج التخصص العلمي والتمايز التقني الخاص بالحضارة الغربية. أنها تكمن في تنظيم الحياة من خلال تقسيم وتنسيق مختلف الأنشطة، وذلك بناء على دراسة دقيقة للعلاقات بين الناس، وبين أدواتهم ووسطهم بغية بلوغ أكبر قدر من الفعالية والمردودية.”[6]

يتطرق ماكس فيبر في دراسته للمدينة بين العقلنة والسلطة، بل أنه غالبا ما يتناول السلطة من منظور العقلنة. وأن السلطة في نظره لا ترتبط بما هو اقتصادي كما ذهب ماركس، لكن يمكن آن تقوم على آسس ثقافية معيارية، حيث ميز هنا بين السلطة التقليدية التي ترتكز على الإيمان بالسلطة وإعادة انتاجها انطلاقا من قداسة التقليد، ثم السلطة الشرعية البيروقراطية، القائمة على نظام شرعي بيروقراطي، أي المنبثق من العقلنة الغائية التي تحدد أنسب الوسائل لبلوغ أنسب الأهداف، ثم أخيرا السلطة الكاريزمية القائمة على الاعتقاد في القدرات الخارقة لفرد معين وهذا النوع من السلطة هو الأكثر ثورية في نظر فيبر لأنه يساعد على تحقيق غايات كثيرة في مدة زمنية قصيرة.

لقد أعطى فيبر عدة تعاريف وتصنيفات تكميلية للمدينة من وجهة نظر السوسيولوجيا التي تتجلى في «المدينة ككيان اقتصادي، كيان سياسي، ثم كيان إداري/قانوني«  وهذه التفصيلات نقوم بتوضيحها كالآتي”[7]:

المدينة كيان اقتصادي: حيث إن المدينة هي تجمع سكاني تجاري، لأن الوظيفة الأولى للمدينة وظيفة اقتصادية، إنها أولا وقبل كل شيء سوق دائم، يقول ماكس فيبر “لا يمكننا الحديث عن المدينة بالمعنى الاقتصادي، إلا في المكان الذي يستطيع فيه السكان المقيمون تلبية الجزء الهام من حاجيتهم اليومية من السوق المحلي، وذلك من خلال المنتوجات التي يصنعها السكان المحليون أو سكان الضواحي المباشرة، أو المنتوجات التي اقتنوها ليعيدوا بيعها في السوق[8]“. ويمكن التميز داخل الكيان الاقتصادي بين نمطين اقتصاديين هما: مدينة الاستهلاك ومدينة الإنتاج. حيث يمكن القول بأن مدينة الاستهلاك مدينة الموظفين، أو الملاكين، ومدينة الانتاج إما تكون مدينة صناعية وإما مدينة تجارية.

المدينة كيان سياسي: يميز هنا فيبر بين نمطين: المدينة الأميرية
Ville princière ، والمدينة الحصن La ville forteresse وهنا يعتبر أن العامل الاقتصادي نفس العامل السياسي، لأن مختلف الأنشطة الاقتصادية غالبا ما تكون في خدمة البلاط الاميري، أو الحصن العسكري.

المدينة كيان اداري/قانوني: إن المدينة إلى جانب الدور الاقتصادي والسياسي فهي مركز إداري، حيث يتواجد ممثلو الحكم المركزي، الذي يقنن مختلف الوظائف الأمنية والاقتصادية والسياسية والتشريعية، وهنا فالمدينة في حاجة إلى مختلف الأنشطة الاقتصادية وأن تتوفر فيها الخصائص التالية:”1- أسوار حامية، 2- سوق دائم، 3- محكمة خاصة وقانون خاص، 4- أشكال مناسبة من الجمعيات والشركات، 5- استقلال ذاتي ولو بشكل نسبي، وتكوين سلطة ذاتية (تسيير ذاتي) أي إدارة تشرف عليها سلطات عمومية تسير بمساهمة المواطنين المنتخبين.”[9]

  • نظرية الحركة الاجتماعية الجديدة

تعتبر هذه النظرية من النظريات الحديثة المفسرة للحركات الاجتماعية، وهذه النظرية تهتم أكثر بتطوير الهوية الجماعية، بدل اهتمامها بالأيديولوجيات القائمة، كما تميل إلى البروز من صفوف الطبقة المتوسطة، بدلا من الطبقة العاملة[10]“. وقد تم تأصيل هذه النظرية في أوروبا لتبرير مجموعة من الحركات الجديدة التي عرفتها في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كما أنها تطورت مع فريق ألان تورينAlain Tourine بفرنسا، وميلوسي Alberto Melluci بإيطاليا، وكلوس أوف بألمانيا، وكريسي بسويسرا، وغيرهم”[11].

تحدث ألان تورين عالم الاجتماع عن خصائص ومميزات الحركات الاحتجاجية حيث قال لابد من تحديد المبادئ التي تقوم عليها هذه الحركات والتي اعتبرها مبادئ وجودية[12]“. وتؤسس الحركات الاحتجاجية في نظر “ألان تورين” على ثلاثة مبادئ رئيسية والتي تتجلى في مبدأ الهوية(من هو الفاعل؟)، ومبدأ التعارض(من هو الخصم؟)، ومبدأ الشمولية( من أجل ماذا أدافع؟)، والذي يعد تلازما وارتباطا بعضها البعض شرطا أساسيا تستند عليه كل حركة اجتماعية.”[13]

ويمكن الحديث عن هذه المبادئ كما يلي:

– مبدأ الهوية: لا يمكن أن تنتظم الحركة الاحتجاجية حسب تورين إلا إذا كان هذا التحديد واعيا وذلك انطلاقا من قدرة الفاعل على تعيين مرجعيته التنظيمية أو المؤسساتية والتي تتيح للحركة إمكانية الإجابة عن أسئلة الهوية والانتماء الكفيلة بتحديد الجماعة المطالبة.

– مبدأ التعارض: يقتضي هذا المبدأ ضرورة تحديد الخصم باعتباره مكونا ينبثق عن صراع بين قوى متعارضة على مستوى التوجهات أو المصالح تبعا، لهذا اعتبر “تورين” أن الفاعل يمكن أن يجسد خصمه في قوة اجتماعية معينة أو توجهات عامة للحياة الاجتماعية والتي سعى هذا الأخير إلى إعادة النظر فيها[14]“. إن أي حركة لا يمكن تنظيمها دون تسمية خصمها مثل: الحركة النسائية التي ليست لها حركة مضادة، ولكن خصمها هو الايديولوجيا الفحوليه. وأن الحركة الأمازيغية التي خصمها العرب وهو الاتجاه الذي يوجد داخل الحضارة العربية الذي يرمي إلى امتصاص كل الثقافات الأخرى وتهميشها.

– مبدأ الكلية(الشمولية): يقصد “ألان تورين” هنا بأن الحركة الاجتماعية مكونة من وعي جمعي وبصيغة جمعية وشمولية لا أقلية وفردية من أجل النجاح في التأثير على الرأي العام من أجل الحصول على الحقوق والمطالب[15]“. إن هذا “المبدأ يحدد جميع الحركات الاحتجاجية، فالحركة العمالية مثلا لا تراهن وجودها بالرأسمال التي تعارضها بل بقيام مجتمع صناعي غير احتكاري وغير رأسمالي، وهذا هو مبدأ الحركة العمالية، لأن كل حركة تنشأ من خلال فرز خصمها ومن خلال مشروع كذلك أي مجتمع.”[16]

2- حول مفهوم المدينة والحركة الاحتجاجية:

تحمل المدينة في طياتها مفاهيم عديدة تختلف من شخص إلى آخر فعالم الاجتماع ينظر إليها على أنها فضاء للانفتاح وفضاء أيضا لخلق علاقات اجتماعية، وللحركات الاحتجاجية، وهذا يدل على أن هناك مفهومين أساسين يعتبران كمدخل لفهم وقراءة واقع الحركة الاحتجاجية بالمغرب.

أ. في مفهوم المدينة:

إن مفهوم المدينة مفهوم شاسع ومختلف عن المفاهيم الأخرى فالمدينة من الناحية السوسيولوجيا تختلف عن مفاهيم العلوم الاجتماعية، “وحين تساءل شكسبير(Shakespeare) عن المدنية بلسان سايسينوس فيلاتوس What is the city but the people ماهي المدينة؟ إنها الناس وهذا يعني أن سموها وانحطاطها مستمدان من ساكنيها وقيمهم”[17].”أما لا مبارد Lampard  فقد اعتبرها مكانا يتباين فيه الناس والفعاليات والإدارات الاجتماعية وتتميز عن الريف بشكل متدرج من الانعكاسات الاجتماعية، فأكد الجانب المادي للمدينة( Lampard.1963.p809 [18])، ويبدو أن (أوروسو Aurousseau) قد جعل قلب الانسان يخفق ولها بالمدينة لأنها تمثل كيانه بعد أن اتخذها مكانا يعيش فيه.”[19]

يعتقد “كاستلز أن المدينة في مفهومها ليست مجرد موقع متميز في منطقة حضرية ما، بل هي، في واقع الأمر، جزء لا يتجزاء من عملية “الاستهلاك الجماعي”، وهو من المكونات الجوهرية الرأسمالية الصناعية وليست المدارس، وخدمات النقل والمواصلات، ومرافق الترفيه إلا وسائل يقوم من خلالها الناس باستهلاك منتجات الصناعة الحديثة بصورة جماعية، كما أن نظم الضريبة بمختلف أشكالها وتؤثر في القرارات التي يتخدها الناس في ما يتصل بمعاملات الإقامة والسكن والاستثمار في مجال بيع العقارات وشرائها.”[20] وتمارس الشركات الكبرى والبنوك وشركات التأمين نفوذا كبيرا على هذه العملية، لأنها هي التي تقوم بالتمويل، وتقديم رؤوس الأموال اللازمة لمشروعات البناء الضخمة.

ب. في مفهوم الحركة الاحتجاجية:

ورد في اللغة وبالخصوص “تكملة المعاجم العربية، أن احتج يقصد بها تعلل بحجة أو على حجة، اعتذر بعذر وتظاهر بأن له عذرا، احتج في فعله على آن تعلل به، أي أتى به كحجة.[21]” أما في معجم الوسيط تعني كلمة أحتج عليه: أقام الحجة، وعارضه مستنكرا فعله.[22]

وتعرف الحركة الاحتجاجية بأنها “أشكال متنوعة من الاعتراض تستخدم أدوات يبتكرها المحتجون عن الرفض أو لمقاومة الضغوط الواقعة عليهم أو الالتفاف حولها، وهي أشكال منتشرة في كافة الفئات الاجتماعية وخاصة الواقعة منها تحت الضغوط الاجتماعية والسياسية وقد تتخذ أشكالا هادئة أو غير منظمة.”[23] وعليه يمكن استنتاج أربعة عناصر في تكوين الحركة الاحتجاجية، وهي: “فعل الاعتراض(الاحتجاج)، المعترض (فئة مجتمعية أو تنظيم)، والمعترض عليه(فئة مجتمعية أو سلطة)، موضوع الاعتراض(سياسي، اجتماعي، ثقافي.”[24]).

كما ساهم مجموعة من علماء الاجتماع في وضع مفهوم دقيق للحركات الاحتجاجية، ومنهم “تشارليز تيلي” الذي حدد مفهوم الحركات الاحتجاجية على أنها سلسلة من الأداء المتواصل والمعارضات والحملات التي يقوم بها الأشخاص العاديين المشاركة في السياسة، وعبارة عن عمل جماعي يهدف إلى تأسيس نظام جديد للحياة.[25]

أما “تير نير كيكيان  Turner kikkianيرى أن الحركة الاحتجاجية هي عبارة عن مجموعة من الأفعال الجماعية التي تتمايز عن الأنشطة التنظيمية والمؤسسية وفي المقابل يرى “فرنسوا شازل François chazel الحركة الاحتجاجية على أنها نسق اجتماعي وسياسي واقتصادي أفضى إلى فشل في ميكانيزمات التناول المؤسسي للصراعات.[26]

3- الاحتجاج والتجربة الميدانية:

 يعتبر الاحتجاج من أفضل سبل ووسائل الحركات الاحتجاجية في فضاء المدينة العام، فضاء القرارات والإدارات حيث إن أغلب المسؤوليين هم مستقرون في المدن التي تعتبر مجالا حضريا، والفضاء العام الذي نحن بصدده: لم  يعد يحظى بالاهتمام الكافيl’espace Publique بشكل عام، إلا مع ظهور العلوم الاجتماعية والفلسفية والسوسيولوجيا بالتحديد، يقول هابرماس في هذا الاطار “إن موضوع الفضاء العمومي هو الجمهور، باعتباره حامل رأي عام ذي وظيفة نقدية[27]“، وهنا جاء البحث لكشف طبيعة عمل هذا الفضاء بوصفه وسيط، الذي يربط الدولة بالمجتمع المدني. ويقول هابرماس في تعريف أخر للفضاء العمومي: “يمكن أن يفهم المجال العمومي البرجوازي، أولا وقبل كل شيء، باعتباره مجالا لمجموعة من الناس الخاصين المجتمعين في شكل جمهور، وهولاء الناس يطالبون بهذا المجال المقنن والمنظم من طرف السلطة، ولكنهم يطالبون به مباشر ضد السلطة نفسها، لكي يتمكنوا من مناقشتها حول القواعد العامة للتبادل، وحول ميدان تبادل البضائع والعمل الاجتماعي، وهو ميدان يبقى خاضعا بشكل أساسي، ولكن أهميته أصبحت ذات طبيعة عمومية[28].

تعد الحركة الاحتجاجية داخل المدينة وخارجها من اهتمام الباحث السوسيولوجي، الذي ينظر إلى  “الاحتجاج كحق مشروع.[29]” وعلى الجميع أن يحتج من أجل المطالبة بحقه أو المطالبة بتحقيق عدالة اجتماعية وعيش كريم، ثم المطالبة بتخفيض أسعار المنتوجات الغذائية التي عرفت ارتفاعا مهولا في المغرب، في وقت ووضع لا يتلاءم مع الوضعية التي يعيشها المجتمع المغربي اليوم، من فقر، بطالة، تهميش،  سكن غير لائق… وصرح أحد المشاركين بأن الاحتجاج في المدينة يكون أقرب لمركز القرار، بمعنى المجال الحضري هو الأجدار بشكل مباشر، ولماذا لا يكون الاحتجاج في العالم القروي؟

 هنا بطبيعة الحال أن القرية لا توجد فيها مراكز قرار وأن أغلب المحتجين ينحدرون من العالم القروي، زد على ذلك أن من يحتجون داخل المدينة فهم يحملون هموم الانسان القروي، في حين أن المحتجين الذين ينحدرون من أماكن مختلفة، فمنهم من يندرج تحت إطار أحزاب أو جمعيات، ومنهم من لا ينتمي لأي حزب سياسي أو أي شيء ايديولوجي، وهذه الفئة غلبيتها يكون هدافها هو المصلحة العامة، أي مصلحة الجميع فوق كل شيء كما قال أحد المشاركين في البحث، حيث نجد أن هناك من شارك في الاحتجاج الذي كان مبرمج يوم 20 فبراير2022 والخروج للشارع من أجل ايصال صوته إلى لجنة القرارت والمسؤوليين، أما بالنسبة للعلاقة بين الاحتجاج في الواقع والتواصل الاجتماعي فهناك علاقة وطيدة والاحتجاج في العالمين يكمل بعضهما البعض، ويبقى التساؤل مطروح حول فاعلية الاحتجاج في وسائل التواصل الاجتماعي وهل يمكن اعتباره بديلا للحركة الاحتجاجية الميدانية؟

بالفعل لا: كما يقول أحد المحتجين بأن الواقع الافتراضي لا يؤثر، أما الاحتجاج بشكل مباشرة في المجال العام تكون له رسالة هادفة وبشكل مباشر، ومثال على ذلك كما قال أحد المشاركين” لا تؤثر علي رسالة إن أتتني في الهاتف، لكن في الواقع إن لاحظت الرسالة تكون واضحة ولها معنى آخر” ولهذا فالبعض يفضل النزول للميدان للاجتجاج والتصدي لأي قرار لا يخدم الصالح العام.

 وعند محاورة أحد المحتجين حول الانتماء الحزبي فقد عبر قائلا: (أن هدفهم هو مصلحتهم الفردية، لذلك الاشتغال في مجال الحرية أفضل وأحسن بكثير وبدون قيد)، فالمحتجين بصفة عامة لا يثقون في المسؤوليين وقرارتهم التي لا تخدم المجتمع.

ونستنتج مما سبق، أن المحتجين فقدوا الثقة في المسؤولين… وأن من قال بأن الأوضاع التي نعيشها اليوم على أفضل حال فهذا كذب كما جاء على لسان المشاركين في الاحتجاج، وعند مساءلة المحتجين عن ردود فعل المسؤولين، فيجيبك بأنهم يستعملون الآذان الصماء لتمرير أي مخطط أو قرار، وهل يتم اشراك المجتمع المدني في اتخاذ هذه القرارات؟

فإجابته كانت بالنفي، فالمجتمع المدني يبقى حبرا على ورق، وأنت في الشارع كمحتج عن الوضع ورافع للافتات وشعارات، والمسؤولين أمامكم يضعون الآذان الصماء ولا يأبهون لهذا الاحتجاج ما هو رد فعلكم؟ ردنا هو الصمود حتى يتحقق الهدف الذي أتينا من أجله، وإن لم يكن هناك أي حل نبقى في الشارع. وهنا تبدأ مرحلة العراك بين الأمن والحركة الاحتجاجية، لأن في حالة عدم إفراغ الشارع العام يكون تدخل الأمن بالضرب والقوة والعنف، وهنا يتم البحث عن أشياء قانونية لتلفيق التهم للحركة الاحتجاجية بأنهم اخترقوا مجموعة من القوانين، ثم في الأخير أشار أحد المحتجين إلى وجود مسألة خطيرة، وهي تغليط الاعلام الرأي العام من طرف المنابر الاعلامية غير النزيهة.

إن الاحتجاج داخل المدينة في مجال عام أو خاص فهو حق مشروع، كما جاء في: (“دستور 2011من الفصل 29)”[30] بأن حرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات، ثم حق الاضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفية تنظيمه. ومادامت أي حركة احتجاجية نزلت إلى الشارع من أجل المطالبة بحقوقها وبطرق سلمية ولم يتم المساس بأي ملك خاص أو عام فلا يجب على الأمن التدخل بتاتا، ويستوجب على المسؤولين الحوار والتواصل مع المحتجين من أجل إعطاء حل مناسب يرضيهم، ويرضي المجتمع المدني.

ثانيا: الحركة الاحتجاجية والمطالبة بالتغير الاجتماعي

1- في مفهوم التغير الاجتماعي

من الصعبتعريف التغير الاجتماعي أو تحديده كمفهوم، لأن كل شيء في حياتنا كما نعلم عرضة للتغيير المستمر على الدوام،”[31] فكل يوم في حياتنا يوم جديد، وكل لحظة تمثل حدثا مستجدا في العمر، وعلى حد تعبير الفيلسوف اليوناني هيرقليطيس، “فإن المرء لا يستحم في النهر الواحد مرتين، لأن النهر يتغير بجريان الماء فيه مثلما يتغير الشخص فور إحساسه أو ملامسته لماء النهر، ورغم دقة هذه الملاحظة وصدقها الواقعي، فإننا نميل في العادة غالبا إلى طابع الثبات والديمومة ولو لفترات محددة على أنفسنا وعلى ما حولنا، ورفع ما يحدث من وجوه التغير، سواء أكانت طفيفة أم كبيرة، فإننا نظل نعتقد أن للنهر شكلا ثابتا، وأن للإنسان ولشخصيته ملامح تبقى على حالها من دون تغير[32]“.

2- النظرية الماركسية والتغير الاجتماعي

اهتم مجموعة من علماء الاجتماع بمختلف توجهاتهم الفكرية ومدراسهم النظرية بهذا المفهوم، واهتموا كذلك بالأسباب التي تساهم في إحداث التغيير في المجتمعات. حيث يعتبر “فيرشليد Fairchild[33]،”أن التغير الاجتماعي هو “أي تغير يعتري العمليات الاجتماعية أو النظم الاجتماعية، أو التكوينات الاجتماعية، وقد يكون التغير تقدميا أو تأخريا ثابتا أو مؤقتا، مخطط أو غير مخطط، موجه أو غير موجه مفيدا أو ضارا”.

أما عز الدين الخطابي في كتابه: ديناميات العلاقة بين التقليد والتحديث، يعتبر التغير الاجتماعي بأنه تبدل على مستوى البنية الاجتماعية، ناتج عن الفاعلية التاريخية لبعض المجموعات الاجتماعية، وهو تحول قابل للملاحظة على مدى زمني معين، بحيث يطال بشكل مستمر، البنية الاجتماعية أو وظائف التنظيم الاجتماعي لجماعة محددة، كما أنه يساهم في تغير مجرى تاريخ هاته الأخيرة[34]، ويرى أن التغيرات التي تعرفها المجتمعات تختلف اختلافا كبيرا بحسب الشروط المحددة لها وبحسب مصادرها، هل هي خارجية أو داخلية.

تتميز النظرية الماركسية عن النظريات الأخرى نظرا لكونها من النظريات السوسيولوجيا التي تناولت موضوع التغير الاجتماعي وأعطت الأهمية للعامل الاقتصادي الذي يلعب دورا أساسيا في هذا التغير، إذ ركزت على المادية التاريخية للكشف عن القوانين العامة للحياة الانسانية من جهة والتداخل والتفاعل في الأنشطة الاجتماعية من جهة أخرى.

“إن الأسلوب الانتاجي للحياة المادية يشترط تفاعل الحياة الاجتماعية، والفكرية والسياسية بصورة عامة فليس إدراك الناس هو الذي يعين معيشهم بل معيشتهم الاجتماعية هي التي تعين إدراكهم[35]“، بمعنى أن الوعي الاجتماعي ليس مسؤولا عن تحديد الحالة الاجتماعية للأفراد، بل وضعيتهم الاقتصادية هي التي تحدد وعيهم، وبالتالي فإن هذه النظرية الماركسية طرحت علاقة قوية بين الحياة المادية والوعي الاجتماعي، على اعتبارها في علاقة ديناميكية.

لقد ابتعد “كارل ماركس Karl Marx[36]“، عن التأملات الفلسفية في تحليله الواقع الانساني، واستعمل المنهج العلمي ليضعه في محل الاشكالات الميتافيزيقية، إلا أن هناك من المفكرين من نسب كارل ماركس إلى الفلسفة التي لم تكن معتمدة لديه في تحليل الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات وهذا ما يؤكد أن مقولات ماركس هي في الأساس مقولات اجتماعية واقتصادية.

تعد وجهة نظرة ماركس المتعلقة بالتحول الاجتماعي والتي لا تتحدد بدرجة وعي الناس وإنما بتحليل العلاقات الاقتصادية وأن تغير الأساس الاقتصادي يحدث انقلابا عاما في البناء الفوقي للمجتمعات، وأن أي تشكيلة اجتماعية لا تختفي قبل أن تتطور جميع القوى المنتجة التي تفسح لها ما يكفي من المجال ولا تظهر علاقات إنتاج جديدة قبل أن تتضح شروط وجودها المادي في قلب المجتمع القديم، فأساليب الانتاج، الأسلوب الأسيوي(القديم) والاقطاعي والبورجوازي(الحديث) مرسومة بخطوط كبرى يمكن اعتبارها بمثابة قوانين متصلة بالتشكيلة الاجتماعية.”[37] إن المادية التاريخية هي عبارة عن منهج ديالكتيكي يتمثل في فهم صيرورة الحياة الاجتماعية انطلاقا من أنها متحركة ومتحولة، نتاج التفاعل مع الطبيعة بأبعادها المختلفة والتي لها دور في نتاج منتجات الدماغ الانساني.

يتضح من خلال كل هذا، أن العالم بكل مكوناته في حالة دائمة من الحركة والتطور، وهذه الحركة نتجت عن تغيرات على جميع المنتوجات الاجتماعية والسياسية والفكرية والاقتصادية، ولا يمكن تصور عالم جامد لا يتحرك فمن خاصيته التطور والتغير.

إن المجتمعات تطورات عبر مراحل أساسية، المرحلة الوحشية أولا والمرحلة البربرية ثانيا ثم مرحلة الحضارة ثالثا، كما بين ذلك “لويس مورغان” في كتابه المجتمع القديم، وشرح هذا التصنيف فريدريك انجلز على النحو التالي:”[38]

المرحلة الوحشية: هي الفترة التي كان يسود فيها تملك المنتوجات الطبيعية الجاهزة للاستعمال، أما الأشياء التي ينتجها الانسان فقد كانت بالدرجة الأولى عبارة عن أدوات بسيطة تساعد على هذا التملك.

المرحلة البربرية: هي الفترة التي امتازت بإنتاج المنتوجات الطبيعية بفضل النشاط البشري.

المرحلة الحضارية: هي الفترة التي تعلم فيها الانسان تحويل المنتوجات الطبيعية، إلى منتوجات جديدة صناعة تحويلية، وفي فترة التصنيع بمعناه الصحيح وكذا الفن بمعناه الواسع.

تتميز الحياة الاجتماعية من وجهة نظر الماركسية، بماهي إلا شكل من أشكال حركة المادة التي تحتوي على مصادر التطور المجسد في المجتمع المقسم إلى طبقات متصارعة[39]“، ويكمن هذا الصراع الطبقي في عدم توافق القوى الانتاجية مع علاقات الانتاج، فمثلا: العلاقات البرجوازية للإنتاج تتسم بطابع التعادي في العمليات الاجتماعية للإنتاج، والتعادي هنا ليس بمعنى تعاد بين الأفراد، وإنما هو تعاد ينشأ عن الظروف الاجتماعية للحياة وفي الوقت نفسه الذي تتطور فيه القوى الانتاجية داخل المجتمع البرجوازي، يخلق هذا التطور ظروف مادية لحل ذلك التعادي.[40]

3- الحركة الاحتجاجية والمطالبة بالتغيير

تعتبر حركة 20 فبراير “حركة احتجاجية ظهرت بالمغرب سنة 2011(في سياق الربيع العربي) واتخذت من تاريخ انطلاقها(يوم20فبراير) اسما لها، ونظريا هي غير منتمية سياسيا لفصيل بعينه، بل حركة احتجاجية طالبت بتحقيق مجموعة من المطالب الاصلاحية(سياسية، اجتماعية، اقتصادية…) وانخرطت فيها فعاليات عديدة من تنظيمات حزبية ونقابية ودينية وثقافية ومجتمع مدني …وقد رد عليها النظام من خلال خطاب 9 مارس الذي أسس لدستور فاتح يوليوز 2011، والذي اعتبر مدخلا للإصلاحات المفترض تنزيلها للاستجابة لمطالب هذه الحركة.[41]” ولهذا فسياق “حركة 20فبراير تزامن مع الربيع العربي خصوصا الثورات التي عمت الدول العربية انطلاقا من تونس قبل أن تشمل باقي الدول، فالمغرب إذن لم يكن بمعزل عن مجريات الأحداث المحيطة، وقد تبنت الاحتجاج فيه حركة 20فبراير التي قادت الحراك الاجتماعي، وضمت هذه الحركة مختلف أطياف الانتماءات السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية والنقابية، التي اتفقت جميعا على مطلب الاصلاح السياسي، وبالذات الدستوري، وإن اختلفت حدة ودرجة المطالب من طيف إلى أخر.[42]

يتميز حدث 20 فبراير 2022 المتزامن مع حركة 20فبراير التي كانت سائدة من قبل وعرفت فترة ركود ويظن البعض أن هذا اليوم هو احياء لهذه الحركة وبعثها من جديد من أجل المطالبة بالتغير الاجتماعي، وحينما يتم الحديث مع المشاركين في البحث ماذا يمثل لك هذا اليوم(20فبراير)؟ بالنسبة لي إنه يوم مميز ومناسب ومن خلاله يتم تجسيد حضوري من أجل المطالبة بأبسط الحقوق، مثل الحق في الاحتجاج من أجل خفض أسعار المنتوجات الغذائية وغيرها… ومحاربة الفقر الذي أدى الى تدني مجموعة من الأسر وفي تقديري هذه المطالب بسيطة ومن حق أي شعب أن يطالب بها ويعبر عن رأيه في الشارع العام.

 والاحتجاج اليوم هو ضدا على كل القرارات التي اعتبرها المشاركين في البحث (مجحفة في حق المجتمع)، لأن غلاء المعيشة والركود الذي عرفه المجال
السوسيو-اقتصادي بسبب الارتفاع المهول الذي لا يتوقف يوما بعد يوم، فبالنسبة لي أن الغلاء على مستوى المواد الغذائية وغيرها، زاد من حدة تفاقم الوضع الاجتماعي مثل:(الفقر، البطالة، التهميش..) هو ما جعل منا الخروج للاحتجاج في فضاء المدينة، وهذا الاحتجاج ليس اعتباطيا، بل مدروس ومبرمج من طرف الحركة الاحتجاجية لأن ظهور وتراكم العديد من الأشياء مثل: العمل يوم والنوم لمدة أسبوع والعمل ب 80درهم أصبحت لا تسد رمق حاجيات الأسرة، حيث أدلى محتج بكلمة “راه تقهرنا بزاف أو ملنا هاذ البلاد”[43]  واليوم نحن هنا من أجل المطالبة بتغير الوضع السوسيو-اقتصادي وإعادة رد الاعتبار للموطن المغربي فالاحتجاج الجماعي يستمد منه المحتج قوته، بالإضافة إلى ذلك تحسين الوضع الاجتماعي وتوفير فرص للشغل وتحسين الداخل الفردي. والتغير لم يأت فجأة وإنما أتى لمجموعة من التحولات التي تقع في المجتمع، وأن التغير يتطلب من الحركة الاحتجاجية أن تكون لها ثلاثة مبادئ تحدث عنها آلان تورين، مبدأ الهوية ومبدأ التعارض ثم مبدأ الكلية.

يمكن القول، بأن “الحركة الاحتجاجية اليوم تمر بأربعة مراحل أساسية كما قال المحتج عن الوضع سواء من أجل المطالبة بالتغير الاجتماعي أو المطالبة بخفض الأسعار التي عرفت صعودا مهولا لم نكن نراه بالأمس.”[44]

المرحلة الأولى: تسمى بزمن التحضيرات التي جرت في العالم الافتراضي واتسمت بوضوح فكرة التغير المنشود الذي يفترض أن يقود إلى تحقيق الهدف المنشود، وتنطلق هذه المرحلة الأولى من الشباب والمثقفين، من بينهم أساتذة، والطبقات البروليتاريا الواعية بما يحدث، ويكون منحدرين من الطبقات الوسطى ومنفتحين على ثقافة العالم الخارجي، والحاملين لبعض القيام أو من سبق أن كان لهم علاقة شخصية أو عائلية بالمجتمع المدني أو بتيارات من أحزاب.. إلخ.

المرحلة الثانية: تسمى بمرحلة الخروج إلى العالم الواقعي(الميدان)، والاتصال المباشر بالإعلام والصحافة والجمعيات الحقوقية، ويكون هذا التظاهر إما في مدينة مشهورة أو أمام البرلمان، فالاحتجاج يختلف على حسب نوعية المحتجين، فالأساتذة لهم مكانهم الخاص مثلا أمام الأكاديميات كما للفلاحين والمعطلين أماكنهم الخاصة، لكن اليوم الهدف الذي نسعى وراءه فهو هدف جماعي وليس خاص لفرد واحد أو جماعة محددة من الناس، باستثناء (الطبقة البورجوازية) وفي هذه اللحظة يتم تحديد الزمكان في مجال عام واحد، كمجال المدينة للتظاهر والاحتجاج لتحقيق التغير الاجتماعي من ذلك.

المرحلة الثالثة: هي مرحلة الحراك في الشارع ويكون في هذه المرحلة حمل لفتات تدعو إلى التغير وبعض التماثيل التي تدل مثلا على الغلاء المعيشي الذي نعيشه اليوم، سواء من بطالة، تهميش، الفقر، والخناق على الحرية العامة، ورفض كل أشكال الاحتجاجات من طرف الدولة بمؤسستها المخزنية.

المرحلة الرابعة: مرحلة تشكيل تنسيقيات المدن التي تتحول إلى مفاوضات سياسية بين التيارات، وهنا إن لم يتم التوصل إلى الحل، يبدأ العراك في الشارع العام، وهو إبعاد الحركة الاحتجاجية من طرف الأمن بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة المتجسدة في:(الضرب، الاعتقالات، المطاردات) والمحتجين المستهدفين الأوائل من ذلك هم رؤساء التسيير ما يسمى بالطريقة العامية(رأس الحربة)، أضف لذلك المتبعات بقضايا ملفقة بمجموعة من التهم، والهدف من استحضار الأمن هو إفراغ الشارع العام خوفا من الفضح السياسي تجاه جمعيات وحقوقيين مثل (الجمعيات العالمية).

ويمكن القول بأن الحركة الاحتجاجية تجعل الشارع مسرحا لها ومسرحا لعماليتها التغيرية وتحقيق الهدف المنشود لا غير.

ثالثا: فضاء التواصل الاجتماعي وأليات الاحتجاج من المجال العام إلى المجال الخاص

1- التواصل الاجتماعي كمفهوم

للتطرق إلى مفهوم التواصل الاجتماعي فهذا المفهوم ينقسم إلى قسمين: مفهوم التواصل ومفهوم التواصل الاجتماعي.

مفهوم التواصل: أصبح التواصل رهانا أساسيا في المجتمعات المعاصرة وخاصة في عوالم الاقتصاد والسياسة.

يعتبر «التواصل تطور تكنولوجيات الإعلام والتواصل الجديدة، واحد من بين أكثر الظواهر أهمية في المجتمعات المعاصرة، ذلك أن تقنيات التواصل تغير في بعض الأحيان التفاعلات بين الفاعلين الاجتماعيين”[45]، بل إن جزاء كبيرا من النشاط السياسي والاقتصادي اليوم، يقوم على استراتيجيات التواصل: مثل تغطية الأحداث، فرض إشكالية اجتماعية معينة داخل النقاش العمومي…إلخ.

والتواصل هو ذلك الميكانيزم الذي بواسطته تتواصل العلاقات الانسانية وتتفاعل فيما بينهما.

ومفهوم التواصل الاجتماعي: يمكن القول بأنه لا يوجد مفهوم محدد لكلمة social media أو التواصل الاجتماعي، حيث بدأ استخدام هذا المفهوم ليعبر عن نوع جديد من التواصل وهنا يتم تحديد دقيق للتواصل الاجتماعي فيما يخص القضية التي نحن بصدد مناقشتها، حيث تناولت الكتب الغربية تعريف التواصل الاجتماعي من خلال التحدث عن المواقع الاكثر استخدما مثل (الفيسبوك، تويتر) في حين تجاهلت بعض المواقع والتي يشيع استخدمها في مناطق بالعالم دون الاخرى مثل orkut أو حتى موقع الرسائل النصية arxit والمستخدمة بكثرة في جنوب افريقيا[46].

يعتبر مفهوم التواصل الاجتماعي[47] عبارة عن تطبيقات تكنولوجية إلكترونية قائمة على نظم الجيل الثاني للويب لتحقيق التواصل والتفاعل بين مختلف الأفراد المنتشرين حول العالم بالمراسلات المكتوبة والمسموعة والمرئية مع تحقيق الاتصال الفوري بما يحقق أكبر فائدة لتجميع الشعوب في موقع التواصل عن بعد.

 

2- التواصل الاجتماعي وأليات الاحتجاج في الفضاء الخاص

يعد اليوم موقع التواصل الاجتماعي من الآليات الاحتجاجية الجديدة التي يراهن عليها المجتمع والحركة الاحتجاجية بشكل أخص، حيث أصبح موقع التواصل الاجتماعي يعرف مرونة واضحة عند الشباب والكبار والمتقفين وغيرهم حيث أضحى الفضاء الافتراضي فضاء تعبيريا وحرا بالنسبة للحركة الاحتجاجية، بل أصبح الفضاء (العالم الافتراضي) الرقمي مجالا بديلا، وتطورات الحاجة عند المجتمع.

لقد تحول موقع التواصل الاجتماعي (العالم الافتراضي) إلى موقع احتجاج لدى الحركة الاحتجاجية فمن خلاله يستطيعون أن يعبروا عن آرائهم المختلفة حول موضوع أو ظاهرة معينة ليتطور ذلك إلى أن أصبحوا يستعملونه للتعبير عن رفضهم لمختلف السياسات التي تمس الندرة المعيشية والمهنية للمواطن، مما نطرح السؤال، لماذا الاحتجاج في وسائل التواصل الاجتماعي؟ فالاحتجاج في هذا الفضاء مسألة طبيعية فتحت للعديد من الناس غير قادرين على التعبير عن أرائهم في الواقع يتم التعبير عنها في عالمهم الخاص، عن طريق كتابة تدوينة على صفحته الفيسبوكية، وهذا العالم أصبح متصل بمجموعة من الناس الذين يروان التدوينات، ومن خلاله أيضا يتم تمهيد المرحلة الأولى للاحتجاج، فالاحتجاج في الواقع يكون معلنا عنه في الفضاء الافتراضي الذي من خلاله يتم تحديد الزمن والمكان العام للاحتجاج الذي يتجلى في المدينة، أيضا ساهم بشكل كبير في نقل الأحداث والصوار والفيديوهات لتصبح علنية، وتصبح لدى المجتمع نظرة شمولية حول الحركة الاحتجاجية ولماذا الاحتجاج، إذن هل الاحتجاج في العالم الافتراضي بديلا للاحتجاج في العالم الواقعي،؟ بالفعل لا فعالم الواقع ملموس والاحتجاج فيه يكون مسموع من طرف المسؤوليين، أما العالم الافتراضي لحظي، وفي المستقبل ربما يكون العالم الافتراضي مكان للاحتجاج والمدينة تصبح فارغة من الاحتجاج. لأننا اليوم في زمن الرقمنة التي سيطرت بشكل كبير على المجتمع. ومن خلال العودة إلى سيرورة الاحتجاج سابقا كان ينطلق وينظم في المركز وكان موقعه الرئيسي هو الشارع العام لأن جل المحتجين كانوا يبرمجون خوض احتجاجاتهم في الأقطاب الاقتصادية أو الادارية بالمغرب بمعنى الدار البيضاء، الرباط، مراكش، فاس، وبعدا ذلك انتقل الاحتجاج من التقليدي الذي كان يتمثل في الادارة والاقتصاد ولم يعد حكرا عليها بل أصبح يشمل جمعيات جهات المغرب، ولاسيما بعد سنة 2011 أضحى العالم الافتراضي هو مسرح العملية الاحتجاجية ومختبر للتحضير والتصميم للاحتجاج الواقعي حيث يبنى افتراضيا ويمسرح واقعيا.

إن العالم الافتراضي من خلال آلياته التفاعلية مكن الحركة الاحتجاجية من ولوج ديمقراطية تداولية يكون فيها التداول مفتوحا ومتنوعا ومتعددا، فالجميع نخبة والجميع مثقف والجميع يمكن أن يحتج ويناقش ويدلي برأيه…وهذا الفضاء سيصبح وعاء للحركة الاحتجاجية فيما بعد فالحركة الاحتجاجية وقبل أن يصل المحتجون إلى مكان الاحتجاج يأخذون سلفيات وينشرون على المباشر ويعلنون عن مطالبهم وعن شعارتهم، نحن متوجهون إلى مكان الاحتجاج ونطالب بكذا وكذا… وإبان الاحتجاج يتم تقاسم الصور والفيديوهات على أساس أن ما يهم ليس الاحتجاج في صيغته الواقعي بل الاحتجاج في صيغته الافتراضية والذي يمكن من تأريخ لحظة الاحتجاج وانتشاره وتأثيره لأكثر عدد من المشاهدين والمتتبعين.

إن الاحتجاج الافتراضي أصبح أكثر فاعلية من الاحتجاج الواقعي وتمكن كذلك هذا الفضاء الافتراضي من خلق نوع من المعارضة التي ستصبح معارضة فيسبوكية افتراضية من خارج المؤسسات.

خـــــلاصــــة

يتضح من خلال دراستي هذه، أن مجال مدينة مكناس هو الفضاء العام للاحتجاج الذي اتفق عليه جميع المحتجين لما له من دور فعال على اعتبار أن هذا الفضاء هو ملتقى جميع الأجناس والأشخاص من كل مكان. وهو ما أعطى الأهمية التي احتلتها الحركة الاحتجاجية في مجال حمرية بمكناس وأعطى المساحة الزمكانية التي تفاعلت على مسرحها في الشوارع والميادين. لقد جاء موضوع الدراسة المتمحور حول الحركة الاحتجاجية بالمغرب، حول الغلاء المعيشي الذي يعيشه المجتمع اليوم وأخص بالذكر حدث 20فبراير 2022، المتزامن مع حركة 20فبراير التي كانت سائدة قبلا، ويعتبر هذ الحدث هو إحياء لهذه الحركة التي يظنها البعض أنها حركة كانت ولم تعد.

إذا كانت الحركة الاحتجاجية تطالب بخفض الأسعار في جميع المنتوجات الغذائية وغيرها كالمحروقات التي شهدت صعودا سريعا لم نكن نتوقعه في زمننا المعاصر، فمن هنا يعتبر فضاء المدينة هو المسرح الفعلي لتحقيق المطالب الاجتماعية والتصدي للقرارات التي اتخذتها الحكومة، قرارات عاكسة للمواطنين والصالح العام، في حين أن الحركة الاحتجاجية لا تكتفي بذلك بل رفعت أيضا شعارات المطالبة بالتغير الاجتماعي وتحسين الوضع المعيشي والخروج من مأزق الأزمة الخانقة التي أدت إلى ظهور ظواهر اجتماعية مثل: الفقر، البطالة، التهميش، علاوة على ذلك ظهور الجرائم والنهب والانتحارات في صفوف أفراد المجتمع، هذه الظواهر ليست بجديدة لكن تفاقمت حدتها بسبب الأزمة المعيشية الخانقة. ولهذا يجب إعادة النظر في هذه المسألة الخطيرة التي باتت تهدد المجتمع اليوم.

إذا كان فضاء التواصل الاجتماعي له دور كبير وأساسي في تسهيل عملية الاحتجاج سواء في الفضاء العام (المدينة) أو الفضاء الخاص ( العالم الافتراضي) من أجل التعبير بكل حرية، فإن هذا الفضاء لا يمكنه أن يعتبر بديلا للاحتجاج في العالم الواقعي، على الرغم من أننا اليوم في زمن الرقمنة، فداخل هذا الفضاء أشياء إيجابية وأخرى سلبية فالأولى توحي بأن الفضاء الافتراضي فتح فرصا عديدة لنشر الصور والفيديوهات والتعريف بمكان الاحتجاج، أما من الناحية الثانية يتجلى في الإعلام المغلوط الذي يغطي على بعض الأحداث المهمة ويساهم في خلق تشويش على الحركة الاحتجاجية، ونشر احتجاجات مغلوطة بمجموعة من الصوار والتعاليق التي تكون عاكسة لمصالح الحركة الاحتجاجية والرأي العام. 

 

 

تحميل المقال في نسخته الكاملة

الإحالات:

  1. [1]  مشارك في البحث يبلغ من العمر45 سنة، عازب، المستوى الدراسي السادس ابتدائي، عامل يومي بديار المهجر، ألمانيا.
  2. [2] آندري لالاند، موسوعة لالاند الفلسفية، المجلد الأول، الطبعة الثانية، باريس: منشورات عويدان بيروت، 2001.ص، 298. للمزيد من التفاصيل انظر: خريصي عبد الحكيم، المجال والنوع بواحة تافيلالت: دراسة حالة زيز الأوسط والأدنى، عن الزهرة الخمليشي وياسين يسني، دراسات النوع الاجتماعي بالمغرب: نحو براديغم تقاطعي في التفكير والكتابة. تطوان: منشورات جنوب شمال،2021، ص، 101.
  3. [3] من الجدير بالذكر هنا أن جل مؤلفات ماكس فيبر قد نشرت بعد وفاته، ونص” المدينة” أيضا، حيث تم نشره سنة 1921 أي عاما بعد وفاته وذلك في المجلة التي كان يديرها والتي كان عنونها بالألمانية هو:
  4. “Archiv  fur Sozialwissenshaft und Sozilpolitic” ثم سيدرج ضمن كتاب” الاقتصاد والمجتمع” فيما بعد وذلك بعناية من ماريان فيبر(Marianne Weber) ، في عبد الرحمان المالكي، مدرسة شيغاغو ونشأة سوسيولوجيا التحضر والهجرة، الدار البيضاء: أفريقيا الشرق، 2016، ص، 23.
  5. [4] Julien Freund. Préface de la traduction française. De la ville de Max Weber. Ed. Aubier Montaigne. Paris. 1982.P.8.  
  6.   [5]يقول ج، هابرماس بهذا الصداد: “إن ماكس فيبر قد ترك نفسه ينقاد في أبحاثه التاريخية السوسيولوجية من طرف فكرة كانت قاسية بالنسبة لبنائه الفكري ولكل نظريته: إنها فكرة امتداد العقلانة إلى كل مجالات المجتمع، ذكر في:
  7. – Jean Rémy& liliane Voyé. La ville et lurbanisation. p.211عن عبد الرحمان المالكي، مدرسة شيغاغو، مرجع سابق، ص، 25.
  8. [6]   المرجع نفسه، ص، 26.
  9. [7] Max Weber. La ville. Traduit de l’Allemand par Philippe Fritsch. Ed Aubier Montaigne. Paris. 1982. P.17.18.  
  10. [8] IBID. P. 19.
  11. [9] IBID.P.37.
  12. [10] أسماء الاسماعيلي، الحركات الاحتجاجية بالمغرب، الجدور والسياق والمأل، مسالك الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد، 2018، ص، 113.51،52
  13. [11] Neveu E eic. Sociologie des Mouvement sociaux. Edition la découverte repers. 207. 3éme édition. Paris. 2002. P66.
  14. [12] G. Rocher. Introduction à la sociologie générale. Tome 3. Le changement social. Editions. HMH. Montréal. 1968.P.148.
  15. [13] A. Tourine. Sociologie de l’action. Essai sur la société industrielle. Editions. Seuil .Paris.1965. P.155.156.
  16. [14] هناء شريكي، الشباب ومظاهر الاحتجاج بالمجتمع المغربي، تجربة 20فبراير نموذجا، قضايا معاصرة العدد الثاني، السنة 2017، ص، 198،197.
  17. [15] ألان تورين، براديغما جديدة لفهم عالم اليوم، المجلس الأعلى للثقافة، ترجمة أدوار مغيت، القاهرة: المشروع القومي للترجمة، 1997، ص،29.
  18. [16]  المرجع نفسه، ص. 30.29.
  19. [17]حميد فارس شكري، المقاومة الثقافية في البيئة الحضرية، دراسة تحليلية في تحولات الهوية العمرانية، بيروت: دار البيروني للنشر والتوزيع،2013، ص، 7.
  20. [18]المرجع نفسه، ص، 7.
  21.  حميد، المرجع نفسه، ص،7،8.[19]
  22.  أنتوني غيدنز، علم الاجتماع، ترجمة وتقديم فايز الصباغ، الطبعة الرابعة، بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2005، ص، 602. [20]
  23. [21]دوزي رينهارت، تكملة المعاجم العربية، الجزء الثالث، حرف الحاء، نقله إلى العربية وعلق عليه: محمد سليم النعيمي، الطبعة الأولى، العراق: منشورات وزارة الثقافة والاعلام العراقية، دار الرشيد للنشر، 1981، ص، 59.
  24.  [22] المعجم الوسيط، إصدارات مجمع اللغة العربية، الطبعة الرابعة، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2004، ص، 156.
  25. [23] ربيع وهبة وآخرون، الحركات الاحتجاجية بين السياسي والاجتماعي في الوطن العربي (مصر، المغرب، لبنان، البحرين)، الطبعة الاولى، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،2011، ص، 31.
  26. [24] المرجع نفسه، ص، 31، 32.
  27. [25] Boudon Raymond. Et autre. Dictionnaire de la sociologie. Impression. Bassiere. France.2005. P. 159.
  28. [26] توفيق عبد الصادق، حركة 20 فبراير الاحتجاجية في المغرب، مكامن الخلل وإمكان النهوض، مجلة المستقبل العربي، العدد 426، 2014، ص، 73.74
  29. [27] Jürgen Habermas. L’espace public. Paris. Payot. 2006.  P.10.
  30. [28] IBID. P.30.
  31. – Habermas Jurgen1988). L’espace public. Archéologie de la publicité comme dimension Constitutive de la société bourgeoise. Traduit par Marc De Launay. Paris. Payot.1993).
  32. – نشير إلى أنه أعيد طبع الكتاب للمرة السابعة عشر بتقديم مطول لهابرماس في 1992، في الترجمة الفرنسية يستخدم المترجم: Sphére Public وespace Public وقد قمنا بنقل المفهومين بنفس الدلالة الفضاء العمومي)، كما أن هناك من يستخدم مجال عام أو عمومي/ ميدان عام أو عمومي/ حيز عام أو عمومي.
  33. [29]  مشارك في البحث، يبلغ من العمر 35سنة، حاصل على الاجازة، عامل يومي، متزوج وله (3 أبناء).
  34. [30]  ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27شعبان1432 (29يوليوز2011)، متعلق بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية، عدد5964 مكرر 28شعبان 1432 (30يوليوز2011)، الرباط، المطبعة الرسمية.
  35.  [31] أنتوني غدنز، علم الاجتماع، ترجمة فايز الصباغ، الطبعة الرابعة، لبنان، المنظمة العربية للترجمة، بيروت،2005، ص، 104.  
  36. [32] المرجع نفسه، ص،105.
  37. [33] عمر فادية الجولاني، التغير الاجتماعي، مدخل النظرية الوظيفية لتحليل التغير، مصر: مطبعة الانتصار، إسكندرية، 1993، ص، 13.
  38. [34]  عز الدين الخطابي، دينامية العلاقة بين التقليد والتحديث، الدار البيضاء: إفريقيا الشرق،2015، ص، 45.
  39. [35]كارل ماركس، انجلز فريدريك، مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي، مختارات الجزء الثاني، موسكو: دار التقدم، بدون تاريخ النشر، ص، 8.
  40.  [36] أحمد القصير، منهجية علم الاجتماع بين الماركسية والوظيفية البنيوية، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة، 2012، ص، ص، 77،78.
  41. [37]  ماركس، انجلز، مساهمة في نقد…المرجع سابق، ص،8،9.
  42. [38] فريدريك انجلز، أصل الأسرة والملكية الخاصة والدولة، ترجمة يوسف أديب شيش، سوريا: دار التكوين للتأليف والنشر، دمشق، 2011، ص، 37.38.
  43. [39] محمد أحمد الزغبي، التغير الاجتماعي بين علم الاجتماع البرجوازي وعلم الاجتماع الاشتراكي، الطبعة الرابعة، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسة والنشر، 1991، ص، 99.100. 
  44. [40] أحمد القصير، منهجية علم الاجتماع، المرجع السابق، ص، 81.
  45. [41]  عبد العزيز غوردو، الحكامة الجيدة في النظام الدستوري المغربي، الطبعة الأولى، لندن: الناشر، أي – كتب، شركة بريطانية مسجلة في إنجلترا برقم 7513024، 2015، ص، 114.
  46. [42]  المرجع نفسه، ص، ص، 113،114.
  47.  [43] مشارك في البحث، عامل يومي يبلغ من العمر38سنة، حاصل على شهادة الاجازة في اللغة الفرنسية، متزوج وله طفلين.
  48. [44] مشارك في البحث، مساعد اجتماعي، يبلغ من العمر 40 سنة، حاصل على الماستر في علم الاجتماع، أعزاب.
  49. [45] فريدريك لوبرون، قاموس السوسيولوجيا 250كلمة من أجل فهم وممارسة علم الاجتماع، ترجمة زكرياء الابراهيمي، مراجعة وتقديم خديجة الزاهي، الطبعة الأولى، مراكش: فضاء أدام للنشر والتوزيع، 2017،
  50. ص، 68.
  51. [46] رافي غوبتا، هيو بروكس، وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على المجتمع، ترجمة عبد الفتاح عاصم سيد، الناشر المجموعة العربية للتدريب والنشر، 2017، ص، 55
  52. [47]  المرجع نفسه، ص، ص، 55،56.
Scroll to Top