العدد 01 – المجلد الثاني

دأب النحاة إلى الاهتمام بالمعنى النحوي الذي يجول في النص، ورغم اختلافات المعربين حول توجيههم للمعنى إلّا أنَّ قصدية الشاعر تكاد تكون مهملة، فثقافة الشاعر، ومناسبة النص، وقصديته مهمة جداً في تحديد التوجيه الإعرابي، ولو تمسكنا بهُنَّ؛ لابتعدنا عن الخلافات. فالتحليل الأدبي واللغوي متلازمان ولا يمكن الفصل بينهما فكلٌ معتمد على الآخر.
فالشعراء أصحاب اللغة السليمة يعرفون ما يصبون إليه؛ ولا يعدُّ مخالفتهم لبعض قواعد النحو شاذاً، وإنما كلام العرب كثير ومن الصعب إحصاؤه، وما جاء من أقوالهم إلّا القليل، كذلك أنّ قواعد النحو استقرأت على الأشيع. والقصدية ليست عند المؤلف فقط، وإنما يشترك معها النص والقارئ، فالثقافة عند الكل مهمة جداً، ولهذا تجد العلماء القدماء والمتأخرين قد تعمقوا في قراءة النصوص من خلال الشرح والحواشي، وزاد عليها المحدثون في ربط هذه المعايير بالدراسات الحديثة؛ كي تكون طريقاً لدارسين.

تهدف هذه الورقة البحثية إلى رصد ظاهرة الترادف في القرآن الكريم من خلال دراستها معجميا، وذلك بالتعرض إلى تعريف الظاهرة اللغوية، ثم عرض أهم أدلة المنكرين والمثبتين لها. ولأجل إثبات صحة النظرية من تفنيدها، ارتأيتُ جمع طائفة من مفردات تقاربت معانيها في النص القرآني فاحتملت الترادف فيما بينها، فتناولتُها بالتحليل والدراسة، فتبين لي أن هذه الألفاظ لا تتطابق في المعنى، وإنما هي تلتقي مع نظيراتها في معنى واحد أو أكثر، وتختلف معها في معان كثيرة.

نسعى في هذه المقالة البحثية إلى دراسة الاستعارة في الراب المغربي، أغنية “تراب رومي” للفنان (KOUZ1) أنموذجا، من خلال نظرية المزج التصوري لجيل فوكونيي (FAUCOUNIER) ومارك تيرنر (TURNER)، التي تسلط الضوء على آليات الدمج بين الفضاءات الذهنية لتشكيل استعارات معقدة تحمل دلالات عدة، انطلاقا من الأبعاد المستضمرة في الاستعارات الموظفة، مفككين بذلك شبكة التفاعلات الذهنية والإدراكية المسؤولة عن توليد معاني ودلالات الأغنية ونمذجتها بعد ذلك، كما نروم تأويل السياقات النفسية والسوسيوثقافية التي يعكسها هذا النوع من الفن باللهجة المغربية، مركّزين في هذا الجانب على كيفية تقديم هذا النوع من الفن لتصورات وتجارب جديدة تتحدى المألوف وتخاطب المتلقي بطريقة إبداعية جديدة، ونتغيا من خلال هذا الوصف والتحليل تبيان ما لأغنية التراب من قدرة على تجاوز الأساليب التقليدية للتعبير وإبداع استعارات غير مألوفة؛ موظفين أليات المزج التي تفترض أن هذه الاستعارات أنتجتها عمليات ذهنية معقدة.

يسعى هذا البحث جاهدا للكشف عن دور الفقه الإسلامي في المحافظة على الماء وترشيد استهلاكه، وهي الإشكالية التي يعالجها الموضوع من خلال إبراز مكانة الفقه الإسلامي في علاقته بقيمة المحافظة على الماء، وتتجلى أهدافه في كونه يساهم في الكشف عن أهم الطرق التي يدعو إليها الإسلام والتي تعد طرقا فعالة في حسن استعمال الماء وتصريفه، مما يبرز دوره الفعال في تحقيق مصالح الناس ودفع المفاسد عنهم، كما أنه يوظف المنهج الوصفي التحليلي في وصف وتحليل جزئيات الموضوع وبيانها، وقد توصلت من خلال هذا البحث إلى جملة من النتائج أبرزها أن الفقه الإسلامي فقه واقعي يهتم بواقع الناس بحفظ مصالحهم، بما في ذلك حرصه الشديد على المحافظة على نعمة الماء وجعلها من أجل النعم التي تستمر الحياة بها، كما أن المحافظة عليها والتوازن في استغلالها طريق لتحقيق التنمية المستدامة بين الأجيال الحاضرة واللاحقة.

الربا حرام في الإسلام على الرغم من وجود أقوال واختلافات بين بعض العلماء حول المواضع التي يكون فيها الرِّبَا محرماً. ستحاول هذه الورقة مناقشة شراء المنازل أو الأراضي عن طريق القروض البنكية التي تحتوي على فوائد (رِبَا)، خاصة في البلدان الغرب. هناك العديد من الفتاوى التي أجازت للمسلمين المقيمين في الغرب الاستفادة من القروض البنكية التي تشمل الفوائد لامتلاك المنازل. ستتناول هذه الورقة آراء العلماء الذين يجيزون هذه المعاملة وأيضاً الذين يحرمونها، مع التركيز على فتاوى الشيخ يوسف القرضاوي بخصوص هذه المعاملة. في النهاية، ستبين الورقة أن الأخذ بالسهولة وتتبع الرخص في الشريعة ليس دائماً هو الحل، وأن فهم رأي المجيزين لهذه المعاملة قد شابه خطأ، وتم وضعه في غير موضعه الصحيح.

تهدف هذه الدراسة إلى تحديد مفهوم الهدايات القرآنية إن على المستوى اللغوي أو الشرعي من خلال استثمار نماذج تفسيرية معاصرة، من خلال مقاربة منهاجية تحليلية وصفية، أحاطت بأهمية المدخل الهدائي، الذي تمركز حول غايات مباركة تجلت في: تصحيح العقيدة، وإصلاح الحياة الإنسانية وتقويم السلوك الأخلاقي، كما استعرض هذا الدرس التفسيري جملة من المقاصد نذكر منها: مقصد إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومقصد تحصيل الشفاء من الأمراض، ومقصد تحقيق السعادة في الدارين. ولهذا الغرض، نعمد إلى طرح أسئلة من قبيل: ما مفهوم الهدايات القرآنية لغة واصطلاحا؟ وكيف اعتنى المفسرون بهذا المجال الهدائي لبيان آثاره؟ وإلى أي حد أفلح العلماء في إبراز المقاصد الهدائية انطلاقا من التراث التفسيري المعاصر؟ وتبعا لطبيعة هذا المقال، الذي يقتضي جملة من الضوابط، فإننا لن نخوض في الإجابة عن الإشكالات السالفة، بقدر ما سينكب انتباهنا إلى تبيان معاني المدخل الهدائي والإشارة إلى أهمية التي تبرز تجلياته المقصدية القرآنية.

تهدف هذه الدراسة إلى تبيان منهاج تدريس وحدة علوم القرآن بالكلية متعددة التخصصات بالناظور؛ من أجل معرفة بعض الاختلالات التي تحول دون الاكتساب الأمثل لمضامينها، واقتراح حلول لتجاوزها؛ قصد الإسهام ـ ولو بالشيء اليسير ـ في إعداد منهاج ناجع لتدريس هذه الوحدة. وقد اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي للملف الوصفي الخاص بشعبة الدراسات الإسلامية بكلية الناظور، والاستبيان كأداة لجمع بيانات الدراسة، وجاءت عينة الدراسة مكونة من 188 طالب بشعبة الدراسات الإسلامية في المسالك الثلاثة (الإجازة، الماستر، الدكتوراه) بالكلية المذكورة.
وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج، من أهمها: اشتمال المنهاج على الأهداف والمحتوى وطرق التدريس والأنشطة التعليمية وأساليب التقويم، وعدم اقتصار إصلاح منهاج علوم القرآن على عنصر دون آخر، وافتقار نسبة كبيرة من عينة الدراسة، وخاصة خريجي المدرسة العمومية، إلى المعارف الأساسية المتعلقة بوحدة علوم القرآن؛ نظرا لغياب هذه الوحدة في مناهجهم الدراسية في التعليم العمومي، ووجود عدة تحديات تحول دون التنزيل الأمثل لمضامين وحدة “علوم القرآن”. وخَلَصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات، منها: الحرص على تنقيح الملفات الوصفية وتدقيقها، وإعادة النظر في الغلاف الزمني المخصص للوحدة، وإعداد إطار مرجعي خاص بالتقويم، وتعزيز التعاون بين الجامعات والشركاء التربويين لتوفير أحدث الوسائل التعليمية اللازمة لتطوير العملية التعليمية، وإخضاع الأساتذة للتكوين المستمر في توظيف الوسائل التعليمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي قصد استثمارها في الدرس القرآني.

يتناول هذا المقال قضية جلب الرقيق من إفريقيا جنوب الصحراء إلى المغرب خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، مركّزًا على السياق التاريخي والاجتماعي والاقتصادي لهذه الظاهرة في ظل حكم الدولة السعدية. يستعرض البحث دور العبودية كجزء من النظام العالمي القديم، حيث كانت ممارسة منتشرة في مختلف الحضارات، بما فيها المغرب. كما يُبرز المقال تأثير توسع المغرب نحو ممالك السودان الغربي، خاصة مع حملة أحمد المنصور الذهبي، التي عززت تجارة الرقيق عبر الطرق الصحراوية وربطت المغرب باقتصاديات إفريقيا جنوب الصحراء، ويُناقش المقال أيضًا كيف شكّلت تجارة العبيد عنصرًا رئيسيًا في السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة السعدية، وما نتج عن ذلك من تأثيرات على البنية الاجتماعية والهوية الثقافية للمغرب. وبهذا، يسعى البحث لتقديم فهم شامل لتأثير تجارة العبيد في المغرب كجزء من شبكة أوسع للعلاقات الاقتصادية والثقافية بين المغرب وبلاد السودان الغربي ودور العلماء في هذا الجانب

تستعرض هذه الدراسة تحليلاً أكاديميًا معمقًا لمفهوم الثواب والعقاب في الفكر التربوي الإسلامي، من خلال مقارنة دقيقة بين آراء اثنين من أبرز أعلام التربية الإسلامية: ابن خلدون وابن جماعة. تهدف الدراسة إلى استكشاف دور هذين الأسلوبين في تشكيل شخصية المتعلم، وتعزيز السلوك الإيجابي، وتصحيح السلوكيات السلبية، مع تسليط الضوء على قدرة هذه المفاهيم على التفعيل في الواقع التربوي المعاصر. واستخدمت الدراسة المنهج التحليلي المقارن لاستعراض النصوص الفكرية المتعلقة بالثواب والعقاب لدى ابن خلدون وابن جماعة، متناولة مقاصدهما التربوية ومحاولة لتفسير الأسس النفسية والاجتماعية التي انطلق منها كل منهما. كما سعت الدراسة إلى إبراز نقاط التكامل في رؤاهما ودورهما في تشكيل فلسفة تربوية شاملة. وخلصت الدراسة أيضا إلى أن ابن خلدون شدد على أهمية الاعتدال في استخدام الثواب والعقاب لتجنب الإفراط أو التفريط، مشددًا على دور التربية في بناء مجتمع متوازن ومستقر. في المقابل، أكد ابن جماعة على أهمية التعامل بالرفق والصبر كأساس للعملية التربوية، معتبراً أن الثواب يعزز السلوك الإيجابي، بينما يجب أن يُستخدم العقاب كوسيلة تهذيبية تراعي كرامة المتعلم. وتؤكد الدراسة أن مفهومي الثواب والعقاب يتجاوزان كونهما أدوات تربوية ليصبحا جزءًا من رؤية متكاملة تهدف إلى بناء الفرد الصالح والمجتمع العادل. وتدعو إلى الاستفادة من هذه المبادئ التربوية الإسلامية في صياغة أنظمة تعليمية حديثة تراعي القيم الأخلاقية وتواكب متطلبات العصر.