الشيخوخة المعرفية كنموذج تجريبي للمقاربة الانبثاقية: دراسة نفسية-معرفية
تهدف هذه الدراسة إلى إبراز كيف يمكن للمقاربة الانبثاقية (l’approche d’énaction) كمقاربة نفسية معرفية معاصرة أن تكون نموذجا تجريبيا للشيخوخة المعرفية، وذلك من خلال تفسيرها لطبيعة المعارف المخزنة في الذاكرة، وتحديد الآليات المساهمة في انبثاقها، واضطرابها، فتشكل المعارف يتم في إطار تفاعل الدماغ والجسم والبيئة، بدلا من تخزينها واسترجاعها عند الحاجة، فهي محددة بواسطة الاقتران الحسي-الحركي للأشخاص المسنين مع بيئتهم. وبالتالي فالمعرفية هي فعل أو ممارسة بواسطة كائن متجسد ومموضع داخل البيئة. فكيف ستتطور المعارف لدى الأشخاص الذين يعانون من عجز في مدخلاتهم الحسية والحركية، وهو أمر شائع جدا في سياق الشيخوخة، باعتبارها ظاهرة تتمظهر في مختلف جوانب الفرد البيولوجية والنفسية والاجتماعية. إن تدهور المدخلات الحسية والحركية لدى الأشخاص المسنين ينبغي أن يؤدي إلى تدهور في نوعية المعارف المنبثقة لديهم، وصعوبة في استرجاعها، ويمكن قياس أو تحديد هذا الاضطراب المعرفي الذي قد يصيبهم في ذاكراتهم على أساس الآليتين الأساسيتين المشار إليهما في نموذج (Act-In): ميكانيزم التنشيط “بين-آثار” و”ضمن-آثار”، وميكانيزم الاندماج متعدد المكونات. ويمكن تفسير أوجه القصور في استرجاع المعارف من حيث انخفاض فعالية التنشيط بين وضمن المكونات، وكذلك من حيث العجز في الاندماج متعدد المكونات، إذ يسمح تنشيط عدد محدود من آثار الذاكرة بظهور أو انبثاق معارف خاصة ذكريات، (تجريد تخصيصي)، بينما يؤدي تنشيط عدد كبير من آثار الذاكرة إلى انبثاق المعارف المفهومية (تجريد تعميمي). وبالتالي، إن هذا النموذج (Act-In) سيسمح لنا بتفسير الاختلالات المعرفية لدى الأشخاص المسنين والتنبؤ بها، وتدقيق طرق التشخيص والمساهمة في تقديم برامج التدخل والرعاية النفسية والاجتماعية.
الشيخوخة المعرفية كنموذج تجريبي للمقاربة الانبثاقية: دراسة نفسية-معرفية قراءة المزيد »