مقاصد العقيدة في الفكر الكلامي عند الإمام الماوردي (ت450هـ) وأثرها في بناء الإنسان والعمران (قسم النبوات أنموذجا)

طالب باحث بسلك الدكتوراه
مختبر مدارك الاجتهاد في المستجدات الإنسانية المعاصرة
جامعة القاضي عياض بمراكش - المغرب

ملخص

إن من حقائق العقيدة الإسلامية بعد الإيمان بالله تعالى رباًّ بمحمد نبيا هاديا مطاعا، ورسولا معصوما متبعا، هي وثيقتهم التي لا تبلى، وعروتهم الوثقى التي لا تنفصم أبدا. وإن إثبات النبوات لا يتحقق إلا بآيات الله تعالى لأنبيائه ورسله التي جعلها سبحانه علامات وبراهين منه على صدق نبوتهم وصحة رسالتهم. وإن من خصائص العلماء السادة استجلاء الأمور، والعثور على الحقائق، وتمييز الصحيح من السقيم، ويعد الإمام الماوردي من هؤلاء العلماء الأعلام الأفذاذ الذين يستحقون أن يحمل علمهم، ويخدم، ويبلغ من جيل إلى جيل، وذلك بالجمع، والترتيب، والدراسة، والتحليل(…). فقد عاش في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، والنصف الأول من القرن الخامس، ويعد هذا العصر من أخصب عصور الفكر الإسلامي، كما أنه نشأ بالبصرة حاضرة العلم، وقبلة العلماء في تلك الحقبة الزمنية. ولقد بذل رحمه الله غاية جهده، ووسع تحصيله في الكتاب الذي أسماه بـ: "أعلام النبوة" ـ وهو موضوع دراستناـ نشرا للعلم، ودعوته إلى الحق. ومن أهداف هذا البحث أنه يكشف عن بعض الحلْقات المفقودة في تاريخ تطور العقيدة الإسلامي، ويعين على تصحيح بعض الأفكار الخاطئة حول مقاصد العقيدة في الفكر الإسلامي والقدرة على مواكبة تطورات الحياة. كما تكمن في الكشف عن الوسائل التي اعتمدها الإمام الماوردي في الفكر العقيدي وخاصة في مبحث النبوات، وهي كثيرة ومتنوعة، فمنها ما يرجع إلى النقل، وما يرجع إلى العقل غيرها التي كانت تسعفه في أغراضه.

Abstract

summary: One of the truths of the Islamic faith, after believing in God Almighty as Lord, in Muhammad, a prophet, guide, and obeyer, and an infallible messenger who is followed, is their bond that never fades, and their strongest bond that never breaks. Proof of prophecies cannot be achieved except through the signs of God Almighty to His prophets and messengers, which God Almighty has made signs and proofs of the truth of their prophecy and the validity of their message. One of the characteristics of master scholars is to clarify matters, find facts, and distinguish the correct from the incorrect, and Imam Al-Mawardi is considered one of these distinguished scholars who deserve to have their knowledge carried, served, and transmitted from generation to generation, through collection, arrangement, study, and analysis. (. He lived in the second half of the fourth century AH, and the first half of the fifth century, and this era is considered one of the most fertile eras of Islamic thought. He also grew up in Basra, the capital of knowledge and the qibla of scholars in that era. May God have mercy on him, he exerted his utmost effort and expanded His achievements in the book which he called: “Importants of the Prophethood” - which is the subject of our study - spread knowledge and his call to the truth. One of the goals of this research is that it reveals some of the missing links in the history of the development of the Islamic faith and helps correct some wrong ideas about the purposes of the faith in Islamic thought and the ability to keep pace with life’s developments. It also lies in revealing the methods that Imam Al-Mawardi adopted in doctrinal thought, especially in the field of prophecies, and they are many and varied. Some of them are due to transmission, and others are due to reason, which were helpful to him in his purposes.

مقدمة

الحمد لله الذي خلق اللوح والقلم، وعلم الإنسان ما لم يعلم، أحمده سبحانه وتعالى حمد الشاكرين، وأثني عليه ثناء الذاكرين، والصلاة والسلام على نبي الأمم، وسيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين الأعظم.

أما بعد: فإن من حقائق العقيدة الإسلامية بعد الإيمان بالله تعالى رباًّ خالقا ورازقا، وإلها معبودا، والإيمان بمحمد نبيا هاديا مطاعا، ورسولا معصوما متبعا، إن هذه الحقيقة هي سر حياة المسلمين وضرورتهم الكبرى، وهي وثيقتهم التي لا تبلى، وعروتهم الوثقى، التي لا تنفصم أبدا.

وإن إثبات النبوات لا يتحقق إلا بآيات الله تعالى لأنبيائه ورسله التي جعلها سبحانه علامات وبراهين منه على صدق نبوتهم وصحة رسالتهم.

وإن الله تعالى أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلال المبين إلى الهدى التام، الذي به انشراح الصدور، وطمأنينة القلوب، لتحقيق الحياة وسعادة الإنسان في الدنيا والأخرة.

وقد ضمن الله تعالى كتابه العزيز كافة ما يحتاج إليه العباد في عقائدهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم، وأخلاقهم. وجاءت السنة المطهرة تبيانا لما أجمل فيه، وتفسيرا لما أبهم فيه، وتفصيلا لما عمم فيه.

رغم كثرة عدد الأنبياء – عليهم السلام- واختلاف أعصارهم، وتباين أنسابهم، وتباعد مساكنهم، قد اتفقوا جميعا على الدعاء إلى الله عز وجل وشعارهم في ذلك: “أن اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا”، وصار الآخر منهم يقر بنبوة من تقدمه، وبصحة ما جاء به، وإذا خالفه في تحليل بعض ما حرمه الله على لسان الأول، أو تحريم ما أحله الله له ولأمته، فهو مقر بأن الحكم الأول تحليلا أو تحريما هو حق، وهو حكم الله عز وجل، وأنه الذي تعبد الله به أهل تلك الملة السابقة، واختاره لهم كما اختار للملة اللاحقة ما يخالفه، والكل من عند الله عز وجل، وذلك جائز عقلا وشرعا في ملة واحدة فضلا عن الملل المختلفة.

نظرا لهذه الأهمية، قررت أن أشتغل في هذه الورقة البحثية على المباحث الكلامية عند الإمام الماوردي، الذي وسمته بـ: “مقاصد العقيدة في الفكر الكلامي عند الإمام الماوردي (ت450 ه) وأثرها في بناء الإنسان والعمران (قسم النبوات نموذجا (“، وأتناول هذه الورقة في مقدمة وثلاثة مطالب.

أما المطلب الأول: تناولت فيه ترجمة الإمام الماوردي ومكانته العلمية، والمطلب الثاني: ضمنته مقاصد العقيدة عند الإمام الماوردي وأثرها في بناء الإنسان والعمران، والمطلب الثالث: عالجت فيه إثبات وحي النبوات وأثره في بناء الإنسان. وخاتمة ضمنتها أهم الخلاصات والنتائج التي انتهى إليها البحث.

المطلب الأول: الإمام الماوردي ومكانته العلمية.

هو أبو الحسن علي بن محمد حبيب البصري، المعروف بالماوردي، نسبة إلى بيع الماورد وعمله ([1])، الفقيه الشافعي، كان من وجوه الفقهاء الشافعية ومن كبارهم. وفوض إليه القضاء ببلدان كثيرة، ولقب بقاضي القضاة في سنة 429هـ. واستوطن بغداد في درب الزعفراني. ([2]) ولد بالبصرة في أزهى عصور الثقافة الإسلامية حين بلغت الدولة العباسية درجة رفيعة من الرقي والتقدم العلمي. ([3])

لم تذكر لنا المصادر شيئا عن أسرته سوى أن والده كان يعمل في ماء الورد ويبيعه، وكان له أخ مقيم بالبصرة وهذا هو الخبر الوحيد الذي ذكره الماوردي عن أسرته، وكانا يتراسلان من وقت لآخر. وابن الجوزي حين ذكر أسرة الماوردي جاء بخبر آخر مفاده أن له ولدا يكنى: “أبا الفائز”، ويدعى عبد الوهاب، شهد عند القاضي سنة 431هـ، وقبلت شهادته إكراما لأبيه، ولم يفعل ذلك مع غيره لصغر سنه توفي 441هـ.([4])

أما فيما يخص مكانة الماوردي العلمية ووظيفته، فإنه يعد من أعلام المفكرين المسلمين في القرن الخامس الهجري، أعطاه الله بسطة في العلم والعمر، ولم يكن من أسرة سليلة علم وأدب، ولكن أسرة تبيع ماء الورد، فأنشأ نفسه بنفسه، محبا للعلم والعلماء، فارتفع بعلمه وأخلاقه وشجاعته إلى أن وصل إلى منصب أقضى القضاة في عصره ([5]). تلقى علومه الأولى في البصرة على أبي القاسم الصميري، وهو عالم قدير من علمائها آنذاك، ثم رحل إلى بغداد وسكن في درب الزعفراني، وفيها سمع الحديث، وأخذ الفقه، وانضم إلى حلقات أبي حامد الأسفراييني لاستكمال ثقافته ([6]).

ولما بلغ أشده واستوى تصدر للتدريس في بغداد والبصرة، وتنقل في بعض المدن الأخرى لنشر علمه ثم استقر به المقام في بغداد، فدرس بها عدة سنين، وحدث فيها، وفسر القرآن، وألف فيها كتبه التي تدل على أنه كان عالما بالعقيدة، والحديث، والفقه، والأدب، والنحو، والفلسفة، والسياسة، وعلوم الاجتماع، والأخلاق، وقد ولى القضاء ببلدان كثيرة. ([7])

وعن طريق وظيفته (القضاء) خبر حياة الناس اليومية عن قرب، وعرف ما يقوم بينهم من أنواع المنازعات في مختلف نواحي الحياة.

ولقب بقاضي القضاة، وجرى من الفقهاء إنكار لهذه التسمية، وقالوا: لا يجوز أن يسمى به أحد، ولكنهم لم يلتفتوا لأقوالهم واستمر له لقب: “أقضى القضاة” إلى أن مات، واشتهر ذلك في كتب المؤرخين، حتى أصبح يذكر مقرونا بهذا اللقب عند الباحثين، وقد تلقب به القضاة فيما بعد. ([8])

وعن طريق وظيفة أقضى القضاة، ارتفع إلى الوظائف الإدارية العليا التي تسمح لأصحابها بالقرب من الأمراء وكبار رجال الدولة، وهذا ما تمرس فيه الإمام الماوردي، وهكذا كان له دور في إصلاح ذات البين بين الخلفاء والأمراء، ولهذا تميز عن غيره من أعلام ومفكري الإسلام ممن ذكرناهم ولم يمارسوا القضاء، بأنه عرف حياة المجتمع عن قرب مما أهله لكي يصور لنا جوانب كثيرة من مجتمعه المعاصر تصوير شاهد عيان فكان صاحب نظرة شاملة بأمور مجتمعه. ([9])

هكذا عاش الإمام الماوردي حياة حافلة مليئة بالأحداث الجسام وظل متصلا بالخلفاء حتى في أخريات أيامه، إذ كان يشاركهم في حل الأزمات والخصومات، كما يشاركهم في الأفراح إلى أن توفي رحمه الله رحمة واسعة.

وكان الإمام الماوردي ملتزما في حياته جانب الاستقامة، والتزمها في كتاباته، وبذلك كان منسجما في سلوكه مع مكانته العلمية والثقافية. فقد كان صدوقا في نفسه ثقة ([10]) من وجوه الفقهاء الشافعيين جليلا رفيع الشأن، له اليد الباسطة في المذهب والتفنن التام في سائر العلوم، حليما وقورا أديبا، وله مكانة الرفيعة عند الخلفاء وربما توسط بينهم وبين الملوك وكبار الأمراء فيما يصلح به خللا أو يزيل خلافا، كما كان محترما عند الخلفاء والملوك. ([11])

وقد حرص على أن يبين للناس طريق السعادة في الدنيا والآخرة، فكان كتابه أدب الدنيا والدين الذي ارتضاه منهجا لإصلاح الفرد والرعية. ومن كلامه الدال على دينه ومجاهدته لنفسه؛ ما ذكره في كتابه أدب الدنيا والدين فقال:” ومما أنذرك به من حالي أنني صنفت في البيوع كتابا جمعت فيه ما استطعت من كتب الناس، وأجهدت فيه نفسي، وكددت فيه خاطري، حتى إذا تهذب واستكمل وكدت أعجب به وتصورت أنني أشد الناس اضطلاعا بعلمه، حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل، لم أعرف لواحدة منهن جوابا، فأطرقت مفكرا، وبحالي وحالهما معتبرا فقالا: ما عندك فيما سألناك جوابا، وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت: لا. فقالا: واها لك، وانصرفا. ثم أتيا من يتقدمه في العلم كثير من أصحابي فسألاه فأجابهما مسرعا بما أقنعهما وانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه، فبقيت مرتبكا، وبحالهما وحالي معتبرا وإني لعلى ما كنت عليه من المسائل إلى وقتي، فكان ذلك زاجر نصيحة ونذير عظة تذلل بها قياد النفس، وانخفض لها جناح العجب، توفيقا منحته ورشدا أوتيته. وحق على من ترك العجب بما يحسن أن يدع التكلف لما لا يحسن. فقديما نهى الناس عنهما، واستعاذوا بالله منهما” ([12]).

ومن صفاته مداراته للناس بحكمة وتعقل، محافظا على الشجاعة التي يتطلبها الحق، وخاصة لذوي الجهل الذين يتصورون أن الحرمان في طلب العلم، وإذا رأوا محبرة تطيروا منها، وإذا رأوا كتابا أعرضوا عنه قال:” لقد رأيت من هذه الطبقة جماعة ذوي منازل وأحوال، كنت أخفي عنهم ما يصحبني من محبرة وكتاب لئلا أكون عندهم مستثقلا وإن كان البعد عنهم مؤنسا ومصلحا، والقرب منهم موحشا ومفسدا، فقد قال بزرجمهر: الجهل في القلب كالنز في الأرض يفسد ما حوله. لكن اتبعت فيهم الحديث المروي عن الأشعث عن أبي عثمان عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “خالطوا الناس بأخلاقهم وخالفوهم في أعمالهم”([13]) ([14]) .

وتتلمذ الإمام الماوردي على أساتذة كبار في الفقه والحديث والأدب، وكان لهؤلاء الفقهاء الذين أخذ عنهم العلم مكانة عالية وفضل جليل في حفظ هذه الشريعة السمحة، وهم دعامة الدعوة وأركان الرسالة.

كما استفاد الإمام الماوردي من علماء الطبقات السابقة عليه، ونهل من منهلهم العذب الصافي، ومن أهم شيوخه منهم: أبو القاسم عبد الواحد بن حسين الصَّيْمَرِي بالبصرة(ت386هـ): نسبة إلى صيمرة بلده من ديار الجبل وخورستان من أنهار البصرة.([15]) والشيخ أبي حامد الإسفراييني ببغداد (ت 406هـ):([16]) حافظ المذهب الشافعي وإمامه، جبل من جبال العلم المنيع، وحبر من أحبار الأمة رفيع.([17]) ومحمد الباقي الخوارزمي (ت398هـ)، فقد كان من أفقه أهل زمانه، مع المعرفة بالنحو والأدب، فصيح اللسان، بليغ الكلام حسن المحاضرة، حلو العبارة، حاضر البديهة، يقول الشعر الحسن من غير كلفة، ويكتب الوسائل المطولة بلا روية.([18]) وغيرهم من الأعلام الأفذاذ.

كما تتلمذ على يد الماوردي تلاميذ كثيرون، واستفادوا من كتبه وتراثه العلمي، وظهر ذلك في مؤلفاتهم العلمية، فقد كان الماوردي صاحب مدرسة، فمنهم: الخطيب البغدادي (ت463ه): صاحب كتاب: “تاريخ بغداد”، كان ثقة.([19]) الحافظ الكبير، أحد أعلام الحفاظ ومهرة الحديث، وأحد الأئمة المشهورين.([20]) وابن خيرون (ت488ه): المعروف بابن الباقلاني، محدث بغداد، سمع الكثير وكتب عن الخطيب.([21])

ولقد كان الماوردي حافظا للمذهب وله فيه كتاب “الحاوي الكبير” الذي لم يطالعه أحد إلا وشهد له بالتبحر والمعرفة التامة بالمذهب. وقال فؤاد عبد المنعم: “وتميز أسلوبه في التأليف بالوضوح، ينتقي ألفاظه ومعانيه ويؤلف بينهما في تطابق تام”.([22]) ومن مؤلفاته أيضا: تفسير القرآن الكريم: ويسمى: “النكت والعيون”، والأحكام السلطانية: وهو أشهر كتب الماوردي، وأقدم ما نشر له، وقد حاز من الشهرة بين علماء المسلمين في المجالات السياسية والإسلامية والمالية حظا كبيرا، كما تناول الحدود مما يخرج في بعض موضوعاته عن دائرة النظام السياسي. وكتاب تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك وسياسة الملك، والبغية العليا في أدب الدين والدنيا: وقد نشر الكتاب بعنوان: “أدب الدنيا والدين”، وهذا عرض مختصر لتصانيف وكتب الإمام الماوردي، ومما نلحظه أيضا أنها جمعت بين تخصصات عدة منها التفسير، والفقه، وأصول الفقه، والتربية، والاجتماع، والسياسة… فهذه الكتب لازالت محط اهتمام الباحثين في المشرق والمغرب، وكما نجد أن بعضها ترجمت إلى لغات أجنبية. وهذا يبرز لنا مكانة الإمام الماوردي وموسوعيته في العلوم، وجمع بين العلم والعمل، قال الدكتور ميمون باريش: “إنه قد رزق حياة طويلة، سخرها كلها فيما يرضي الله عز وجل، وذلك بزهده، وورعه، واستقامته، وتقواه، وبالعمل النافع الذي لا ينقطع بموت صاحبه، والمتمثل أساسا في عطائه العلمي المتنوع”.([23])

ومن خلال كتابات الإمام الماوردي نجده مجتهدا، يبحث عن حلول للمشكلات الاجتماعية التي كانت سائدة في عصره، وأغلب كتاباته كانت في القضاء، وهذا راجع إلى طبيعة العمل الذي كان يزاوله، وهي مهمة القضاء.

وفاته: لقد أجمع الذين ترجموا للإمام الماوردي على أن عمره ست وثمانون سنة، وأجمعوا على أنه توفي يوم الثلاثاء سلخ (اليوم الأخير) شهر ربيع الأول سنة 450هـ، فتكون ولادته هي: 364هـ الموافق ل: 973م. ودفن في الغد في مقبرة باب حرب بغداد، وعمره ست وثمانين سنة (86) ([24]). وقد صلى عليه الخطيب البغدادي في جامع المدينة، وشيعه رؤساء الدولة وعلماؤها، وكانت وفاته بعد وفاة أبي الطيب الطبري بأحد عشر يوما ([25]).

المطلب الثاني: مقاصد العقيدة عند الإمام الماوردي وأثرها في بناء الإنسان والعمران

لقد بعث الله جل وعلا رسله وأنبياءه واختارهم من بين الناس ليبلغوا عنه ما يجب عليهم اعتقاده وما ينبغي لهم التخلق به وما عليهم العمل به ليدبروا وليتدبروا أمور معاشهم وحياتهم. ولا زالوا متتابعين إلى أن ختموا بنبوة ورسالة محمد بن عبد الله عليه وعليهم الصلاة والسلام. ([26])

والنبوة والنباوة الارتفاع، نقول: نبا فلان مكانه، ونقول النبوة وهي الشرف المرتفع عن الأرض، فالنبأ وصف من النبأ، وهو الخبر المفيد لما له شأن مهم. والنبي بغير همز أبلغ من النبيء بالهمز؛ لأنه لا ينال الرفعة والمكانة المرموقة العالية كل منبئ، لقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم فيمن خاطبه بالهمز بغضا منه. لذا لما قال رجل إلى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: «يا نبيء الله” قال صلى الله عليه وسلم: “لست بنبيء الله، ولكن نبي الله”([27])، والنبي بغير همز المكان المرتفع. وقيل: هو العلم من أعلام الأرض التي يهتدي بها. ومن ثم قيل اشتق من معنى العلم الكبير الذي يهتدي به النبي؛ لأنه أرفع خلق الله قال تعالى: (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) [مريم: 57]. ويطلق النبيء عند أهل الكتاب على الملهم الذي يخبر بشيء من أمور الغيب المستقبلية. ([28])

وفي هذا المطلب سأبرز أن من مقاصد بعثة الأنبياء بناء الإنسان والعمران، حيث عرف الإمام الماوردي الأنبياء فقال: “الأنبياء هم رسل الله تعالى إلى عباده بأوامره ونواهيه،([29]) زيادة على ما اقتضته العقول من واجباتها وإلزاما لما جوّزته من مباحاتها، لما أراده الله تعالى من كرامة العاقل، وتشريف أفعاله، واستقامة أحواله، وانتظام مصالحه، حين هيأه للحكمة، وطبعه على المعرفة، ليجعله حكيما، وبالعواقب عليما؛ لأن الناس بنظرهم لا يدركون مصالحهم بأنفسهم، ولا يشعرون لعواقب أمورهم بغرائزهم، ولا ينزجرون مع اختلاف أهوائهم، دون أن يرد عليهم آداب المرسلين، وأخبار القرون الماضية، فتكون آداب الله فيهم مستعملة، وحدوده فيهم متبعة، وأوامره فيهم ممتثلة، ووعده ووعيده فيهم زاجرا، وقصص من غبر من الأمم واعظا، فإن الأخبار العجيبة إذا طرقت الأسماع والمعاني الغريبة إذا أيقظت الأذهان استمدتها العقول فزاد علمها وصح فهمها وأكثر الناس سماعا أكثرهم خواطر، وأكثرهم خواطر أكثرهم تفكرا، وأكثرهم تفكرا أكثرهم علما، وأكثرهم علما أكثرهم عملا، فلم يوجد عن بعثة الرسل معدل ولا منهم في انتظام الحق بدا”.([30])

فالغاية من بعثة الأنبياء والرسل هي: إصلاح الإنسان في الدنيا والآخرة، وذلك بكل ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من اعتقاد وعبادة وأخلاق وسلوك، وقال الماوردي: “إنه لا تستغنى قضايا العقول عن بعثة الرسل من وجهين: أحدهما: أن قضايا العقول قد تختلف فيما تكافأت فيه أدلتها، فانحسم ببعثة الرسل اختلافها.

والثاني: أنه لا مدخل للعقول([31]) فيما يأتي به الرسل من الوعد، والوعيد، والجنة، والنار، وما يرعونه من أوصاف التعبد الباعث على التأله، فلم يغن عن بعثة الرسل”.([32]) فمن مقاصد بعثة الأنبياء والرسل؛ إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهداية، ومن أرجاس الوثنية إلى طهر التوحيد، ومن براثن الظلم إلى رحمة العدل، ومن فساد الفوضى إلى استقرار الإصلاح، قال سبحانه: (رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) [النساء: 165]. ويدعوهم إلى أداء حق الله تعالى الذي يتمثل في عبادته وحده لا شريك له، بأن يشهدوا له بالربوبية والألوهية، وبأنه لا رب سواه ولا إله غيره، ويطيعونه في أوامره وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يجتنبوا نواهيه ونواهي رسوله صلى الله عليه وسلم. ويعرفوا كذلك أقوامهم بحقوقهم على الله تعالى حتى ينالوا رضاه سبحانه، وذلك لا يتحقق إلا بعبادتهم لله تعالى وحده لا شريك له، بشرعه الذي أوحاه إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الشرع جاء بالتعبد وهو المقصود من بعثة الأنبياء –عليهم السلام- كقوله تعالى: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [المائدة:91]، وقوله عز من قائل: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) [سورة الأنبياء آية 25]، فهذه الآيات فيها دلالة على أن المقصود من بعثة الأنبياء هو الدعوة إلى تعبد الله سبحانه، وأوتوا بأدلة التوحيد إلى المعبود بحق وحده سبحانه لا شريك له، قال إسماعيل الحسني: “على الرغم مما حازه النوع الإنساني من إمكانات متفاوتة، وعلى الرغم مما امتلك من طاقات متباينة، وعلى الرغم مما سخر له في البر والبحر والنهر والجو من هذا الكون الفسيح والمترامي، فقد ظل في حاجة مستمرة إلى النبوات والرسالات التي صححت وتصحح من عقائده ما يستوجب التصحيح، وسددت وتسدد من أقواله ما يستوجب التسديد وأصلحت وتصلح من فكره ومن عمله ومن تدبيره ما يستوجب التصليح. بقدر ما انطوى القرآن الكريم في هذا الباب على الاستيعاب والتصحيح بل والتجاوز للتراث السابق عليه، قدم لقارئه ولمتدبره صورا بشرية متنوعة للأنبياء والرسل يمكن الإفادة منها في توجيه حاضر الإنسانية ومستقبلها”.([33]) فمن خلال هذا القول، نجد أن الإنسان يحتاج دائما إلى من يذكره ويوجهه ليرجع إلى الهدى المستقيم، لتصلح علاقته مع نفسه، خالقه، وإخوانه، وها يبني حضارة إنسانية منسجمة ومتراسة.

وقال الإمام الماوردي: “فأما أمر الإعلام فمختصٌّ بالاعتقاد دون الفعل، ويجب أن يتقيد الأمر على الاعتقاد بزمان واحد، وهو وقت العلم به، وأما أمر الإلزام فمتوجه إلى الاعتقاد والفعل، فيجمع بين اعتقاد الوجوب إيجاد الفعل، ولا يجزئه الاقتصار على أحدهما”.([34]) وقال الشاطبي: “كل علم شرعي فطلب الشارع له إنما يكون حيث هو وسيلة إلى التعبد به لله تعالى”.([35])

وما شرعه الله تعالى من التكاليف فإنه يضمن مصالح العباد أفرادا وجماعات، والتكاليف باعتبار ما فيها من مصلحة الفرد هي حق للفرد، وباعتبار ما فيها مصلحة للجماعة هي حق لهم مناطة بحق الله تعالى. وتحقيق سعادة الإنسان في شرع الله تعالى، لأنه يحفظ مصالحهم ويوفر حاجياتهم، وهذا يجب أن يكون متحققا دائما غير منقطع في الدنيا والآخرة، فالتزام شرع الله سبب لسعادة الإنسان ولحفظ مصلحته ولتوفير ضرورياته، ولذلك جعل الله تعالى ذلك فرضا لازما على كل مكلف.

والإنسان الذي يحيى على طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن سعادته محققة ثابتة دائمة حتى إلى ما بعد الموت – إلى يوم القيامة- والمجتمع الذي يُحكم بشرع الله تعالى هو المجتمع الذي تتحقق فيه مصالح جميع أفراده، وتوفير جميع حاجياتهم الضرورية؛ لأن الله تعالى أراد بشرعه حفظ مصالح الناس وتوفير جميع حاجياتهم.

ومن هنا كان الحكم بغير شرع الله تعالى إفسادا لمصالح الناس وتضييعا لحاجيات العباد. ونخلص القول: إن وظيفة الأنبياء تكمن في بناء الإنسان ليكون صالحا ومصلحا، وفاعلا في مجتمعه، يؤدي وظيفة الاستخلاف وإعمار الأرض، وإقامة العمران.

ومن وظيفة الأنبياء الترغيب والترهيب من أجل تحقيق المصلحة، حيث قال الماوردي: “أن فيما يأتي به الرسل من الجزاء بالجنة وثوابا على الرغبة في فعل الخير، وبالنار عقابا يبعث على الرهبة في الكف عن الشر، صار سببا لائتلاف الخلق وتعاطي الحق”.([36])

وقال أيضا: “إن العقول ربما استكبرت من موافقة الأكفاء ومتابعة النظراء، فلم يجمعهم عليه إلا طاعة المعبود فيما أداه رسله، فصارت المصالح بهم أعم، والإتقان بهم أتم، والشمل بهم أجمع، والتنازع بهم أمنع (…)” ([37]) نفهم من هذا القول: أن من وظيفة الأنبياء الأخذ بيد البشرية، والمضي بهم صعدا في طريق الهداية، والنور، والحق، والعدل، والبشرية تشرد من هنا، وتحيد عن النهج القويم، وتعاقب الرسالات يجدد لها المنهج إلى العودة إلى هدي بارئها وخالقها، فكان المستجيبون لها يسيرون داخل هذا النطاق الشامل الذي يسعدها دائما، ويسع نشاطها المتجدد في الوصول إلى الحقيقة التي لا تصل إليها عن أي طريق آخر. وجاءت الرسل بالتوحيد الخالص لله رب العالمين، والتوجيه الخالص لتوحيد الفطرة التي فطر الله عليها الإنسان، ولكن الانحرافات في العقيدة والسلوك في الفترات التي تعقب غياب الرسل عن الحياة بوفاتهم، كانت تعيد المجتمعات إلى جاهليتها القديمة أو لجاهليات مستحدثة، فكان تجديد البعث للنبوة من جديد ضرورة من ضروريات الحياة السعيدة. وكان التركيز في كل رسالة على أمر واحد وهو: تعبيد الناس كلهم لرب العالمين وحده لا شريك له، وبهذه العبودية للخالق العظيم تحرير للبشرية من استعبادها لسلطان الطواغيت وطغيان الشياطين.

وإن القصص المتعلقة بالأنبياء والمرسلين في القرآن الكريم نكشف من خلالها عن حقائق وظائفهم، ومهمات أعمالهم، وبمقدار معرفتنا لقصصهم يكون الإدراك العميق لعظيم رسالاتهم، ودعواتهم، ووظائفهم، وكبير أثرهم البالغ في حياة أتباعهم السالكين على مناهجهم، وهذا أكمل الطرق لمعرفة الحكمة من بعثتهم وإرسالهم عليهم الصلاة والسلام، ولهذا يقول الله جل في علاه: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ) [يوسف:3]، وقال أيضا: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) [يوسف:111].

فهذه الآيات الكريمات تحتاج إلى التأمل والنظر العميق للوصول إلى معرفة وظائف الأنبياء عليهم السلام الذين اصطفاهم الله تعالى واختارهم لها.

المطلب الثالث: إثبات وحي النبوات وأثره في بناء الإنسان.

قال الإمام الماوردي: “فإذا ثبت جواز النبوات، وبعثة الرسل بالعبادات، فهم رسل الله تعالى إلى خلقه إما بخطاب مسموع، أو بسفارة مَلَك منزل. ومنع قوم من مثبتي النبوات أن تكون نبوتهم عن خطاب أو نزول ملَك لانتفاء المخاطبة الجسمانية عنه تعالى؛ لأنه ليس بجسم، والملائكة من العالم العلوي بسيط لا تهبط، كما أن العالم السفلي كثيف لا يعلو”.([38]) علق الشيخ خالد عبد الرحمن العك عن هذا القول قائلا: “هذا كلام الفلاسفة الذين هم أجهل الخلق بأمر النبوات، وهم أشد الخلق فسادا للعقل، وفوق هذا هُم أشد الناس مخالفة للشرع، فما من قضية يبحثونها إلا ولهم فيها استطالة عليه، ولهم استعلاء على الأنبياء، ولهذا فهم يكرهون ظهور ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بل يمنعون من قراءة الأحاديث النبوية وسماعها، كما يكرهون قراءة القرآن وتلاوته وحفظه، نعوذ بالله تعالى من ضلالات الكفر والإلحاد. وقد ثبت في الكتاب والسنة تنزل الملائكة وعروجها، كما ثبت عروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات السبع إلى سدرة المنتهى، كما ثبت رفع عيسى عليه السلام إلى السماء الثالثة، فثبت بطلان دعواهم وفساد زعمهم”.([39])

وأشار الإمام الماوردي إلى اختلاف بعض أهل الكلام حول إثبات النبوة، وفيما صاورا به أنبياء، فقال بعضهم: صاروا أنبياء بالإلهام لا بالوحي، وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: أن ما بطل به إلهام المعارف في التوحيد كان إبطال المعارف به في النبوة أحق.

والثاني: أن الإلهام خفي غامض يدعيه المحق والمبطل، فإن ميزوا بينهما طُلبت أمارة، وإن عدلوا عن إلهام فذلك دليل يبطل الإلهام”.([40]) وقال الشيخ خالد عبد الرحمن العك: دعوى الإلهام في إثبات النبوة لا تصدر إلا عن أنصاف العقلاء، أو عن عقلاء الصبيان، الذين يخوضون في عظائم الأمور بعقولهم السفيهة وبتصوراتهم الخيالية، وكان الأحرى بالمؤلف –ويقصد الإمام الماوردي_ أن لا يذكر هذه الأقوال المريضة والآراء الهزيلة، فإنها والله لمن المزعجات التي تأبى العقول الصحيحة والأفهام اللبيبة سماع التُّرهات ثم سوق الأدلة على بطلانها.

والإلهام ثابت للصالحين من عباد الله المخلصين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه منهم، وأبو بكر أفضل منهم، إذ هو الصديق رضي الله تعالى عنه. فالملهم وإن كان إلهامه من الله تعالى فهو ليس من الوحي في شيء قطعا، ولذلك يجب على صاحبه أن يعرضه على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن إلهامه ليس بمعصوم، فإذا وافق ما في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فإنه يعرف أنه من الله تعالى، وإن خالفه فهو من هواجس النفس، أو من وساوس الشيطان”.([41])

فانطلاقا من هذه القولة نجد الإمام الماوردي يحذر من الخرافة ومن الوساوس الشيطانية التي يمكن أن تصدر من أحد الأشخاص الذي قد يدعي الكرامة([42]) أو النبوة؛ لأن الخرافة والاعتقاد الفاسد يهدم الإنسان ويخرب العمران؛ ولأن محاربة الخرافة يؤدي إلى إصلاح الفكر، وبصلاح الفكر يصلح العمران في جميع المجالات، والاهتمام بالعقل بعلم والفكر السديد نستطيع أن نبني حضارة تسع لخدمة الإنسان وبنائه بناء سليما، وحينما نعتقد أن الإلهام لا يكون إلا للأنبياء وعباد الله الصالحين، ويكون ذلك موافقا للكتاب والسنة، فهنا نسد الباب الذي يدخل علينا المفاسد -عملا بأصل سد الذرائع- عن كل من سولت له نفسه ويدعي ما لا يستق في هذا المجال، وهذا من مراعاة مقاصد العقيدة الذي يتجلى في محاربة الخرافة والأباطيل، وهذا يخدم الإنسان ويبني عقيدته على الأسس المتينة والعقيدة الصحيحة، وموافقة للقرآن والسنة، وتجب العقائد الفاسدة، وما يتعلق بها من خرافات، يقول ابن حجر العسقلاني: “خرق العادة قد يقع للزنديق بطريق الإملاء والإغواء، كما يقع للصديق بطريق الكرامة والإكرام، وإنما تحصل التفرقة بينهما باتباع الكتاب والسنة”.([43])

وقال الإمام الشوكاني رحمه الله:” ولا يجوز للولي أن يعتقد في كل ما يقع له من الواقعات والمكاشفات أن ذلك كرامة من الله سبحانه، فقد يكون من تلبيس الشيطان ومكره. بل الواجب عليه أن يعرض أقواله وأفعاله على الكتاب والسنة، فإن كانت موافقة لها، فهي حق، وصدق، وكرامة من الله سبحانه، وإن كانت مخالفة لشيء من ذلك؛ فليعلم أنه مخدوع ممكور به، قد طمع منه الشيطان؛ فلبس عليه”.([44]) فتبين بهذا أن بين كرامات الأولياء وتهريجات المشعوذين والدجالين فروقا تميز الحق من الباطل.

وقال الإمام أحمد رحمه الله: “وتوجد في زمن النبوة وأشراط الساعة وغيرهما، ولا تدل على صدق من ظهرت على يده فيما يخبر به عن الله تعالى، ولا على ولايته لجواز سلبها وأن تكون استدراجا له يعني أن مجرد الخارق لا يدل على ذلك، ولذلك قال: ولا يساكنها ولا يقطع هو بكرامته بها ولا يدعيها، وتظهر بلا طلبه تشريفا له ظاهرا، ولا يعلم من ظهرت منه هو أو غيره أنه ولي لله تعالى غالبا بذلك، وقيل: بلى ولا يلزم من صحة الكرامات ووجودها صدق من يدعيها بدون بينة أو قرائن حالية تفيد الجزم بذلك، وإن مشى هو على الماء وفي الهواء أو سخرت له الجن والسباع، حتى تنظر خاتمته وموافقته للشرع في الأمر والنهي. وإن وجد الخارق من نحو جاهل فهو مخرقة ومكر من إبليس وإغواء وإضلال، ولا شيء على من ظن الخير بمن يراه منه، وإن كان في الباطن شيطانا وحسن الظن بأهل الدين والصلاح حسن”.([45])

وسار على هذا النهج محمد بن عبد الوهاب حيث قال:” وأقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لا يستحقون من حق اللَّه تعالى شيئا، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا اللَّه”.([46]) ويقول ابن تيمية: “ومن أصول أهل السنة: التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، وسائر قرون الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة”.([47])

فهؤلاء توسطوا في موضوع الكرامات بين الإفراط والتفريط؛ فأثبتوا للأولياء منها ما أثبته الكتاب والسنة، ولم يغلوا في أصحابها، ولم يتعلقوا بهم من دون الله، ولا يعتقدون فيهم أنهم أفضل من غيرهم، بل هناك من هو أفضل منهم، ولم تجر على يديه كرامة، ونفوا ما خالف الكتاب والسنة من الدجل والشعوذة والنصب والاحتيال، واعتقدوا أنه من عمل الشيطان، وليس هو من كرامات الأولياء واستدلوا بقصة مريم مع طعام الشتاء الذي كان يأتيها في الصيف، وطعام الصيف الذي كان يأتيها في الشتاء، وكذلك يستدلون بقصة الخضر عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام، وبقصة أصحاب الكهف، والثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار في جبل إلى غير ذلك من الكرامات التي أكرم الله بها أولياءه .

من الغالين في كرامات الأولياء الأشاعرة، حيث جعلوا كرامات الأولياء مساوية لمعجزات الأنبياء، يقول ابن تيمية رحمه الله في فصل تعريف المعجزة عند الأشاعرة من كتاب النبوات: “والمعتزلة قبلهم ظنّوا أنّ مجرّد كون الفعل خارقاً للعادة، هو الآية على صدق الرسول، فلا يجوز ظهور خارقٍ إلاّ لنبيٍّ. والتزموا طرداً لهذا: إنكار أن يكون للسحر تأثيرٌ خارجٌ عن العادة؛ مثل أن يموت ويمرض بلا مباشرة شيءٍ. وأنكروا الكهانة، وأن تكون الجن تُخبر ببعض المغيبات، وأنكروا كرامات الأولياء فأتى هؤلاء، فأثبتوا ما أثبته الفقهاء، وأهل الحديث من السحر، والكهانة، والكرامات”.([48])

ومما خالف فيه الأشاعرة غيرهم، قولهم: إن كرامات الأولياء ليست من آيات الأنبياء؛ لأنهم يشترطون في المعجزة اقترانها بدعوى النبوة. ومن ذلك: قولهم إن كل ما وقع معجزة لنبي جاز وقوعه كرامة لولي. ([49])

وهذا فيه مبالغة وإفراط في حق الكرامة الذي يؤدي لا محالة إلى نقض بنيان المعجزة، فإذا استطاع الولي أن يأتي بالكرامة التي كانت معجزة لنبي بطل التحدي وانتهت المعجزة.

وعرج الإمام الماوردي على الحديث حول معجزات النبوة باعتبارها دليلا على صحتها، فقال: “ولا يجوز أن يُظهر الله تعالى المعجز مما يجعله دليلا على صدقه في غير النبوة، وإن كان مطيعا؛ لأن النبوة لا يوصل إلى صدقه فيها إلا بالمعجز؛ لأنه مغيب لا يعلم إلا منه، فاضطر إلى الإعجاز في صدقه، وغير النبوة من أقواله وأفعاله قد يعلم صدقه فيها بالعيان والمشاهدة (…)”. ([50]) هذا الحكم قد أوجبه الله تعالى قدرا نافذا وحتما مقضيا، فلا يظهر سبحانه المعجزات مما يجعله دليلا على صدقه في غير النبوة، فالنبوة هي أصل الحقائق، وهي أم العلوم الدينية، وهي الموجهة في سائر العلوم الكونية والدنيوية قاطبة، فجميع الخلق على اختلاف اختصاصاتهم وتنوع مهنهم مفتقرون إلى علوم الأنبياء التي جاؤوا بها من عند الله تعالى لإصلاح الخلق، فالملوك، والقادة، والأطباء، والسادة، بحاجة إلى هداية الأنبياء والمرسلين، وليس أحد بغني عنهم، ومن استغنى عنهم فهو الشقي المحروم في الدنيا والآخرة.

ولهذا جعل الله تبارك وتعالى دعوة الأنبياء والرسل قائمة على الحق، والعدل، والصدق، والإحسان، والصلاح، والفضيلة، وكل هذا ضروري لتحقيق سعادة العباد، وهذا من أعظم المقاصد التي جاء الدين الإسلامي لتحقيقها.

وتطرق الإمام الماوردي إلى ما نستشف منه أثر مقاصد العقيدة وهو يتحدث عن الوحي ومراتبه حيث قال: ” فتستدل الرسل بالمعجزات على تصديق الملائكة بالوحي([51])، وتستدل الأمم بمعجزات الأنبياء على تصديقهم بالرسالة. ويكون خطاب المَلَك لفظا إن كان قرآنا، أو ما قام مَقَام اللفظ إن كان وحيا، ولا يجوز أن يؤدي الملك إلى الرسول ما تحمله عن ربه إلا بلسان الرسول، كما لا يؤدي الرسول إلى قومه إلا بلسانهم، ويكون الملك واسطة بين الرسول وبين ربه، والرسول واسطة بين الملك وبين قومه، وما يؤديه الملك إلى الرسول ليؤدِّيه لرسولُ إلى قومه ضربان: قرآن ووحي، فأما القرآن فيلزم الملك أن يؤديه إلى الرسول بصيغة لفظه، وليس للملك ولا للرسول أن يعدل بلفظه إلى غيره، ويكون ما تضمنه من الخطاب المنزل متوجها إلى الرسول وإلى أمته”.([52]) قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) [الأعراف: 203]، بمعنى أنه لا يبتدع ولا يملك إلا ما يوحيه إليه ربه، ولا يؤتي إلا بما أمره به، قال سبحانه: (هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف: 203]، إن هذا الوحي “القرآن” بصائر تهدي، ورحمة تفيض لمن يؤمن به ويهتدي بهديه وهذا من أم المقاصد في العقيدة حيث إن هذا القرآن الكريم الذي لا يبلغ مراتب سنوه إلا الذي آمنوا به وانقادوا لشرعه الحكيم القويم.

ومنهج هذا القرآن العظيم منهج فريد في الوجود، لا يدع جانبا من جوانبه إلا ويشير إلى حقائق هذا الكون والغاية التي وجد من أجلها – وهذا يدخل في أثر القرآن في بناء العمران- وهو يتناول قضايا الحياة والإنسان – وهذا من مقاصد بناء الإنسان- فيكشف عن أسرار ما أودع الله سبحانه في هذه الحياة وهذا الإنسان، وهو يأخذ بالفطرة الإنسانية خطوة خطوة، ومرحلة مرحلة، يصعد بها في أعالي السعادة والصفاء والهناء، هذا القرآن هو كلام خالق هذا الكون والحياة والإنسان.

خاتمة

بعد هذا الطواف عبر مطالب هذا البحث، نصل إلى مرحلة الخاتمة التي نريد أن نجمل فيها أهم النتائج التي توصل إليها البحث في الآتي:

العقيدة الإسلامية ليست غاية في حد ذاتها، ولكنها وسيلة لتحقيق مقصود الله من خلقه، بإلزامهم بها، ومحاسبتهم على جحودها، فالعلم بغنى الله المطلق، واستغناؤه عن عبادة عباده له، وإيمانهم به، لا تفسير له سوى أنه تعالى خلقنا ليمتعنا في الدنيا وفي الأخرى. فإن اعترض أحد على قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات: 56]، قلنا له ذاك مقصد الخلق، وهو عبادة الله، لكن مفهوم الواسع للعبادة الواسعة، يجعل العبد يفهم أن الله تعالى خلقنا ليسعدنا مرتين، في الدنيا بعبادته والتعلق به سبحانه، وفي الآخرة برؤية المعبود الذي تعلقت به القلوب في الدنيا، ويا لها من سعادة متصلة دائمة، ومن أجل هذا أرسل الله الرسل والأنبياء، ليوجهوا الخلق إلى تحقيق هذه السعادة.

ولهذا يمكن أن أقول: إن العقيدة وسيلة ومقاصدها غاية، ولا يمكن تحقيق هذه الغاية دون تلك الوسيلة، فمقاصد العقيدة أخلاق وقيم وتزكية للنفس، لبناء الإنسان الذي يقيم العمران، وبهذا تتحقق سعادته في الدنيا والآخر. ولكن لما كانت باقي نعم الدنيا غير تامة، مقارنة مع ما في الجنة، جعل الله عبادته وطاعته وتوحيده، جزاء لمن حقق العقيدة الصحيحة، فجزاه الله برضوانه، وجنته، ورؤية وجهه الكريم. ولن يتحقق لهذا العبد الذواق شيء مما فاته هنا، إلا بالسير إليه سبحانه.

وإذا تقرر الاستنتاج الأول، لزم أن نقول إن العقيدة الإسلامية، ليست كلاما فلسفيا، وبراهين عقلية منطقية، ولا نظريات فلسفية، ولا معارف جامدة، بل هي قيم روحية تسري في الجسد الترابي فتصيره ملكا، يأكل الطعام، وينام مع النيام، ويمشي في الأسواق، ويستمتع بالأذواق، فالعقيدة الإسلامية على هذا النحو، عمل دائم، وتسبيح لله لا يفتر، وحراسة للنفس من الأمور الدنية، وبذل للخير لجميع الناس، وأول الخير دعوتهم إليه سبحانه وتعالى. ومعنى ذلك أن العقيدة يجب أن تكون سهلة وبسيطة وواضحة ومحبوبة، ليسعد بها جميع الناس، ويستعذبها الجميع، ويرغب فيها الكل.

وإذا تقرر الاستنتاج الأول والثاني معا، ينبغي أن يشحذ رجال العلم الربانيون، والمربون، هممهم – وأنا لست منهم – لاستنباط مقاصد العقيدة الأصلية والتبعية، والعمل على تصنيفها وفق المنهج القرآني، لعل الله تعالى يقيض لهذا المشروع الهائل شاطبيا ثانٍ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وأن الله عز وجل قد يعطي بفضله من يشاء من صالحي عباده كرامات، إكراما له على إيمانه واستقامته على شرعه، وقد لا يعطيها لعبد من عباده رغم تقواه وصلاحه، وقد يأتي بعض العصاة بخوارق يظنها البعض أنها كرامة، وما هي أفعال شيطانية ناتجة عن الفسق والفجور والمعصية.

وبهذا تتحقق الخلافة، ويدوم العمران، ويفوز العبد بالرضوان، يبدأ من الاعتراف لله بكل نعمه وكرمه، وعبادته حق العبادة، ومعاملة خلقه كما يحب لهم أن يعاملوا، وينتهي إلى حوض النبي صلى الله عليه وسلم، وجنة الخلد، ورؤية وجهه الكريم سبحانه تعالى. ربنا لا تحرم هذا الفضل واجعلنا من أهل الجنة.

تحميل المقال في نسخته الكاملة

الإحالات:

  1. الأنساب للسمعاني، تح: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني وغيره، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، ط:1، 1382 هـ – 1962 م، 12/60. واللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير، مطبعة القدس- القاهرة، 1370هـ، 3/90. ↑
  2. الماوردي، عزيز العظمة، رياض الريس للكتب والنشر، ط:1، فبراير 2000م، ص: 321. وينظر: وفيات الأعيان وأبناء الزمان، ابن خلكان، تح: إحسان عباس، دار الثقافة-بيروت، 1969م، 3/282- 283. وينظر: الأعلام، الزركلي، دار العلم للملايين، ط:15، مايو 2002 م، 5/146. ↑
  3. طبقات الشافعية الكبرى، لابن السبكي، تح: محمود محمد الطناحي، وعبد الفتاح لحلو، مطبعة الحلبي، ط:1، 5/267. ↑
  4. ينظر: المنتظم لابن الجوزي: 8/143. والكامل في التاريخ لابن الأثير: 9/414. البداية والنهاية لابن كثير: 15/712. ↑
  5. من أعلام الإسلام الإمام أبو الحسن الماوردي، محمد سليمان داود، وفؤاد عبد المنعم أحمد، مؤسسة شباب الجامعة- الإسكندرية، بدون طبعة وبدون تاريخ، ص: 2. ↑
  6. تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، 12/53. ↑
  7. المضاربة، الماوردي، 57. ↑
  8. الأعلام، الزركلي، 5/146. والمضاربة، الماوردي، 58. ↑
  9. ينظر: الماوردي مؤرخا، لسعد زغلول عبد الحميد، بحث مقدم إلى ندوة أبي الحسن الماوردي جامعة عين شمس سنة 1975م، ص: 4. والمضاربة، الماوردي، ص: 58 ↑
  10. ينظر: ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الذهبي (ت 748هـ)، تح: علي محمد البجاوي، مطبعة الحلبي، 1963م، القسم الثالث، ص: 155. ↑
  11. ينظر: الأعلام للزركلي، 5/146. ↑
  12. ينظر: أدب الدنيا والدين، الماوردي، تح: ياسين محمد السواس، دار ابن كثير- دمشق، ط:4، 1426هـ/2005م، ص: 115- 116. ↑
  13. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (ت 807هـ)، تح: حسام الدين القدسي، مكتبة القدسي، القاهرة، 1414هـ، 1994م، باب: مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به، 7/280. ↑
  14. أدب الدنيا والدين، ص: 44. ↑
  15. تاريخ الإسلام ووفيات مشاهير الأعلام (حوادث ووفيات 381-400 ه)، ص:219. وكتاب: أبو الحسن الماوردي وكتاب نصيحة الملوك، الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد، مؤسسة شباب الجامعة- الإسكندرية، بدون طبعة، وبدون تاريخ. ص: 5. وطبقات الأصوليين لعبد الله مصطفى المراغي، 1/210. ↑
  16. الماوردي، عزيز العظمة، 321-322. وينظر: وفيات الأعيان وأبناء الزمان، ابن خلكان، 3/282- 282. ↑
  17. ينظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، 4/368. وطبقات الفقهاء لأبي اسحاق الشيرازي، ص: 103. طبقات الشافعية للسبكي، 3/339. وفيات الأعيان لابن خلكان، 1/55. ↑
  18. ينظر: معجم البلدان: 1/475. وطبقات الشافعية للسبكي، 3/318. والبداية والنهاية لابن كثير، دار الفكر، 1407 هـ/1986م، 11/34. وأبو الحسن الماوردي وكتابه نصيحة الملوك للدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد، ص: 5. ↑
  19. الماوردي، عزيز العظمة، ص: 321. وينظر: وفيات الأعيان، 3/282- 282. ↑
  20. طبقات الشافعية لابن السبكي، 4/ 39. والأنساب للسمعاني، 303. ↑
  21. البداية والنهاية، ابن كثير، 12/ 211. وميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي (ت 748هـ)، تح: علي محمد البجاوي، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، ط:1، 1382 هـ – 1963م، 1/92. ↑
  22. الماوردي، عزيز العظمة، ص: 321-322. وينظر: وفيات الأعيان، 3/282- 283. ↑
  23. مناهج الاستنباط والاستدلال عند الإمام الماوردي، ص: 65 ↑
  24. الماوردي، عزيز العظمة، ص: 322. وينظر: وفيات الأعيان، 3/282- 283. ↑
  25. ينظر: طبقات الشافعية لابن السبكي، 5/627. وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، 16/102. ↑
  26. ينظر: الفكر المقاصدي والاجتهاد في مسائل الاعتقاد الإسلامي، إسماعيل الحسني، دار البشير للثقافة والعلوم، ط:1، 1444ه/2023م،
    ص: 101. ↑
  27. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب قراءات النبي صلى الله عليه وسلم مما لم يخرجاه وقد صح سنده، ح رقم: 2906. (المستدرك على الصحيحين، الحاكم (ت 405هـ)، تح: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية – بيروت، ط:1، 1411هـ – 1990م، 2/251). ↑
  28. ينظر: لسان العرب لابن منظور، 15/302. والوحي المحمدي، محمد رشيد رضا (ت 1354هـ)، دار الكتب العلمية – بيروت، ط:1، 1426 هـ / 2005 م، ص:28. ↑
  29. والله سبحانه دلّ عباده بالدلالات العيانية المشهودة، والدلالات المسموعة؛ وهي كلامه. لكنّ عامّتهم تعذَّر عليهم أن يسمعوا كلامه منه، فأرسل إليهم بكلامه رسلاً، وأنزل إليهم كتباً. والمخلوق إذا قصد إعلام من يتعذَّر أن يسمع منه، أرسل إليه رسلاً، وكتب إليه كتباً؛ كما يفعل الناس؛ ولاة الأمور، وغيرهم: يُرسلون إلى من بَعُد عنهم رسولاً، ويكتبون إليه كتباً. ثم إنّه سبحانه جعل مع الرسل آيات؛ هنّ علامات وبراهين؛ هي أفعال يفعلها مع الرسل، يخصُّهم بها، لا توجد لغيرهم؛ فيعلم العباد – لاختصاصهم بها – أنّ ذلك إعلام منه للعباد، وإخبار لهم أنّ هؤلاء رسلي؛ كما يُعلّمهم بكلامه المسموع منه، ومن رسوله. (ينظر: النبوات، تقي الدين ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (ت728هـ)، تح: عبد العزيز بن صالح الطويان، أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط:1، 1420هـ/2000م، (2/777- 778). ↑
  30. أعلام النبوة، الإمام الماوردي (ت450ه)، ضبط نصه وخرج أحاديثه: الشيخ خالد عبد الرحمن العك، دار النفائس- بيروت، ط:1، 1414ه/1994م، ص: 65-66. ↑
  31. إن العقل الإنساني لا يستطيع وحده الاهتداء إلى ما ينجيه من مهاوي الأفعال القبيحة، شأنه في ذلك شأن الإنسان مع الأدوية النافعة، دليل ذلك أن تمييز المفيد منها للصحة لا يتيسر إلا لمن كان عالما بالطب ولا يحصل إلا لمن كان على دراية بالأدوية. ومن ثم حاجة المريض إلى الطبيب مماثلة لحاجة العقل إلى النبوة أو إلى الرسالة. (ينظر: الفكر المقاصدي والاجتهاد، إسماعيل الحسني، ص: 107). ↑
  32. أعلام النبوة، الإمام الماوردي (ت450ه)، ص: 66-67. ↑
  33. الفكر المقاصدي والاجتهاد في مسائل الاعتقاد الاسلامي، ص: 105. ↑
  34. أعلام النبوة، الإمام الماوردي (ت450ه)، ص: 62. ↑
  35. الموافقات في أصول الشريعة، الشاطبي، 1/60. ↑
  36. أعلام النبوة، الإمام الماوردي (ت450ه)، ص: 71. ↑
  37. نفسه. ↑
  38. أعلام النبوة، الإمام الماوردي، ص: 72-73. ↑
  39. أعلام النبوة، الإمام الماوردي (ت450ه)، ص: 73 الهامش الأول. ↑
  40. أعلام النبوة، الإمام الماوردي (ت450ه)، ص: 73. ↑
  41. أعلام النبوة، الإمام الماوردي (ت450ه)، ص: 73 الهامش الثاني. وينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، 2/226-227 ↑
  42. الكرامة: أمر خارق للعادة، يتفضل الله به على عبد من عباده اصطفاه، غير مقرون بتحد. (ينظر: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة. محمد حسن عبد الغفار. مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، http://www.islamweb.net الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس – 73 درس. ↑
  43. تح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب، عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، دار المعرفة – بيروت، 1379هـ، 12/ 385. ↑
  44. ولاية الله والطريق إليها، الشوكاني، تح: إبراهيم إبراهيم هلال، دار الكتب الحديثة – مصر / القاهرة ص:249. ↑
  45. لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية، شمس الدين، أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (ت 1188هـ)، مؤسسة الخافقين ومكتبتها – دمشق، ط:2، 1402 هـ /1982م، 2/393. ↑
  46. أصول الإيمان لمحمد بن عبد الوهاب. تح: باسم فيصل الجوابرة، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد – المملكة العربية السعودية، ط:5، 1420هـ، ص: 22. ↑
  47. شرح العقيدة الواسطية، ويليه ملحق الواسطية، لمحمد بن خليل حسن هرّاس (ت 1395هـ)، باب: من أصول أهل السنة والجماعة تصديق كرامات … ضبط نصه وخرَّج أحاديثه ووضع الملحق: علوي بن عبد القادر السقاف، الناشر، دار الهجرة للنشر والتوزيع، ط: 3، 1415 هـ، ص: 252 ↑
  48. النبوات. لابن تيمية، 1/ 484 – 485. ↑
  49. كرامات الأولياء بين أهل السنة ومخالفيهم. موقع طريق الإسلام.http://ar.islamway.net/. ↑
  50. أعلام النبوة، الإمام الماوردي ص: 73. ↑
  51. أخرج الدارمي في سننه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء جبريل إلى رسول الله × وهو جالس حزين، وقد تخضَّبَ بالدم من فعل أهل مكة من قريش، فقال جبريل عليه السلام: يا رسول الله، هل تحب أن أريك آية؟ قال: «نعم»، فنظر إلى شجرة من ورائه، فقال: ادع بها، فدعا بها، فجاءت وقامت بين يديه، فقال: مرها فلترجع، فأمرها فرجعت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حسبي حسبي». (أجرحه الدارمي في سننه، باب ما أكرم الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم من إيمان الشجر به، والبهائم، والجن، ح رق: 23، 1/172 ↑
  52. أعلام النبوة، الإمام الماوردي ص: 76-77. ↑
Scroll to Top