الأخبار الزائفة (The Fake News) في وسائل التواصل الاجتماعي: تأصيل في المفهوم وبحث في الدوافع والأسباب

باحث في التراث الثقافي والتواصل
الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشرق
وجدة، المغرب

ORCID : 0000-0002-1248-8969

باحث في العلوم السياسية
الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشرق
وجدة، المغرب

ORCID : 0009-0005-4939-3372

ملخص

على مدى السنوات الأخيرة، سهّل نمو وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت إلى حد كبير طريقة تواصل الناس مع بعضهم البعض. يقوم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت بمشاركة المعلومات والتواصل مع الآخرين والبقاء على اطلاع بالأحداث الشائعة. ومع ذلك، فإن الكثير من المعلومات الحديثة التي تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي مشكوك فيها، وفي بعض الحالات، تهدف إلى التضليل. غالبًا ما يطلق على هذا المحتوى اسم" الأخبار الزائفة". يمكن للكميات الكبيرة من الأخبار الزائفة عبر الإنترنت أن تسبب مشاكل خطيرة في المجتمع.

Abstract

Over recent years, the growth of online social media has greatly simplified the way people communicate with each other. Online social media users share information, communicate with others, and stay informed about trending events. However, much of the recent information appearing on social media is questionable and, in some cases, intended to mislead. This content is often called "fake news". Large amounts of fake news online can cause serious problems in society.

مقدمة

ارتبطت وسائل الإعلام عموما منذ نشأتها، وفي كل مراحل تطورها، بعلاقة جدليّة مع محركات التّحديث المجتمعيّة، المتمثّلة بالعوامل السّياسية وطبيعة نظمها، والاقتصاديّة وطريقة إدارتها، والثّقافية ومحاولة تشكيل الهويّة عبر الأنساق القيميّة. ولا زال هذا الارتباط مستمرا بين هذه المحركات ووسائل الإعلام على مختلف أنواعها[1].

فالتّحولات الكبيرة الّتي يشهدها العالم اليوم في ميدان تكنولوجيا الاتصال والإعلام، قد نتج عنها إحداث تغيرات كبيرة في إنتاج وتلقي المعلومة. فوسائل الإعلام بمختلف أصنافها المرئية والمسموعة والمقروءة وحتى الإلكترونية عرفت تطوّرات نوعيّة، وصارت تلعب أدوارا كبيرة وخطيرة في نفس الوقت. فأصبحت عملية الحشد والتعبئة وتوجيه الرأي العام والـتّأثير فيه، وتشكيل مفاهيمه وتغيرها من الأدوار الرئيسة لها. كما أصبحت وسائل الإعلام عنصرا فاعلا ومكونا من مكونات الرأي والفهم والوعي، وهو ما حدا بها أن تكون اليوم من أهم الأدوات التي لا غنى عنها في صناعة الرأي العام وتوجيهه لخدمة مشروع معيّن أو لقضايا تروِّج لأجندات معينة، على اعتبار أن الجمهور اليوم أصبح يتابع كل ما يجري حوله لحظة بلحظة.

لقد واكبت شبكات التواصل الاجتماعي هذه التطورات المتسارعة لوسائل الاتصال والإعلام، مستغلة سرعة انتشارها بين مختلف شرائح المجتمع، فغيـرت بشـكل جـذري سـلوك عمـوم ِ المسـتعملين إزاء المعلومـات. فمـا كان ينشر فـي إطـار مقيد مـن وجهـات نظـر وآراء وتعليقـات، صـار اليوم متاحـا أكثـر مـن ذي قبـل، حيـث أصبـح بوسـع جميــع مســتعملي شــبكة الانترنــت تبــادل هــذه المعلومــات وتقاسمها. إذ توفِّــر شــبكات التواصــل الاجتماعي وطريقـة عملهـا إمكانيـة الحصـول علـى المعلومـة وتداولهـا فـي حينهـا.

تشـير إحصائيـات الوكالـة الوطنيـة لتقنيـن المواصـلات إلـى أنـه يشـارك أزيـد مـن 99% مـن الأشخاص الذيـن تتـراوح أعمارهـم مـا بيـن 12 و39 سـنة فـي الشـبكات الاجتماعية، ويتجـاوز اسـتخدام 73 فـي المائـة مـن هؤلاء لهـذه الشـبكات السـاعة الواحـدة يوميـا[2].

لقد أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي مصدرًا أساسيًا للحصول على الأخبار والمعرفة، وهذا يمثل تحولًا كبيرًا عن الأوقات التي كانت فيها هذه المعلومات محصورة في بعض الأوساط المتخصصة. فتح هذا التطور أمام الجمهور خيارات متعددة لتلبية احتياجاتهم الإعلامية بسهولة أكبر مما كانت عليه في الماضي. ومن اللافت أن هذه الشبكات أصبحت بيئة مثالية لممارسة الإعلام، سواء من قبل المؤسسات الإعلامية أو من قبل أشخاص ذاتين.

ومع ذلك، فقد كشف هذا التطور عن جوانب سلبية، حيث أصبحت الشبكات الاجتماعية بيئة مثالية لانتشار الأخبار الكاذبة، وملجأً للأخبار المضللة والمعلومات غير الصحيحة. الشيء الذي أدى إلى زيادة الاهتمام العالمي بمكافحة هذه الظاهرة.

وللإلمام بهذه الموضوع، تأتي هذه الورقة البحثية لإماطة اللثام عن هذه الظاهرة التي أصبحت مصدر قلق ليس للأفراد فقط، وإنّما للدول والحكومات والمؤسسات. وذلك من خلال مقاربة الإشكالية التالية:

إلى أي حد يمكن اعتبار انتشار ظاهرة الأخبار الزائفة نتيجة حتمية للتطور الكبير الذي عرفته منظومة الاتصال والإعلام؟ وهل القلق من استفحال هذه الظاهرة له ما يبرّره؟

وتتفرّع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية والتي تُعدّ الإجابة عنها ضرورية للإحاطة بالموضوع، وهي كالتالي:

  • ما مفهوم مصطلح الأخبار الزائفة؟
  • لماذا تنتشر الأخبار الزائفة بسرعة؟
  • ما تأثير الأخبار الزائفة على الأفراد والمجتمع والمؤسسات؟
  • كيف يتم الحد من تأثير الأخبار الزائفة؟
  • ما السبيل لمواجهة انتشار الأخبار الزائفة؟

هي إذن، تساؤلات وإشكالات لا تنتهي بمجرّد التعرف على ظاهرة انتشار “الأخبار الزائفة” وسبل مواجهتها، ولكنّها تشكّل دافعا قويّا من دوافع هذه الورقة للبحث في الأبعاد والغايات من وراء نشر “الأخبار الزائفة” المعلنة والخفية، ومدى تأثيرها على الأفراد والمجتمع والدّول.

إنّ طبيعة الموضوع وما يثيره من إشكالات يستلزم البحث فيها منهجا نسقيّاً يمثّل آلية تحليلية متعدّدة الأبعاد للبحث في مدخلات ومخرجات موضوع الدراسة، وما يرتبط به من حلقات متداخلة ومتتابعة من الأفعال وردود الأفعال، حتّم علينا الاعتماد على منهج تحليل المضمون، والمنهج التحليلي النقدي، الذي حاولنا من خلالهما أن نضع اليد على الإشكالات التي يطرحها موضوع “الأخبار الزائفة” المعني بالدّراسة، وما ترتّب عنها بالضرورة من إشكالات اجتماعية وسياسية وقانونية.

لذلك سيتم تناول الموضوع من خلال مطلبين:

المطلب الأول: سنتناول فيه الأخبار الزائفة: مفهومها وأسباب انتشارها.

فيما سيتناول المطلب الثاني: الأخبار الزائفة غاياتها وسبل التصدي لها.

المطلب الأول: الأخبار الزائفة: مفهومها وأسباب انتشارها.

إنّ مصطلح “الأخبار الزائفة” هو مصطلح جذاب للغاية، كما أنّ بساطة تركيبة المصطلح المكونة من كلمتين تجعل المتلقي يستحضر على الفور مجموعة متنوعة من المعاني، وبالتالي يمكن استخدامه بمرونة شديدة. ولكن هنا تكمن الصعوبة. خلف البساطة الواضحة للمصطلح، يكمن نطاق واسع محتمل من أنواع التعبير المختلفة نوعيًا. يمكن أن يشمل أي شيء بدءً من الخُدع المرحة أو الدعاية العدائية، وصولا إلى التحريض على العنف. وهذا ليس غير مفيد من الناحية القانونية فحسب، بل إنه يمثل مشكلة كبيرة تهدد ليس الأفراد والمجتمع فقط، وإنما تصل خطورته إلى الحكومات والدول.

الفرع الأول: تأصيل في السياق التاريخي للمصطلح ومفهومه.

يعتبر مصطلح “الأخبار الزائفة” من المصطلحات التي ظهرت منذ القِدم، فهمي ليست وليدة العصر الحالي، لكن التّطور التكنولوجي الكبير الذي شهده العالم في بداية مطلع الألفية الثالثة أعطى لهذا المصطلح زخما كبيرا، فقد منحتها ثورة الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها أبعادا جديدة. وجعلت “الأخبار الزائفة” من المعضلات التي أصبحت تؤرق الكلّ، سواء كانت أنظمة، أو مؤسسات، أو مجتمعات، أو أفراد.

كانت عملية استغلال المعلومات والتلاعب بها ممارسة تاريخية حتى قبل فترة طويلة من وضع الصحافة الحديثة معايير تُعرِّف الأخبار كنوع قائم على قواعد معينة للنزاهة. وتعود هذه الممارسة كما تدوِّن السجلات إلى عهد روما القديمة عندما قابل انطونيو كليوباترا وشن عدوه السياسي اوكتافيان حملة تشويه ضده “بشعارات قصيرة حادة مكتوبة على عملات معدنية بأسلوب تغريدات قديمة”. وأصبح مرتكب الجريمة أول إمبراطور روماني سمحت الأخبار الزائفة له باختراق النظام الجمهوري إلى الأبد”[3].

يقترن تاريخ صناعة ونشر الأخبار الزائفة بتاريخ الأخبار نفسها، حيث على سبيل المثال في نهاية القرن التاسع عشر انتشر مصطلح “الصحافة الصفراء” وهو تجسيد لمفهوم الأخبار الزائفة، وتقوم الصحافة الصفراء على مبدأ تضخيم الحقائق والمبالغة فيها أو محاولة تشويهها، وفقا لمصالح معينة تكون إما ضد أشخاص معينين، أو في سبيل مصالح سياسية أو اقتصادية أو حتى مجتمعية.

لكن مصطلح “الأخبار الزائفة” اخذ زخما إعلاميا كبيرا منذ سنة 2014. وارتبط هذا المصطلح باسمين هما:

– الصحفي الكندي Craig Silverman الذي استعمله أول مرة بتاريخ 14 أكتوبر 2014 حيث استنكر نشر خبر حول فرض الحجر الصحي على مدينة تكساس بسبب إصابة عائلة بفيروس إيبولا.

– الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي استعمل تعبير Fake News مرة واحدة ضمن كل 20 رسالة في تغريداته على تويتر[4]. فبعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، صرح في إحدى مقابلاته مع الشبكة الإخبارية الأمريكية”CNN” : لست أنا المسؤول عن اختراع مصطلح “الأخبار الزائفة” فكل ما فعلته هو جعل هذه العبارة أكثر وضوحا، لأن مجتمعنا، للأسف، يعجّ بهذا النوع من الأخبار وهذا مؤسف حقا”[5].

لقد عُرفت “الأخبار الزائفة” لسنوات عديدة كنوع من الأخبار غير المهنية وغير الحقيقية، وقد اتصفت بعدم صدقها. لكن لم يكن هذا التصنيف نابعا من القارئ أو ناشر الخبر، ومع ذلك أصبح هذا مصطلح منذ سنة 2016 مرادفا لرؤية القراء الذين يعتبرون أنّ أي معالجة سلبية للمادة الخبرية أخبارا مزيفة، ويتضمن العمل الإخباري نشر الحقائق حول الأحداث الجارية وإتاحة الوسائل التي يشارك بها الجمهور في المناقشات السائدة، وقد يتم إنشاء الأخبار ونشرها من قبل أي شخص. ولكن تظل الأخبار الأكثر شهرة هي الأخبار الصادرة عن وسائل الإعلام الرئيسية أو المؤسسة الرسمية المعنية بالخبر. وعادة ما يتم اعتبار الأخبار الزائفة قصصا شبيهة بالأخبار، لا ترمي إلى تحقيق الإعلام أو التثقيف، بل يتم إعدادها للتجاوب مع القصص التي يتصورها الجمهور حول كل ما يحيط به، والمتاجرة بأسماء المصادر الخبرية، واستغلالها من اجل إضفاء صفة الشرعية على الخبر المقدم وتحقيق سهولة نشره عبر الشبكات الاجتماعية[6].

لقد تعدّدت محاولات تعريف مصطلح “الأخبار الزائفة” وتنوعت، وعلى الرغم من الاتفاق على عدم صدقية وفائدة تسمية هذا مصطلح بـ”الأخبار الزائفة”، إلاّ أنه لا يوجد مصطلح بديل. وربما تكمن إشكالية المصطلح في أن هذا الأمر لا يتعلق بالأخبار فقط، ولكنه يتعلق بالنظام البيئي للمعلومات بأكمله[7]. وهكذا فقد عُرّفت الأخبار الزائفة بوصفها المعلومات التي تم تلفيقها ونشرها عمدا بقصد خداع الآخرين وتضليلهم من خلال تصديق الأكاذيب أو الشّك في الحقائق التي يمكن التحقق منها، وهي معلومات مضللة يتم تقديمها – أو من المحتمل أن يتم إدراكها -على أنها أخبار[8].

كما عُرِّفت بكونها “معلومات ملفقة تحاكي محتوى وسائل الإعلام الإخبارية في الشكل، ولكن ليس في العملية التنظيمية أو القصد”[9].

فيما عرّفها قاموس كامبريدج للغة الإنجليزية بأنّها قصص كاذبة تبدو وكأنها أخبار، أو تنتشر على الإنترنيت أو تستخدم وسائط أخرى، وعادة ما يتم إنشائها للتأثير على الجمهور[10]، ودفعه نحو اتجاه معين. كما يمكن اعتبار الأخبار الزائفة على أنّها: “أيّ معلومات المقصود منها يكون غالبا الكذب أو التضليل، والدوافع من إنشاء هذه الأخبار الزائفة تكون إمّا مالية أو من أجل إقناع الآخرين باتخاذ قرار معين، أو الدعم، أو معارضة قضية، أو مرشح سياسي”[11].

وجب الإشارة إلى أنّ دراسة إعلامية نشرت في المملكة المتحدة عن جامعة بورنماوث عرّفت “الأخبار الزائفة” على أنها: “نوع من العلاقات العامّة يُظهِر تحيزا مبالغا في بعض الحقائق، ويحجب البعض الأخر”. كما لخصت هذه الدراسة تعريف الأخبار الزائفة: “بأنها الانتشار المتعمد للتظليل، سواء كان ذلك عبر وسائل الإعلام التقليدية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي”[12].

أمّا الخطاب المعاصر فيعرفّها على أنها تشير إلى منشورات تُنشر على نطاق واسع، وتستند إلى حسابات وهمية مصنوعة لتبدو وكأنّها تقارير إخبارية[13]. في حين، أنّها مجرد معلومات غير صحيحة أو مضللة يتم نشرها عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي. تستخدم هذه الأخبار لخداع القراء أو المشاهدين وإيهامهم بأن المعلومات التي يتم تقديمها حقيقية، في حين أنها قد تكون مفبركة أو مزيفة.

هذه الأخبار الزائفة يمكن أن تأتي على شكل[14]:

  • مضامين صحيحة: بحيث تكون أركان الخبر صحيحة، ومن الممكن إثباتها بأدلة ووقائع، لكن التفاصيل تكون خاطئة ومضللة.
  • مضامين انتقائية: تتضمن عناصر معينة، تكون صحيحة وتتجاهل العناصر الأخرى المكملة أو المفسرة للمضمون.
  • مضامين خاطئة: بحيث يتم نشر مضامين خاطئة تماما لا تمت إلى الحقيقة بصلة.
  • مضامين مضللة: ويتم ذلك من خلال استخدام مضلل للمعلومات في غير سياقه.
  • مضامين تم التلاعب بها: ويتم ذلك من خلال التلاعب بمعلومات أو تعديل أو فبركة الصور بهدف الخداع.
  • الربط الخاطئ: بحيث يتم استخدام عناوين رئيسة أو مواد بصرية أو عناوين فرعية لا تشير بشكل صحيح إلى المضمون.
  • مضامين الإثارة: يتضمن الخبر عناصر مبالغة فيها، تستهدف جذب الانتباه وإثارة اهتمام الفئة المستهدفة، إلا أنَّ محتوى الخبر يكون في الحقيقة غير مرتبط بالادعاء أو بالعنوان.
  • مضامين الانتحال: أي انتحال صفة مصادر حقيقية ونَسْب أقوال كاذبة لها.
  • التصريحات المجتزأة: بحيث يتم اقتطاع جزء من فيديو أو مقطع صوتي بهدف التضليل.

وجب ذكر أنّ مصطلح الأخبار الزائفة يعتبر من المصطلحات التي تتقاطع مع العديد من المصطلحات المشابهة لها، من أبرزها:

مصطلح الأخبار الكاذبة: و رغم كون مصطلح الأخبار الزائفة يعتبر من المصطلحات الحديثة التي تستعمل بكثرة فهو يستعمل كذلك للدلالة عن الأخبار الكاذبة أو المضللة ،إلا أنه أوسع نسبيا من مصطلح الأخبار الكاذبة، لكون التزييف يصف نوعا من أنواع التضليل المختلقة للأخبار بأشكال مختلفة سواء تقارير، قصص ،صور ،فيديوهات عبر الجرائد، وعبر مختلف الوسائل الالكترونية للإعلام، حيث يعرف الخبر المزيف على انه المحتوى الإخباري الكاذب سواء كان (أخبار، مقالات، قصص إخبارية) يتم صياغته ليبدو وكأنه في هيئة ومحتوى الأخبار الصحيحة، لينشر عبر نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف خداع المتصفحين وتضليلهم ،و التأثير على توجهاتهم .ويرتبط بتناول قضايا لها صلة بالرأي العام[15]. فالأخبار المزيفة تتناول أكاذيب يتم إنشاؤها بشكل متعمد واستراتيجي تهدف إلى تضليل الجمهور[16].

مصطلح الإشاعة: الذي تُعرَّف على أنها الأخبار التي تتردد وتنتشر وتداع بين الناس دون التثبت، فلا يعلم صدق الخبر فيها من كذبه. فهي كل الأقوال والأحاديث والروايات التي يتناقلها الناس دون التأكد من صحتها، بل ودون التحقق من صدقها بغض النظر عن أسلوب ووسيلة تناقلها ونشرها بين الناس[17].

الفرع الثاني: أسباب انتشار الأخبار الزائفة

تمثل الثورة المعلوماتية سمة أساسية من سمات العصر الذي يعيشه العالم في الوقت الراهن، وقد شكلت مواقع التواصل الاجتماعي قفزة هائلة في البنية الاتصالية، وأنماط التأثير في المجتمعات الإنسانية، لما لها من قدرة فائقة على تجاوز حدود الزمان والمكان. كما أنّ إنشائها يعد أهم انجاز تكنولوجي تحقق في أواخر القرن العشرين، إذ استطاع الإنسان بواسطتها أن يلغي المسافات ويطّلع على أحداث العالم وتطوراته في مختلف المجالات، وأن ينشر الثقافة ويتبادل المعلومات[18] .

وقد ارتبط انتشار الأخبار الزائفة بشكل أو بأخر باستفادة منصات التواصل الاجتماعي من الثورة التي شهدها مجال الاتصال والتواصل. وبسبب طبيعة وخصائص الشبكات الاجتماعية، أصبحت المعلومات المضللة سهلة الانتشار. وقد أثبتت الدراسات أن المستخدمين يقومون بمشاركة المحتويات الإخبارية والقصص الصحفية والتعليقات دون أن يقوموا بقراءتها بشكل كامل[19].

فشبكات التواصل الاجتماعي وفّرت البيئة المشجعة والمهيأة لانتشار الأخبار الزائفة، وذلك من خلال توفر هذه الشبكات أو المنصات على المميزات التالية:

السرعة: حيث أن نشر الأخبار لا يستغرق وقتا طويلا لتنتشر بين المتابعين خصوصا في ظل توافر الهواتف الذكية، وتعدد منصات التواصل الاجتماعي. فالأمر لا يحتاج سوى ثوان ودقائق معدودة لتجوب الأفاق.

الانتشار: وتعد هذه الخاصية من الخصائص الهامة في انتشار الأخبار الزائفة، نظرا للعدد الكبير للمشتركين على منصات التواصل الاجتماعي.

النوع: تتكون الأخبار الزائفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من مزيج تفاعلي من الصوت والصورة والكلمة والحركة. وإضافة مثل هذه الميزات جعل الأخبار الزائفة مادة ذات جاذبية عالية.

الكلفة: لا يحتاج نشر الأخبار الزائفة إلى أي نفقات لتوزيعها فهي ذات تكلفة منخفضة جدا.

التأثير: يرتبط عنصر التأثير بالخصائص السابقة، حيث أنها تؤدي كلها إلى تأثير كبير على الجمهور المستهدف، إذ أن تأثيرها يزيد بنوعيتها وبخصائصها بأهميتها وبطريقة وصولها وتزامنها مع الأحداث، وبدعمها بالمؤثرات الصوتية والسمعية.

هذا، وقد أوضحت بعض الدراسات في علم الاجتماع الجزئي أن الأخبار الزائفة ونظرية المؤامرة على شبكات التواصل الاجتماعي تندرج ضمن ممارسات اتصالية محددة، إذ أن معظم مستخدمي الأنترنت الذين يشاركون هذا المحتوى لا يثقون في المصادر التقليدية، وتشكل بذلك عملية استهلاك المصادر البديلة موقفا سياسيا ليس أكثر. كما تشير الأدلة كذلك إلى أن الكثير من نشر الأخبار الزائفة يرجع إلى السلوك البشري، حيث أن الأشخاص الذين يصادفون مواد خاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي قد ينشرونها عن طريق الإهمال أو اللامبالاة. وبذلك فقد تبين أن المستخدمين هم لاعبون مهمون يمكن أن يساعدوا في انتشار الأخبار الزائفة. كما تم الكشف أيضًا عن أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يفتقرون إلى التفكير النقدي معرضون للأخبار الزائفة.

تتفق هذه الدراسات عمومًا على أن القدرة على التمييز بين الأخبار الحقيقية والأخبار الكاذبة ترتبط بالتفكير النقدي الذي يجعل الناس على دراية بالأخبار الزائفة وتداعياتها الخطيرة على المجتمع[20].

وعموما يمكن إجمال أسباب انتشار الأخبار الزائفة فيما يلي:

  • انتشار وسائل الاتصال الحديثة ووسائط التواصل الاجتماعي شكلا مناخا جيدا لانتشار الحسابات الوهمية والأخبار الزائفة والصور ومقاطع الفيديو المفبركة والمجتزأة من سياقها (250 مليون حساب وهمي على شبكة الفيس بوك سنة 2018).
  • عدم خضوع وسائل التواصل الاجتماعي إلى الرقابة والتدقيق على غرار وسائل الإعلام التقليدية.
  • عدم إتاحة الأخبار بشكل سريع عبر منصات الإعلام التقليدية تسبب في لجوء الجمهور إلى مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومة.
  • زيادة الاستقطاب السياسي من خلال شعبية وسائل الميديا الاجتماعية.
  • المصادر المجهولة وإمكانية استخدام الأسماء المستعارة على مواقع الإنترنيت
  • غياب الضوابط الأخلاقية، ولدت شعورا بعدم المحاسبة، وهو ما عزز انتشار الشائعات والأخبار الزائفة.
  • انتشار وتطور البرمجيات التي تقوم بعمليات النشر التلقائي على شبكات التواصل الاجتماعي، وجلب عدد كبير من المتابعين وزيادة التفاعل والمشاركات الوهمية (Slack Social, HootSuite, ButtonPushFacebookLeads, FB Wall Poster)، الأمر الذي يعطي انطباعا لدى المتلقي بأنها ردود فعل حقيقية وبالتالي تدفعه لتصديقها وربما تبنيها.
  • يشير علماء النفس إلى أن ردة فعل المتلقي تكون أكثر عاطفية وتأثرا تجاه المواقف الصادمة والمفاجئة، وهو ما يعزز انتشار الشائعات والأخبار المفبركة والكاذبة، إضافة إلى المواقف الشخصية تجاه قضية ما، حيث يميل الأشخاص بطبعهم لسماع وتصديق الأخبار التي تدعم مواقفهم وآراءهم تجاه القضايا التي تهمهم، ويتبنون نتيجة ذلك هذه الأخبار ويساهمون في نشرها.
  • يلعب الذكاء الاصطناعي دورا كبيرا في انتشار الأخبار الزائفة، من خلال تحليل بيانات مستخدمي الشبكة الاجتماعية أو تسريبها لاستغلالها في الانتخابات مثلا[21].

المطلب الثاني: الأخبار الزائفة غاياتها وسبل التصدي لها

لطالما استعملت وسائل الاتصال تاريخيا كأدوات للتأثير على الرأي العام وتوجيهه وصناعته عبر معالجة المعلومة وانتقائها والتلاعب بمعناها أحيانا. ويزخر التاريخ بالعديد من الأمثلة المتعلقة بنشر الأخبار الزائفة لأغراض مختلفة، منها ما أوصى به قبل 2500 عام الاستراتيجي العسكري الصيني سون تزو (Sun Tzu) بخصوص استخدام المعلومات الخاطئة لخداع العدو وتحقيق التوازن الصحيح بين الكذب والحقيقة لزيادة مصداقية هذه الأخبار الزائفة. ويحكى عن فرانسيس بيكو انه كان يستشهد بمثل يقول: “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس[22].

الفرع الأول: الغايات المرجوة من نشر الأخبار الزائفة

إنّ نشر الأخبار الزائفة بشكل متعمد أصبح أداة تستخدم على نطاق واسع بهدف التلاعب بالرأي العام وخداع الجمهور وتوجيه تفكيره في اتجاه معين. وفي هذا الإطار قام (Tandoc Jr)[23] وفريقه بمراجعة 34 مقال أكاديمي استخدم فيه مصطلح الأخبار الزائفة، وقد توصلوا إلى أن هذه الدراسات حصرت الأشكال التي تُقَدَّم من خلالها الأخبار الزائفة في الآتي: السخرية، والمحاكاة الساخرة للأخبار، والتلفيق، والتلاعب، والدعاية.

تُظهِر جميع هذه الأشكال مدى تشابه الأخبار الزائفة مع الأخبار الحقيقية من ناحية الشكل، سواء من حيث شكل المواقع أو كيفية كتابة المقالات. هذه الأخبار قد تكون على شكل نصوص، أو صور، أو فيديوهات، أو صوتيات خاطئة، أو مضللة. يتم ترويجها، وجعل الجمهور يعتقد بأنها معلومات موثوق بصحتها، إذ أنها تحاكي انتشار الأخبار الحقيقية من خلال بناء شبكة من المواقع المزيفة. ويعتمد نجاحها غالبًا على تداولها بشكل واسع، وقد يكون لها تأثير كبير على الرأي العام والقرارات الفردية من خلال هذا الاختلاس لمصداقية الأخبار، فهي بذلك تعمل على تقويض شرعية ومصداقية الصحافة والمؤسسات، لا سيما في بيئة وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم غالبا إزالة المصدر الفعلي للمعلومات.

إذن، فالأخبار الزائفة تتنوع في مضمونها وأشكالها، فقد تكون تقارير ملفقة تمامًا، أو تشويها للحقائق من خلال تحريف المعلومات أو تقديمها بسياق خاطئ، أو حتى استخدام الصور والفيديوهات المفبركة لدعم الأخبار الكاذبة. ومن بين الأهداف الشائعة للأخبار الزائفة نجد الرغبة في زعزعة الاستقرار الاجتماعي لمجتمع ما، أو لخلق اضطرابات السياسية، أو لتحقيق مكاسب مالية، أو لترويج أجندات معينة.

سنقتصر في هذا الجانب على دراسة نوعين من الأهداف المراد تحقيقها من وراء نشر الأخبار الزائفة، والتي نعتقد أنها الأكثر شيوعا وهما: الأهداف الاقتصادية والأهداف السياسية.

أمّا الأهداف الاقتصادية أو الربحية المراد تحقيقها من وراء نشر الأخبار الزائفة فهي عديدة، نذكر منها:

زيادة الزيارات والمشاهدات: تتلقى الصفحات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي إيرادات من الإعلانات بناءً على عدد الزيارات والمشاهدات. والأخبار الزائفة غالباً ما تثير الفضول وتحظى بانتشار سريع، مما يزيد من عدد الزيارات وبالتالي الإيرادات من الإعلانات.

التأثير على السوق المالية: قد تُنشَر الأخبار الزائفة بناءً على أجندات معينة للتأثير على أسعار الأسهم أو العملات أو سلوك المستثمرين، مما يتيح لبعض الأفراد أو الجهات الاقتصادية تحقيق ربح من تغييرات السوق.

توجيه الرأي العام والتأثير على القرارات السياسية: قد تستخدم الأخبار الزائفة كأداة لتوجيه الرأي العام باتجاه معين أو للتأثير على القرارات السياسية التي قد تؤثر على الاقتصاد.

القضاء على المنافسين أو العلامات التجارية الأخرى: يمكن أن تنشر الأخبار الزائفة لتشويه صورة المنافسين أو للتأثير سلبًا على علامات تجارية معينة، مما قد يؤدي إلى زيادة حصة السوق أو تقليل المنافسة.

تشويه الحقائق لتحقيق مكاسب سياسية أو اجتماعية: في بعض الحالات، يمكن استخدام الأخبار الزائفة لتشويه الحقائق بهدف تحقيق مكاسب سياسية أو اجتماعية، وهو ما قد يؤثر بشكل مباشر على البيئة الاقتصادية.

وأما الأهداف السياسية المراد تحقيقها من وراء نشر الأخبار الزائفة فهي تتنوع حسب السياق السياسي والهدف النهائي المرغوب في تحقيقه من طرف الأفراد أو الجماعات التي تنشر هذه الأخبار. ومن بين هذه الغايات نذكر ما يلي:

تشويه صورة الخصم السياسي: يُستخدم نشر الأخبار الزائفة لنشر شائعات أو أخبار مفبركة من أجل تشويه صورة الشخصيات السياسية المعارضة أو الأحزاب السياسية المنافسة.

توجيه الرأي العام: يمكن استخدام الأخبار الزائفة لتوجيه الرأي العام في اتجاه معين، سواء لصالح جهة سياسية معينة أو لتشويه صورة جهة أخرى.

التأثير على الانتخابات: يمكن استخدام الأخبار الزائفة للتأثير على نتائج الانتخابات من خلال نشر معلومات زائفة حول المرشحين أو عمليات الاقتراع.

تغيير السياسات العامة: يمكن استخدام الأخبار الزائفة لإثارة الرأي العام ضد سياسات معينة أو لتبرير اتخاذ إجراءات سياسية محددة.

تضليل الرأي العام: قد تُستخدم الأخبار الزائفة لتشتيت انتباه الجمهور عن القضايا الحقيقية أو لتغطية فشل سياسي بالتركيز على قصص ملهمة أو مثيرة. مما يؤثر على الحوار العام ويصعب اتخاذ القرارات السياسية الصائبة.

إثارة الفتنة والتوتر الاجتماعي: يُستخدم نشر الأخبار الزائفة لإثارة الفتنة والتوتر الاجتماعي بين مجموعات مختلفة في المجتمع، مما قد يؤدي إلى انقسامات سياسية واجتماعية.

تشويه صورة الصحافة ووسائل الإعلام: يُستخدم نشر الأخبار الزائفة لتشويه صورة وسائل الإعلام المستقلة والصحافة المهنية، بهدف التشكيك في مصداقيتها وتقليل تأثيرها.

الفرع الثاني: سبل مواجهة الأخبار الزائفة

إن ترويج الأخبار الزائفة يمكن أن يؤدي إلى تهديد الاستقرار الاجتماعي، وإلى تفكك المجتمع من خلال تأجيج الانقسامات بين أفراده مما يعزز الاضطرابات. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إثارة التوترات الاجتماعية والسياسية، وزعزعت ثقة الناس في المؤسسات الرسمية وتقويض مصداقيتها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأخبار الزائفة أن تكون سببًا في نشر العنف والتفرقة الاجتماعية. وبالتالي، فإنّ مكافحة الأخبار الزائفة تتطلب جهودًا مشتركة من المؤسسات الإعلامية، والحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والأفراد أيضًا.

لذلك يجب على الحكومات أن تتخذ إجراءات قانونية وتنظيمية صارمة ضد الجهات التي تروج للأخبار الزائفة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على حرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومات. وفي هذا الإطار، فقد أصدرت المفوضية الأوروبية مثلا تقريرا يستند إلى تحقيق وسط مخاوف من أن المعلومات المضللة والزائفة تضر بالمجتمع بأكمله، لهذا يدرس السياسيون في كل دولة من أستراليا والفلبين وكندا وفرنسا والمملكة المتحدة والبرازيل والهند وإندونيسيا ما يجب القيام به استجابة لذلك. وفيما يتعلق بالتشريع بادرت ألمانيا أولا بقانون جديد لتغريم المنصات الرقمية بشدة إذا لم تقم بإزالة المحتوى غير القانوني بما في ذلك الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية في غضون 24 ساعة من الإبلاغ عنها. وفي ماليزيا أقرّ برلمانها ترسانة قانونية لمكافحة الأخبار الزائفة في أبريل2018 [24] .

لكن الجانب التشريعي وحده لا يكفي، إذ أنّ مسؤولية محاربة الأخبار الزائفة يجب أن يتحمّلها الجميع. وتبعا لذلك، يجب على وسائل الإعلام هي بدورها تعزيز معايير النزاهة والمصداقية، وتقديم التقارير بموضوعية ودقة، بالإضافة إلى توفير التوجيه والتثقيف للجمهور حول كيفية التحقق من صحة المعلومات والمصادر.

من الضروري كذلك تعزيز التربية الإعلامية والرقمية لدى الناس، بما في ذلك تعليمهم كيفية التفكير النقدي وتقييم المصادر، وذلك لتمكينهم من التعرف على الأخبار الزائفة وتجنب نشرها أو التّأثُّر بها.

وفي هذا الإطار، وتماشيا مع ما سبق ذكره، نورد على سبيل الاستئناس بعض سبل مواجهة الأخبار الزائفة، وهي:

التثقيف ورفع الوعي لدي أفراد المجتمع ومستخدمي الإنترنيت: يجب تثقيف الناس حول كيفية التعرف على الأخبار الزائفة وكيفية التحقق من صحة المعلومات قبل نشرها أو مشاركتها. يمكن تحقيق ذلك من خلال الحملات التوعية، ومن خلال البرامج التعليمية.

تنمية وتعزيز قدرات ومهارات التفكير الناقد لدى الأفراد والمستخدمين: فالتفكير بطريقة ناقدة يُعد عنصرًا مهمًا من عناصر التعامل بوعي ووضوح مع وسائل ومنصات الإعلام، وتحديد ما هو سلبي وإيجابي من رسائل تُنشر وتُبث عبرها، وإكسابهم أيضًا مهارات التمييز بين الحقائق وبين الآراء، وهو عامل آخر يسهل على المستخدمين كشف المعلومات الكاذبة والسعي لإيقاف انتشارها ووصولها إلى أعداد أكبر من الجمهور[25].

تعزيز القدرات الرقمية: ينبغي تمكين الأفراد من تطوير مهارات البحث عبر الإنترنت والتحقق من مصداقية المعلومات والمصادر الرقمية.

تعزيز المصادر الرسمية والموثوقة: يجب تعزيز الثقة في المصادر الرسمية والموثوقة، مثل الوكالات الإخبارية والمؤسسات الحكومية والمواقع الإلكترونية الرسمية.

استخدام أدوات التحقق من صحة الأخبار: يمكن استخدام الأدوات والمواقع التي تساعد في التحقق من صحة الأخبار والمعلومات، مثل FactCheck.org، وSnopes.com ومبادرة Google للتحقق من الأخبار.

تشديد الرقابة والتنظيم: يجب تشديد الرقابة والتنظيم على المحتوى الإعلامي والرقمي لمكافحة الأخبار الزائفة ومحاسبة من يروج لها.

التعاون الدولي: يجب تعزيز التعاون الدولي في مواجهة الأخبار الزائفة، حيث يمكن للدول والمنظمات الدولية العمل معًا لتبادل المعلومات والخبرات وتطوير استراتيجيات مشتركة لمكافحة هذه الظاهرة[26].

باستخدام هذه السبل، يمكن للمجتمعات أن تقلل من انتشار الأخبار الزائفة وتعزز الوعي بأهمية التحقق من صحة المعلومات قبل الاعتماد عليها أو نشرها.

باختصار، يتطلب مواجهة الأخبار الزائفة جهودًا متعددة المستويات، تشمل التوعية، وتعزيز المعايير الإعلامية، وتعزيز التربية الإعلامية والرقمية، وتشديد الإجراءات القانونية، بهدف الحد من انتشار هذه الظاهرة وتقليل تأثيراتها الضارة على المجتمعات.

خاتمة

لا شكّ أنّ الأخبار الزائفة اليوم أصبحت همّا يؤرق الجميع حكومات وأفراد، مؤسسات وجمعيات. فمع توفّر المعلومات المجانية للجميع بسهولة وسرعة عالية على منصات الوسائط الاجتماعية والأنترنت يمكن لكل فرد أن يكون ناشرا. ونتيجة لذلك ارتفع منسوب عدم الثقة، وازدهرت وجهات النظر المتطرفة ونظريات المؤامرة، وتمّ التشكيك في الحقائق، وحتى في شرعية المؤسسات التي كانت بالأمس مقبولة. لقد أصبح من الواضح في عالم كهذا أنه لحل هذه المشكلة هناك حاجة ماسة إلى التدخلات العلاجية المستعجلة.

لذا، فإنّ الحد من انتشار الأخبار الزائفة يتطلب تحركاً جماعياً من الحكومات والمؤسسات والأفراد على حد سواء، من خلال تعزيز الوعي الإعلامي بمخاطرها وتعزيز المهارات الضرورية للتمييز بين الأخبار الحقيقية والزائفة، بالإضافة إلى الرقابة الصارمة على المحتوى المنشور، واتخاذ إجراءات قانونية وتقنية لمكافحتها. مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الحفاظ على الحريات التعبيرية التي تكفلها المواثيق الدولية، وعدم الإضرار بالانفتاح الذي أتاحه التّقدّم التكنولوجي في مجال الاتصال والتواصل.

تحميل المقال في نسخته الكاملة

الإحالات:

  1. ليث عبد الستار عيادة اللهبي، التعددية السياسية والإعلامية وأثرها في بناء القصة الخبرية في الصحافة الإلكترونية، رسالة ماجستير في الإعلام، جامعة القاهرة 2014، ص98.
  2. الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، بحث سنوي بخصوص تجميع مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والاتصال (2020(.
  3. شيريلن آيرتون وجول بوسـيتـي، الصحافة والأخبار الزائفة والتضليل، دليل التدريس والتدريب في مجال الصحافة، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، فرنسا ،2020، ص: 14.
  4. شريط حورية، الأخبار الكاذبة.. مفهوم جديد أو وجه جديد للدعاية والتضليل، مجلة الرسالة للدراسات الإعلامية، العدد4، ديسمبر 2022، ص: 403.
  5. نزار خيرون، الأخبار الزائفة.. الحرب الجديدة على وعي الشعوب https://www.aljazeera.net/blogs/2020/5/24/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D9%81%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9
  6. Humphrey,J. (2026).The Plague Of Fake News And The Intersection With Trademark Law. Cybaris Intell.Prop.L.Rev.8.126
  7. Wardle,C.,Fake News.It’s complicated.First Draft,16,1-11.
  8. McGonagle,T.(2017). “Fake news” False feas or real concerns ?. Netherlands Quarterly of Human Rights.35(4),203-209.
  9. Lazer,D.M,Baum,M. A.,Benkler,Y.,Berinsky,A.J.,Greenhill,K. M., Menczer, F.,…. Zittrain ; J. l.(2018)The science of fake news.Science ;359(6380),1094-1096.
  10. https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/fake-news
  11. Kerry Gallagher &Larry Magid, Media Literacy &Fake News, PARNT &EDUCATORGUIDE, 2017.p02.
  12. سناء يساري وآخرون، إعلام الأزمة الخليجية-الأخبار المزيفة، مركز الدوحة لحرية الإعلام، 2017، ص06.
  13. Edson C. Tandoc Jr., Zheng Wei Lim and Richard Ling,R(2017) ;Defining « fake news » A typology of scholarly definitions,Digital journalism,6(2),137-153.
  14. Walid Hayouni, ˝vérification des infos du web et des réseaux sociaux ˝ : https://www.pagof.fr/wp-content/uploads/2021/03/fact-checking.ppt
  15. عمرو محمد عبد الحميد، العداء لوسائل الإعلام: التحديات المهنية واستعادة ثقة الجمهور، العربي للنشر والتوزيع، مصر، 2019، ص:164.
  16. Watson, Carol A. “Information literacy in a fake/false news world : An overview of the characteristics of fake news and its historical development’’ International Journal of legal Information 46.2(2018) :p93.
  17. مفيد عبد الجليل الصلاحي، نظرة حديثة حول تجريم الشائعات الإلكترونية في القانون الجنائي، مداخلة منشورة في إطار المؤتمر العلمي السادس بعنوان القانون والشائعات، بكلية الحقوق بجامعة طنطا، 22-3-23 أبريل 2019، مصر، ص11.
  18. مسفر احمد مسفر الوادعي، وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الامن الفكري من وجهة نظر طلبة المرحلة الثانوية ومعلمي العلوم الشرعية بمنطقة عسير، مقال منشور بمجلة كلية التربية، جامعة الأزهر، مصر، العدد 171، جزء 3، 2016، ص35.
  19. Tim bajarin,How do yo fight fake news ? https://www.pcmag.com/opinions/how-do-you-fight-fake-news-ask-the-kids
  20. Jehel Sophie, Saemmer Alexandra, Education critique aux médias et a l’information numérique, )Paris ; Presses de l’enssib ; 2000 (. p :28.
  21. Walid HAYOUNI.vérification des infos du web et des réseaux sociaux : https://www.google.com/url?sa=j&url=https%3A%2F%2Fwww.pagof.fr%2Fwp-content%2Fuploads%2F2021%2F03%2Ffact-checking.ppt&uct=1707855757&usg=vYk4929ltRvYyngMBDZkPkEWVmY.&opi=89978449&ved=2ahUKEwji442BzdGFAxXTf6QEHdKSCLoQwtwHKAB6BAgBEAE
  22. https://theconversation.com/les-fausses-nouvelles-une-histoire-vieille-de-2500-ans–101715
  23. Tandoc Jr., Zheng Wei Lim and Richard Ling, R (2017). ibid.
  24. Report of the independent High level Group on fake news and online disinformation : https://op.europa.eu/fr/publication-detail/-/publication/6ef4df8b-4cea-11e8-be1d-01aa75ed71a1/language-en
  25. حسني رفعت حسني، التربية الإعلامية…طريقنا الأمثل في التصدي للأخبار الكاذبة: https://2u.pw/k00tEE
  26. Dealing with propaganda, misinformation, and fake news: https://www.coe.int/en/web/campaign-free-to-speak-safe-to-learn/dealing-with-propaganda-misinformation-and-fake-news
Scroll to Top