المؤهلات السياحية والإيواء السياحي بمدينة فاس

محمد الكريمي

طالب باحث بسلك الدكتوراه
مختبر: التراب، البيئة والتنمية
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية القنيطرة، المغرب

محمد شعبان

طالب باحث بسلك الدكتوراه
مختبر: التراب، البيئة والتنمية
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية القنيطرة، المغرب

ملخص

تعتبر مدينة فاس ذات مكانة سياحية مهمة ضمن الوجهات المتعددة بحكم مؤهلاتها البشرية الغنية والمتنوعة التي جعلت منها وجهة سياحية ثقافية بامتياز تستقطب أعدادا لا يستهان بها من السياح، وقد وفرت لهم هذه الوجهة بنية إيوائية سياحية متنوعة بدءا من الفنادق بمختلف أصنافها، فكانت الفنادق من فئة أربع وثلاث نجوم هي الأكثر انتشارا، وشكلت دور الضيافة إضافة نوعية مهمة ساهمت في تقليص النقص الحاصل على مستوى الطاقة الإيوائية بالمدينة ولعبت أدوارا مهمة في جلب السياح نظرا لبعدها التاريخي وشكلها المعماري الأصيل وتواجدها في مجال انتشار أهم المؤهلات السياحية بالمدينة العتيقة. لقد شكلت السياحة العائلية أهم أشكال الإيواء السياحي الحديث العهد بالمدينة، تعددت أهدافها وأدوارها لتحافظ على الشكل العتيق للمدينة القديمة ولتساهم في تحسين الدخل اليومي للأسر المستفيدة من هذا النوع من الإيواء. من هذا المنطلق سنحاول في هذا المقال في المحور الأول تشخيص ودراسة مؤهلات الجذب السياحي لمدينة فاس، من خلال جرد المؤهلات، البشرية، والطبيعية، ثم ابراز دورها وأهميتها في الجذب السياحي. على أن نخصص المحور الثاني لتشخيص ودراسة بنية وخصائص الإيواء السياحي بالمدينة، المتمثلة في الفنادق المصنفة وغير المصنفة، دور الضيافة المصنفة وغير المصنفة، ثم الإيواء لدى الأسرة.

Abstract

Fez city is considered as an important touristic location among the multiple destinations due to its rich and varied human qualifications, which made it a culturally rich touristic destination par excellence, which attracts significant numbers of tourists. This destination provided tourists with a diverse touristic structure, including variety of hotels of all kinds. The most widespread hotels were of four and three stars. Additionally, guest houses constituted an important qualitative addition that contributed to reducing the shortage of accommodation capacity in the city and played important roles in attracting tourists due to its historical dimension, its original architectural form and its presence in the field of the spread of the most important touristic qualifications in the ancient city. Family tourism has constituted the most important form of modern touristic accommodation in the city. Its objectives and roles have varied to preserve the ancient form of the old city and to contribute to improving the daily income of families benefiting from this type of accommodation. From this point of view, we will try in this article, in the first section, to diagnose and study the qualifications of the touristic side of Fez city, through an inventory of the qualifications, human and natural, and then highlight its role and importance in the touristic side. The second section specializes in the diagnosis and study of the structure and characteristics of the touristic accommodation in the city, represented by: Classified and unclassified hotels, classified and unclassified guest houses, then family accommodation.

مقدمة

إن أول ما يأثر في اختيار السائح لوجهته السياحية يتمثل في مؤهلات هذه الوجهة وهل ستوفر هذه الأخير سبل الراحة والاستمتاع التي يبحث عنها السائح، هنا نتحدث عن مؤهلات الجذب السياحي المختلفة والتي تختلف وتتنوع من مكان لأخر حسب مميزات هذا المكان منها البشرية والطبيعية والتي تشكل في نفس الوقت مؤهلات جذب سياحي أحدثت خصيصا لخدمة هذا القطاع أو خضعت للتثمين والتطوير حتى تكون في مستوى العرض السياحي، في الوقت الذي تتنافس فيه مختلف الوجهات السياحية في توفير مؤهلات الجذب السياحي بجودة عالية ومتنوعة قادرة على جلب أكبر عدد من السياح مما ينعكس بشكل مباشر على القطاع السياحي وعلى مختلف الأنشطة المرتبطة به.

وتعد المؤسسات الفندقية واحدة من أهم عوامل الجذب السياحي، التي أصبحت تستقطب العديد من الاستثمارات في مختلف دول العالم، مما يعني أن قضية المنافسة تحظى بأهمية بالغة من قبل القائمين على هذا القطاع، على اعتبار أن الخدمة الفندقية ذات النوعية العالية ومنافذ الترويج المناسبة تشكل عاملا أساسيا في امتلاك الميزة التنافسية واستقطاب أعداد مهمة من السياح. وتتمثل مؤسسات الإيواء السياحي في كل مكان يوفر خدمة المبيت بصورة رئيسية للسياح مقابل أجر، سواء كان هذا المكان فندقا أو أية وحدة إيوائية أخرى تؤدي نفس الخدمة. فهو القادر على استقطاب السياح وتحقيق مختلف رغباتهم، كما يستفيد من عائدات مالية مهمة تنعكس بشكل ايجابي على الوحدة الإيوائية ومختلف القطاعات المرتبطة بها.

إشكالية الدراسة

انطلاقا من هذا المقال سنحاول في المحور الأول تشخيص ودراسة مؤهلات الجذب السياحي لمدينة فاس، من خلال جرد المؤهلات، البشرية، والطبيعية، ثم ابراز دورها وأهميتها في الجذب السياحي. وفي المحور الثاني سوف نعرج على تشخيص ودراسة بنية وخصائص الإيواء السياحي بالمدينة، متمثلة في الفنادق المصنفة وغير المصنفة، دور الضيافة المصنفة وغير المصنفة، ثم الإيواء لدى الأسرة. وذلك لما لهذا الإيواء من دور في توفير الراحة للنزلاء ممن استهوتهم مؤهلات المدينة لزيارتها، مما يفرض توفر بينة إيوائية متنوعة وفي متناول مختلف الفئات الاجتماعية، لتساهم بدورها كمؤهل سياحي ذو بعد استراتيجي. ومن أجل تحديد مدى دور هذه المؤهلات وهذا الإيواء في التنمية السياحية بالمدينة، كإشكالية للدراسة، ومن أجل الإجابة على هذه الإشكالية سوف نقوم بالإجابة على السؤالين التاليين:

إذن فما هي بنية وخصائص المؤهلات السياحية لمدينة فاس؟

وما هي بنية وخصائص الواقع الحالي لمراكز الإيواء السياحي بالمدينة؟

المنهج المتبع

تم الاعتماد في هذا المقال على المنهج الوصفي، من خلال القيام بدراسات تشخيصية وصفية للمؤهلات السياحية بمدينة فاس وكذا لبنية وواقع حال الوحدات الإيوائية السياحية بالمدينة، فدراسة هذا الموضوع ستتوجب وصف بنية وحجم وتباين وتنوع المؤهلات السياحية بالمدينة وأهميتها، ثم وصف تنوع وحجم الوحدات الإيوائية وتباين خدماتها حسب اصنافها، بغية خدمة القطاع السياحي ككل.

I. تنوع مؤهلات الجذب السياحي بمدينة فاس

تعتبر عناصر الجذب السياحي المتوفرة بمدينة فاس سواء منها العناصر الطبيعية أو عناصر الجذب البشرية أهم المؤهلات المتوفرة والتي يرجع إليها الفضل في استقطاب أعداد من السياح. ولعل المؤهلات البشرية المتمثلة في عناصر الجذب الثقافية من أهم ما تتوفر عليه مدينة فاس بحكم إشعاعها التاريخي العريق الذي يعود إلى 12 قرنا خلت وهي ما يعرف بالسياحة التراثية والأثرية التي تقوم على زيارة مثل هذه المناطق من أجل الاطلاع على عادات وتقاليد الشعوب الأخرى، ويمثل هذا النوع من السياحة ما نسبته 20% من حجم الحركة السياحية العالمية[1] ويتميز بجذب السياح من الفئات العمرية المتقدمة نسبيا وذوي مستوى عالي من الثقافة والتعليم، كما يتطلب خدمات سياحية ذات مستوى مرتفع وغالبا ما ينظم السياح هنا على شكل مجموعات بالإضافة إلى أن مدة الإقامة بالنسبة لهذا النوع من السياحة تكون قصيرة.

1. مؤهلات بشرية غنية ومتنوعة

تعتبر المؤهلات البشرية بصفة عامة ومنها المؤهلات الثقافية بصفة خاصة من أهم مقومات الجذب السياحي لمدينة فاس، وتتمثل هذه المؤهلات الثقافية في جميع مظاهر الثقافة الإنسانية الملموسة وغير الملموسة والموجودة بشكل كبير بالمدينة، وتعكس المباني والمصنوعات اليدوية القيم والمعاني الثقافية لمجموع الساكنة المحلية، أما الأشكال الثقافية غير الملموسة مثل المهرجانات والموسيقى والعادات فتعكس أسلوب الحياة السائد بالمجال.

أ. تنوع المآثر التاريخية يعكس العمق الحضاري للمدينة

الكبرياء والبساطة يمتزجان في مدينة فاس الأثرية القديمة[2] التي راكمت منذ تأسيسها وعبر قرون خلت مجموعة من المآثر التاريخية المهمة فلم يكن تصنيفها من طرف منظمة اليونسكو تراثا إنسانيا سنة 1981 إلا اعترافا منها لما تمثله المدينة من تاريخ وحضارة ضاربة في القدم، فهي ومن خلال مدينتها القديمة توفر للسائح مآثر كثيرة ومتنوعة أبرزها الأبواب والمدارس القديمة والمساجد، والزوايا والمتاحف والأسواق.

  • الأبواب والمدارس العتيقة

من أهم ما يميز فاس توفرها على أبواب قل نظيرها في العديد من الوجهات السياحية الأخرى ومن أشهرها نذكر:

باب بوجلود: تم بناؤه من طرف الموحدين في القرن 12م ويعتبر من بين أجمل أبواب مدينة فاس وأشهرها بفضل فسيفساءه الزرقاء والخضراء ونوعية خشبه ومنحوتاته، وبالقرب منه تنتشر مجموعة من الفنادق القديمة والقصور ودور الضيافة التي تأوي السياح الوافدين وهو ما يجعل من هذا الباب يتميز بموقع استراتيجي وفي نقطة التقاء السياح.

باب فتوح: تم بناءه من طرف الابن الثاني للأمير الزناتي دوناس في مكان الباب الأكثر قدما في تاريخ المغرب وقد تم إعادة باء باب فتوح تحت حكم سيدي محمد بن عبد الله في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي[3].

باب القصر الملكي: تتميز هذه المعلمة الملكية بكثرة أبوابها وتنوع أقواسها التي أقيمت بشكل متناظر ومتناسق وهي تحتوي على عناصر غنية وأشكال زخرفية بديعة مستلهمة من الإرث الأندلسي، وبفضل موقعه الإستراتيجي المطل على ساحة فسيحة يشكل النقطة الأمثل لبدء الزيارات السياحية للمدينة العتيقة[4].

تعتبر المدارس العتيقة بمدينة فاس ذات أهمية علمية وفكرية كبيرة منذ تأسيسها وإلى يومنا هذا ويعود اغلبها إلى القرن الرابع عشر خاصة في ظل الحكم المريني.

جامع القرويين: هي من أقدم الجامعات في العالم وقد استقطبت الكثير من أهل العلم والأدب على مر العصور، يعود الفضل في تأسيسها إلى إحدى فضليات النساء الثريات اللاتي جئن من مدينة القيروان عام 859م وهي فاطمة الفهرية[5] ومند القرن العاشر الميلادي أصبحت مكتبة تضم أكثر من 3000 نسخة كما تحتوي على قرآن مكتوب في القرن التاسع الميلادي ومخطوط ابن رشد يعود تاريخه إلى 1320م ومخطوط آخر لمقدمة ابن خلدون التي أهداها هذا المفكر شخصيا لمكتبة القرويين[6].

المدرسة البوعنانية: تعتبر من أكثر المدارس الدينية زيارة بمدينة فاس تم بناؤها في القرن 14م من طرف السلطان ابن عنان المريني وفي مقابل المدرسة يمكن رؤية الساعة الشمسية البوعنانية التي يعود تاريخها إلى سنة 1357م[7].

مدرسة الصفارين: تم تشيد هذه المدرسة بأسلوب معماري أندلسي تقليدي سنة 1280م على ضفاف واد فاس في عهد السلطان المريني أبو يوسف ويوجد بجوار المدرسة فندق التسيطاوي للتطوانيين والذي يعود إلى القرن 14م[8].

بالإضافة إلى هذه المدارس الشاهدة على التاريخ العريق لمدينة فاس هناك مدارس أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها كمدرسة الشراطين التي تم بناؤها سنة 1670م في عهد السلطان العلوي مولاي رشيد، ومدرسة العطارين التي تقع أمام جامع القرويين وبجوار سوق العطارين تم بناءها في القرن 14م من قبل المرنيين ثم مدرسة الصهريج في حي الأندلسيين والتي بنيت ما بين 1321م و1323م في ظل حكم المرنيين[9].

  • المساجد والزوايا العتيقة:

جامعة القرويين: تم بناءها في عهد الأدارسة من طرف فاطمة الفهرية سنة 857م في حي القرويين الذي كان يسكنه في ذلك الوقت اللاجئون القرويون القادمون من تونس.

مسجد الأندلسيين: تم بناءه ما بين 859م و860م في حي الأندلسيين من طرف مريم الفهرية أخي فاطمة الفهرية وبعد سنة 933م أصبح أكبر مسجد في المدينة[10].

مسجد الشرابليين: يعتبر هذا المسجد نقطة أخرى مضيئة في تاريخ العصر المريني ومعلمة تحسب لسلاطين هذه الدولة حيث تم تشييده في القرن 13م وفي الوقت الحاضر فإن هذا المسجد مغلق بالنظر إلى أشغال الصيانة به[11].

زاوية مولي إدريس: هو أقدم مكان ديني بفاس يضم قبر إدريس الثاني مؤسس المدينة ودولة الأدارسة ينظم فيها في شهر شتنبر من كل عام موسم ديني وقد اكتسب هذا المجمع صفة الحرم فأضحى مكانا خاصا بالمسلمين ومن دخله أو لجأ إليه يحظى بالحماية وتحرم معاقبته[12].

زاوية سيدي أحمد التيجاني: تم إنشاء هذه الزاوية من طرف الشيخ الصوفي سيدي أحمد التيجاني سنة 1737م وتعد من بين أشهر الطرق الصوفية في إفريقية والمغرب العربي حيث يلتقي أتباع هذه الطريقة والقادمون من حوالي 40 دولة كل سنة من 27 إلى 30 من يونيو من كل عام في منتدى تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية[13].

  • المتاحف والأسواق.

متحف البطحاء: يعتبر من الأماكن الأثرية المهمة بمدينة فاس يحتوي هذا المتحف على مجموعة من الكنوز التراثية كالفسيفساء والزليج المصنوعة حسب الطريقة التقليدية الفاسية كما يتوفر كذلك على مجموعة من العملات المغربية العتيقة والزرابي ومجوهرات الأطلس المتوسط وتحف اركولوجية من القرن التاسع الميلادي[14].

متحف بلغازي: هو في الأصل رياض كبير بني في القرن 17م وتم تحويله إلى متحف من طرف عائلة بلغازي وهو أول متحف خاص معترف به في المغرب يحتوي على مجموعة من التحف الثمينة من الذهب وملابس تقليدية وفسيفساء من القرن 18م وآلات موسيقية أندلسية وبربرية وأسلحة وزرابي[15].

متحف الأسلحة: يوجد بالبرج الشمالي الذي شيد سنة 1582م بأمر من السلطان السعدي المنصور الذهبي، وفي سنة 1963م تم ترميم البرج لأول مرة ليحتضن متحفا متخصصا في مجال الأسلحة وهو الذي يعنى برصد تاريخ الأسلحة في العالم عامة وفي المغرب خاصة وذلك بداية من عصور ما قبل التاريخ إلى بداية القرن العشرين وتمثل قطعه المتحفية 35 دولة بالإضافة إلى المغرب[16].

متحف النجارين: يعتبر هذا المتحف أول متحف في فنون الخشب بالمغرب وتحتضنه معلمة تاريخية المعروفة بفندق النجارين الذي بنية في عهد السلطان المولى إسماعيل سنة 1711م وقد كان هذا الفندق يشغل وظيفة مخزن للسلع ومكان للعمليات التجارية قبل أن يتحول إلى متحف للفنون الخشبية[17].

ويحتوي عالم الأسواق على أنواع مختلفة من التجارة والحرف يمكن الولوج إليها انطلاقا من الطالعة الكبيرة مرورا بالأزقة التي يتواجد بها العديد من الفنادق القديمة من خلال هذا المكان يمكن اكتشاف سوق العطارين الذي هو من أشهر الأسواق بالمدينة وسوق النجارين الذي تتواجد به أوراش كثيرة تزينها نافورة تعتبر من بين التحف الفنية، وسوق الملاح الذي يشتهر بتجارة الذهب والفضة على مستوى المدينة ككل.

ب. المهرجانات والمواسم فرصة للتواصل والتعايش الثقافي

تحتضن مدينة فاس وعلى طول السنة عددا كبيرا من المهرجانات والمواسم التي تستقبل أعدادا لا يستهان بها من السياح ولعل أشهر هذه المهرجانات والمواسم نجد:

  • المهرجان الوطني للموسيقى الأندلسية الذي يرتبط بالتراث المغربي الأصيل مما يجعله من أهم المناسبات الفنية على المستوى الوطني.
  • مهرجان موسيقى الملحون: يعطي هذا المهرجان فرصة لهواة الملحون من أجل اكتشاف أكبر ممثلي هذا التراث وتمكن كذلك من الإنصات إلى جميع أنواع القصائد والزجل المغربي كما يتميز بتنوع مواضيعه[18].
  • مهرجان فاس للموسيقى الروحية: ينظم كل سنة في شهر يونيو ويرسخ المهرجان لفكرة تسامح الأديان وتمازج الثقافات كما يعزز كل سنة مكانته المتميزة وسط هذا النوع من المهرجانات عبر العالم ويستقطب مجموعة من المهتمين والفاعلين[19].
  • مهرجان فاس للثقافة الصوفية: يهدف هذا المهرجان إلى إبراز المخزون الحضاري المهم لهذا النوع من الموسيقى وكذا إغناء النقاش الدائر حول الفكر الصوفي كما يعتمد على مبادئ كبرى للتسامح والبعد الروحي للإسلام[20].

مهرجان فاس لموسيقى “جاز إن رياض”: تعيش رياضات مدينة فاس على إيقاعات الجاز الدولي حيث يقوم مجموعة من الفنانين بجولات عبر أزقة المدينة وإضفاء جو آخر على المدينة العلمية، استطاع هذا المهرجان أن يكسب شهرة واسعة على المستوى الدولي كما يتميز بإقامة مجموعة من الموائد المستديرة والندوات حول هذا النوع الذي يتوفر على شعبية واسعة[21].

وبالإضافة إلى مجموع هذه المهرجانات الغنية والمتنوعة نجد كذلك مهرجان فاس لفنون الطبخ ومهرجان مولاي إدريس ومهرجان السماع والمديح كلها مواسم ومهرجانات تعبر عن غنى الموروث الثقافي الذي تمتاز به مدينة فاس مما يجعلها قبلة متميزة لعشاق الموسيقى والمواسم الدينية.

ت. الصناعة التقليدية الفاسية تاريخ وحضارة

تتمحور مجمل الحياة الاقتصادية للمدينة حول الصناعة التقليدية والتي هي جزء لا يتجزأ من تاريخ فاس العريق فالمهن المرتبطة بهذه الحرف منظمة منذ وقت طويل سواء في الأحياء المخصصة لكل حرفة أو في حي الدباغين والنجارين والصفارين وتبقى الحلي والفسيفساء والزرابي والمفروشات واللباس التقليدي والزليج الفاسي من أهم منتوجات الصناعة التقليدية وهو ما يجعل المدينة من أهم أقطاب الصناعة التقليدية بالمغرب.

ث. الأنشطة الرياضية إضافة نوعية للمنتوج السياحي

يعتبر الكولف الملكي من أهم وأشهر المنشآت الرياضية بالمدينة وكذا أجملها على المستوى الوطني حيث تقع وسط أشجار الزيتون، وبعد الرفع إلى 18 حفرة أصبح الكولف الملكي لفاس من أهم المسالك بالمغرب مما مكنه من احتضان مجموعة من المسابقات الدولية، يتميز بتوفره كذلك على “كلوبهاوس” ومطعم ومجموعة من المرافق الأخرى التي يحتاج إليها الزائرون.

وتتميز كل الفنادق التي هي من فئة خمسة نجوم بتوفرها على ملاعب لكرة المضرب توفر مدربين ولاعبين يقدمون لهواة هذه الرياضة جميع النصائح الخاصة باللاعبين المبتدئين[22].

2. مؤهلات طبيعية تحتاج إلى حسن استغلالها

تتميز مدينة فاس بضعف مؤهلاتها طبيعية وبالتالي فهي تستفيد فقط من المؤهلات الغنية المتوفرة بالجهة ككل مما يجعلها نقط عبور مهمة نحو جميع الاتجاهات ونقطة جذب مهمة بحكم توفرها على كل البنيات والتجهيزات السياحية.

أ. موقع استراتيجي متميز بوظائف متعددة

تقع مدينة فاس في الجزء الشرقي من هضبة سايس مما يجعلها منطقة انتقالية بين جبال الأطلس المتوسط ومقدمة جبال الريف وبالتالي فهي تتموقع في ملتقى الشبكة الطرقية الرابطة بين الشرق والغرب وشمال وجنوب البلاد وفي مختلف الاتجاهات، وهو ما يسهل عملية تنقل السياح من وإلى فاس، كما تحضى المدينة بتواجدها بالقرب من مجموعة من المدن والمواقع السياحية المهمة سواء منها المتميزة بمؤهلات طبيعية كمدينة إفران وإيموزار كندر أو تلك الغنية بتراثها الثقافي الضارب في القدم كمدينة وليلي ومولاي إدريس زرهون ومكناس ولعل هذا الموقع الإستراتيجي وسط مجموع هذه المدن هو الذي جعل من مدينة فاس مجال عبور سياحي.

ب. القرب من الحامات المعدنية فرصة الاستفادة من مؤهلات المناطق المجاورة

تتميز الحامات المعدنية بخصائص علاجية مهمة تستقطب أعداد كبيرة من الزوار للاستمتاع والاستشفاء بهذه المياه الطبيعية نظرا لقيمتها العلاجية التي ذاع صيتها وطنيا ودوليا.

  • حامة مولاي عقوب: توجد هذه الحامة على بعد 22 كلم من فاس تتميز بصبيب عالي للعين الساخنة التي تنبع فيها وكذلك بوظائفها العلاجية الهامة للعديد من أمراض الجلد والروماتيزم، كما يوجد بالقرب منها العديد من المطاعم وأماكن الإيواء للسياح[23].
  • حامة سيدي حرازم: توجد على بعد 15 كلم شرق مدينة فاس وهي معروفة منذ زمن الجيوغرافي العربي حسن الوزان المعروف بليون الإفريقي تشتهر هذه العين بوظائفها الصحية المهمة والتي تساعد إلى التخفيف من عدة أمراض كالكبد والكلي[24]، وهي التي كانت فيما قبل وجهة متميزة للبورجوازية الفاسية من أجل الراحة والترفيه وتطوير اللياقة البدنية [25] مما جعلها تكتسي أهمية كبيرة على الصعيد الوطني بفضل إمكانيتها الطبيعية والعلاجية.
  • حامة عين الله: تتموقع على بعد حوالي 13 كلم من فاس في اتجاه مكناس تتميز بمياهها الحارة والكثيفة البخار تساعد على انخفاض الوزن ولمسامات الجسم وهو ما يجعلها مركزا استشفائيا وسياحيا[26] مهما يحضى باهتمام كبير رغم افتقاره إلى المرافق الضرورية المتمثلة في الإقامات السياحية ودور الاصطياف التي تستجيب لمتطلبات الزوار وهو ما يؤثر سلبيا على الحامة ومحيطها ككل.

II. تنوع بنية الإيواء السياحي بمدينة فاس

قد يكون المسافر متخوفا من البعد عن مسكنه الاعتيادي والدائم نظرا للتعود الطويل على أنماط معيشية وعلى أنواع غذائية معينة وضمن الأوساط العائلية الخاصة حيث الاستقرار النفسي والاجتماعي والسكن مع جماعات غير معروفة والأعباء الإضافية المترتبة عن السفر[27]، لكن استطاعت وسائل الإيواء الحديثة التغلب على هذه الأمور وجعلت من الفنادق مثلا يستطيع لوحده توفير الخدمات التي يحتاجها السياح، ونظرا للأهمية البالغة لمراكز الإيواء السياحي في جذب السياح وإيوائهم نجد أن مدينة فاس تتميز بتنوع وحداتها الإيوائية لتوفر للسائح اختيارات متعددة كالفنادق المتواجدة بمختلف أصنافها وبخدمات متنوعة وبجودة عالية بالإضافة إلى دور الضيافة أو الرياضات التي هي من أهم مقومات التراث المعماري الأصيل لمدينة فاس.

1. الفنادق بمدينة فاس أصناف متعددة بخدمات مختلفة

الفندق كلمة تتداول في بلدان الغرب الإسلامي، تقابلها كلمة الخان في بلدان المشرق العربي، وقد شكلت الفنادق القديمة جزءا مهما من التشكيل العمراني والمعماري لأغلب الحواضر الإسلامية الكبرى ومن بينها مدينة فاس العتيقة. فحسب بعض الإخباريين المغاربة كابن آبي زرع والجزنائي فإن تاريخ بناء بعض هذه الفنادق يرجع إلى العهود الأولى لبناء مدينة فاس، وقد تطورت أعدادها بشكل كبير تماشيا مع الأدوار الاجتماعية والاقتصادية والفكرية التي أخذت تلعبها المدينة كعاصمة سياسية للدولة المغربية، وكانت الفنادق تنقسم حسب طبيعة الوظائف التي تقوم بها إلى قسمين:

  • “فنادق” تخصص لخزن السلع والإقامة المحدودة للتجار الغرباء الذين يفدون على مدينة فاس، حيث تخزن السلع في الطبقة السفلى وينام أصحابها في الطبقة العليا.
  • “فنادق” تخصص لسكن بعض الأفراد المغاربة مكونة من التجار والصناع التقليديين حيث يقيمون في الطابق العلوي أما الطابق السفلي فكان يخصص لإيواء البهائم والدواب.

وكانت “لفنادق” القديمة بالمدينة تختلف أيضا من حيث موقعها وحجم مساحتها، حيث أن أغلبها يتواجد عند المحاور التجارية الرئيسية وقرب الأبواب الكبرى التي يفد منها التجار، كباب فتوح وباب لجيسة وباب بوجلود، كما أنها كانت تتموقع تبعا لمستواها حيث أن تلك المتواجدة بالمراكز التجارية قرب القرويين كانت راقية ونظيفة أكثر من غيرها مثل الشماعين والسطاونيين والنجارين يقصدها التجار من الطبقة الراقية إضافة إلى بعض الشخصيات الفكرية والاجتماعية المهمة، وبجانب “لفنادق” المغربية كانت مدينة فاس تتوفر كذلك على فنادق تقطن فيها الجاليات الأوروبية التي كانت تقيم بالمغرب والتي كانت تشكل مجتمعا متكاملا وعالما مستقلا وسط البيئة الحضارية الإسلامية تعيش على النمط الأوربي وعاداته الاجتماعية وقوانينه الداخلية وممارساته الدينية.

لقد تراجعت أعداد “لفنادق” القديمة بمدينة فاس بشكل كبير خلال السنين الأخيرة ولعل الوضعية المأساوية التي أصبحت عليها هذه المؤسسات التي لعبت في الماضي دورا مهما في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وكانت حلقة مهمة في النسيج العمراني لمدينة فاس، تفرض إعادة الاعتبار إليها وذلك من خلال ترميمها وإعادة بناء المتهدم منها واستغلال المساحات الأرضية التي كانت تتواجد فوقها، كما يستحسن المحافظة على طبيعة الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تقوم بها هذه الفنادق في الماضي كمراكز للإيواء والإقامة القصيرة، وأن تسترد هذا الدور كاملا باعتباره يحيل على بنية حضارية واجتماعية خاصة وبالتالي المساهمة في تنشيط الحركة السياحية على مستوى المدينة العتيقة[28]، حيث أنه ومع توالي السنوات لم تعد “لفنادق” القديمة ذات وظيفة إيوائية وإنما أصبحت تخصص بالدرجة الأولى للصناعة التقليدية كما أن عددا كبيرا منها تعرض للانهيار، فكان من الضروري توفير فنادق جديدة بوظيفة إيوائية تساير التطورات المتسارعة في هذا المجال.

حاليا توجد بمدينة فاس فنادق حديثة ونشيطة تشمل ما مجموعه 38 فندقا مصنفا، وتتوزع بشكل متباين داخل المجال حسب أصنافها.

جدول(1) : توزيع الفنادق حسب أصنافها بمدينة فاس.

أصناف الفنادق

عدد الفنادق

مجموع الغرف

مجموع الأسرة

5 نجوم

7

1304

2558

4 نجوم

9

1126

2133

3 نجوم

11

786

1577

2 نجوم

7

318

577

1 نجوم

4

122

256

المجموع

38

3656

7101

المصدر: إحصائيات المندوبية الجهوية للسياحة فاس مكناس 2021.

تتميز مدينة فاس بتوفرها على جميع أصناف الفنادق وبأعداد متباينة فيما تحضى الفنادق من فئة 3 نجوم و4 نجوم بأكبر عدد، أما على مستوى مجموع الغرف تحتل فنادق 5 نجوم المرتبة الأولى بـ 1304 غرفة تضم 2558 سرير تأتي بعدها فنادق 4 نجوم بـ 1126 غرفة تضم 2133 سرير، وهذا ما يوضح أن هذين الصنفين يحتكران أكبر عدد من الغرف بمجموع 2430 غرفة من مجموع 3656غرفة، وبمجموع 4691 سرير من مجموع 7101سرير.

هذا وتنتشر بالمدينة مجموعة من الفنادق غير المصنفة وحسب المندوبية الجهوية للسياحة والمجلس الجهوي للسياحة فاس مكناس فإن المدينة تتوفر على 6 فنادق غير مصنفة بمجموع غرف يصل إلى 74 غرفة بمجموع أسرة يبقى في حدود 190 سرير، وتشكل هذه الفنادق إضافة نوعية لبينية الإيواء السياحي بالمدينة، في الوقت الذي تبقى الفنادق المصنفة هي التي تحضى بالأهمية نظرا لجودة خدماتها التي تسمح لها باستقطاب أعداد مهمة من السياح وتعطي اشعاع إضافي لتنوع المؤهلات السياحية للمدينة.

2. دور الضيافة إضافة نوعية لمراكز الإيواء السياحي

إن تسمية “دار الضيافة” “MAISION D’HOTES” أو “HOTEL DE CHARME” هو مصطلح غربي أصيل عرفته الأدبيات السياحية ببعض الدول الأروبية كفرنسا واسبانيا وايطاليا، وهي في الواقع تطور لظاهرة اجتماعية عرفتها المجتمعات الأروبية في القرون الوسطى حيث كان أصحاب الإقطاعات من النبلاء يستقبلون ضيوفهم في اقامات وقصور منعزلة، ونتيجة للإمكانيات السياحية التي يمكن أن تقدمها هذه الإقامات الراقية فقد أخذت تلعب من جديد أدوار سياحية مهمة ببعض الدول الأروبية.

وقد انتقلت هذه الظاهرة إلى بلادنا أيضا حيث عرفت الأوساط السياحية المغربية ظهور نماذج لهذه الدور وكان تطورها في البداية يستجيب لإظهار غنى التراث المغربي في مجال المعمار والصناعة التقليدية وأصبحت تشكل مع مرور الوقت موجة جديدة في مجال الإيواء السياحي ومنتوجا سياحيا قائما بذاته، وهكذا عرفت مدينة الصويرة إنشاء أول دار للضيافة “VILLA MAROC” سنة 1987م ثم انتقلت هذه الظاهرة إلى مدينة مراكش، ووصلت إلى مدينة فاس سنة 1997م )دار الزرقاء( امتدادا لتطورها في المدينتين السابقتين، وقد ساهمت في تحريك الآليات الاقتصادية لهذه المدن، وأصبح إقبال الزوار على هذه المؤسسات يتزايد باستمرار نظرا لتميزها المعماري ونوعية الخدمات التي تقدمها إضافة إلى الخصوصيات المرتبطة بموقعها وشكلها الداخلي، وقد كون هذا الرصيد العقاري المهم من الدور والرياضات ذات الطابع المعماري التقليدي الأصيل العنصر الرئيسي الذي شجع المستثمرين المغاربة والأجانب على الإقبال على إنشاء دور للضيافة وذلك بتحويل شكل هذه الدور وتغير وظيفتها الاجتماعية والعائلية الأصيلة إلى وظيفة سياحية إيوائية ومؤسسات إنتاجية في مجال الخدمات[29].

  • تعددت أسباب وعوامل تطور دور الضيافة بمدينة فاس

لقد ساعدت مجموعة من العوامل على تطور هذه الظاهرة ولعل أبرزها هو قابلية الشكل المعماري التقليدي للرياضات والدور القديمة للتحول إلى دور للضيافة وذلك اعتمادا فقط على عمليات الترميم والإصلاح التي تخضع لها هده الدور دون الحاجة إلى بنائها ككل حيث أن 70 % إلى 80 % من هيكل المشروع موجودة بعين المكان وهذا ما يوفر للمستثمر الكثير من الوقت والجهد الذي يتطلبه إيجاد المساحة العقارية وتشييد البناية، إضافة إلى أن أغلب هذه الدور تتواجد في عمق الوسط الثقافي النموذجي للإرث الحضاري للمدن العتيقة مما يجعل منها تحفا أثرية وثقافية بامتياز، بحكم احترامها للنمط المعماري التقليدي المغربي من نقش على الجبس والخشب وفسيفساء وزخارف محلية وعادات استقبال مغربية أصيلة، إضافة إلى تموقعها بشكل جيد داخل الأوساط الشعبية للمدن العتيقة حيث تتقاطع العادات الاجتماعية وأنظمة الحياة المغربية التقليدية مما يجعل رواد هذه الدور يعيشون بعمق أشكال الحياة الماضية للسكان ويلمسون عن قرب التقاليد والعادات الاجتماعية من الأكل واللباس ووسائل النقل التقليدية وسكون الأجواء حيث الغياب التام لضوضاء الحياة العصرية ولعل هذه الخاصية هي التي تجلب السياح أكثر وتعزز فرص الإقبال عليها[30].

  • أهمية دور الضيافة: هيمنة البعد السياحي والمحافظة على الشكل المعماري العتيق

لقد جاء إنشاء دور الضيافة ليعطي دفعة أخرى للسياحة الثقافية ويضيف حلقة أخرى إلى المشهد السياحي الوطني هذا دون أن ننسى الدور المهم الذي يقوم به هذا النوع من الاستثمار السياحي في إعادة ترميم بعض الدور الكبيرة وإصلاحها و إنقاذها من الضياع والخراب الذي قد يصيب العشرات من مثيلاتها ويعزز بالتالي هيكل البنايات القديمة داخل المدن ويظهر الفنون المعمارية والجماليات التي كانت تتوفر عليها هذه الدور التقليدية، ويجعلها تبدو من جديد كمفخرة وشاهد على المستوى العالي لفن العمارة الإسلامية، ومن هذه الزاوية يمكن القول أن الاستثمار في مجال دور الضيافة هو في الحقيقة مساهمة أيضا في انقاد المدينة العتيقة وتغطية لجزء مهم من المجهودات التي تنجز في هذا المجال وتكملة للأدوار التي تقوم بها بعض المؤسسات العمومية والمنظمات والخواص الذين ينشطون في عمليات الإنقاذ[31] .

لقد اخدت دور الضيافة ابتدءا من سنة 1997 تلعب دورا مهما في إنعاش الحركة السياحية والاقتصادية بمدينة فاس ويرجع هذا الدور إلى الإقبال المتزايد للسياح الأجانب على ارتياد هذا النوع من المؤسسات السياحية والذي يشكل في الواقع نموذجا جديدا في مجال الإيواء والخدمات السياحية، إضافة إلى كونه يخرج عن الإطار السياحي العادي للمؤسسات الفندقية وأشكال الإيواء الأخرى. فالمدينة تتوفر اليوم على عدد مهم من هذه الدور والتي يبلغ عددها 135 وحدة مصنفة[32] وجميع هذه الوحدات تستجيب إلى القانون المنضم لها ولشروط التصنيف التي تخضع لها هذه الدور ومن بين أهم هذه الشروط ضرورة توفر الوحدة على 5 غرف على الأقل، وبالتالي فإن مجموع هذه الدور يمثل إضافة نوعية ودفعة قوية لمراكز الإيواء بالمدينة كما يساهم في تنويع المنتوج السياحي بالمدينة.

3. الإيواء لدى الأسر شكل جديد بأهداف مختلفة يقوي التبادل الثقافي المباشر

يعتبر الإيواء لدى الأسر ظاهرة حديثة بمدينة فاس وتمثل إضافة نوعية مهمة لباقي مؤسسات الإيواء السياحي بالمدينة وقد جاء هذه النوع من الإيواء في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشراكة مع مجموعة من المؤسسات، بهدف محاربة الإقصاء الاجتماعي لدى العائلات الهشة والفقيرة والأسر ذات الدخل المحدود باعتباره مشروعا مدرا للدخل إضافة إلى مساهمته في المحافظة على النسيج العتيق للمدينة القديمة والحيلولة دون انهياره.

تعتبر سنة 2007 الانطلاقة الأولى لهذا المشروع والذي تميز بمرحلتين الأولى خصصت لتأهيل وتهيئة هذه الدور لتكون قابلة لاستقطاب السياح، وفي هذا الإطار تشكلت جمعية لأرباب دور السياحة العائلية تضمنت 40 أسرة بناءا على طلبات منها ما تم الموافقة عليه ومنها ما تم رفضه، كما تميزت هذه المرحلة بإخضاع هذه العائلات إلى تكوين سياحي شامل من تاريخ مدينة فاس وحضارتها وكيفية الاستقبال والتعامل مع السياح إضافة إلى فن الطبخ، وفي المرحلة الثانية سنة 2008 كان تفعيل المشروع واستقبال السياح بهذه المنازل مع تسليم شارات الاستغلال للمستفيدين.

وفي ظل النجاح الذي عرفه هذا المشروع إرتت اللجنة المحلية لهذه المبادرة برمجة شطر ثاني خلال سنة 2011 ضم حوالي 15 أسرة مما جعل عدد الأسر المستفيدة يرتفع ما بين الشطر الأول والثاني إلى 55 أسرة، غير أن البعض منهم ونظرا لارتكابهم مجموعة من المخلفات فقد حرموا من الاستفادة ليتقلص هذا العدد إلى 40[33] أسرة فقط ومنهم من انسحب أيضا نظرا للتطور الذي عرفته وحدتهم الإيوائية لتتحول إلى دار للضيافة، علما أنه وفي إطار هذا النوع من الإيواء يشترط فقط غرفتين لكل عائلة كما أنه يستفيد من الإعفاء الضريبي لكونه موجه إلى الطبقات الفقيرة ويهدف المحافظة على الشكل العتيق للمدينة القديمة ومحاربة انهيار بناياتها التي هي في ملكية أسر ذات الدخل المحدود، وبفضل هذه المبادرة تمكنت مجموعة من الأسر تحسين مستوى عيشها مما جعلها تتكلف بإعادة تأهيل وتطوير هذه الدور التقليدية لتحافظ على الشكل المعماري الأصيل وتساهم في تنشيط الحركة السياحية بالمدينة، وبالتالي أصبحت مدينة فاس تتوفر على 40 وحدة إيوائية عائلية تنتشر بشكل كبير بالمدينة القديمة.

خاتمة

تعتبر السياحة ظاهرة إنسانية قديمة تعددت مفاهيمها وخصائصها وأسباب نشأتها، فقد كان لأوقات الفراغ والعطل الدور المهم في تطور هذه الظاهرة التي استفادت من مختلف التحولات البشرية والتكنولوجية الحديثة، وجعلت منها صناعة منافسة وموردا أساسيا للعديد من الدول. هذا التطور السريع رافقه تطور آخر على مستوى النشاط الفندقي الذي يعتبر من الدعامات الأساسية للسياحة وجزءا لا يتجزأ منها إذ تطورت الفنادق ومختلف مراكز الإيواء سواء من حيث الكم أو النوع أو من حيث الخدمات المقدمة.

لقد كان المغرب من البلدان الرائدة في هذا المجال بفضل الأولوية التي خص بها القطاع السياحي من تطوير للمؤهلات وتنويعها ثم احداث ودعم الاستثمارات الفندقية، حيث تعتبر مدينة فاس ذات مكانة سياحية مهمة ضمن الوجهات المتعددة بحكم مؤهلاتها البشرية و الطبيعية الغنية والمتنوعة التي جعلت منها وجهة سياحية ذات اشعاع كبير مكنها من استقطاب أعدادا مهمة من السياح، حيث وفرت لهم بنية إيوائية سياحية متنوعة من مختلف الأصناف الفنادق بصنفيها، مثلت فيها الفنادق من فئة أربع وثلاث نجوم العدد الأكبر، فيما أعطت دور الضيافة إضافة نوعية مهمة ساهمت في الرفع من الطاقة الإيوائية بالمدينة ولعبت أدوارا مهمة في جلب السياح نظرا لإشعاعها التاريخي وشكلها المعماري الضارب في القدم، وتواجدها حيث تواجدت المؤهلات السياحية بالمدينة العتيقة. فيما شكلت السياحة العائلية أو ما يعرف بالإيواء لدى الأسر شكلا جديدا من الإيواء السياحي الحديث العهد بالمدينة بأهداف وأدوار متعددة.

تحميل المقال في نسخته الكاملة

الإحالات:

  1. أكرم عاطف رواشدة 2009. السياحة البيئية الأسس والمرتكزات، دار الراية للنشر والتوزيع عمان 35.
  2. زيد منير عبوي 2008. السياحة بالوطن العربي. دار الراية للنشر والتوزيع الأردن ص 258.
  3. الدليل السياحي لفاس. 2005، المجلس الجهوي للسياحة فاس بولمان، بريكوم للنشر ص 12.
  4. نجوى فراح، قطاع السياحة بمدينة فاس مؤهلات متنوعة اكراهات متعددة ومخططات واعدة بحث لنيل شهادة الماستر في الجغرافية كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس 2013-2014، ص 49.
  5. زيد منير عبوي 2008. مرجع سابق. ص 258.
  6. الدليل السياحي لفاس. 2005، مرجع سابق ص 13.
  7. نفسه، ص 13.
  8. نفسه، ص 15.
  9. نفسه.
  10. نفس المرجع السابق، ص 16.
  11. نفس المرجع السابق، ص 18.
  12. نجوى فراح 2013/ 2014. مرجع سابق، ص 52.
  13. الدليل السياحي لفاس، 2005، مرجع سابق، ص 17.
  14. الدليل السياحي لفاس، 2005، مرجع سابق، ص 20.
  15. نفسه.
  16. نجوى فراح 2013/ 2014 .مرجع سابق، ص57.
  17. نفسه.
  18. الدليل السياحي لفاس 2005، مرجع سابق، ص 52.
  19. نفس المرجع، ص 54.
  20. نفس المرجع السابق، ص 54.
  21. نفس المرجع السابق، ص 56.
  22. نفس المرجع، ص 66.
  23. نفس المرجع السابق، ص 72.
  24. نفسه
  25. Mohamed Berriane, 1989, Tourisme national et migrations de loisirs au Maroc, (Etude géographique), université François Rabelais tours, Thèses et mémoires, page 160.
  26. نجوى فراح 2013/ 2014 .مرجع سابق، ص 45.
  27. خلود الخطيب 2000. علم إدارة الضيافة، سلسلة علوم الفنادق الجزء الأول، هلا للنشر والتوزيع. ص 20.
  28. أحمد الهشميوي، الفنادق القديمة بمدينة فاس، المندوبية الجهوية للسياحة فاس بولمان 2014.
  29. احمد الهشميوي، دور الضيافة بمدينة فاس قراءة في الأوليات والممارسة، المندوبية الجهوية للسياحة فاس بولمان 2014.
  30. أحمد الهشميوي، نفس المرجع.
  31. أحمد الهشميوي، نفس المرجع السابق.
  32. إحصائيات المندوبية الجهوية للسياحة فاس مكناس 2021.
  33. إحصائيات مقاطعة فاس المدينة.
Scroll to Top