الأنماط الأدبية الشعبية بمنطقة تافيلالت
الأمثال الشعبية أنموذجا
الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشرق
وجدة، المغرب.
ملخص
يتحدث هذا المقال عن الأمثال الشعبية الفيلالية نسبة إلى أهل تافيلالت بمدينة الريصاني، هذه المدينة التابعة لإقليم الرشيدية وعلى مستوى الجهة فهي تابعة للجهة درعة تافيلالت. تم التطرق من خلاله إلى الأمثال الشعبية بالمنطقة، وذلك باعتبارها أحد الأنماط التعبيرية الأدبية التي استعملت من طرف الأسلاف، وربما قد تم التركيز كثيرا على هذا النوع الأدبي لما يتميز به من خصوصيات على مستوى التعبير وايصال المعنى وكذلك لجمالية البناء، فضلا عن كونه موجزا ودقيق المحتوى. لقد بينا من خلال هذا الموضوع إلى جانب المعنى اللغوي والاصطلاحي للمثل الشعبي كل من خصوصياته بالمنطقة سواء تعلق الأمر باللهجة المحلية، وكذا ارتباط هذه الأمثال بالبيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمنطقة، إلى جانب إبراز الوظائف الأساسية التي يقدمها المثل الشعبي كتلك الوظائف التواصلية، الدينية، الثقافية، أو تلك المتعلقة بما هو اجتماعي اقتصادي. إن المثل الشعبي هو فن يعكس سلوكات الشعوب والقبائل ويقدمها بآمالها وآلامها، كما يعد نبراسا للأجيال القادمة من أجل تدليل مصاعب الحياة في كل المجالات.
كلمات مفتاحية: الأمثال الشعبية، تافيلالت، الدلالات الاجتماعية.
This article discusses the folk proverbs of Filala, specifically those of the people of Tafilalt in the city of Rissani. Rissani is part of the Errachidia province and belongs to the Drâa-Tafilalet region. The article addresses the folk proverbs of the area, considering them a form of literary expression used by ancestors. This type of literary expression may have been heavily emphasized due to its unique characteristics in terms of expression and conveying meaning, as well as its aesthetic construction, being concise and precise in content. In this discussion, we highlighted the linguistic and terminological meaning of the folk proverb, as well as its specific characteristics in the region, whether related to the local dialect or the connection of these proverbs to the social, cultural, and economic environment of the area. Additionally, the article emphasizes the essential functions that folk proverbs serve, such as communicative, religious, cultural, and socio-economic roles. Folk proverbs reflect the behaviors of people and tribes, presenting their hopes and pains, and serve as a guide for future generations to overcome life’s challenges in various fields.
Keywords: Folk proverbs, Tafilalt, social implications.
مقدمة
حظي الأدب الشعبي المغربي في السنوات الأخيرة باهتمام الباحثين والدارسين المختصين في هذا المجال، وذلك باعتباره موروثا ثقافيا شعبيا لا يمكن الاستغناء عنه وعن كل مظاهره التعبيرية، فضلا عما أظهرته الحاجة إليه خصوصا مع جائحة كوفيد 19 والتي جعلت الأفراد والمجتمعات تعود إلى كل ما توارثته عن الأجداد والسلف حينما استعصى الأمر عن العلم في المجال الصحي أنداك، وبدلك تبددت فكرة أن كل ما تركه السلف يصلح فقط من أجل الاحتفال، وإنما يمكن استثماره من أجل التنمية الثقافية والاقتصادية وغيرها.
إن دراسة الأمثال الشعبية كنمط من الأنماط الأدبية الشعبية هو دراسة وبحث للشعب وكشف عن شخصيته لأنه يؤدي بنا إلى استكشاف كل المظاهر والدلالات المتعلقة بمجتمع ما وكل تناقضاته وتعقيداته، فهو بذلك يشكل ذاكرة حية للشعوب وينتقل من جيل إلى جيل، ويعكس ثقافته وواقعه بكل مستوياته (الثقافية، الاقتصادية والاجتماعية…).
– الأمثال الشعبية الفيلالية:
يمتاز الأدب الشعبي باهتمام كبير من قبل الباحثين والدارسين المختصين في هذا المجال، باعتباره موروثا ثقافيا لا يمكن الاستغناء عنه وعن مظاهره التعبيرية فهو مرآة عاكسة لحياة الشعوب، والأدب الشعبي كغيره من الآداب يمتاز بالتعددية والتنوع من حيث أشكاله الأدبية التعبيرية الشعبية كالقصة والحكاية والنكتة واللغز والأساطير والخرافات والأحاجي والأمثال الشعبية.
وتعد هذه الأخيرة (الأمثال الشعبية) جزء من هذا الأدب وتتميز عن باقي الأشكال الأخرى بما تحمله في طياتها من دلالات تعبر عن مختلف مظاهر الحياة العامة السائدة في المجتمع فهي بذلك تحمل كل تجارب الإنسان وتحاول تلخيصها في عبارات موجزة ونقلها للآخرين للاستفادة منها وتداوله.
يصعب التطرق لكل الجوانب التي هدفت إليها الأمثال الشعبية لذلك ارتأينا أن نسلط الضوء على جانب معين في الأمثال الشعبية الفيلالية وهو “الجانب الاجتماعي”.
المثل لغة: أولى العلماء كلمة” مثل” عناية فائقة وأعطوها عدة تعاريف تتفق كلها على عدة معان أهمها: الشبه، النظير، العبرة، الحجة، الصفة…
يعرفه ابن منظور بقوله:” المثل مأخوذ من الجذر الثلاثي: م-ث-ل
مثل- بكسر الميم- كلمة تسوية، يقال: هذا مِثله، وَمَثَله- بالفتح-شبهه وشبهه بمعنى، قال ابن بري الفرق بين المماثلة والمساواة تكون بين المختلفين في الجنس والمتفقين تقول: نحوه كنحوه وفقهه كفقهه ولونه كلونه فإذا قيل: هو مثله على الإطلاق فمعناه أنه يسد مسده، وإذا قيل هو مثله في كذا فهو مساو له في وجهة دون جهة” [i]
المثل اصطلاحا: وقد وردت كلمة أو مصطلح ” المثل” في القرآن الكريم من خلال لفظ” المَثَل” في أكثر من موضع، يقول الله عز وجل في الآية 21 من سورة الحشر: {وَتلْكَ الأَمْثالُ نَضْربُها للناس لَعَلهُم يتَفكَرون} أي وتلك الأمثال نضربها، ونوضحها للناس، لعلهم يتفكرون في قدرة الله وعظمته. وفي الآية حث على تدبر القرآن وتفهم معانيه، والعمل به.
لقد حظيت الأمثال الشعبية باهتمام المغاربة عموما، وأهل تافيلالت خصوصا، ولعل عناية الناس بهذا النوع التعبيري لما له من طابع مميز، ونظرا لما يكتسيه المثل في الثقافة الشعبية المغربية عموما وعند أهل سجلماسة خصوصا. فإن الغرض الرئيس من المثل الشعبي هو الاحتجاج أو الاعتراض بشكل أدبي شعبي، وبهذا يكون المثل الشعبي هو خلاصة الحقيقة الناجمة عن التجربة الحياتية التي تعتبر أعمق أنواع المعرفة.
وهكذا نستطيع أن نقول إن المثل الشعبي هو تعبير عفوي، يعبر عن نتاج تجربة إنسانية ذاتية طويلة أدت إلى عبرة أو حكمة ما، وهو أشبه ما يكون بالرواية الشعبية التي تحكي لنا قصة موجزة تساهم في تكوين ثقافة المجتمع وتكوين ملامح الفكر الجمعي لدى الشعوب، ولذلك نجد أن المثل الشعبي جزء أصيل من ملامح المجتمع كباقي عناصر ومكونات المجتمع المتعارف عليها من عادات وتقاليد وقيم أخلاقية وما إلى ذلك من مكونات.
إن كل هذا يدفعنا إلى القول بأن الأمثال الشعبية هي أقوال مأثورة وعصارة حكمة الشعوب التي تستقى منها خبرات حياتية ومهارات شخصية تعد مؤشرا هاما في تنمية المهارات الذاتية، ودليلا أو مرجعا نهتدي به في كثير من المواقف، والتي تأتي دائما في جمل محكومة البناء وبمصطلحات بليغة وشائعة الاستعمال حتى يكون وقعها على الأذن مألوفا ومحبوبا، وغالبا ما تلخص لنا قصة بها أحداث وتفاصيل وحبكة، وهنا في هذه البحث ومن خلال هذا المطلب «الأمثال الشعبية الفيلالية” سنلقي الضوء على بعض أهم الأمثال الشعبية بمنطقة تافيلالت ونفصل في أصل وحكاية كل مثل ،لنحلق في فضاء هذا الطرح بين جمال الموروث الشعبي وبلاغة الكلمات وحكمة المثل.
خصائص المثل الشعبي:
- الإِيجاز؛
- الشيوع؛
- المعنى الجديد؛
- مجهول المصدر؛
- أسلوب شعبي عامي مميز؛
- الرواية الشفوية؛
- ذو طابع تعليمي.
– نماذج أمثال شعبية فيلالية:[ii]
- “يا لي غادي تَتْخَتًلْ راهْ الدارْ عَرْيانا كُلْ ماغَدي تَعْمَلْ راهْ تَيْشُوفَكْ مولانا”:
يستفاد من خلال هذا المثل، أنه يقدم موعظة للإنسان بأن الله عز وجل يطلع ويعلم كل شيء، حيث أن الدار المقصود بها هنا هي دار الدنيا، وينبه إلى اعمال الخير واستحضار الله عز وجل في السر وفي العلن.
- “لا تَكْفَحْ لْمَا إلى لمْاَ، وبَعْدْ لْمَا إنْ تْدُوقُوا”:
هذا المثل يضرب في منطقة تافيلالت لتنبيه الأبناء على ضرورة حسن التدبير والحكمة في التعامل مع المؤونة عموما والتمر خصوصا، ذلك لكونها فاكهة موسمية بالنسبة للمنطقة، لكنها أساسية في وجبتي الفطور والعَشاء بشكل يومي، لذلك وجب دائما التنبيه الى حسن توزيعها حسب السنة وعدم الإسراف في تقديمها ولو بدأت ملامح إنتاج الموسم الجديد حتى جنيها وتذوقها.
- “لْهْلَا يَجْعَلْ ليتيمْ حْكيمْ، وَلَا السَاعي بَواب”:
كان يعتقد أهل المنطقة من خلال هذا المثل، أن الإنسان اليتيم والفقير يشتركان في مجموعة من الصفات التي ربما تكون سلبية، ويُعزون ذلك، لما عاشه كل من اليتيم والفقير من فاقًة وحاجة وبهذا فهو حينما يتولى مهمة الحكم ربما يريد ارجاع الحقوق وربما الحرمان الذي كان يعيشه، ونحن في الحقيقة لا يمكننا أن نعمم فحوى هذا المثل على اليتيم والساعي، ولكن نؤمن أنه يكون حاضرا مع بعض الناس.
- “دي بَنْت ْدار ْلكبيرةَ، ولَو تكون هْبيلا”:
يرتبط هذا المثل بموضوع الزواج، ونحن نعلم ما يكتسيه هذا الطقس عند أهل تافيلالت من مكانة ضمن طقوس العبور، وهو مثل يعبر في الحقيقة عن مكانة الأسر التي تعيش أوضاعا اجتماعية كريمة في جانبها الاقتصادي والأخلاقي، ويستفاد منه أن البنت التي عاشت في هذه الأسر لا يمكنها أن تفاجئك بسلوكات وممارسات مخالفة للسلوك العام (يقال في اللغة المحلية أنها شبعانة)، عكس ما نجده عند من تزوج من أسرة بينهما تفاوتات اجتماعية.
- “لْهْلَا يَجْعًلْ لَمْكَبْ حْريرْ، وَلْغْطَارْ شْعير”:
في هذا المثل هناك تشبيه للإنسان بذلك المكب الحريري وهو إناء لتقديم الطعام ونحن نعلم قيمة الحرير، وعلى النقيض من ذلك يوجد به الشعير، والمقصود بهذا هو ذلك الإنسان الذي يكون مظهره جميلا وجذابا لكن سلوكه وأخلاقه مذمومة. وفي هذا المثل عبر وتربية للنشء على أن تكون أخلاقهم وسلوكاتهم توازي مظهرهم الخارجي الذي يجب أن يكون أنيقا ومقبولا.
- “مْشَاتْ يامي مْعَ قِيادي، وَبْقيتْ نَايْبا للْسًراح”:
يعبر هذا المثل عن حال من لم يحسن تدبير حياته، حيث أنه كان يعيش في مستوى اجتماعي راق، لكنه أصبح لا يجالس إلا من هم في أسفل السلم الاجتماعي ومصطلح” النايبا” في اللهجة المحلية يقصد به الإنسان الذي لم يعد يقدر على القيام بفعل شيء، وذلك لمحدودية فكره وحركته بسب الخمول والكسل.
- “مَا يلْبَاز غيرْ مَاحاز”:
في هذا المثل دعوة إلى الحرص على عدم السماح أو تفويت الفرصة عندما يدعوك شخص ما استخلاص شيء أو استرجاع شيء ما، ويؤكد أن ما عند الإنسان إلا ما حازه وهو بيده أما ان بقيت تلك الأشياء عند الآخر فهي غير مضمونة.
- “يَا لْبَانِي دارْ ما تْفْرَحْ، راه إلى مَتْ بَرًا مَا تَدْخَلْ، وَإِلى كُنْتْ لْدَاخَلْ ما تْبَات”:
المثل الذي بين أيدينا ينبهنا إلى أن الحياة كاملة بين الفرح والحزن، وأنه على الإنسان الا يعطي للأعمال الدنيوية فوق طاقته ويشبه المثل ذلك بالبيت وهو الأمر الذي يقدم الإنسان كل جهده ووقته في بنائه، لكن يعلم يقينا أنه بموته لا يمكنه أن يعود اليه. وبهذا يستنتج من هذا المثل العبر التالية:
- أن الفرح يكون للأمور الأخروية والتي نجدها عن الله عز وجل؛
- الدنيا كلها فترة عبور ليس إلا.
- “إِلى مْشَا لْبُو وَسًدْ رَكْبَة وإِلى مْشَاتْ لَمْ (أي الأم) وَسًدْ لْعَتْبَة، وَإلى مْشَاوْ بْجُوجْ ليكْ الله أَدْراعْك”:
إن هذا المثل يقف عند المكانة الأساسية عند الوالدين في حياة الأبناء، وذلك حتى ينتبهوا لمكانتهما في الحياة، كما يوضح كذلك أنه في حالة وفاة الأب فبإمكان الابن أن يجد السند له في الأم وهو ما عبر عنه بالركبة حيث أن الأم تسمع للابن وتوجهه بل وتأخذ معه أعباء الحياة، لكن بمجرد وفاتها تصبح البيت بدون دوق ولا هوية ويصبح الابن معولا بالأساس على مجهوده وقدراته الفردية.
- “خَلِي جَدِي وَجَدَك وْشوفْ جَهْدي وْجَهْدَك”:
يقال هذا المثل في منطقة تافيلالت حينما يتغنى أحدهم بما كان يمتلكه جده أو والده من أملاك وخيرات، فيرد عليه الآخر بجهدي وجهدك أي ماذا فعلت أنت أما تلك الأشياء التي تتغنى بها فهي للأجداد وليس لك، وفي هذا المثل عبر كبرى تدفع الفرد إلى الجد والعمل وعدم الارتباط بما تركه الأسلاف فحتى لو كان كثيرا وكان الأبناء غير مجدين فإنه سينتهي ويؤول بهم المآل إلى الفقر والحاجة…
- “كُلْ نَخْلًة تَتْوَلْد تْمًرْهَا”:
إن في هذا المثل دلالات على أن النخيل غير متشابه فيما ينتج من التمور وهو تشبيه للأبناء مع والديهم، ذلك أنه إذا كان الوالدان يعرفان بأخلاق وسلوكات طيبة فكذلك الأبناء، أما إن كان عكس ذلك فسيكون الأبناء مثلهما، ويلاحظ من خلال المثل حتى أن اختيار الكلمات هي محلية بالأساس ومن نتاج اللغة المحلية. (النخلة، التمر..).
- “فَدانْ جْمَاعَةَ كُلْشي يَجْبزْ وَيْنتَفْ”:
المقصود بهذا المثل هو أن الشيء الجماعي والمشترك دائما ما يكون التنافس والتسابق على أخذ محصوله ومنتوجاته دون الأخذ بعين الاعتبار استدامته وهذا يشكل تهديدا على ديمومته، ولهذا نعت الأمر “بالنتف” لأن هذا المصطلح في اللهجة المحلية يطلق عند الفلاحين لنتف الأعشاب والنباتات الضارة التي تكون بجنب القمح أو الشعير، ولهذا يفضل نتفها أي اقتلاعها نهائيا حتى لا تهدد المحصول.
- “حافْ عْلَى من حَافْ”:
فكلمة حاف تعني عند أهل المنطقة التجبر والقوة من قبل أصحاب الجاه والمال على الإنسان المعدم الذي لا مال له وبفعل ما يتعرض له من إهانات وظلم من أصحاب النفوذ حيث يحس بذل ووضاعة في قربتهم ويحاول قدر الإمكان الابتعاد عن مجالستهم.
- ” كُلْ خَنْفوسْ عَنْد مُو عْزيزْ”:
هذا المثل متداول جدا ومعناه أن الإنسان مهما كان موضعه وقدراته المالية والطبقة التي ينتمي إليها فهو إنسان له طموحاته وآماله ووزنه ومكانته عند أقربائه وأهله، كما أن لهذا المثل جمالية تتمثل في كون قيمة الجمال راجعة إلى الشخص أو الفئة الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد، والمقصود بهذه الموازنة في هذا المثل هي إظهار تلك المفارقة التي تراها الطبقات المحظوظة تجاه الطبقات التي هي أدنى منها.
- “قَلْبِي عْلى تْمَرَة وَقَلْبْ مًا عَلَى جَمْرَة”:
إن هذا المثل يبين عمق العلاقة بين الأم والأولاد وحبها لهم ومدى تضحياتها من أجلهم فقد تتخلى الأم عن طموحاتها وأحلامها من أجل أولادها، فضلا عن هذا فإن هذا المثل يتميز بجرس موسيقي في لفظتي” تمرة” و” جمرة” يترك تأثيرا في المتلقي وتطرب له الأذن.
- “اطًلَابْ اِطَلْب وَمَرْتوا تْصًدقْ”:
يضرب هذا المثل في المرأة التي تبذر ولا تحافظ على زوجها وماله. من خلال ما سبق نستنتج أن منطقة تافيلالت تعرف غنا وثراء في الأمثال الشعبية، وربما هذا الغنى ناتج عن كون أهل المنطقة وجدوا في هذا العنصر من الثقافة الشعبية ما يحقق مجموعة من الوظائف الاجتماعية، النفسية، الدينة، التواصلية، الاقتصادية والتربوية. كما أنه من خلالها نستطيع أ نفهم طريقة تفكير هذا المجتمع، ونظرتهم لمختلف شؤون الحياة من خلال تلك العبارات الموجزة.
- الوظيفة الاجتماعية: وتتمثل في الدعوة إلى الحفاظ على العلاقة التي تربط بين طبقات المجتمع وتجنب كل ما يمكن أن ينتج عنه خلاف بين فئات مجتمع المنطقة.
- الوظيفة النفسية: يظهر ذلك من خلال الأمثال التي تقدم رسائل للتخفيف عن الطبة الكادحة من جراء الميز التي تعيشه من طرف فئات أصحاب المال والجاه.
- الوظيفة الاقتصادية: يستنتج ذلك من خلال بيان أهمية المال في حياة الأفراد ودوره في العلاقات التي تربط أفراد المجتمع.
- الوظيفة الدينية: إن أغلب الأمثال التي تناولت هذا الجانب تناولتها خصوصا من حيث بر الوالدين وتجنب عصيانهم وحماية الآباء لأبنائهم وتربيتهم تربية سليمة، وكذا الدعوة إلى صلة الرحم.
- الوظيفة التربوية: تتمثل في توجيه سلوك الأبناء ورصد أخلاقهم من طرف الآباء والدعوة إلى التماسك والتراحم.
- الوظيفة التواصلية: ويمكننا أن نلاحظ ذلك من خلال روح التحاور بين الآباء والأبناء.
خاتمة
لا زال أهل المنطقة يحافظون على الأدب الشعبي بمختلف أشكاله التعبيرية ويروون القصص والحكايات والألغاز والغناء الشعبي ويوظفون الأمثال الشعبية كلما استدعت الضرورة، خصوصا بالقصور والقصبات، كما نجدهم يحافظون على الكثير من العادات والتقاليد التي ورثوها منذ القدم سواء تعلق الأمر بطقوس الأعراس واللباس والأكلات الشعبية، أو تلك المتعلقة بالكرم والضيافة وحسن التواصل والتعبير عن الفرح بكل زائر للمنطقة.
أخيرا يمكن القول إن هذه لمحة موجزة عن الموروث الشعبي من خلال مكون الأمثال الشعبية بمنطقة تافيلالت، والتي يمكن من خلالها الدراسة والبحث في مجموعة من القضايا التي لازالت مجموعة من العلوم كالأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا تبحث في مواضيعها وهي المتعلقة بالفرد والمجتمع.