القانون العُرفي مِن مَنظور تَداوُلي
نسعى في هذا البحث إلى التعريف بالخطاب/ القانون العرفي (Discours coutumier) – بوصفه خطابا تداوليا بامتياز، الذي يُعد بمنزلة مصدر تشريعي رئيس لمختلف الأنماط اللغوية القانونية، ونقصد، تحديدا، الخطاب التشريعي والخطاب القضائي؛ إذ نجد الخطاب العرفي حاضرا بقوة في الخطابين معا، على الرغم من تباين بعض خصائصه؛ من قبيل: “الشّفاهية” (L’oralité)، والسّبق الزمني أو “الأقدمية” (L’ancienneté)؛ فهذا النمط الخطابي غير محدد من جانب الزمن، بالإضافة إلى اعتماده خَصيصة “الخيال” (L’imagination) بشكل كبير، عكْسَ بقية الخطابات القانونية… بيد أنه، على الرغم من التباين المذكور، إلا أنه خطاب يشترك مع غيره من الخطابات اللغوية القانونية الأخرى؛ من حيث كونُه “ملفوظا لغويا” (Énoncé linguistique)، و”خطابا توجيهيا” (Discours directif) بالدرجة الأولى، وخطابا يتبنى “الإيجاز اللّغوي” (La concision linguistique)، و”خطابا انتقائيا” (Discours sélectif)؛ أي إنه خطاب ينحو، في تشكيل خطابه وقواعده، منحًى انتقائيا؛ من خلال انتقاء مفرداته وعباراته… تجنُّبا للمصطلح الغامض والفضفاض والغريب، وعملية الانتقاء هذه -كما هو معلوم- ليست بالأمر السهل؛ فهي تنزل منزلة “الفن”؛ ومن ثم، فكلُّ من يستطيع انتقاء مفرداته، وإبداع مصطلحاته، وإنتاج خطابه (ولاسيما إذا كان هادفا)، فهو – بالضرورة – فنّان.
القانون العُرفي مِن مَنظور تَداوُلي قراءة المزيد »









